قنبلة إيرانية في غضون سنوات
Thu, 05/22/2014 -
بقلم: اليكس فيشمان
تطلق ايران والولايات المتحدة الدخان للتغطية، وتحاولان إحداث انطباع يوهم أن جولة المحادثات الاخيرة في فيينا فشلت باختلاف في الاستمرار على تطوير الصواريخ البالستية الايرانية.
جهدت رئيسة مجلس الامن القومي سوزان رايس التي زارت اسرائيل عشية جولة المحادثات ووزير الدفاع الامريكي تشاك هيغل الذي زارنا هنا في الاسبوع الماضي، في طمأنة اسرائيل في قضية الصواريخ البالستية خصوصا، ووعدا بأن الولايات المتحدة لا تنوي التنازل في هذه النقطة. وليس واضحا لماذا يجهدان كثيرا لارضاء اسرائيل التي ليس لها اليوم أي قدرة على التأثير فيما يجري في المحادثات الذرية؛ فربما يفعلان ذلك عن عادة. لكن المحادثات بين ايران والقوى العظمى في فيينا لم تسقط بسبب قضية الصواريخ البالستية.
حينما أُثير هذا الموضوع في جولة المحادثات الاخيرة، لم يتأثر الايرانيون حقا ولم يكن ذلك عرضيا. فمن الواضح لهم كما هو واضح للامريكيين أنه لا يوجد أي معيار دولي تستطيع القوى العظمى التمسك به للحد من تطوير صواريخ بالستية في ايران. ولأنه لا يوجد معيار كذاك، لا توجد ايضا اجهزة رقابة دولية للحد من انتاج الصواريخ. وإن صوغ معيار دولي جديد وانشاء اجهزة رقابة كالوكالة التي تراقب السلاح الذري، اجراءات يمكن أن تطول سنين. وليس للايرانيين الآن أي نية للتخلي طوعا عن تطوير الصواريخ. ويسألون الامريكيين: لماذا تميزوننا تمييزا سيئا في القضية البالستية، هل لأن الاسرائيليين يضغطون عليكم؟.
من الواضح لكل المشاركين في المحادثات في فيينا أن التسوية مع ايران ستنجح أو تفشل لقضية مركزية واحدة هي تخصيب اليورانيوم. فاذا حُل هذا الامر بصورة مُرضية فسيوجد حل لكل القضايا جميعا. وأصبح الامريكيون يدركون أنه ليست لهم أي قدرة على جعل المشروع الذري الايراني عقيما تماما، ولهذا يحاولون على الأقل أن يضائلوه وأن يفرضوا عليه رقابة وثيقة سنين طويلة. وقد عرضوا على الايرانيين قبل بضعة اسابيع مبدأ رقابة وثيقة خانقة مدة عشرين سنة. ووافق الايرانيون على سنة واحدة فقط. فوافق الامريكيون على التصالح على 12 سنة وقاربهم الايرانيون في ذلك على 6 سنوات. فلماذا 6 سنوات خاصة؟ قد يكون ذلك نوعا من الفكاهة، فقد قرأ الايرانيون في الصحف الاسرائيلية تقديرات تقول إن قصف المنشآت الذرية سيؤخر المشروع مدة 6 سنوات على الأكثر. وبعد انقضاء المساومة سيتصالح الطرفان على رقابة وثيقة مدة بين 9 سنوات الى 10.
في مقابل ذلك تجري في فيينا مساومة على الوضع الاساسي الذي سيكون عليه المشروع الذري الايراني في السنين التي ستُفرض عليه الرقابة فيها: فكم منشأة لتخصيب اليورانيوم ستعمل (هل واحدة أم اثنتان)، وكم جهاز طرد مركزي سيكون في كل منشأة ومن أي طراز، وكم سيحل للايرانيين أن يجمعوا من المادة المخصبة، وفيمَ سيستعملون هذه المادة، وهل سيحل لهم تطوير أجيال جديدة من اجهزة الطرد المركزي بدل الموجودة الآن.
يُطلب الى الايرانيين في الحقيقة أن يتنازلوا عن الحقوق التي تمنحهم إياها اتفاقات منع نشر السلاح الذري. وفي مقابل ذلك سيطلبون تعويضا على صورة مضاءلة تدريجية للرقابة: فبعد سنتين تزول الرقابة الوثيقة عن مجال ما؛ عن المفاعل في أراك مثلا. وبعد سنتين تزول الرقابة عن صنع اجهزة الطرد المركزي. وهكذا سيستطيع الايرانيون بعد 8 سنوات أو 9 أن يفعلوا ما شاؤوا، حينما تسقط عنهم حتى ذلك الحين كل العقوبات. وآنذاك سيجب أن يُبت الامر هل يتم تمكين ايران من أن تفعل كل ما تريد في المجال الذري أم يعودون الى المنزلة الاولى للتهديد بالعقوبات والتهديد العسكري.
إن هذا الحل وهو تأخير النهاية مُحاك مثل قفاز على يد كل المشاركين في المحادثات. فمن الواضح للامريكيين والايرانيين أن المحادثات في فيينا لن تؤدي الى تسوية نهائية بل الى اتفاق مؤقت الى أمد بعيد. ويريد الرئيس اوباما أن ينهي ولايته وهذه الازمة وراءه، أما الايرانيون فيريحهم جدا أن يعيشوا مع صيغة تُمكنهم من أن يجمدوا مدة ما أحلامهم في سلاح ذري مع الاستمرار في مقابل ذلك على التطوير الى أن يتلاشى هذا التجميد.
لكن يجب على الطرفين أن ينشئوا إيهاما بأنهما يناضلان عن مواقفهما حقا ولهذا لم يُحرز اتفاق في هذا الاسبوع ولن يُحرز ايضا في اللقاء التالي في 16 حزيران. ستستمر المساومة ولن يكون أي تمهيد طريق حتى الأجل المسمى النهائي وهو 20 تموز وربما بعد ذلك بقليل كما هي العادة عندنا. وسيكون في النهاية اتفاق بيني بعيد المدى وهو اتفاق سيء لليهود.
المصدر:
- يديعوت
0 comments: