Monday, September 9, 2013

جنرال الجبهة الأسخن

جنرال الجبهة الأسخن


بقلم: عاموس هارئيل
من الجائز أن قائد الجبهة الشمالية، الجنرال يائير جولان، سيكون الشخص الأكثر انشغالا في العام المقبل. فاندلاع النار في أي من الجبهتين اللتين بإمرته، الحدود مع سوريا والحدود مع لبنان معا أو على انفراد، يمكن أن يكون مركز الاهتمام الأمني في العام المقبل. ولا يعني ذلك أن العامين السابقين لجولان في القيادة كانا سهلين. فعندما ورث القيادة عن الجنرال آيزنكوت، صيف العام 2011، كانت الحرب الأهلية السورية دائرة، لكن التقدير المقبول في إسرائيل والغرب أشاع بأن نظام الأسد على وشك انهيار سريع نسبيا
لكن الواقع كان مغايرا: في عاميه في القيادة (متوقع له أن يبقى عاما آخر) رأى جولان كيف تعود سوريا من مكانة الجبهة الثانوية إلى الجبهة الأساسية، لتوازي على الأقل في مكانتها وخطرها المحتمل حزب الله في لبنان
وتدار قيادة الجبهة الشمالية حاليا على جبهتين حساستين، ليس فيهما قتال يومي، لكن يستحيل الحديث عنهما في إطار الهدوء أو الاستقرار. ويكثر المعسكر المدافع عن إنجازات حرب لبنان الثانية من الحديث عن سبع سنوات من الهدوء التي سادت الشمال في أعقاب الحرب، لكن فقط في الشهر الأخير أصيب أربعة من جنود جولاني من عبوة زرعها حزب الله، وأطلقت كاتيوشا من لبنان نحو الجليل الغربي كما قصف سلاح الجو الإسرائيلي ردا على ذلك قيادة منظمة فلسطينية جنوبي بيروت. وبشأن سوريا، فإن حوادث إطلاق النار، أغلبها جراء إطلاق خاطئ للنيران من جانب الجيش السوري، تحدث على الحدود كل شهر. والأخطر هو أن الجيش الإسرائيلي يستعد طوال الوقت لسيناريو تنتقل فيه الحرب الأهلية السورية (مؤخرا على خلفية التهديد الأميركي بمحاسبة نظام الأسد لاستخدامه السلاح الكيماويإلى عمل عسكري سوري ضد إسرائيل
وتقليديا، يعتبر منصب قائد الجبهة الشمالية تشريفا كبيرا، فالعمداء والجنرالات الطموحون يحلمون بتقلده. ورئيسا الأركان الأخيران، بني غانتس وغابي أشكنازي، خدما كقائدين للجبهة الشمالية. وأهمية التشريف لا تنبع فقط من الإحساس باحتمال أن يأتي من هناك الشر الامني الأهم، وإنما أيضا لأن قائد الجبهة الشمالية يعتبر منصبا عسكريا أنظف، فهو غير مرتبط بنشاطات احتلال وإدارة في المناطق، والاحتكاك مع السكان المدنيين الفلسطينيين أو الضغط السياسي للمستوطنين. وقائد الجبهة، خصوصا الشمالية، يعتبر محطة عبور إلزامية للتنافس على منصبي رئيس الأركان ونائبه. وفي المستقبل سيعتبر جولان مرشحا محتملا للمنصبين
ولكن كعادة هذه المناصب، قد تغدو قيادة الجبهة الشمالية محطة أخيرة في السيرة العسكرية، كحالات الحرب أو الفشل. وجولان ليس بحاجة لمن يذكره بذلك. فقد رأى كيف حدث ذلك للجنرال أودي آدم، الذي لاسوء حظه قاده لقيادة الجبهة في الحرب عام 2006. وقد تم إخفاء عملية صنع القرارات في هيئة الأركان عن آدم أثناء الحرب، واطيح به عن قيادة الحرب ذاتها بيدي رئيس الأركان دان حلوتس، قبل أسبوع من نهايتها، واستقال من الجيش غاضبا وحزينا، بعد شهر. ومجموع الأجوبة المتناقضة بين رئاسة الأركان وقيادة الجبهة وقادة الفرق، عن أسئلة من بادر بإعداد الخطوة البرية ومن عرقلها، كانت إحدى بؤر الخلاف في نهاية الحرب والشهادات أمام لجنة فينوغراد. وربما لحسن حظه، ضيع جولان الحرب. فقد خدم حينها كقائد للجيش في الضفة الغربية. والضابط الذي حل مكانه كقائد لفرقة الجليل (الفرقة 91) العميد غال هيرش، استقال من الجيش إثر الحرب
جنرال بقبعة غر 
وأيضا في السنوات الأخيرة وقعت احتكاكات بين قيادة الشمال ورئاسة الأركان، وإن يكن بحدة أقل بكثير. فجولان يدير في الشمال خطا فعالا، وهو مجابه، مقبول بالإجمال على رئيس الأركان غانتس، لكن غانتس نفسه اضطر لكبحه عندما شعر بأن جولان مستقل جدا أو أنه يأخذ الجيش أسرع وأبعد من مقاصد الإدارة السياسية. وفي حالة واحدة، عندما شرعت إسرائيل في استيعاب جرحى سوريين في مستشفى ميداني عسكري فتح على الحدود، فوجئ غانتس باكتشاف ان الجرحى تم إدخالهم بأمر جولان من دون طلب مصادقته. ولاحقا تم تقييد طابع الرد العسكري على أحداث «انزلاق النيران» حينما تسللت نيران جنود الأسد الى مواقع المتمردين قرب الحدود إلى الأراضي الإسرائيلية. وسعت قيادة الجبهة للرد بإطلاق صاروخ «تموز»، وهو سلاح دقيق وغال نسبيا، تقريبا على كل انتهاك. غانتس قلص الإطلاق
ونشب خلاف أعمق حول نطاق العلاقات الممكن إنشاؤها مع السكان المدنيين في الجانب السوري للحدود الشمالية. فقد طلب جولان تقليد عدد من دروس «الجدار الطيب» مع المسيحيين في جنوب لبنان في السبعينيات، بل وزع لعدد من نظرائه الجنرالات كتابا يوثق تلك المرحلة. غانتس رفض ذلك، خشية التورط الإسرائيلي، والفكرة لم تنتقل إلى دائرة الفعل
وبالمقابل، نال جولان تقديرا على الأساسية التي غير بها الخطط العملياتية للقيادة بقصد تكييفها مع الواقع الإقليمي الجديد. كما أنه قاد الانتشار الدفاعي للجيش الإسرائيلي في الجولان: إعادة بناء السياج الحدودي، تطوير القوات العاملة هناك وتحسين الجمع الاستخباري على طول الخط. واستبق جولان الآخرين في قراءة التغيير الجاري في سوريا: في حديث أجريته معه قبل أكثر من عام أجاد ملاحظة نجاح الأسد في كبح المتمردين، كثيرا قبل أن يسود هذا التقدير في هيئة الأركان أو وسائل الإعلام العالمية
وجولان في الواحدة والخمسين من عمره، طويل وضعيف، وفي الميدان يظهر معتمرا قبعة واسعة الأطراف، لا يعتمرها في الجيش سوى الأغرار. وقد بدأ حياته العسكرية في لواء المظليين، حتى قائد كتيبة. في حرب لبنان الأولى كان تلميذ ضابط وفي العام 1997 قاد لواء جنوب لبنان، وأصيب في اشتباك مع حزب الله. في الانتفاضة الثانية كان قائدا للواء الناحال، وشارك في عملية السور الواقي التي تميز فيها لواؤه. وقبل أن يصل لقيادة الجبهة الشمالية خدم ثلاث سنوات كقائد للجبهة الداخلية. جولان متزوج وأب لخمسة وابناه الأكبران يخدمان في وحدات خاصة
وفي معظم المقالات عنه تتكرر الأوصاف: هو يعتبر ضابطا حكيما، عميقا، مهيمنا جدا وكاريزميا – وقيادة الجبهة تحت إمرته تبدو «ملكه» - لكنه منعزل ومنغلق في سلوكه. وهذا التوصيف ينطبق عليه اليوم أيضا. وبمعان كثيرة، أسلوبه في القيادة يذكرنا بقادة المظليين قبل بضعة عقود. جولان مدير ناجع جدا، ينظم وقته بحرص، ويتمسك بعادات تبناها كجندي (عدا الركض الذي يقوم به بشكل منتظم خلافا لمعظم نظرائه في الرتبة) ويبتلع الكتب الفكرية، التي يملأها بعلامات وملاحظات جانبية
وإلى جانب حبه للتعلم، وهو ليس عادة أبناء جيله في الجيش، يميل جولان لتبسيط المشاكل بدلا من تعقيدها. في الغالب هذا ينجح، لكن هناك من يعتبر نظرته أبيض أسود في كل ما يتعلق بالأبعاد السياسية المركبة. ورغم تصنيفه كمن له مستقبل واعد في مراحل مبكرة نسبيا في الجيش، فإن مؤهلاته السياسية محــدودة. وهو لا يتميز بالألاعيب التنظيمية التي ساعــدت الكثير من الجنرالات في كسب رتبهم. وفي ولايته في الجبهة الداخلية مال لإبراز إلزام المدنيين بالمشاركة في مواجهة الخطر. قبل عامين، في مقابلة مع «معاريف» زعم أن «قدرة الصمود لدينا كجمهور كبيرة. رأيت ذلك كــقائد ميداني في الانتفاضة الثانية. صحيح أن ليست هناك سابقة تاريخية للتهديد القائم اليوم على الجبهة الداخلية، لكن لدينا أدوات للمواجهة. فالخطر لا مثيل له، لكن هناك ميل للمبالغة في شدته. هل هذا خطـير؟ نعم. هل هو وجودي؟ لا». 
وخلال عام تقريبا سيتضح أفق خدمة جولان. وقريبا يتوقع أن يعلن وزير الدفاع موشي يعلون عن تمديد ولاية غانتس كرئيس للأركان لعام رابع. وإذا لم يطرأ شيء ما غير متوقع جدا (وحدث ذلك في الجولة السابقة لرئاسة الأركان) سوف يغدو نائب رئيس الأركان الحالي، آيزنكوت، رئيس الأركان في شباط 2015
إن جولان، مثل ابن جيله ومنافسه الدائم منذ سنوات، رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال أفيف كوخافي، يعتبر مرشحا محتملا لمنصب رئيس الأركان بعد المقبل، تقريبا العام 2019، إذا لم تطرأ أعطال في الطريق. حتى ذلك الحين، من المنطقي إدراجه كنائب لرئيس الأركان. احتمال آخر هو أن يستبدل المنصب مع كوخافي ويتولى رئاسة الاستخبارات. لكن الطريق لهذه المناصب لا تزال طويلة. وأولا سيطلب من جولان مواصلة إدارة الجبهة الأكثر حساسية التي يتولى قيادتها.   
المصدر هارتس
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: