Wednesday, August 21, 2013

النصر الاستراتيجي السوري؟

النصر الاستراتيجي السوري؟
16-8-2013 
ما زالت حالة المراوحة السياسية والعسكرية جليّة ظاهرياً على الأرض السورية، وما زالت عوامل الصراع تتأرجح وتُترجم في الكثير من المعارك والأحداث.
يرى البعض أنّ سوريا على طريق الانهيار، ويرى البعض أنّ سوريا قد انتصرت. يمكننا علمياً ومن منظار عسكري، أنّ نقسّم حالة النصر إلى قسمين، وهما: النصر الاستراتيجي والنصر النهائي الواضح على الأرض.
هناك الكثير من التجارب السابقة، تثبّت لنا هذا المفهوم التوضيحي للنصر، وسنفصل شيئاً منها لتوضيح الهدف.

في حرب نيسان 1996، كان الهدف هو إنهاء حزب الله، وطوي صفحة المقاومة المسلحة في لبنان. بعد حرب نيسان 1996، وتثبيت مفهوم المقاومة في لبنان، وضمان حقها داخلياً ودولياً في متابعة أعمال المقاومة العسكرية، حصل ذاك النصر الاستراتيجي، الذي ضمن للمقاومة وجودها، وعرّف الجميع أنّ هذه المقاومة ضمنت الحد الأدنى التي تحتاجه من شروط سياسية وعسكرية، وستنطلق بعدها إلى المزيد من إحراز المكاسب على الأرض.
الشراسة التي عرفتها المقاومة في تدمير ثكنات العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان بكثافة، كانت نتاجاً لذلك المكسب الاستراتيجي الذي حققته المقاومة في حرب نيسان تلك. أمّا النصر النهائي والظاهري على الأرض، فكان عند تحرير الجنوب كلياً، هذا التحرير الذي تيقّن منه الجميع قبل حدوثه، حتى العدو صرّح بذلك على لسانه أكثر من مرة بعد التحرير، ودائما بسبب النصر الاستراتيجي الذي حصل في نيسان لصالح المقاومة. إذا، ما حصل في الجنوب سابقاً، يبرز لنا بوضوح الفرق بين النصر الاستراتيجي والنصر النهائي الظاهر على الأرض.

في سوريا، وبعد أن اتّضح لنا ما اتّضح من مؤامرة دولية، تندرج في مشروع كسر محور المقاومة المناصر للقضية الفلسطينية، كان الهدف من كل ما حصل، وكان ما تنتظره كل الدول التي دعمت كل ما يحصل سوريا، هو الكسر الجغرافي في محور المقاومة في المنطقة، أي لبنان _ سوريا_ العراق_ إيران، مستغلين حاجة الشعب السوري للحرية السياسية، ليتم تغيير التوجه السياسي للشعب السوري، ويحصل هذا الشرخ الذي يؤدي إلى تمزّق سوريا كدولة مقاومة عسكرياً، فينهار جيشها وبعدها ستفقد المقاومة في لبنان مددها الأكبر، عندها سيتشجع العدو للانقضاض على لبنان مرة جديدة، متأملاً بالانتصار بعد كل هذه التحولات المنشودة.

لكنّ ما حصل في سوريا اليوم، وما يبدو ثابتاً منذ حوالي سنة، هو أنّ الجيش السوري، وخصوصاً بقدرته العسكرية الاستراتيجية القادرة على تهديد "إسرائيل"، بقي موحّداً وثابتاً تحت قيادة واحدة. بقي هذا الجيش وما زال حتى الآن، يناور من مكان إلى مكان. يترك بقعة لينقض على أخرى ويطهرها من الإرهابيين، وحتى الآن هو يحافظ على كل الساحل السوري وكل المدن الكبرى في سوريا. والأهم هنا، أنّ ما حصل أيضاً في سوريا، وانطلاقاً من القصير وحمص، هو أنه أبقى الرابط الجغرافي من لبنان إلى سوريا إلى العراق وبعده إيران مؤمّنا، إلى جانب السيطرة التامة على الساحل السوري وهي بطبيعة الحال المنطقة الأكثر حيوية اقتصادياً لكل البلدان.

إذا، الهدف الأساسي للعدوان على السوريا وللمؤامرة الدولية قد فشل، لقد ثَبُت محور المقاومة في المناطق الأكثر ضرورية له، وما يناور فيه بين خسارة بقعة هنا واستعادة أخرى هناك هي مناطق أرياف المدن.
وبالتالي، استراتيجياً، حافظ محور المقاومة على الربط الجغرافي الكافي لإبقاء المحور متماسكاً، وأكثر ما يثبت ما عرضناه، هو جموح الإرهابيين إلى السيطرة على القصير وريفها منذ بداية الصدامات العسكرية في سوريا، لأنّ القصير هي النقطة الأكثر تأثيراً في المناطق المناصرة لحزب الله في لبنان عن العمق السوري.
النصر الاستراتيجي تم وأصبح ثابتاً، وكل ما يجري الآن، هو المزيد من العناد التركي الخليجي الأميركي الإسرائيلي، علّه يحصل خرق ما في إحدى المناطق، وآخر هذا العناد والجنون انتحار أعداد كبيرة من المسلحين في ريف اللاذقية، في عملية تنتهي بالفشل التام بتغيير أي واقع على الساحل السوري.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: