الحرب غير النظامية.. سر معركة القصير

علي النقيض من توقعات خبراء حلف الناتو والولايات المتحدة وإسرائيل تمكن الجيش السوري النظامي بالتعاون مع ميليشيا حزب الله اللبناني من انتزاع بلدة القصير الإستراتيجية من يد قوات المعارضة.
ولم تكن بلدة القصير تعني الولايات المتحدة وإسرائيل في شيء, فالحرب في سوريا وضحاياها سوريون وعرب, ولكن كان القلق نابعا من نجاح القوات السورية وميليشيا حزب الله المتحالفة معها في مجابهة تكتيكات الحرب اللامتناظرة( اللامتكافئة) لقوات المعارضة بنجاح تام وهو ما يفتح أبواب التكهنات المقلقة بشأن نتائج أي مواجهة مسلحة ضد إسرائيل في المستقبل.
في القصير
وكانت الحرب اللامتناظرة قد لعبت دورا كبيرا في المأزق الذي يمر به نظام الأسد في سوريا, فعندما بدأ الصراع علي السلطة دخل الجيش السوري الحرب متبنيا مفهومها التقليدي بينما لجأت المعارضة لأساليب وتكتيكات الحرب اللامتناظرة ومن ثم إرتبك الجيش السوري لفترة طويلة كانت كافية لأن تحقق المعارضة المسلحة عدة انتصارات علي الرغم من ضعف تسليحها مقارنة بالجيش السوري النظامي, ولكن عندما بدأ الأسد والجيش السوري في استيعاب أساليب وتكتيكات الحرب اللامتناظرة تحقق لها النصر في القصير. لقد نجحت قوات الأسد في الدمج بين وحدات نظامية وغير نظامية وأخري حليفة للتحول إلي قوة قتالية فعالة.وعزلت المنطقة المستهدفة, وقصفتها بجميع الوسائل المتاحة لإضعاف الدفاعات وزيادة محنة المتحصنين.وضغطت علي القواعد المركزية لقوات المعارضة لتجبرها علي التراجع كما ضغطت علي المدافعين.
ونفذت غارات متكررة لبسط النفوذ علي المناطق الرئيسية واستنزاف مؤن الخصم, واستفادت من قوة نيرانها وقدرتها علي تنسيق العمليات, بالإضافة للاستفادة من الأسلحة الحديثة التي حصلت عليها خاصة الطائرات دون طيار, ووفق ما رصده الخبراء فإن حزب الله إستخدم ببراعة التكتيكات المضادة للحروب غير النظامية أواللامتناظرة أو اللامتكافئة مثل القدرات القتالية الفردية كسرعة التصويب علي الأهداف المختلفة, والانتقال السريع للعناصر القتالية في الميدان بشكل يربك الخصم بالإضافة لإتقان استخدام الأسلحة التي تطلق من علي الكتف.
وكان القتال الذي خاضته قوات حزب الله في القصير مشابها لذلك الذي ينشب في المخيمات بلبنان.فالمباني متلاصقة مما تطلب تأمين المكان مترا مترا, وتقدمت قوات حزب الله في مجموعات( من3 إلي5 أفراد للمجموعة), حيث تعاملت مع الشراك الخداعية والمنازل المفخخة والألغام علي أجناب الطريق بالإضافة إلي مواجهة شبكة ضخمة من الأنفاق التي حفرتها قوات المعارضة بإلقاء الإطارات المشتعلة عند مدخل النفق لتتولي الأدخنة المتصاعدة منها الكشف عن المخارج الخفية وتدفع المتحصنين بها إلي الفرار أو الإستسلام.
كما تم استخدام الإتصالات المشفرة في أثناء القتال بالقصير بعد اكتشاف حيازة قوات المعارضة أجهزة التقاط البث اللاسلكي ونجاحها في رصد وتسجيل بعض اتصالات حزب الله في اثناء العملية. وتعد عملية القصير هي العملية الهجومية الكبري الأولي التي يقوم بها الحزب منذ معركته الدفاعية ضد إسرائيل في جنوب لبنان عام.2006 كما أكدت تقدم حزب الله في حرب المدن مما جعل الخبراء في إسرائيل يلمحون إلي أن معركة القصير بالنسبة لهم ولحزب الله كانت تدريب عملي لاقتحام منطقة الجليل في أي حرب مقبلة بين حزب الله وإسرائيل.
قلق إسرائيل
فهم يرون في إسرائيل أن مشاركة حزب الله اللبناني في القتال إلي جانب القوات السورية قد مكنها من تحقيق نجاحات ومن ثم إرتفعت المعنويات وبدأت تسعي لإعادة فرض السيطرة علي العديد من المناطق المهمة التي كانت قد خسرتها منذ شهور. وتبني بعض خبراء إسرائيل وجهات نظر أكثر صراحة. فهم يرون أن ما حدث في القصير يشكل خطرا إستراتيجيا غير مباشر علي إسرائيل, فقوات حزب الله قاتلت في القصير القريبة الشبه في جغرافيتها من منطقة الجليل بشمال إسرائيل, وهم يرون أن قوات حزب الله تم تدريبها في إيران علي اقتحام مدن إسرائيلية والآن قاموا في القصير بتطبيق عملي لما تدربوا عليه ونجحوا بالفعل في تغيير موازين القوة.
0 comments: