Saturday, August 31, 2013

الضربات الأميركية ستطال 35 هدفاً سورياً

الضربات الأميركية ستطال 35 هدفاً سورياً

 
 

في الساعات الـ48 الاخيرة، سرَّب مسؤولون أميركيون خططاً لضربة جوية محدودة لا تستغرق أكثر من يومين وتشمل اطلاق صواريخ من مدمرات في البحر أو من مقاتلات حربية، على أهداف عسكرية محددة، وذلك ل"معاقبة" نظام الرئيس بشار الاسد على استخدامه السلاح الكيميائي في الغوطة.
الضربات الأميركية ستطال 35 هدفاً سورياًتبدو واشنطن ومعها تحالف غربي وعربي واسع، أقرب من أي وقت لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، ردا على مذبحة الغوطة التي أودت بحياة المئات، بمن فيهم أطفال ونساء عزل.وإذ صار خيار اللجوء يحظى بتأييد سياسي واعلامي واسع في الغرب، خلافاً لما كان عليه الوضع قبل وقت قصير، تتفاوت آراء الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين لجدوى ضربات "جراحية" محدودة على أهداف عسكرية سورية، وقدرتها على تحقيق الردع المتوخى منها، أو تسجيل اختراق في الازمة التي تشهدها سوريا منذ سنتين وخمسة أشهر تقريبا.
وتتضمن لائحة الأهداف المتداولة بحسب صحيفة "الديلي ميل" البريطانية" نظام الدفاع الجوي السوري المتكامل، ومراكز التحكم والسيطرة والمخابئ ومحاور الاتصالات والمباني الحكومية ومواقع الصواريخ وسلاح الجو التابع
لنظام الرئيس بشار الأسد. كذلك، قالت الصحيفة إن من الخيارات الأخرى تنفيذ هجمات جوية على الوحدات السورية التي يعتقد أنها مسؤولة عن تنفيذ الهجمات الكيميائية، بما فيها اللواء 155 من الفرقة المدرعة الرابعة التي تملك قاعدة عسكرية في سلسلة الجبال غرب دمشق تحت قيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.
ومن جهتها، نشرت مجلة "فورين بوليسي" خريطة ل35 موقعاً يشتبه في أنها لمواقع أسلحة كيميائية حددتها مبادرة التهديد النووي، اضافة الى مواقع قواعد سلاح الج، ورجحت أن تطاولها الضربات الصاروخية الاميركية.
وفي أي حال، يقول مسؤولون أميركيون إن الخيارات التي تدرس ليست جديدة ولا مفتوحة، ذلك أن الضربات المحدودة كانت من الاقتراحات التي قدمتها وزارة الدفاع "البنتاغون" الى الرئيس باراك أوباما.ففي رسالة وجهها رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي الى الكونغرس في حزيران الماضي ، قال إن "أهدافاً محتملة تشمل أنظمة الدفاع الجوي المتطورة وصواريخ أرض -جو والقوات البحرية، اضافة الى منشآت الدعم العسكرية ومراكز قيادة".ومع أن ديمبسي الذي شكك في جدوى تورط عسكري مباشر في سوريا، قال إن عملية كهذه تتطلب "مئات" السفن" والمقاتلات، وقد تكلف "مليارات"، فان العملية قيد "الرسم" تبدو أصغر بكثير وترمي الى توجيه رسالة أكثر منها شل القدرة العسكرية للنظام السوري وتغيير ميزان القوى على الارض.
ومن جهته، يبدي المحلل العسكري كريستوفر هارمر ، وهو مخطط سابق في سلاح البحرية الاميركية، في حديث الى مجلة "فورين بوليسي" شكوكا جدية في جدوى الخطط الاميركية المتداولة.وقال إن " ثمة ثقة كبيرة بتأثير الضربات الجراحية على قوات الاسد، بينما ليس هناك الا نقاش محدود في شأن الأهداف الاوسع التي يفترض أن تحققها هجمات كهذه".وأكثر ما يقلقه غياب هدف استراتيجي للعملية المحتملة، محذراً من أن "تحركات تكتيكية في غياب أهداف استراتيجية تكون عادة بلا فائدة".ويشرح :"كنت واضحا في أنها (الضربات الجراحية) خيار مخفوض التكاليف، لكن القضية الاهم هي أن هذه الخيارات لا تحقق أي فائدة الا إذا كانت مرتبطة بأهداف وأولويات استراتيجية....يمكن أي ضابط في البحرية اطلاق 30 أو 40 صاروخ توماهوك.ليس الامر صعبا.الصعوبة تكمن في الشرح للمخططين الاستراتيجيين كيف يمكن هذه العملية خدمة المصالح الاميركية".الى ذلك، شكك في احتمال أن تحقق ضربات جراحية النتائج المرجوة، وخصوصا إذا كان هدفها معاقبة نظام الاسد على استخدامه المفترض للأسلحة الكيميائية.وذهب الى القول إن "عملية تأديبية هي الاكثر حماقة"،وخصوصا بعدما "أظهر نظام الاسد قدرة هائلة على تحمل الالم ،ولا أعتقد أن لدينا قراراً لاتخاذ اجراءات تأديبية كافية تشكل رادعا له".
الى ذلك، شكك هارمر في فاعلية تدمير اسلحة كيميائية للأسد، قائلا:"إذا بدأنا ضرب أهداف الاسلحة الكيميائية في سوريا، سيكون الرد المنطقي أن يبدأ الاسد توزيع أية أسلحة باقية في المستودعات، على قواته،اذا لم يكن قد قام بذلك أصلا...وبذلك، تكون قد تأخرنا كثيرا على المعركة".
وبتقدير هارمر الذي وضع في تموز الماضي دراسة مفصلة لضربات جراحية عنوانها :"الطلعات والاسلحة المطلوبة لتقويض سلاح الجو السوري،باستثناء نظام الدفاع الجوي المتكامل"، تحمل المدمرات الاميركية الاربع التي نشرتها واشنطن في المتوسط أخيرا نحو 180 صاروخ "توماهوك".وفي رأيه يجب أن تضاف اليها صواريخ الغواصات التي تبحر في شرق المتوسط وذلك "من أجل الحاق ضرر موقت" في الوسائل العملانية للنظام، ولكن "ليس تدمير قدراته العسكرية أو أسلحته الكيميائية".

"لا تدمر الاسلحة السورية"
ويشاطره التشكيك في جدوى الضربات الجراحية المفترضة المحلل العسكري المحنك في "مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية" أنتوني كوردسمان ، قائلا إن "أكثر الضربات الصاروخية نجاحا من البحر لن تدمر الاسلحة السورية".وكتب في دراسة نشرت أخيرا إن"لا فرصة حقيقية في أن تتمكن الولايات المتحدة من تحديد مكان كل الممتلكات (الاسلحة )السورية وتدميرها من دون حملة جوية مكثفة وبعض القوات البرية.وحتى إذا لم يكن الاسد قد لجأ الى تشتيت جزء كبير من أسلحته في الاشهر الاخيرة، لا تتمتع صواريخ كروز تلك القدرة التدميرية".
وبالنسبة الى روبرت ساتلوف من "معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى" ستكون الضربات الجراحية المفترضة "خطأ".وقال في صحيفة "بوليتيكو":"في أحسن الاحوال، ستؤدي هذه الضربات الى تحديد الوسائل المقبولة لتنفيذ عمليات القتل الجماعي، وربما أيضاً الكميات المقبولة من الاسلحة الكيميائية التي يمكن استخدامها"
"المشكلة في النظام لا في الاسلحة"
عموما، يقول جورج فريدمان من معهد "ستراتفور" إن المشكلة ليست الاسلحة الكيميائية، موضحا:"بموجب تعريف هذه الحرب، تكمن المشكلة في وجود نظام استخدم أسلحة كيميائية.ومن الصعب تخيل كيف يمكن هجوما على أسلحة كيميائية تجنب هجوم على النظام، والانظمة لا تدمر من الجو.تحقيق ذلك يتطلب قوات برية".ويذهب أكثر من ذلك ليقول إن"الانظمة التي تخلع يحب أن تحل محلها أخرى، ولا أحد يستطيع الجزم بأن النظام الذي يخلف الاسد سيكون ممتناً لاولئك الذين خلعوه".
تاريخيا، لم تثبت الضربات التأديبية فاعلية في الردع.فعام 1986، قصف الاميركيون باب العزيزية، مقر العقيد الراحل معمر القذافي، ردا على التفجير الذي اتهمت به طرابلس لملهى "لا بيل " الليلي في برلين الغربية.ومع ذلك، لم تردع تلك الضربة نظام القذافي عن تفجير طائرة البونيغ" التابعة لشركة "بانام" الاميركية فوق لوكربي بعد ذلك بسنتين.
حملة لاطاحة الاسد
وفي اي حال، ثمة من يرى أن التحدي الحقيقي في سوريا ليس وضع حد لاستخدام الاسلحة الكيميائية، وإنما القتلى ال120 الفا والجرحى الذين تجاوز عددهم 200 الف ، اضافة الى ملايين اللاجئين.كل ذلك في رأيه يتطلب التزاما أميركيا أكبر ضد النظام السوري.
وفي هذا الاطار، يرى ميكاه زنكو، الباحث في مركز العمل الوقائي التابع لمجلس العلاقات الخارجية الاميركي إنه من المستبعد أن يكون مثل هذا التدخل ضيقاً الى هذا الحد، وألا يؤدي الى التزام أميركي عسكري أوسع في الحرب الاهلية في سوريا.وقال إن هجوما غربيا سيساعد المعارضة السورية، ولن يؤدي الى منع استخدام اسلحة كيميائية فحسب "لذا من المرجح أن يتحول حملة لاطاحة الاسد"!.

المصدر: صحيفة النهار اللبنانية
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: