Sunday, November 13, 2011

باريس تخطّط لاستفزاز "حزب الله"

الأحد 13 تشرين الثاني 2011، آخر تحديث 06:43 جوني منيّر - الديار

انتقلت الازمة السورية الى مرحلة جديدة شديدة الخطورة، وذلك مع اعلان جامعة الدول العربية عن سلة من العقوبات السياسية والاقتصادية.
والواضح منذ بداية التحرك العربي، انه وجد ليشكل مرحلة عبور الى مجلس الامن، وعلى اساس ان ترفض سوريا المبادرة العربية، والهدف انتزاع الغطاء العربي قبل الوصول الى نيويورك حيث تنتظر مجلس الامن معركة ديبلوماسية قوية مع كل من روسيا والصين.
والواضح ايضا ان العواصم الغربية قد رسمت خارطة طريقها سلفا لناحية العقوبات القوية التي تنوي فرضها على سوريا بعدما ثبتت استحالة اسقاط النظام من الداخل. ولذلك زاراكثر من مسؤول اميركي لبنان حيث ركزوا على نقطتين اساسيتين: مصرف لبنان وقيادة الجيش، او بمعنى اوضح عدم السماح للاقتصاد السوري بالتنفس، خلال الرئة اللبنانية، وارغام الجيش اللبناني على احتضان المنشقين السوريين وتأمين حرية حركتهم.
وبذلك يكون الجميع قد اتخذوا وضعية الهجوم، فيما تجري تهيئة الساحة اللبنانية لاحتضان جانب من الازمة، من خلال دفعها دفعاً للدخول في ازمات متفجرة.
ففي الشمال، لا يمكن ابدا ايجاد تفسير لاحتضان اللاجئين السوريين الا من خلال ايجاد بقعة امنية تؤدي الى تشجيع عمليات الفرار لا سيما على مستوى الجيش، وبالتالي انشاء مخيمات عسكرية في مرحلة لاحقة تشكل منطلقا لعمليات في الداخل السوري، على ان تكون هذه المخيمات نقاط التقاء بين المنشقين السوريين ومختلف التنظيمات الاسلامية التي تتطلب المعركة مشاركتها.
وفي هذا الاطار مثلا، يمكن تفسير عمليات «تهريب» الاسلاميين على دفعات من سجن رومية منذ بضعة اشهر. يومها تؤكد التقارير الامنية والتحقيقات التي اجريت بان ما حكي عن عمليات فرار انما كان في الحقيقة تسهيل هروب لهذه العناصر المتطرفة والخطيرة التي تنتمي الى فتح الاسلام وان هذا التهريب حصل بتشجيع من مسؤولين كبار، ونزولا عند تمنيات ديبلوماسيين غربيين.
يومها همس البعض في الكواليس ان هؤلاء المسجونين هم خبراء في القتال والعمليات الامنية وان امامهم مهمات امنية اساسية تنتظرهم في سوريا.
طبعاً فان بعض من شاركوا في زيادة الدعم بالامس الى وادي خالد، انما ذهبوا بخلفية سياسية ضيقة، وهي خلفية ساذجة لقاء ما هو المطلوب فعليا من انشاء هذه المخيمات.
اضافة الى ذلك، لا بد من طرح سؤال على الشخصيات المسيحية التي شاركت في هذا اللقاء، لماذا لم يجر التعامل بسلوك مماثل مع المسيحيين الذين هُجروا من العراق والذين ما يزالون مشردين في الازقة حيث لا يجدون لا مأوى ولا عملاً؟ الا يعتبر وضعهم انسانياً؟ ام ان الحقيقة تفرض القول بان في وادي خالد استثمارا سياسيا تريده العواصم الغربية فيما مسيحيو العراق هم ضحايا المشروع الغربي في المنطقة.
ولكن النقطة الاهم تبقى في لفت نظر هؤلاء، الى ان انشاء مخيم في عكار، سيضاعف من مشكلة اللاجئين على الاراضي اللبنانية حيث ان هاجس توطين الفلسطينيين ما يزال يهدد المستقبل، وان عرب وادي خالد جرى تجنيسهم مؤخرا في المرسوم الشهير الذي ضرب بالتوازن الطائفي الداخلي الى الابد.
فالتاريخ الحديث يؤكد ان ما من مخيم للاجئين جرت اقامته، ثم تمكن احد من ازالته.
اولم تبدأ القصة مع الفلسطينيين بالطريقة نفسها، ومع بعض الوجوه المشاركة اليوم؟
اولا يخشى مسيحيو 14 آذار ان تبقى هذه المخيمات الى الابد، تماما كما حصل مع الفلسطينيين وغيرهم من جنسيات عربية اخرى؟ اوليس ذلك هو احد دروس التاريخ الحديث؟
في المقابل تعمل الديبلوماسية الغربية على تشجيع هذه الخطوات، لأنها تصبّ في اطار مصالحها، ضمن صراعها مع سوريا وايران، لكن هذا الاطار لا يفضي بالتأكيد الى ضمان أمن ومستقبل المجموعات والشعوب في المنطقة، ولا سيما في لبنان.
وبدا أن الأوساط الديبلوماسية الغربية تشجع باتجاه فتح الأبواب امام المواجهات مع سوريا، وأمام احراج حزب الله في الداخل اللبناني لالهائه عن مساعدة النظام في سوريا.
وتشير المعلومات الى أن السياسة الغربية تقوم على استفزاز حزب الله لجرّه الى مواجهة جانبية، تماماً كما يحصل في موضوع المحكمة الدولية، لكن الأخطر ما يحصل في جنوب لبنان، حيث تتحدث التقارير الأمنية عن استفزازات تقوم بها القوات الفرنسية العاملة في جنوب لبنان في اطار قوات الطوارئ الدولية. فسُجّل خروج لدوريات فرنسية عن الاطار القانوني المتفق عليه في مسار دورياتها التي تتغلغل في زواريب سكنية ليست ضمن المهام الميدانية المنوطة بها. وقد تكررت هذه «الأخطاء» سبع مرات خلال الأسابيع الماضية، رغم معرفة القيادة الفرنسية ان هذا الامر يؤدي الى صدام مع الأهالي وهو ما حاصل اكثر من مرة خلال العام المنصرم.
وهو ما يدفع الى الاستنتاج ان الفرنسيين يسعون الى استفزاز حزب الله لجرّه الى مواجهة في هذا التوقيت بالذات.
وكل ذلك يطرح علامة استهفام حول الدور المرسوم للساحة اللبنانية مع دخول الأزمة السورية في مرحلة جديدة، واستطراداً، وهو السؤال الأهم: ما هو المطلوب أمنياً من هذه الساحة؟ وهل أن الاستقرار الأمني الداخلي اصبح في خطر؟

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: