هل يضرب الأسد إسرائيل إذا هاجمته الولايات المتحدة؟
بقلم: اليكس فيشمان
يمكن أن نفرض أنهم رفعوا في اسرائيل في الأيام الأخيرة مستوى الاستعداد العسكري تجاه سورية لا في الجوانب الاستخبارية فقط. إن احتمال أن ترد سورية على اسرائيل، إذا هاجمتها الولايات المتحدة، ليس عالياً في الحقيقة، لكن المنطق ليس هو الغالب دائما في الشرق الأوسط، كما هي الحال في الشرق الأوسط. فإذا مُست الكرامة الوطنية السورية نتاج هجوم أميركي فقد يكون الرد السوري غير عقلاني.
تُقدر جهات أمنية أن الرئيس السوري سيبذل كل جهد كي لا يعطي اسرائيل سببا لضرب منظوماته الاستراتيجية كصواريخ ارض – ارض، والمنشآت الكيميائية، ومنظومة الدفاع الجوي المتقدمة التي يُنشئها الروس في سورية في السنوات الأخيرة. ويعلم السوريون أيضا أنه يوجد في جهاز الأمن الاسرائيلي أصوات تعتقد ان الحرب الأهلية في سورية فرصة ذهبية لإزالة هذه التهديدات من برنامج عمل الشرق الأوسط. والى ذلك فان السوريين والروس والإيرانيين يتابعون تقنيات حديثة طورها سلاح الجو الاسرائيلي تُمكّن من القضاء على أهداف بإيقاع يثير الذهول (وإسرائيل من جهتها لم تحاول في الحقيقة إخفاء هذه القدرات). ولا يُحتاج الى خيال خصب جداً لنفهم كيف يفترض أن يتم التعبير عن تلك القدرات في سورية وفي لبنان. ولهذا من المنطق أن نفرض ان الأسد لن يمنح اسرائيل حجة لضرب القوة الاستراتيجية التي بناها، بقوة.
وحتى لو لم يكن الأسد مذعورا فان الإيرانيين مذعورون. أليسوا هم الذين أنفقوا مليارات على الذراع السورية غير التقليدية، والاستراتيجية. إن هذه النفقات خُصصت لساعة امتحان مع إسرائيل ولا يُفترض "أن تُهدر" بسبب إجراء سوري عسكري أحمق في ريف دمشق.
وفي هذه الأثناء فان الاستعدادات لهجوم أميركي على سورية هي في مستوى الوعي أكثر من أن تكون في المستوى العملي. والأميركيون مهتمون بنشاط جوي من اجل إبطال الضغوط. وقد أعلن البيت الأبيض نقاشات محمومة يُجريها الرئيس اوباما مع مستشاريه لفحص سبل العمل، وألغى الأسطول السادس في مقابل ذلك الإجازات، وأعاد الى البحر المتوسط سفنا حربية كانت توشك أن تعود الى الولايات المتحدة.
إن الجيش الأميركي في واقع الأمر غير مُحتاج الى استعدادات والى دفع قوات في الشرق الأوسط الى الأمام، فهي موجودة هنا. وقد كانت مشكلة الأميركيين وما زالت في مستوى متخذي القرارات ولا سيما الرئيس. لا اعتراض عند مستويات العمل في وزارة الدفاع الأميركية على الحاجة الى هجوم أميركي على سورية، لكن كلما ارتفعنا نحو قمة الهرم ضعف هذا التأكيد.
كان الأميركيون الى الآن يستطيعون تجاهل استعمال سلاح الإبادة الجماعية على المدنيين هنا وهناك. لكن السوريين مطوا الحبل في هذه المرة حتى النهاية، واضطروا الرئيس اوباما الى اتخاذ قرارات لا يريد اتخاذها، لكنه مُجبر. يجب عليه أن يعرض التصميم نحو الداخل ويجب عليه أن يُظهر التزام الولايات المتحدة العالمي بفضل مكانتها باعتبارها القوة العظمى. وبعبارة أخرى يجب عليه أن يُعيد ثقة العالم بعامة والشرق الأوسط بخاصة بالولايات المتحدة مع أدنى قدر من تعريض القوات الأميركية والمصالح الأميركية للخطر.
ولما كانت عملية برية في سورية غير مأخوذة في الحسبان بقي خيار الهجوم الجوي: بطائرات وبصواريخ بحرية أو بهما معا. ويمكن أن تكون أهداف الهجوم ذات معنى استراتيجي كجعل سماء سورية منطقة حظر طيران، أو ذات معنى تكتيكي كضرب أهداف محدودة متصلة بمنظومة سلاح الإبادة الجماعية، وبصواريخ ارض – ارض، أو كل هدف رمزي آخر لردع الرئيس السوري عن استعمال السلاح الكيميائي مرة اخرى.
إن فرض سماء نقية يوجب حفاظا دائما، أي الاحتكاك الطويل مع منظومات الدفاع الجوي السوري، وهو ما يمكن أن يفضي إلى رفع مستوى التوتر مع روسيا. وفي مقابل ذلك فان هجوما محدودا على عدد من الأهداف للردع هو عملية قصيرة الأمد ستُمكّن الأميركيين من إظهار الفِعل دون تورط. وللعملية الاستراتيجية أيضا قدرة على ترجيح كفة المتمردين في مقابل العملية التكتيكية التي لن تُغير توازن القوى.
حسب الأنباء التي نُشرت في الولايات المتحدة يُفترض ان يعود رئيس هيئة الأركان العامة الأميركي، مارتن دامبسي، الى الشرق الأوسط في الأيام القريبة مع ضباط كبار من حلف شمال الأطلسي للقاء رؤساء الأركان في الدول العربية الموالية للغرب. وسيُقدرون الوضع الإقليمي بإزاء التطورات في سورية ويبحثون ايضا في احتمال أن ترد سورية عسكريا على تلك الدول إذا هوجمت.
نأمل فقط أنه اذا استقر رأي الأميركيين على الهجوم فانهم سيُبلغوننا قبل ذلك ببضع ساعات كي نستطيع الاستعداد لاحتمال أن يُجن الرئيس السوري.
حرره:
م . ع
المصدر:
يديعوت أحرونوت
0 comments: