"يديعوت أحرونوت"، 21/2/2017
أودي ديكل - باحث في معهد دراسات الأمن القومي
•قبل مغادرة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مارس زعماء المستوطنين ومؤيّدوهم ضغطاً كبيراً عليه لتقديم جدول أعمال جديد يتضمن: إلغاء رؤيا الدولتين، والبدء بخطوات ضم المنطقة ج، وبناء كثيف في المستوطنات. وهم يأملون بهذه الطريقة القضاء على أي احتمال لتسوية مستقبلية مع الفلسطينيين.
•في المؤتمر الصحافي الذي عقده الزعيمان، تحدث ترامب عن الحاجة إلى "صفقة" تحظى بموافقة إسرائيل والفلسطينيين، ومن ناحيته لا يغير شيئاً إن كانت هذه الصفقة تستند إلى حل الدولتين أو دولة واحدة، فالمهم أن يوافق عليها الطرفان. كما طلب من رئيس الحكومة "تهدئة" حركة البناء في المستوطنات. واختار نتنياهو صيغته "السحرية": توسيع مفهوم الأمن، والحاجة إلى سيطرة أمنية إسرائيلية على جميع أنحاء المنطقة الواقعة إلى الغرب من نهر الأردن. ويغطي مفهوم الأمن أيضاً المشكلة الأساسية بالنسبة إليه، التهديد الإيراني، في حال لم تمنع الولايات المتحدة نظام آيات الله من الوصول إلى عتبة القنبلة النووية، ولم توقف النفوذ الإيراني السلبي المتزايد في الجوار القريب من إسرائيل.
•يمكننا التعرف إلى أربعة أهداف أساسية في سياسة ترامب في الشرق الأوسط: 1- التعهد بالقضاء على تنظيم داعش؛ 2- التشدد في مواجهة إيران؛ 3- بناء شبكة علاقات مع دول المنطقة على قاعدة الفائدة المشتركة (الكلفة /الفائدة)؛ 4- تحسين العلاقات مع إسرائيل.
•لقد حاول نتنياهو توجيه الاهتمام وجدول الأولويات الأميركي نحو صد إيران، من دون أن يكون على ترامب التخلي عن القضاء على داعش. وعلى افتراض أن نتنياهو نجح في إقناع الأميركيين بمركزية المشكلة الإيرانية، فما يزال هناك خلاف في الرأي بين القدس وواشنطن بشأن طبيعة المواجهة مع طهران. على سبيل المثال في الموضوع السوري، تشدد إسرائيل على أن منع وجود إيران وفروعها في سورية شرط في أي تسوية مستقبلية، والدليل على ذلك "الخطوط الحمراء" التي وضعتها في وجه وجود إيران وحزب الله في جنوب سورية. وليس من الواضح أبداً هل ستضمن الولايات المتحدة تلبية المطالب الإسرائيلية في هذا الموضوع أم لا. وهناك مؤشرات تدل على أن ترامب سيكلف روسيا بـ"الملف السوري".
•استندت شبكة العلاقات بين أميركا وإسرائيل لسنوات طويلة إلى أساسين: قيم مشتركة ومصلحة مشتركة. بالنسبة إلى القيم، على الرغم من مرور 50 عاماً من السيطرة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بقيت إسرائيل الدولة الوحيدة الديمقراطية والقوية والمستقرة في الشرق الأوسط، والتي تلتزم بالقيم الغربية. إن مؤيدي الضم الذين يهمهم بشتى الوسائل دفن كل خيار تسوية مع الفلسطينيين، يلحقون الضرر عملياً بقيم الديمقراطية (على سبيل المثال قانون التسوية) [شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية]، بينما يستمر تآكل دعم يهود الولايات المتحدة، ولا سيما في أوساط الجيل الشاب، ويتضاءل دعم الحزبين [الديمقراطي والجمهوري] لإسرائيل.
•اعتمد الأساس الاستراتيجي في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل حتى التسعينيات، اعتمد على الإطار الناظم للحرب الباردة وعلى كون إسرائيل رأس حربة في مواجهة نفوذ الاتحاد السوفياتي في الشرق الأوسط. أما في الحقبة الجديدة، فقد تضاءل رصيد إسرائيل وبرز عدم توازن واضح في العلاقات. وبينما تقدم الولايات المتحدة ضمانات سياسية وأمنية واقتصادية ضرورية لوجود إسرائيل، فإن هذه الأخيرة لا تقوم بالدور المطلوب منها في الصفقة، مثلاً في الموضوع الفلسطيني. وعلى الرغم من أن نتنياهو تحدث مستخدماً لغة ترامب عن "صفقة واسعة" إقليمية، فإن وجود إسرائيل غير مرغوب فيه في إطار أي ائتلاف إقليمي، حتى ذلك الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، لأنها لا تُعتبر شرعية في نظر الدول العربية، وأساساً في نظر الشارع العربي، ما لم يحدث تقدم في حل المشكلة الفلسطينية.
•إن سياسة الضم والبناء وتطبيق سياسة الخطوط الحمراء على إيران، يمكن أن يؤديا إلى تصعيد في الساحتين الشمالية والفلسطينية. واحتمال حدوث هذه المواجهة يتعارض مع حسابات ترامب المبنيّة على الربح والخسارة، ومع قيمة إسرائيل الاستراتيجية، التي ستتحول بالنسبة إليه من رصيد إلى عبء. وكل الدلائل تشير إلى أنه حينها لن يتردد في الوقوف ضدنا.
0 comments: