Monday, August 26, 2013

معضلة أوباما

معضلة أوباما



بقلم: شمعون شيفر
الحرب الأهلية في سوريا، استخدام السلاح الكيميائي ضد المدنيين وإطلاق قوات الأمن المصرية الرصاص على تظاهرات الإخوان المسلمين توفر للمعلقين عندنا ولخبراء الشأن الأميركي والجنرالات المتقاعدين مساحة على صفحات الصحف وبرامج التلفزيون. فلا شيء أسهل من تقديم النصح المجاني لكل الأطراف: فالأمر قاطع، مفهوم ولا يلزم المعلق أو المستشار تحمل عواقب نصائحه.
واعتاد معلق عسكري أن يذكر أوباما ورئيس أركاننا باسميهما الشخصيين يقول ان «أوباما» زعيم ضعيف، متردد يلحق الضرر بمكانة بلاده. ونأمل ألا تبلغ السفارة الأميركية في تل أبيب كل التفاهات الصادرة في وسائل الإعلام والمقالات الشاتمة للرئيس أوباما من أناس تعلموا في الجامعات الأميركية ويعتبرون «خبراء». فلا أحد يعرف ما سيقوله البيت الأبيض عن التقديرات التي يتلقاها من المخابرات الإسرائيلية التي يتغذى قسم من المعلقين من رؤساء الأجهزة عندنا.
والحقيقة هي أن المعضلة التي تواجه صناع القرار في البيت الأبيض مركبة وأكثر تعقيدا مما يفكر المتحدثون الإسرائيليون. وينبغي تذكر أن أميركا لا تزال تنزف إثر الحرب على العراق التي أودت بحياة آلاف الجنود الذين قتلوا في أرض الفرات وكبدت دافع الضرائب الأميركي ترليوني دولار. وأميركا توشك على ترك حرب أخرى في أفغانستان، حيث ثبت أن لا وجود لحروب مفرحة ولا نتائج قاطعة.
والآن نصل لـ«الربيع العربي»، الذي خلافا للتوقعات المسبقة لمن أملوا أن تواجه المنطقة تغييرا جذريا لا يظهر دلائل نظام ديموقراطي يحل مكان النظام القديم. كل أطراف الحروب الأهلية في منطقتنا يهتفون «الله أكبر» حينما يذبحون بعضهم بعضا. وليس واضحا تماما، من يقف مع من، ومن الطيب والشرير في هذه القصة. إذاً، ماذا تريدون من الولايات المتحدة؟
وعلى هذه الخلفية يمكن فهم المقاربة الحذرة للرئيس أوباما، المدرك جيدا قوة أميركا وعواقب كل خطوة من جانبها ليس فقط على ما يجري هنا، وإنما أيضا في الصين وروسيا. وإذا كان هناك ما يقلق، أو يخيف، في الحرب الاهلية السورية أساسا، فهو يتعلق بالإسرائيليين. لقد حاول صناع القرار عندنا طوال عشرات السنين، عبثا، التوصل لاتفاق سلام مع سوريا: تطبيع مقابل هضبة الجولان.
ونبع السعي للتسوية من إدراك رابين، بيريز، باراك ونتنياهو أيضا للحاجة لبذل كل جهد لإخراج سوريا من دائرة نفوذ إيران، وخشية امتلاك النظام السوري أسلحة كيميائية وبيولوجية يمكنها أن تستخدم ضد إسرائيل. ويقول معارضو الاتفاق مع سوريا اليوم، انظروا ما كان سيحدث لو وقعت إسرائيل على اتفاق مع عائلة الأسد. وأنا أتجرأ على الافتراض أنه لو تم التوصل إلى تسوية، لما شهدنا اليوم مرعوبين الحرب الأهلية التي لا يمكن تقدير نهايتها.
وفضلا عن ذلك، فإن بشار الأسد، المتجرئ على استخدام الكيميائي في بلاده، لن يتردد في إطلاقه في أوضاع معينة على مراكز السكان الإسرائيلية. وأنصح بعدم شراء التصريحات المتغطرسة لقادة المؤسسة الأمنية بأنه إذا تجرأت سوريا، فسوف نعيدها إلى القرون الوسطى. من الأفضل التعامل بريبة مع هذه التهديدات، لأننا قد نعيد سوريا مئات السنين إلى الوراء لكننا في الطريق، لا سمح الله، قد نضر بآلاف الإسرائيليين.
لقد صادق إيهود باراك على عبارة تصف إسرائيل بأنها «فيلا في الغابة»، لكنني أقول ان إسرائيل تعيش في الغابة. 
  المصدر:
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: