Thursday, August 15, 2013

تقليـل مسـاحة إسرائيل يُعرّض مستقبلها للخطر

تقليـل مسـاحة إسرائيل يُعرّض مستقبلها للخطر


بقلم: موشيه آرنس
الى أين سيحملنا التفاوض الذي يدفع به جون كيري قدماً؟ هدفه المعلن هو ان يفضي إلى إنشاء تسوية سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين – "فتح" و"حماس" ومجموعة من المنظمات الجهادية. ويدرك كل من ينظر الى الشرق الأوسط بصورة واقعية أن هذه مهمة غير ممكنة في الفترة الحالية. لكن شيئا واحدا مؤكدا وهو أنه اذا تم احراز اتفاق نتاج هذا التفاوض فان مساحة الأرض التي تسيطر عليها اسرائيل ستكون أقل كثيرا. وستعود لتنطوي في حدود كانت تحيط بها قبل أن تهاجَم في حرب "الأيام الستة". وقد قال آبا ايبان عن هذه الحدود حدود الرابع من حزيران 1967: "إن خريطة حزيران بالنسبة إلينا تساوي الخطر وعدم الأمن. ولست أبالغ بقولي إن فيها ما يُذكرنا بأوشفيتس".
من الواضح ان تسيبي لفني، التي أرسلها بنيامين نتنياهو للتفاوض في مستقبلنا، لا تشارك آبا ايبان في رؤياه الاستراتيجية. وقد تكون مؤمنة بالسخافات التي تقول إن "الأرض ليست مهمة" في عصر الصواريخ. لكن الأرض أهم اليوم مما كانت دائما في الماضي. فهناك خطر في اقتراب صواريخ صغيرة قصيرة المدى يصعب الكشف عنها وتدميرها، من مراكزنا السكنية. وفيما يتعلق بالصواريخ الكبيرة ذات المدى البعيد أيضا فان تضييق مساحة الأرض خطأ أيضا.
إن قولنا صغير يعني أنه هش ومُعرض للخطر ويوحي بالضعف، فالصغير يمكن أن يُقصف وأن يُغزى وأن يُدمر. قال دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي السابق، ذات مرة: "إذا كنا نعلم شيئا ما فهو حقيقة أن الضعف مُغرٍ". واسرائيل المصغرة ستوحي بالضعف وتشجع "الإرهابيين" وقوات مسلحة وجهات تمتلك سلاحاً ذرياً على العدوان عليها. ولن تُجدي في الأمد البعيد أية ترتيبات أمنية أو اتفاقات نزع سلاح.
إن المثال الجيد على التأثيرات الاستراتيجية لتضييق مساحة الأرض هو نقل سيناء الى مصر في إطار اتفاق السلام في 1979، الذي صغّر مساحة الأرض التي كانت اسرائيل تسيطر عليها بمقدار ثلثين. وفي هذه الحال كان هناك داعٍ الى الاعتقاد بأن تنشأ علاقات سلمية بين اسرائيل ومصر مقابل التنازل عن الأرض – وهو اعتقاد ضعضعته الأحداث الأخيرة في القاهرة بقدر ما؛ لكن التأثيرات الاستراتيجية لتصغير مساحة الأرض التي تسيطر عليها اسرائيل اتضحت تماما في السنوات الأخيرة منذ أمكن أعداء اسرائيل أن يحرزوا سلاحاً ذرياً. فقد أصبحت اسرائيل بغير سيناء هدفا في حال هجوم ذري.
تريد لفني الآن أن تنهي العمل وان تقتطع 6 آلاف كم مربع اخرى من "المناطق" التي تسيطر عليها اسرائيل وأن تُسلم "يهودا" و"السامرة" الى أيدٍ لا يمكن الاعتماد عليها، وأن تُقرب الصواريخ من تل ابيب. وهذه وصفة مؤكدة للعدوان على إسرائيل.
كيف يمكن ان نفسر هذا الانطلاق الخطير الى الكارثة؟ أُصيبت لفني، وليست هي وحدها، بوسواس يؤمن المصابون به بأنه يجب عليهم ان يمنعوا بأي ثمن نشوء دولة ثنائية القومية؛ وأنه لا يجوز ان يُضاف أي عربي الى المواطنين العرب الذين يسكنون اسرائيل؛ وأنه فُرض عليها مهمة ان تحمي "الدولة اليهودية الديمقراطية"؛ لأنه اذا لم تقتطع الـ 6 آلاف الكيلومتر المربعة هذه من مساحة الدولة واذا لم يُقتلع عشرات آلاف الاسرائيليين من بيوتهم "فستكف إسرائيل عن كونها دولة يهودية أو تكف عن كونها ديمقراطية". هذا هراء. ويبدو أن الموت في نظرها أفضل من الدولة ثنائية القومية.
لقد أصبحت اسرائيل دولة ثنائية القومية يحيا فيها مواطنون يهود وعرب، والتحدي الماثل أمامنا هو إدماج المواطنين العرب في المجتمع الاسرائيلي. إن إضافة أراضٍ من "ارض اسرائيل" الى دولة اسرائيل ليست تحديا لا تستطيع الديمقراطية الاسرائيلية مجابهته. وفي مقابل ذلك فان تضييق مساحة اسرائيل سيُعرض مستقبلها للخطر.
هآرتس
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: