الإنكليزية "سوفت باور"
وكالة نيوز-اعداد فاطمة بظت
ساهمت الأحداث السياسية التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة إلى إحداث تنافر بين اللبنانيين في مختلف المناطق ولبنان كما يسمّى "بلد الطوائف المتعددة" لم يسلم من التأثيرات الإقليمية المحيطة به إذ أنه لا يعّد في الوقت الراهن في أولوية الخطط العالمية بل يدرج ضمن ما يسمى "مشاريع مستقبلية شرق أوسطية".
الولايات المتحدّة وكخطوة لتعزيز السلام والأمن على حد تعبيرها قامت بإطلاق برنامج تثقيفي تعليمي خاص يلبنان وحده وليس نسخة عن أي منهاج أجنبي أذ أنّها وبالتعاون مع جامعة أوريغون قامت بالتحّري عن ما يرغب الطلاب بتعلّمه ووضعت برنامج لتعلّم الإنكليزية ليلاقي حاجات اللبنانيين فجاءت النصوص مركّزة على مواضيع من الحياة اليومية ,العمل ,العائلة ,الأكل في المطاعم,التسّوق.مع الإشارة إلى أنّ هذه البرامج متاحة على الإنترنت.
إنطلاق المشروع كان في سنة 2008 أي من حوالي 6 سنوات وهو ما زال مستمرا حتّى الآن.حتّى عام 2012 كان عدد المستفيدات من البرنامج حوالي 3000 طالبة من مختلف الأعمار والطوائف والمناطق وقد تم تخريج أكثر من 600 طالبة عام 2012 إذ تسّلمت المتخّرجات الشهادات من قبل السفيرة الأميريكية في لبنان "مورا كونيلي".البرنامج حتّى عام 2012 كان مشروعا مشتركا بين السفارة الأميريكية في لبنان وجمعية "هيّا بنا" وكانت الصفوف عبارة عن حصص أسبوعية "مجّانية ".
فكرة البرنامج من الأساس كانت التركيز على بناء جسور بين اللبنانيين تجعل بلدهم أكثر قوّة وثبات وإذدهار إضافة إلى طرح فكرة مشاركة المرأة في الحياة السياسية إذ أن السفارة الأميركية لاحظت أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية اللبنانية ضئيلة إن لم تكن معدومة .
وقد إستمّر البرنامج بعد ذلك حتّى العام الحالي 2014 ليدخل طرف جديد إلى الساحة وهو جمعية "معكم"وليصبح عدد المستفيدات أكبر وليبلغ أكثر من 6000 مستفيدة .والمميّز هذا العام إنطلاق هذا البرنامج في المناطق الشمالية في لبنان التي شهدت وما زالت تشهد أحداثا أمنية غير مستقّرة .وقد تمّ تخريج أكثر من 600 مستفيدة هذا العام في حفل التخرّج الذي أقامته السفارة الأميركية برعايتها وبالتعاون مع جمعيتا "معكم"و"هيّا بنا" وبحضور العديد من رؤساء البلديات ورجال الدين وممثّلين عن مدراء الثانويات والمدّربات للغة الإنكليزية المشاركات في البرنامج وذلك نهار الأحد الفائت 16 نوفمبر في بيت الطبيب في فرن الشبّاك.
ركّز السفير الأميركي "دايفد هايل " على فكرة تقريب المسافات بين اللبنانيين بدلا من تفريقهم فهم مختلفون من حيث الطوائف ولكن من السهل تقريبهم عن طريق العلم والثقافة وإعتبر السفير الأميركي أنّ اللغة الإنكليزية هي "قوّة ناعمة " على الجميع تعلّمها لأنّها لغة العالم كما عبّر السفير عن أنّ البرنامج يبحث عن تزويد طالباته ليس فقط بمجرّد لغة أو لهجة بل تزويدهن بلغة التسامح والتقبّل إذ قال:"إنفتاح هؤلاء النساء لتعلّم أشياء جديدة والإلتقاء بناس جدد وتبادل الأفكار هو وسيلة من خلالها نستطيع أن نقاتل المتطّرفين وننتصر".
ثمّ أضاف أنّ محاولة داعش لنشر بذور الضعينة والكراهية محاولة فاشلة ستبوء بالفشل إذا تمّت مقاومتها من خلال المبادلات المتفاعلة بين اللبنانيين من مختلف المناطق.
كما شدّد السفير الأميركي على أهمية سماع الآخر وتقبّله إذ أن عدم سماعه والنفور منه يساهم في تصديق أي فكرة سيئة عنه .كما أن برنامج الإنكليزية للنساء يزوذ الناس بفرصة تعلّم الإنكليزية مما يجعلهم مواطنين فعّالين في المجتمع وهو يعتبر من أهّم المنح الديبلوماسية الشعبية .
كان لرئيس جمعية "هيّا بنا" لقمان سليم كلمته حول البرنامج أيضا وقد عبّر عن فكرة السفير الأميركي نفسها أي أنّ تعلّم الإنكليزية للنساء يساهم في مشاركتهن في الحياة السياسية والعامة ونجاح البرنامج برأيه مرتبط بالنشاطات الصفية واللا صفيّة التي حصلت ضمن البيوت وأماكن العمل والشبكات الإجتماعية وحتّى الأرصفة والتي تضمنت زيارات متبادلة بين الصفوف والغحتفال بالأعياد سويّا أما غنى علّوش رئيسة جمعية "معكم" فقد دعت في كلمتها المشاركات المستفيدات من البرنامج بالتزود بسلاح العلم بدلا من سلاح الحرب وأشارت أنّ البرنامج يجب أن يتوّسع ليشمل الأطفال من الجنسين مناشدة السفارة الأميركية لدعم هذا المشروع وشاكرة إيّاها على تعاونها السابق .كما أنّها مجّدت مشاركة بعض النساء في التعّلم بالرغم من ظروف بيئاتهم الخطرة .
وبالنتيجة ,إذا كان تعلّم الإنكليزية وسيلة لجعل اللبنانيين كتلة صلبة متلاحمة ضمن بلد أصلا هو مقسوم سياسيا وطائفيا فهل تتحّول هذه القوّة الناعمة بين أيدي اللبنانيين لتصبح قوّة ضدّهم مستقبلا؟؟؟
0 comments: