عشرة مؤشرات للفحص:
هل عملية اغتيال "زادة" في إيران كانت حكيمة؟
الجمعة 04 ديسمبر 2020 - 08:53 مساءً بتوقيت القدس
حسين جبارين - عكا للشؤون الاسرائيلية
بقلم: تشيك فرايليخ
هآرتس – مقال - 2/12/2020
السؤال الصحيح فيما يتعلق باغتيال عالم الذرة الإيراني، محسن فخري زادة، ليس السؤال هل كانت عملية الاغتيال محقة، بل السؤال هو هل كانت حكيمة. نحن على حق. من يقف على رأس برنامج يشكل تهديد وجودي لدولة إسرائيل يجب عليه أن يعرف بأن ذنبه على جنبه. والسؤال هو هل هذه العملية حكيمة. يمكن الاجابة على ذلك من خلال فحص عشرة مؤشرات.
1- يجب علينا فحص إذا كان الاغتيال سيؤدي إلى إلحاق ضرر شديد بالمشروع النووي الإيراني. الجواب كما يبدو هو لا. الحديث يدور عن تنظيم واسع النطاق، ولا يوجد لأي شخص لوحده، مهما كان كبيرا، تأثير حاسم عليه. إسرائيل حسب ما نُشر، سبق واغتالت في السابق عددا من علماء الذرة الإيرانيين، ورغم ذلك يواصل الإيرانيون تنفيذ المشروع. صحيح أنه ربما ستردع الاغتيالات علماء ذرة شباب وتتسبب بصيد الساحرات لدى الإيرانيين في محاولة للعثور على عملاء محتملين، لكن كل هذا لن يؤدي إلى تشويش حقيقي على المدى البعيد.
2- الوقت ما زال مبكرا كي نحدد إذا كان سيكون هناك رد شديد لإيران. أحداث العام الماضي، اغتيال الجنرال قاسم سليماني على أيدي سلاح الجو الأمريكي والانفجار في منشأة نتناز وتصفية رقم 2 في القاعدة في إيران والآن اغتيال فخري زادة – كل ذلك ينتج ضغطا كبيرا على النظام في إيران من أجل الرد، خوفا من فقدان القدرة على الردع. ولكن إيران تواجه صعوبات غير قليلة في محاولتها للرد على أحداث من هذا النوع. وإذا لم ترد في الأيام القريبة فهذا يعني أنها قررت الرد في المكان المناسب والزمان المناسب لها. فعليا هذا التأجيل سيعطي فرصة للمفاوضات مع جو بايدن.
3- هل الاغتيال سيزيد احتمالية حدوث مواجهة حقيقية بين إيران واسرائيل، وضمن ذلك تدخل الولايات المتحدة، في الأسابيع التي بقيت إلى حين تسلم بايدن لمنصبه؟ الإجابة على ذلك نعم. هل هذه مصلحة إسرائيلية – يبدو أنه لا.
في وسائل الإعلام تم عرض سيناريو محتمل بحسبه ايران سترد بشدة على الاغتيال وبهذا تمنح ترامب ذريعة لتنفيذ خطوة عسكرية هدفها أن تسحب المشروع الإيراني بضع سنوات إلى الوراء. ربما كان لإسرائيل مصلحة في سيناريو كهذا قبل نصف سنة أو قبل سنة، عندما لم يكن بالإمكان الربط بين هجوم كهذا وبين تغييرات في الإدارة في الولايات المتحدة. ولكن الآن هذا السيناريو غير مرغوب فيه، وحتى أنه خطير.
4- هل الاغتيال سيزيد من الصعوبة على بايدن في التوصل إلى اتفاق جديد مع ايران، وهل سيعتبر في نظر الكثيرين في الولايات المتحدة كمحاولة متعمدة للتخريب في احتمالات التوصل إلى اتفاق كهذا؟ الاجابة هي نعم. هل يوجد لإسرائيل مصلحة في أن الأزمة الاولى في المواضيع الخارجية التي ستشغل الإدارة ستكون من أجلها؟ في الحقيقة لا.
5- هل اغتيال كهذا هو الطريقة السليمة للتأثير على مواقف بايدن في الشأن الإيراني؟ بصورة قاطعة لا. بالعكس، هذه هي الطريقة للبدء في تأسيس العلاقات مع الادارة الجديدة بالقدم اليسرى، وبالتحديد في قضية أساسية. يوجد لبايدن ولمن يتولون الوظائف الرفيعة سجل واضح مؤيد لإسرائيل. هكذا لا يتم خلق صداقات جديدة.
6- هل الاغتيال يعزز المحافظين في إيران؟ يبدو أن الجواب نعم. ففي شهر حزيران يتوقع إجراء انتخابات رئاسية في ايران، ومصلحة إسرائيل هي تشجيع المعتدلين الذين يطمحون إلى اتفاق جديد، وليس تعزيز المحافظين.
7- هل توقيت الاغتيال كان مصدافة، وهل كان نتيجة فرصة عملياتية فتحت بالتحديد الآن، وإذا كان الأمر هكذا فكيف أن هذه الحقيقة كان يجب أن تؤثر على قرارات إسرائيل؟ الاستعداد لعمليات دقيقة جدا من هذا النوع يستمر لأشهر وحتى سنوات. وربما حقا فتحت نافذة فرص عملياتية. ولكن فرصة عملياتية لا تعني ضرورة تنفيذ عملية. شخص ما، أي رئيس الحكومة، مطلوب منه المصادقة على العملية في هذا الوقت.
8- إسرائيل ليست بحاجة إلى أزمة عسكرية خطيرة الآن في الوقت الذي توجد فيه في الأزمة الصحية، الاقتصادية والسياسية الأكثر خطورة التي مرت بها منذ قيامها. هذه التداعيات في الوضع الراهن كان يمكن أن تكون مبررة لو أن الأمر كان يتعلق بإنجاز استراتيجي كبير. ولكن هذا ليس الوضع، من الأرجح أن الأمر يتعلق بمصلحة حيوية لرئيس الحكومة الذي استغل عملية الاغتيال من أجل حرف الانظار عن التحقيق في موضوع الغواصات، وأنه ما زال يدير صراع منفلت العقال على البقاء.
9- السؤال الحاسم هو ما الذي يجب على اسرائيل أن تفعله. والجواب هو أن تحاول التوصل الى اكبر قدر من التنسيق مع الادارة الامريكية الجديدة فيما يتعلق بشروط العودة الى الاتفاق النووي، وفيما يتعلق بالنوايا العلنية لاستغلال الوضع القائم كقاعدة للتوصل الى اتفاق جديد. بايدن لم يشرح في أي يوم العلاقة بين الامور. الحديث يدور بدون شك عن عملية معقدة وصعبة، ولا توجد أي ضمانة بأن تنجح، وأنه يوجد لاسرائيل امكانية كبيرة في الاسهام في موقف الادارة الجديدة للتعامل في هذه المسألة.
الطاقم الذي عينه بايدن يتكون من اشخاص متزنين ويهتمون بمواجهة عيوب الاتفاق القديم. على اسرائيل استغلال فضاء التفاهم الكبير الذي يوجد لها مع هؤلاء الاشخاص من اجل رسم مقاربة مشتركة بدلا من ابعادهم من اجل تحقيق مكاسب تكتيكية محدودة.
10- لا شك أنه يوجد لعمليات اغتيال وعمليات احباط اخرى دور مهم في مجمل الجهود التي تبذلها اسرائيل في محاولة لايجاد رد بعيد المدى على المشروع النووي الايراني. ولكن ثلاثين سنة من التجربة تثبت بأنها لا تؤدي الى اكثر من تأخير تقدم المشروع النووي. هذا انجاز هام، لكنه لا يكفي. حتى عملية عسكرية لتدمير المنشآت النووية، مهما كانت ناجحة، لن تحقق اكثر من تأجيل لبضع سنوات.
الحل بعيد المدى الوحيد هو اتفاق دبلوماسي. وهذا هو الحل الذي يتطلع اليه بايدن، ومن اجل هذا الهدف يجب على اسرائيل أن تتعاون معه بأكبر قدر ممكن.
0 comments: