هآرتس"، 4/8/2017
تسفي برئيل - محلل سياسي
•هدية قيمة حضّرها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب لنظيره الإيراني حسن روحاني. ففي مناسبة تنصيب روحاني رئيساً بالأمس، أرسل ترامب وجبة جديدة من العقوبات تحت اسم "رد على نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار- 2017". والهدف من هذا القانون الأميركي إدخال المزيد من الأشخاص والمنظمات الإيرانية التي تعمل في صناعة الصواريخ إلى قائمة العقوبات، والعمل أيضاً ضد أي شركة أو شخص يساعد إيران على تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وعلى نشر الإرهاب.
•ويفرض القانون على الرئيس تقديم تقرير كل عامين عن الاستراتيجية التي تهدف إلى كبح "النشاطات غير المتناسبة والتقليدية لإيران، التي يمكن أن تمس بصورة مباشرة الولايات المتحدة وحلفاءها في الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية". وهذه صيغة مثيرة للاهتمام تمنح بصورة غير مباشرة أيضاً إسرائيل ودولاً عربية مثل السعودية مكانة دولة ذات شأن تستطيع تقديم حججها وشكوكها ضد نشاطات إيران.
•قانون العقوبات واسع وغامض بما فيه الكفاية بحيث يوفر ذرائع من النوع الذي يلزم الإدارة الأميركية إعادة النظر، وحتى خرق أو إلغاء الاتفاق النووي الذي وُقع قبل عامين. لكن من الأفضل مسح دموع الفرح عن وجوه معارضي هذا الاتفاق، فتحقيق وعود ترامب بإلغائه لأنه "أسوأ" اتفاق وُقع، هو هدف بعيد للغاية وربما مستحيل. فوفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة متابعة تطبيق الاتفاق النووي، فإن إيران لم تخرقه حتى الآن. ويقرّ بذلك الاتحاد الأوروبي. وحتى الولايات المتحدة تعترف بأنها ليس لديها أي حجة تتعلق بخرق تطبيق الاتفاق. والعكس هو الصحيح. فإيران هي التي تدّعي أن الاستمرار في تطبيق جزء من العقوبات الأميركية وفرض عقوبات جديدة خرق للاتفاق، لكنها على الرغم من ذلك، ستواصل احترام الاتفاق وستعمل أيضاً على إنقاذ نفسها من العزلة الدولية، كما صرّح الرئيس الإيراني هذا الأسبوع.
•ليست إيران فقط من لا يوفر الحجة الملائمة لإبطال الاتفاق، فالاتحاد الأوروبي لا ينوي الانضمام إلى اللعبة الاستراتيجية – الأميركية، ويعتبر الاتفاق الإنجاز السياسي الأكثر أهمية، والأداة الأكثر فاعلية، لمنع إيران من الحصول على قدرة عسكرية نووية. من هنا، فإن هذا الاتفاق يتسبب حالياً بخلاف سياسي عميق بين الكتلتين الغربيتين، الأوروبية والأميركية، ومنذ تنصيب ترامب يزداد هذا الخلاف ويتعمق ليس فقط بسبب الاتفاق النووي.
•يبدو أن ترامب نجح خلال نصف السنة الماضية ومنذ تنصيبه في دوس وتدمير ليس فقط شبكة العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، بل أيضاً التفاهمات الأساسية مع الاتحاد الأوروبي.
•إن دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، التي أوضح زعماؤها ورؤساء الأحزاب الحاكمة فيها، أنه حتى إذا قررت الولايات المتحدة التخلي عن الاتفاق النووي، فيجب على الاتحاد الأوروبي التمسك به (ما لم تخرقه إيران)، لأنها في الواقع هي المستفيد الأساسي منه. فقد جرى التوقيع على صفقات بمليارات الدولارات شملت شراء طائرات، وقطع غيار للسيارات، واتفاقات للاستثمار في البنى التحتية، وتطوير حقول الغاز، جزء منها دخل حيز التنفيذ. كما وُقع اتفاق كبير بـقيمة 4.8 مليارات دولار في تموز/يوليو بين إيران وكونسورتيوم فرنسي- صيني تتولى إدارته شركة النفط الفرنسية "توتال" لتطوير حقل النفط فارس الجنوبي. وهذا هو أول اتفاق نفطي أوروبي يوُقع مع إيران منذ توقيع الاتفاق النووي. وقد ارتفع التصدير الإيراني إلى أوروبا منذ توقيع الاتفاق بنسبة 300% ، وفي العام 2016 بلغت قيمته 5.5 مليارات دولار، والحبل على الجرار. وتخطط ألمانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية لاستثمار مليارات الدولارات في تطوير طاقة شمسية في إيران. وقد ازداد حجم التجارة بين إيران وألمانيا 26% في سنة 2016 ووصل إلى 2.6 مليار دولار، وتتطلع ألمانيا إلى زيادته بحيث يبلغ خمسة مليارات دولار في سنة 2018.
•لكن ليس فقط الفوائد الاقتصادية التي منحها الاتفاق النووي للدول الأوروبية هو ما يضع العصي في دواليب استراتيجية ترامب المعادية لإيران. فالاتحاد يفحص التصدعات في صفوفه بين مؤيدي ترامب وإسرائيل مثل هنغاريا وبولنده، والدول القوية. وهناك من يقترح منذ الآن إنشاء اتحاد يتكون من شريحتين من الدول، الضعيفة والقوية، تقوم الدول القوية فيه بقيادة السياسة الخارجية وتلزم الدول الضعيفة بهذه السياسة من أجل تشكيل موقف مشترك ضد الولايات المتحدة. وتتعامل هذه المقاربة بشك وحتى بنفور مع استراتيجية الحظر التي يحاول ترامب تطبيقها على إيران، حتى من دون أن يكلف نفسه التشاور مع نظرائه الأوروبيين.
0 comments: