دولة ‘القاعدة’ الموعودة ـ كابوس فقط
Tue, 01/07/2014 -
بقلم: تسفي برئيل
‘ لم تُنشيء منظمة القاعدة الى الآن دولة لها، وتتناول التقارير ايضا عن نية المنظمة انشاء دولة اسلامية على حدود العراق مع سوريا، تتناول في الأساس رؤيا أو حلما أكثر مما تتناول قدرة عملية.
‘إن المنطقة الجغرافية التي تتناولها التحذيرات تقع بين مدينة نينوى في شمال غرب العراق وبين محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا. إن نينوى قريبة جدا من الموصل ومن الاقليم الكردي ذي الحكم الذاتي، ويسكن في محافظة الحسكة السورية أكثر السكان الاكراد السوريين.
وقد تسلح الاكراد عن جانبي الحدود بسلاح كثير وذخيرة وهم يحاربون نشطاء القاعدة، في حين يستعين المواطنون في أجزاء من منطقة نينوى العراقية بقوات المقاتلين الاكراد، البشمارغا. ويستعين نشطاء القاعدة بقوات اسلامية سنية متطرفة في الجانب العراقي وفي المعركة في سوريا، لكنهم يُجرون في نفس الوقت حروبا عنيفة لحركات ومنظمات سنية تعارض نشاط القاعدة. إن انشاء إمارة اسلامية مستقلة سيجعل المنظمة هدفا مريحا للهجوم عليها من قبل حكومة العراق والقوات الكردية أو هجمات من الجو كما يحدث في اليمن التي لم تنجح فيها القاعدة ايضا برغم كون الحكم فيها أضعف مما هو في العراق، في انشاء إمارة.
‘يعتمد نشاط القاعدة في كل مكان عملت فيه المنظمة أو تعمل على مساعدة مددية مدنية. هكذا كانت الحال في افغانستان وهي كذلك في اليمن حيث يتزوج نشطاء القاعدة بنساء محليات كي يُقبلوا جزءا من المجتمع. لكن المنظمة تحارب في سوريا اربع جبهات وهي: الجيش السوري، وعصابات المتمردين المسلحة، ومنظمات اسلامية تعارض ايديولوجية القاعدة وسبل عملها ومواطنون يخشون سيطرة القاعدة على مناطق في بلدهم، ولا سيما أن جزءا كبيرا من محاربي المنظمة ليسوا سوريين بل متطوعين من دول اخرى. وتبتز المنظمة المواطنين المساعدة المددية بالتهديد وبالعنف المخيف كقطع الرؤوس وحرق الكنائس وخطف المواطنين.
‘الوضع في العراق مختلف. كانت القاعدة في ذروة شعبيتها في السنوات 2005 2007 حينما نجحت في أن تُجند لدعمها أجزاءا من السكان السنيين ولا سيما في مدينة الفلوجة وفي محافظة الأنبار السنية، عاونوا المنظمة لضرب النظام الشيعي لا لبواعث دينية أو عقائدية. لكن حينما دخلت العراق مرحلة المصالحة الوطنية وبدأت اجراءات رسمية لتثبيت النظام بوسائل ديمقراطية جندت القبائل السنية نفسها ولا سيما في محافظة الأنبار وانشأت عصابات مسلحة (الصحوات) لمدافعة القاعدة وقتالها، اشتغلت ايضا بجمع معلومات استخبارية ساعدت الجيش الامريكي في أن يحارب قواعد القاعدة.
‘اكتسح نشاط هذه العصابات المسلحة نجاحات كثيرة ضاءلت كثيرا عمليات الارهاب في العراق. وتعمل الآن ايضا عصابات مسلحة سنية على القاعدة لكن عدد مقاتليها قلّ كثيرا (نحو من 40 ألف مقاتل قياسا بـ 100 ألف قبل ست سنوات). والمشكلة هي أن مكانتها بين السكان السنيين تعاني ضعفا شديدا لأنهم يُرون مقاتلين مع حكومة العراق الشيعية التي يصارعها السنيون صراعا سياسيا عنيفا قويا منذ نحو من سنة. يزعم السنيون أن حكومة نوري المالكي دفعتهم الى الهامش، ولم يتم الوفاء بالالتزامات التي أُعطيت لهم في الماضي، والنفقات التي تُحول الى محافظاتهم ضئيلة ولم يحظوا بانجاز حقيقي منذ أن سقط صدام حسين. ويقوم أعيان القبائل السنية في السنة الاخيرة في محافظة الأنبار باحتجاج على الحكومة أساسه اغلاق شوارع رئيسة بين العراق والاردن وسوريا واضرابات جلوس وعصيان مدني يتدهور احيانا ليصبح صدامات مسلحة.
‘يتوقع بعد اربعة أشهر أن تُجرى انتخابات البرلمان العراقي وهي الاولى منذ غادرت القوات الامريكية الدولة، وتختلف الآراء بين السنيين هل يشاركون فيها أم يقاطعونها ويرفضون شرعيتها بذلك. ويعتقد جزء من القيادة السنية أنه تجب المشاركة في الانتخابات وانشاء حلف قوي مع جزء من الحركات الشيعية وأن يُضمن بذلك انجازات سياسية وميزانية. ويُقدر جزء آخر أن السنيين لن يستطيعوا مواجهة حلف شيعي كردي ولهذا يُفضل الامتناع من المشاركة في الانتخابات. لكن توجد قلة سنية تؤيد عصيانا عنيفا للنظام وهذا هو الجزء الذي يعاون الآن نشطاء القاعدة في العراق لكن هذا دعم محدود الضمان. فاذا نجح نوري المالكي في مُصالحة القيادة السنية فقد يجد فيها شريكا فاعلا على القاعدة.
‘إن الغضب السني وادارة المالكي المختلة للسياسة الداخلية يعملان في مصلحة القاعدة التي ما زالت تنفذ عمليات في أنحاء العراق بل نجحت في السيطرة على مركز مدينة الفلوجة. وتُعد حكومة العراق الآن هجوما مضادا كبيرا على مدينة الفلوجة التي كانت في الماضي رمز مقاومة القوات الامريكية. لكن إبعاد القاعدة عن الفلوجة ايضا لا يضمن الهدوء في العراق ما لم تستجب الحكومة لمطالب السكان السنيين. وفي سوريا في المقابل نجح مقاتلو القاعدة في الاستيلاء على معابر حدودية والسيطرة على أحياء متفرقة في عدد من المدن وعلى جزء من المناطق القروية في ظواهر المدن الكبرى. لكن ليس للقاعدة بخلاف ما يوجد في العراق شريك بين أكثر السكان. وهكذا سيكون من الصعب جدا انشاء دولة القاعدة.””
المصدر:
- هآرتس
0 comments: