رسالة عملية طابا إلى جنرال القاهرة
Tue, 02/18/2014 -
بقلم: تسفي برئيل
إن الاطراء الذي غمر به فلادمير بوتين وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي في الاسبوع الماضي، ومعاملته وكأنه الرئيس المصري القادم، بل استبدال بدلة مدنية باللباس العسكري، لم تُعف السيسي الى الآن من المهمة العسكرية الثقيلة وهي القيادة المباشرة لمحاربة الارهاب. إن العملية في الحافلة التي كانت متجهة من سانتا كاترينا الى حدود اسرائيل ليست تذكيرا بوجود الارهاب المتطرف في سيناء بل هي إظهار قوة يرمي الى تحدي المعركة الكثيفة التي يقوم بها الجيش المصري منذ اشهر طويلة موجهة على قواعد هذه المنظمات في سيناء.
إن سيناء كلها لا شمال سيناء فقط هي الجبهة التي ينجح الجيش في بعضها في اصابة الاهداف لكنه ما زال بعيدا عن المهمة التي عُرفت أنها ‘تطهير سيناء من الارهاب’. ففي شهر كانون الثاني تم تفجير انبوب الغاز اربع مرات، وفي الاسبوع الماضي أحبطت محاولة تفجير اخرى للانبوب، وتُنسب العمليات في قلب القاهرة في الشهر الماضي هي ايضا الى منظمات متطرفة، في حين ينشر الجيش في مقابل ذلك تفصيلات عن اعتقال مشتبه فيهم كثيرين لكن لا يوجد دليل الى الآن على أن المعتقلين لهم صلة بالعمليات.
إن قدرة منفذي العمليات على الوصول قريبا من الشارع الرئيس لتنفيذ عملية مزدوجة في منطقة تخضع لرقابة وثيقة من الجيش الذي أقام حواجز كثيرة على طول الطريق، لا تشهد فقط على الصعوبة العملياتية الضخمة لاحباط العمليات ، بل تشهد ايضا على تقصير استخباري. إن التعاون بين الجيش والقبائل البدوية في شمال سيناء وجنوبها زاد قوة في الاشهر الاخيرة في الحقيقة، لكن ما زالت توجد جيوب استعداد في قلب سيناء ولا سيما في المناطق الجبلية التي لا يستطيع البدو المساعدة فيها والتي يصعب على الجيش الوصول اليها برغم استعمال المروحيات. واذا كان الجيش يستطيع في منطقة رفح أن يخلي منطقة عمقها 500 متر لانشاء شريط أمني أو أن يهدم أكثر من ألف نفق تربط سيناء بغزة، واذا كان ما زال يفرض حظر تجول في منطقة العريش بين السادسة مساء والرابعة صباحا، فان جنوب سيناء أمر مختلف، فالمعركة هناك تفصيلية وهي توجب حركة على الأقدام كثيرة، واستعمال عشرات الكمائن وتوجب في الأساس وجود معلومات في الوقت المناسب. والجيش المصري في الحقيقة يتعلم سريعا في خلال القتال، لكن تعوزه التجربة كما تقول جهات غربية، والقدرة على خوض معارك عصابات، بقدر كبير.
إن التقدير في مصر هو أنه كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة ستقوى العمليات ومحاولات اصابة اهداف لاساءة سمعة السيسي بصفته قائدا عسكريا قد يأتي الدولة بالهدوء والاستقرار. ومن هنا تأتي ايضا الاهداف التي تختارها المنظمات الارهابية. إن تفجير انبوب الغاز كالعملية في الحافلة يرمي الى زعزعة الدعامتين الاقتصاديتين المصريتين وهما بيع الغاز والسياحة.
قبل بضعة ايام فصل وزير السياحة المصري، هشام الزعزوع، الجهود التي تبذلها مصر للدفع قدما بالسياحة التي أصيبت بضربة شديدة بعد ثورة كانون الثاني 2011. وتوسع مصر خطوط الطيران المباشر بين الاردن والكويت والسعودية الى مواقع الاستجمام في سيناء، بل ذكر أنه سجل في نهاية السنة الماضية ارتفاعاً بلغ 10 بالمئة على عدد السياح الذين جاءوا من الدول العربية الى مصر، ولا شك في أن العملية هي ضربة مزلزلة لفرع كان قد بدأ يعيد بناء نفسه من جديد ولا سيما أن القاهرة نفسها قد أصبحت هدفا غير آمن للسياح وتُعرض المواقع الاستجمامية في سيناء على أنها هدف مفضل.
إن النظام العسكري يربط في الحقيقة بين حركة الاخوان المسلمين التي تُعرف بأنها منظمة ارهاب وبين بعض العمليات في مصر. وفُسر وقت العملية حينما جيء بمحمد مرسي الى المحكمة للمداولة الثالثة في شأنه، بأنه جهد منسق بين الاخوان والمنظمات المتطرفة، لكن هذه العمليات حدثت في مصر في فترة حكم الاخوان المسلمين وقبلهم ايضا.
من السهل في الحقيقة من جهة سياسية أن تُنسب الى الاخوان المسلمين نوايا تنفيذ عمليات ارهابية، لكن هذه التهمة لا تُبعد الى الآن التهديد الحقيقي الذي مصدره منظمات ونشطاء يأتي عدد منهم من دول عربية اخرى مثل اليمن وليبيا والسودان، ويعمل عدد آخر بمقتضى برنامج عمل مستقل.
وفي مصر يتهمون حماس ايضا أو المنظمات الجهادية في غزة بمساعدة المنظمات في سيناء ودعمها وتدريبها، لكن يصعب على الاستخبارات المصرية هنا ايضا أن تشير الى صلة مباشرة بين حماس وهذه المنظمات هذا الى أنه تعمل في سيناء 12 منظمة على الأقل بعضها فروع للقاعدة وبعضها منظمات سلفية تعارض الاخوان المسلمين وحماس.
والمشكلة هي انه حتى لو ثبتت الصلة بين هذه العمليات والاخوان المسلمين أو حماس فان الوسائل والضغط الذي تستعمله مصر على هاتين الحركتين يوشك أن يُستنفد. فأكثر اعضاء قيادة الاخوان معتقلون، وانبوب اوكسجين حماس موجود أصلا في يد الجيش المصري دون أن يجدي ذلك في وقف العمليات.
المصدر:
- هآرتس
0 comments: