Monday, May 19, 2014

التّدخل في أوكرانيا .. جهل أميركي قاتل

التّدخل في أوكرانيا .. جهل أميركي قاتل

أظهرت دراسة حديثة أجريت على عينة من الأمريكيين المتواجدين في أنحاء أفريقيا وآسيا، في كندا وفي الولايات المتحدة، حول ما يريدون القيام به حيال الوضع في أوكرانيا مع اختبارهم بتحديد موقع البلدعلى الخريطة العالمية: أن واحداً من ستة أمريكيين وضعوا أوكرانيا في موقعها الصحيح في جنوب شرق أوروبا بينما أخفق البقية في معرفة موقع البلد التي يؤيدون التدخل العسكري فيها!‏

من المؤسف أن يكون لدى الأمريكيين كل هذا الجهل الجغرافي، والذي يمثّل مشكلة كبيرة عندما يؤدي إلى سياسة خارجية خطيرة. إذ خلص واضعو الدراسة إلى أنه كلما زاد جهل الأمريكي بموقع أوكرانيا الفعلي، بقدر ما أراد لبلاده التدخل العسكري .‏‏‏

شكّل الجهل الأمريكي في تاريخنا خليطاً خطيراً مع الحرب. نحن نعرف حجم التضليل الذي قام به أرفع المسؤولين في إدارة بوش، بمن فيهم الرئيس نفسه، اعتباراً من الكونغرس وانتهاء بالشعب، والتضخيم لخطر العراق وصدام حسين على بلادنا. ولو أدركنا هذا مبكراً لكنا تجنبنا غزو العراق عام 2003 و تفادينا ما يقارب تسع سنوات من القتال، ووفاة أربعة آلاف وخمسمئة جندي أمريكي .‏‏‏

أما في فيتنام قبل جيل من الزمن فكان الدافع لتصعيد التورط الأميركي في البلاد، هو تأكيد الرئيس ليندون جونسون في آب 1964 أن فيتنام الشمالية هاجمت سفينة أمريكية في خليج تونكين . وفي غضون أسبوع، أصدر الكونغرس قرارًا يأذن له بـ « اتخاذ جميع الخطوات اللازمة، بما في ذلك استخدام القوة المسلّحة في جنوب شرق آسيا دون إعلان الحرب. وفي أوائل عام 1965، كانت الطائرات الأميركية تقصف فيتنام الشمالية وتنشر القوات القتالية الأمريكية في فيتنام الجنوبية.‏‏‏

قام الزعماء السياسيون الأمريكيون، في كلتا الحالتين المروعتين، بجرّنا إلى حروب من صنع أيديهم ونسيج أكاذيبهم، ربما لا نكون قادرين على اختراق بيانات قادتنا السياسيين الخادعة. ولكن يمكننا أن نتعلم أكثر عن حقيقة ما يجري في العالم .‏‏‏

الأميركيون الذين ليس لديهم أدنى فكرة عن مكان أوكرانيا، هم لا يعرفون حتماً أن أوكرانيا كانت واحدة من المناطق الأكثر تقدّماً في الاتحاد السوفييتي، لا يعرفون أين أوكرانيا يعني أنهم لا يملكون أي فكرة عمّا يجب القيام به حيال الأزمة الحالية فيها.‏‏‏

في الوقت ذاته هناك الكثيرون ممن يعرفون أين تقع أوكرانيا ويحفظون تاريخها وأهميتها الاستراتيجية، لكنهم يتجاهلون ما يعرفونه سعياً لمصالح سياسية حزبية و ينتقدون الرئيس أوباما لأنه لا يتخذ القرار الحق في أي قضية أبداً، بينما قادة الجمهوريين يراهنون على الحرب، فهم قلقون حيال سلطتهم السياسية أكثر من اهتمامهم بأمننا القومي.‏‏‏

صرّح الرئيس أوباما، في شهر آذار، بوضوح سياسته: « نحن لن نتدخل عسكرياً في أوكرانيا. » منذ تلك اللحظة والجمهوريون في الكونغرس يدعون للتدخل العسكري. و كان ردّ السناتور جون ماكين على الفور ممثلاً لحزبه: « هذه هي النتيجة لسياسة خارجية عقيمة، لن يؤمن أحد بقوة أميركا بعد هذا» . يريد ماكين أن يرسل الأسلحة الصغيرة و الذخيرة إلى كييف. « لا ينبغي للولايات المتحدة فرض حظر أسلحة على ضحايا العدوان».‏‏‏

أما السناتور ماركو روبيو، وهو رجل أصغر سناّ بكثير بطموحات رئاسية، يوافق على التدخل العسكري في أوكرانيا في افتتاحية صحيفة واشنطن بوست قائلاً: إن رفض إدارة أوباما لإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا « مخزٍ ». جاعلاً من شبه جزيرة القرم أهم قضية على الساحة العالمية ، مفضلاً ارسال مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا ، و التوقف عن العمل مع روسيا بشأن المفاوضات مع إيران. مقترحاً أن ترسل الولايات المتحدة «الأصول العسكرية »، بما في ذلك الأفراد، إلى بولندا ودول البلطيق .‏‏‏

أما رد رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز تجاه الضم الروسي لشبه جزيرة القرم فكان بالدعوة لـ« مساعدات عسكرية غير قتالية »، من إمدادات طبية، أجهزة الراديو، و« نظم أسلحة موقف دفاعي ». بينما تبنى السيناتور بوب كروكر نهجاً أكثر اعتدالاً: « يجب على الولايات المتحدة إنشاء علاقة عسكرية مع أوكرانيا بعد انتهاء الأزمة ». و ماكين يريد أن يحدث ذلك عاجلاً وليس آجلاً ، ويربط أوكرانيا بعلاقة مع الناتو.‏‏‏

أما مروّجو الحرب الأكثر راديكالية ليسوا في الكونغرس، لكنهم في وسائل الإعلام المحافظة. يقول وليام كريستول، رئيس تحرير مجلة ويكلي ستاندارد لمحطة : « لا يجوز استبعاد نشر قوات برية».CNN‏‏‏

ماذا نستفيد نحن من هذا النوع من المغامرات العسكرية في أماكن يعرف الأمريكيون القليل عنها ؟ حرب الجاهلين دخلنا في فيتنام فحدثت الكارثة. غادرنا العراق في حالة مزرية ، خلّفنا الموت في أفغانستان، في سورية وفنزويلا ، كوبا والسودان ..‏‏‏

إن كان الجهل الحقيقي للرأي العام الأميركي حول الشؤون العالمية مقلقاً، فالجهل المتعمّد من بعض قادتنا السياسيين بعواقب مصالحهم الحزبية أشدّ فتكاً .‏‏‏

ANTIWARمترجم من

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: