Friday, December 20, 2013

الأســـد يــتـــقـــدّم.. والــمــعـــارضــــة تــتــراجــــع

الأســـد يــتـــقـــدّم.. والــمــعـــارضــــة تــتــراجــــع

Fri, 12/20/2013 

بقلم: ايتمار رابينوبيتش

ميزان القوى في الحرب الأهلية في سورية يتغير. بشار الأسد ونظامه ينالان الزخم، بينما المعارضة تضعف، ويبدو أن بعضا من مؤيديها التقليديين المهمين يعيدون النظر في مواقفهم. من المهم الوقوف عند طبيعة وحجم هذه الميول الجديدة، وفحص الامكانيات المتوفرة للمؤيدين للانتقال لنظام اكثر ديمقراطية واعتدالاً نسبياً في سورية، مثلما ايضاً لأولئك المعنيين أولا وقبل كل شيء بتحقيق الاستقرار في بلادهم وفي المنطقة.
ان انتصار النظام في القصير في حزيران 2013 شكل انتقالا الى مرحلة جديدة للحرب الاهلية في سورية.
فقد ضمن جهد كثيف من ايران وذراعها التنفيذية "حزب الله" السيطرة على النقطة الاستراتيجية، وفي اعقابها تحقق تقدم بطيء وتدريجي في مناطق اخرى ايضا.
ومع ان المعارك تتواصل ومنظمات المعارضة تسجل انجازات، ولكن في الصورة العامة، يتقدم النظام في طريقه الى تحقيق سيطرة على المحور المركزي في سورية، والذي يمر من دمشق الى حلب، مع فروع نحو الغرب باتجاه المنطقة العلوية والشاطئ، وجنوبا نحو درعا. ويعد الانتصار في القلمون، قرب الحدود اللبنانية، بارزا في الانجازات الأخيرة للنظام.
ان الميل الذي بدأ في حزيران 2013 تعزز في أعقاب أزمة السلاح الكيميائي في آب من هذه السنة. وللمفارقة، فان الحدث بالذات، الذي كاد يؤدي الى هجوم جوي شديد كعقاب أميركي، انتهى بمثابة انجاز للنظام الذي سبق ان استخدم السلاح الكيميائي ضد ابناء شعبه.
وبالفعل، يوشك الاسد على خسارة معظم مخزونه من السلاح الكيميائي ان لم يكن كله، ولكن الامر بث فيه روح حياة جديدة، وذلك لأنه اصبح شريكا حيويا في تطبيق الاتفاق الأميركي – الروسي.
وفضلا عن ذلك، فان روسيا، الداعمة الدولية الرائدة له، ثبتت مكانتها كعامل مؤثر سواء في سياق الازمة في سورية أم في الشرق الاوسط بشكل عام. وفي العالم العربي الشكاك اكثر من أي وقت مضى، فان الاعتقاد السائد هو ان ما بدأ كتفاهم محدود في مسألة السلاح الكيميائي هو مجرد خطوة اولى في الطريق الى اتفاق واسع سيتضمن حلا دبلوماسيا – سياسيا للازمة السورية، والذي سيميل الى صالح الاسد ونظامه. واشتدت مصادر القلق هذه في الشهر الاخير في اعقاب التوقيع على اتفاق جنيف بين ايران والدول العظمى الست والكشف عن المفاوضات السرية التي سبقته، بين الأميركيين والايرانيين. ويخشى خصوم ايران في الخليج، في سورية، وفي لبنان من ان يكون الاتفاق ادى او سيؤدي الى تقارب متجدد بين ايران والولايات المتحدة والى تلطيف حدة المنافسة في الشرق الاوسط والذي يحتمل أن يتضمن تفاهما في شكل حل دبلوماسي – سياسي في سورية. وهذا السيناريو ايضا يبدو في نظر اعداء الاسد كإمكانية كامنة لتعزيز مكانته. وبشكل ملموس اكثر – من الصعب التصور كيف يمكن لمؤتمر جنيف 2 في موضوع سورية، والذي سينعقد في 22 كانون الثاني 2014 (اذا لم يؤجل) والذي سيستضيف روسيا وايران حول طاولة المباحثات، سينتهي برحيل الاسد عن كرسيه. وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أعرب عن تأييده لمشاركة ايران في هذا المؤتمر، ووزير الخارجية البريطاني، وليم هيغ، القى كلمة بروح مشابهة، وعلى ما يبدو بعث بدبلوماسي بريطاني الى طهران للبحث في المسألة.
وفضلا عن هذه التطورات، احتدمت المشاكل التي شغلت بال المعارضة وأقلقت مؤيديها منذ بدء الحرب الاهلية على مدى الاشهر الاخيرة: فالمجلس الوطني السوري ضعيف، منقسم وعديم النفوذ على الارض. الجيش السوري الحر بقيادة الجنرال سليم ادريس لم ينجح في ان يصبح المنظمة العسكرية المسيطرة، وبالتأكيد ليس المنظمة العسكرية الموحدة التي كان يفترض بها أن تكون.
ويبدو أن منظمات الجهاد، ولا سيما "جبهة النصرة و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" هي العنصر الأكثر تأثيرا في المعارضة، ولكن رؤياها، خطتها، وسلوكها في المناطق التي تحت سيطرتها تبعث النفور في أوساط السوريين والأسرة الدولية.
لقد نجح النظام جدا، مؤخراً، في أن يضع نفسه بصفته المعقل العلماني والواعد للاستقرار في ظل صده لموجة الارهاب الاسلامي في سورية.
ولم يتمكن مؤيدو المعارضة – "أصدقاء سورية" – في الماضي وفي الحاضر من العمل بانسجام. بعض نشاطهم منسق، ولكن في مرات عديدة تجدهم يسعون الى اهداف متضاربة. السعودية تنفر من "الاخوان المسلمين"، ولكن هؤلاء ينالون دعم قطر. ومتبرعون خاصون في دول الخليج ممن يرعون المنظمات المختلفة، يضيفون الى الفوضى العامة. ومؤخرا تبين ايضا انه في اوساط بعض "اصدقاء سورية" في اوروبا يتعاظم الخوف بالأساس من امكانية ان يعود مواطنوهم من نشاطاتهم كمقاتلي جهاد في سورية وهم مدربون ومجهزون، فينفذوا عمليات ارهابية في أوطانهم. ويؤدي هذا القلق بهذه المحافل الى الاستعداد لهجر التزامهم الاصلي بتغيير النظام في سورية.
نظرة قريبة الى سياق الحرب الاهلية في سورية سرعان ما ستبين انه لا توجد معارضة واحدة، وان هذا المفهوم يتناول عددا كبيرا من المنظمات المحلية، المشاركة في القتال دون ان تكون تابعة لأي جهة أو بلا تنسيق مع مرجعية مركزية ما.
ويبدو أن السعوديين استخلصوا استنتاجاتهم من الوضع، حين اصبحوا القوة الاساس خلف إقامة "الجبهة الاسلامية" الجديدة.
منظمة عليا تتشكل من عدة منظمات اسلامية لا تعتبر متطرفة، وغير قريبة من "الاخوان المسلمين". وكما يبدو، فان هذه المنظمة هي التي اقتحمت القاعدة العسكرية السورية وسيطرت على مخزون السلاح الذي كان هناك. والحجة التي استخدمتها هي ومؤيدوها لتبرير العملية كانت انها سبقت فقط منظمات الجهاد. في كل الاحوال، ادى الامر بالولايات المتحدة وبريطانيا للاعلان عن تجميد توريد السلاح غير الفتاك للجيش السوري الحر.
وألحق هذا الاعلان ضررا شديدا بالجيش السوري الحر وكل حركات المعارضة المناهضة للنظام في سورية. تصريحات هدامة أقل، وان كانت لا تزال ضارة بالمعارضة، أطلقها الدبلوماسي الأميركي السابق، ريان كروكر، ورئيس الـ "سي.اي.ايه" السابق، الجنرال مايكل هايدن، ورئيس الاركان الاسرائيلي السابق، دان حلوتس. وكلهم أعربوا أو المحوا بوضوح إلى ان الاسد "الشيطان الذي نعرفه"، هو بعد كل شيء بديل افضل من سيطرة الجهاد على سورية.
في ضوء هذه التطورات، فان السؤال الذي ينشأ بطبيعة الحال هو "أي امكانيات قائمة امام الولايات المتحدة وحلفائها في اوروبا وفي الشرق الاوسط، بعد أن دعموا المعارضة من بداية الطريق وأعلنوا عن أن الاسد فقد شرعيته وان عليه أن يخلي كرسيه؟
في الوضع الحالي، يبدو أنه لا يوجد حل عسكري للازمة، بالتأكيد ليس الحل العسكري المرغوب فيه.
ففي اثناء 2012 وبداية 2013 كان يخيل ان المعارضة قادرة على إلحاق الهزيمة بالنظام، اما اليوم فيبدو أنها عديمة القدرة على عمل ذلك. فالنظام ينال الزخم، ولكن طفيفة امكانية أن يثبت مكانته بنجاعة في ارجاء سورية. حل دبلوماسي – سياسي هو الامكانية الفضلى، ولكن في ضوء الزخم الجديد للأسد والدعم من سورية وايران، من المشكوك فيه أن يكون مستعدا للتخلي عن مكانه.
في كل الاحوال، اذا ما تبينت مسيرة جنيف بانها تعطي نتيجة مجدية، فسيكون مؤيدو المعارضة ملزمين بالحصول على رافعة ليست في ايديهم حاليا.
أولا، على المعارضة أن تضع في مقدمة نشاطها شخصيات يعملون كزعماء سياسيين وعسكريين لها. ويتعين على هؤلاء أن يبلوروا الجهود العسكرية والسياسية، جزئيا على الاقل، كي يعتبروا في الرأي العام في سورية، في الدول العربية وفي الاسرة الدولية بانهم يتصدرون قيادة المعارضة وبانهم بديل مصداق للنظام. اذا لم ينجحوا في ذلك فستكون ثمة حاجة الى تبني التكتيك السعودي لعمل ناجع مع منظمات محلية وتنظيمات اصغر من القوى المحلية، وتوسيعها الى حجوم أكبر.
من الواضح ان الحكومة الغربية لا تسيطر على الامور التي يقولها رجال الحكم السابقون، ولكن مقرري السياسة والدبلوماسيين القائمين ملزمون بأن يكونوا حذرين وألا يعملوا ضد المعارضة من خلال اعمال وتصريحات تلمح بأنها ليست بديلا ذا مصداقية للأسد او بأقوال عن "الشيطان الذي نعرفه" هو البديل الافضل من الجهاد.
وأخيرا، من المهم أن نتذكر أن المسائل المركزية الموجودة على جدول الاعمال في الشرق الاوسط ترتبط الواحدة بالأخرى وان للأعمال والتصريحات في السياق الايراني آثارا على سورية، وبالعكس.
ففي الشهر الماضي فقط عاد وصرح وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بان الولايات المتحدة "تعتقد بأن الاسد فقد كل شرعية للحكم في سورية وانه ملزم بالرحيل.
كل سلوك دبلوماسي في جنيف او حوار مع روسيا وايران يدل على أن هذا لم يعد هو موقف الولايات المتحدة، سيلقي بظلال ثقيلة على مصداقية وزارة الخارجية والادارة بأسرها وسيجر آثارا على ساحات اخرى.
ادارة تتطلع بالتوازي الى حل مشكلة النووي الايراني، التفاوض على اتفاق دائم نهائي بين اسرائيل والفلسطينيين، وترتيب الوضع في سورية، لا بد تعرف بأن اعمالها وتصريحاتها في كل واحدة من هذه الساحات سيلقي بأصدائه تماما في الساحتين الأخريين.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: