Friday, August 23, 2013

أميركا ووهم "الخطـوط الحمر" في سورية؟



أميركا ووهم "الخطـوط الحمر" في سورية؟
Fri, 08/23/2013 -




بقلم: عمير ربابورت

هجوم الغاز ليس مجرد جريمة حرب يرتكبها الجيش السوري، بل وعار يلحق بالولايات المتحدة. هاكم الحقائق: أعلن الرئيس براك اوباما عن خط أحمر بموجبه "لن توافق بلاده على استخدام السلاح الكيميائي من قبل الجيش السوري". "استخف" جيش الأسد بالخط الأحمر. في البداية أطلقت صواريخ محملة بسلاح كيميائي بحجم صغير، وعندما سُئل الناطقون الأميركيون بهذا الشأن ادعوا بانه لا يوجد دليل على أنه تم استخدام السلاح الكيميائي. حقيقة ان جيش الاسد يستخدم السلاح الكيميائي انكشفت لاول مرة قبل أشهر من قبل رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات، العميد ايتي فيروف، في محاضرة ألقاها في مؤتمر في تل أبيب، وعندها انتقل الأميركيون لتبرير لماذا لا يعملون حتى كي يفرضوا حظراً جويا فوق سماء سورية ردا على ذلك: "مثل هذا الحظر يكاد يكون غير ممكن بسبب الصواريخ الروسية المضادة للطائرات"، ادعى جنرالات القوة العظمى الأقوى في العالم.

نتيجة هذا الوهن ظهرت واضحة في صور الفظاعة من ضواحي دمشق، أول من أمس: أطلق جيش الاسد هذه المرة السلاح الكيميائي، بوساطة صواريخ، نحو ثلاثة معاقل مختلفة للثوار السوريين. ولا يدور الحديث عن قائد "جن جنونه" بل عن قرار واعٍ للرئيس السوري لجعل السلاح الكيميائي جزءاً لا يتجزأ من ترسانة وسائله القتالية. ولديه سبب وجيه: فقد ثبت من قبل أن الخطوط الحمر الأميركية ليست فقط مرنة، بل نكتة.

ذروة السخرية هي أنه في الأسبوع الماضي فقط تقرر في الامم المتحدة ارسال وفد ينطلق للبحث في أرجاء سورية عن أدلة على استخدام السلاح الكيميائي "بالتنسيق مع النظام". لا شك لدى أحد بان النظام سيأخذ الوفد الى المواقع التي لا يوجد فيها أي ذكر للسلاح الكيميائي، وليس إلى الاحياء التي هوجمت، أول من أمس. وماذا عن الولايات المتحدة؟ سيتلوى الناطقون بلسانها في الايام والاسابيع القادمة في التفسيرات لماذا لا ترد على الاطلاق على الاستخدام المكثف لغاز السارين.

الحقيقة هي أن روسيا تردع الولايات المتحدة، وهي تلاحظ الضعف الأميركي وتريد أن تستعيد ايامها كقوة عظمى عالمية. ويهدد الروس بانه اذا فرضت الولايات المتحدة واوروبا حظرا جويا على سورية فانهم سيتدخلون في القتال بطريقة فظة أخرى: سيزودون الأسد بصواريخ مضادة للطائرات متقدمة من طراز اس 300. وخلافا للولايات المتحدة فان روسيا تثبت انها تدعم حلفاءها حتى النهاية (حتى عندما يكونون حالة شبه ضائعة، مثل بشار الأسد).

المشكلة هي أن الضعف الأميركي هو مشكلة عويصة من ناحيتنا. فعملية التدهور في مكانة الولايات المتحدة بدأت تنال الزخم منذ بداية 2011، عندما خان اوباما الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك (هكذا اعتبر في عيون عربية). والان ايضا يتفجر الجنرالات المصريون لأن الولايات المتحدة لا تعطيهم إسناداً كاملاً في مواجهة "الهجمة الاخوانية" ولعدد لا حصر له من محافل "القاعدة".

وكلما تخبطت الولايات المتحدة في الجدالات الداخلية وفي مشاكلها الاقتصادية هكذا تذوب "كلمتها" في نظر اللاعبين الرئيسيين في المنطقة وفي العالم. اسرائيل، التي وضعت كل رهانها على قوة الامبراطورية الأميركية، لا بد ستدفع غاليا على هذا الضعف.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: