الاستخبارات الإسرائيلية ترسم خارطة التهديدات الأمنية في المنطقة
د. عدنان أبو عامر
تعيش الدوائر الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية هواجس عديدة، ومخاوف مختلفة، حول التغيرات الدراماتيكية التي تحياها البيئة المحيطة بـ"إسرائيل"، مما يجعلها في حالة "تحديث" دائم لمعلوماتها، وتقدير لحظي لمواقفها، ترفعها لصناع القرار السياسي في تل أبيب.
بين أيدينا اليوم، آخر التقارير الأمنية التي أعدها جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، المعروف باسم "أمان"، وجاء على النحو التالي:
• الربيع العربي:
يؤكد جهاز "أمان" أن التهديدات التي ستواجهها "إسرائيل" ستأخذ منحى خطيراً على المدى القصير والمتوسط، عندما تستقر الأوضاع في المنطقة، وتتشكل منظومات سياسية جديدة ليس في الدول التي تعرضت للثورات فحسب، وإنما في دول أخرى كالسعودية والأردن.
1- الأوضاع المصرية: تقدر "إسرائيل" أنّ مصر لن تخرج من دوامة الاضطرابات الداخلية وحركة الاحتجاجات ضد المجلس العسكري الحاكم، مما سيضطره عاجلاً أم آجلاً أن يسلم مقاليد السلطة إلى حكومة مدنية، ما يعني أن الوضع الحالي في مصر، يشكل فرصة تعمل لصالح الكيان، لكن تقديرها أن هذه الفرصة ستتبدد في المدى القصير والمتوسط، وبأن المخاطر التي ستنطلق منها ستكون كبيرة، وعلى "إسرائيل" أن تستعد لمواجهة هذه المخاطر، وأي تهديدات تنطلق من الحدود الجنوبية.
وبالرغم من عدم خروج السياسة المصرية الخارجية في علاقاتها مع "إسرائيل" عن محددات سياسة نظام مبارك، وتصاعد المحادثات الأمريكية مع الإخوان المسلمين، إلا أنّها قد لا تسمح باستقرار الوضع فيها، وسيسعى لدفع دوامة الاضطرابات والاحتجاجات الداخلية واستمرارها أكبر مدة ممكنة، لتبقى مصر منشغلة بهمومها الداخلية، بعيداً عن قضاياها الخارجية وقضايا المنطقة.
2- الأحداث السورية: ترى "إسرائيل" أنّ الرئيس السوري نجح مرحلياً في تثبيت موقعه بفعل الدعم المعنوي والمادي من حلفائه في المنطقة إيران وحزب الله، حيث أثبت قدرته حتى الآن على احتواء مصادر التهديد الداخلية، واستطاع أن يصمد أمام عدة جبهات فتحت ضده من تركيا، شمال لبنان، الأردن والعراق.
بالمناسبة، تل أبيب تترقب مجريات الأحداث في دمشق بسبب المخاطر المترتبة على أي تغير دراماتيكي فيها سواء بسقوط النظام أو انتصاره، فسقوطه يعني بالضرورة صعود التيار الإسلامي كامتداد للنجاحات التي حققها في دول الربيع العربي، إضافة لإمكانية نقل وتهريب للترسانة العسكرية السورية للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، في حين أنّ انتصاره يعني دعماً لإيران وحزب الله، ويعطيها قوة دافعة.
3- الحراك الأردني: تقدر الاستخبارات الإسرائيلية أنّ الملك عبد الله نجح في احتواء تداعيات وتأثيرات الربيع العربي، ولكن بشكل مؤقت، فحركات الاحتجاج لا تزال مستمرة وناشطة وفاعلة، صحيح أنها لم تصل إلى مستوى تهديد النظام، لكنها ستشهد مزيدا من الجنوح والخطورة، علماً بأن "إسرائيل" تنظر للأردن على أنه حليف استراتيجي.
وتخشى تل أبيب تكرار السيناريو المصري مع الأردن، ما يعني خسارة حليف وكنز استراتيجي جديد، فسقوطه يشكل تهديداً استراتيجياً كبيراً لها، لأن الجبهة الأردنية هي الأطول حدوداً معه، واستطاع النظام الأردني الحفاظ عليها جبهة هادئة وآمنة طوال عقود ماضية، كما أنّ غالبية سكانه فلسطينيو الأصل، ما يشكل عبئاً مضاعفاً على الكيان، مما يفسر التخوف الكبير من الاحتجاجات داخل الأردن.
4- الملف النووي الإيراني: تقدر شعبة الاستخبارات بأنّ أمام إيران ثمانية أشهر حاسمة من عام 2012 حتى تتجاوز عتبة الدخول إلى نادي الدول المالكة للسلاح النووي، وهذا يستدعي مواجهة هذا الاحتمال قبل أن يترجم إلى سلاح نووي في يد إيران، محذرة من التعويل والاعتماد على الالتزامات اللفظية الأمريكية بمنعها من امتلاك السلاح النووي، لأنّ امتلاك إيران للسلاح النووي يعني استحالة استهدافها بأي إجراء عسكري، نظراً للآثار الخطيرة التي ستترتب على مثل العمل.
5- المصالحة الفلسطينية: يرى تقدير الموقف الاستخباري الإسرائيلي أن الحديث عن مستقبل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، يشوبه الغموض الشديد رغم المصالحة التي تم التوصل إليها بين حركتي فتح وحماس، والحديث عن إجراء الانتخابات لمؤسسات السلطة ومنظمة التحرير، زاعماً أنّ رئيس السلطة سيرتكب خطأ استراتيجياً إذا ذهب إلى آخر الشوط في المصالحة مع حماس التي تهيئ نفسها للسيطرة على الضفة لتحقيق وحدة السلطة في قطاع غزة والضفة الغربية، باعتبار ذلك امتداداً لما أنجزه الإخوان المسلمون في عدة دول عربية، وعلى الأخص مصر وتونس والمغرب.
فلسطين أون لاين، 18/3/2012
37. "إسرائيل": مليون وسبعمائة ألف إسرائيلى بدون ملاجىء إذا قامت "إسرائيل" بمهاجمة إيران
غزة (أ ش أ): حذر قيادات الجبهة الداخلية الإسرائيلية اليوم، من أنه فى حال قامت إسرائيل بمهاجمة إيران فإن أكثر من مليون وسبعمائة ألف إسرائيلى سيتركون بدون ملاجىء أو مخابىء لحمايتهم من خطر التعرض للإصابة بالغاز والقنابل.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فى تقرير أوردته على موقعها الإلكترونى عن المسئولين إشارتهم إلى أن أكثر من 40% من الإسرائيليين لن يستطيعوا الحصول على أقنعة واقية من الغاز كما لا توجد ملاذات آمنة كافية ببعض المدارس لحماية كافة الطلاب ، مشيرين إلى أن هذه الإحصاءات سترتفع بصورة كبيرة فى الأماكن الأكثر تعرضا للقصف عن غيرها.
وعلى حد تعبير الصحيفة ، وجد أن ما يقرب من 60% من مخابىء الحماية من القنابل فى إسرائيل غير ملائمة خلال الفحوصات الأخيرة التى أجراها مسئولو قيادة الجبهة الداخلية فى تل أبيب ، فضلا عن الحاجة إلى توفير مئات الملاجىء المتحركة فى جنوب إسرائيل ، وهو أمر يثير القلق باعتبار أن التصعيدات القائمة بين الجانبين قد تؤدى فى حال اندلاع الحرب إلى سقوط الكثير من الصواريخ على هذه المناطق وإلحاق أضرار بالغة بها.
اليوم السابع، مصر، 18/3/2012
38. التصعيد في غزة: دروس ميدانية وأخرى إقليمية
اليكس فيشمان
في يوم الاثنين، في ساعات المساء المتأخرة، رن الهاتف في مكتب اللواء احتياط عاموس جلعاد، في الطابق الرابع عشر في وزارة الدفاع. وكان الطلب في الجانب الثاني من الخط بسيطا وهو: أوقفوا اطلاق النار فعندنا اتفاق.
نشك في ان يكون ذلك الضابط المصري علم انه يوقف بهذه الجملة القصيرة كرة ثلج كانت قد بدأت تتدحرج. كانت تلك الدقيقة التسعين تقريبا. بعد ذلك كان يفترض ان تبدأ المرحلة الثانية من العملية العسكرية الاسرائيلية في القطاع، ولو أنها بدأت لكان من الممكن أننا ما نزال اليوم في أوج القتال. لم يتنفسوا الصعداء في غزة ومصر فقط في ليل يوم الاثنين بل عندنا ايضا.
في يوم الاحد، بعد يومين من نشوب القتال في القطاع، دخل المصريون عميقا في صورة التفاوض تمهيدا لاحراز هدنة. وفي ذلك المساء توجهوا الى اسرائيل وطلبوا ان توقف اطلاق النار من طرف واحد بضع ساعات كي تُمكّنهم من اجراء مع "حماس" في مقابل "الجهاد الاسلامي".
لم تكن حاجة الى الضغط. فمحمود الزهار الذي أرسلته قيادة "حماس" السياسية الى القاهرة، جعل المصريين يفهمون انه نجح في اقناع ناس "الجهاد الاسلامي" ان من الخير لهم ان يوقفوا اطلاق النار، لكنه قال انه يجب اعطاؤهم باليد انجازا ما ليستطيعوا ان يزعموا ان اسرائيل أوقفت النار أولا.
استجابت اسرائيل للطلب المصري وأوقفت اطلاق النار زمنا قصيرا. وكانت في تلك المرحلة قد جمعت من الانجازات ما يكفي واستطاعت ان تسمح لنفسها بهذا التفضل الصغير. فالى ذلك الوقت كان قد أُحصي 16 فلسطينيا مسلحا قتيلا منهم اثنان من قادة اللجان الشعبية وهما زهير القيسي، رئيس المنظمة الذي اغتيل يوم الاثنين، وضابط عملياته الذي اغتيل في الغد. ولم تكن في اسرائيل خسائر من الأرواح أو الممتلكات.
سادت قيادات "الجهاد الاسلامي" في تلك المرحلة حيرة. وبدأت في القيادة العليا للمنظمة، ولا سيما في الخارج، تُسمع عبارات يأس وخيبة أمل. وفي مقابلة ذلك لم يكف الايرانيون لحظة عن استعمال الضغط عليهم من اجل الاستمرار وعدم الهوادة. ووافق ناس الميدان ايضا على ملاءمتهم، فقد كانوا يبحثون عن انتقام وعن انجاز دموي يستطيعون التلويح به.
وعاودت اسرائيل الهجوم. فقد أمر رئيس الاركان اللواء تال روسو بتجديد نشاط "خلايا الهجوم" في فرقة غزة وقيادة الجنوب. والحديث عن خلايا تم انشاؤها في فترة يوآف غالنت بقصد تركيز أقصى قدر من المعلومات الاستخبارية مع أقصى قدر من قدرة النيران تحت سقف واحد، وهو ما يُمكّن من اغلاق دوائر النيران والقضاء على أهداف في أكبر سرعة تعرفها التقنية.
من سيكون الشرير
في يوم الاثنين في ساعات الصباح كان المصريون قد رفعوا أيديهم. وألغى المحامي اسحق مولخو الذي كان يفترض ان يأتي الى القاهرة مبعوثا من رئيس الحكومة لاتصالات الهدنة، ألغى السفر. وكان الشعور في اسرائيل بأن الاستخبارات العامة المصرية مع كل ارادتها الخيّرة غير قادرة على تقديم البضاعة. والحديث عن جنرالات يخضعون لوزير الاستخبارات اللواء معافي، يجري اللواء أمير ايشل ورئيس الشعبة السياسية الامنية جلعاد معهم حوارا جاريا منذ الايام التي سبقت ثورة التحرير.
برغم علاقات العمل القديمة لاحظوا في اسرائيل ان سلوك هؤلاء الاشخاص لم يكن كما كان من قبل. فعندهم الرغبة لكن قدرتهم على التأثير مختلفة. فهم يتصرفون بلطف سائرين بين قطرات المطر كي لا يُروا متعاونين مع اسرائيل. وهم يحذرون على الخصوص ألا يتعرضوا لنيران اعضاء مجلس الشعب الذين اتهموا في الجولة السابقة فريقا من المؤسسة الامنية المصرية بعدم الشعور الوطني.
خلال النهار أمر موقع القيادة العليا المتقدم شعبة العمليات باعداد سلسلة أهداف من المرحلة الثانية للهجوم من اجل الموافقة عليها، وفُتح الموقع المتقدم بعد وقت قصير من اغتيال القيسي. لا يميل بني غانتس بخلاف عدد من أسلافه الى تجاوز المراحل ويحرص على عمل مقر قيادة منظم. كان الاغتيال مخططا من قبل وكان رد اللجان الشعبية و"الجهاد الاسلامي" متوقعا من قبل، ونشرت بطاريات القبة الحديدية من قبل وكُتبت خطط العمليات من قبل.
كان وقت الاغتيال، وهو يوم الجمعة في الرابعة بعد الظهر، الفرصة العملياتية التي انتظروها. وكان المجهول الرئيس رد حماس. كان يمكن ان تنضم الى اطلاق النار في مرحلة ما أو تستعمل الضغط على الجهاد الاسلامي للتهدئة. بيد ان حماس لم تفعل لا هذا ولا ذاك. كانت مصلحة الحكومة الغزية ان توقف اطلاق النار لكنها هربت من المجابهة وجرت الى المصريين كي يكونوا الأشرار في هذه القصة.
يتبين ان العلاقات بين حكومة حماس والاستخبارات العامة المصرية تعززت جدا في السنة الاخيرة وتشتمل على اتفاقات تتعلق بالحياة اليومية في القطاع، فحكومة حماس مثلا تُعيد سيارات سُرقت من مصر وهُربت الى القطاع.
لم تحقق حماس اذا تقديرات الوضع الاسرائيلي، لكن كل ما عدا ذلك قد حدث واحدا بعد آخر بحسب الخطة. وحينما اجتمع رئيس شعبة العمليات ورئيس "أمان" ورئيس شعبة التخطيط وقائد سلاح الجو ورئيس الاركان ونائبه ورجالهم في مقر القيادة كان يجب فقط ضغط الزر لتبدأ الخطة تقدمها.
رفع الاستعداد الى "أمن جار معزز"، يعني استعدادا للقتال بقدر محدود في جبهة محددة. وكان الهدف الذي حُدد لروسو ان يمنع اطلاق الصواريخ ويحبطه، واشتُق من هنا ايضا شكل العمليات، فقد اختيرت أهداف على طول السلسلة التي تغذي اطلاق الصواريخ وتنفذه – من المستودعات الى الآبار التي توضع فيها القذائف الصاروخية ثم الى الخلايا التي تطلق الصواريخ. ومعنى ذلك أنهم لا يعالجون في هذه المرحلة جذور التهديد بل أعراضه فقط، وكان يفترض ان تكون المرحلة الثانية أكثر عمقا.
ومنذ يوم السبت الى يوم الثلاثاء تردى الجنرالات ذوو الصلة مع رجالهم بأردية المرحلة "ب". وفي مستوى الاستعداد هذا ايضا الذي ليس هو عاليا بصورة مميزة ويشتمل على استعمال قوة جزئية جدا، يعمل موقع القيادة الأعلى بحسب ساعة قتال تتبع هيئة القيادة العامة، تنسق ايقاع العمليات – من وزير الدفاع ورئيس الاركان الى آخر جندي. ويشمل ذلك مواعيد تقدير الوضع وتلقي توجيهات المستوى السياسي مرتين كل يوم على الأقل واصدار أوامر عسكرية في ساعات معينة. لكن هذا ليس نشاط حرب عامة بعد، لكن الآلية متشابهة. حتى ان الزيارات التي أجراها جنرالات لقيادة الجنوب والوحدات لم تكن باتفاق، وكل ذلك يظهر في الكتاب.
لم تخرج إسرائيل يوم الجمعة الماضي لمحاربة الجهاد الإسلامي. فقد عملت في الواقع باخماد النار وفعل الجيش ذلك بصورة متخصصة ومدهشة. ان خلايا الاطلاق ال 19 التي أُصيبت والقذائف الصاروخية ال 56 التي اعتُرضت دمرتها نظم نيران ذكية هي ذروة التقنية تكاد تكون كالرجال الآليين.
ان القبة الحديدية مثلا هي نظام آلي تلقائي بحيث يتعرف ويحسب ويطلق النار دون ان تمسه يد انسان. والمنتجة وهي رفائيل طُلب اليها ان تُمكّن البشر من التدخل فقط لمنع أعطال. ويصح هذا ايضا في الحديث عن نظم هجومية اخرى، فهناك ايضا يعطى العقل البشري امكانية التدخل لمنع قتل لا رقابة عليه.
خلال الاسبوع كان يفترض ان يعرض ناس العمليات والاستخبارات الأهداف الجديدة التي تعبر عن ارتفاع القتال درجة ليوافق عليها رئيس الأركان والوزير. ولم يكن الحديث فقط عن صد. كان يفترض ان تنشئ النيران وإيقاع التدمير في المرحلة الثانية ضغطا ثقيلا على السكان المدنيين في غزة ايضا.
وهنا تحدثت تقديرات الوضع عن احتمال ان حماس لن تستطع ان تقف جانبا. وكان التقدير ان يضاف الى عشرات الصواريخ التي سيطلقها الجهاد كل يوم قوة نار صواريخ حماس التي هي أكبر بأضعاف وأكثر دقة.
وكان افتراض الانطلاق ان مركز البلاد في هذه المرحلة قد يتعرض للضرب ايضا. وتحدثت الانذارات عن احتمال اطلاق صواريخ تبلغ الى ريشون لتسيون. لكن الهاتف الذي تلقاه جلعاد جنبنا هذا السيناريو. ويجوز لنا ان نذكر أنه في هذا السيناريو كان احراز الهدنة سيكون أكثر تعقيدا.
ان أحد دروس هذه الجولة القتالية هو ان نظام الوساطة قد ضعف، فالسلطة الفلسطينية باعتبارها قناة تحادث مع القطاع غير موجودة البتة. وقد حاول ناس أبو مازن في الحقيقة ان يعرضوا وساطتهم لكن لم يُبال بهم أحد لا اسرائيل ولا المصريون ولا حماس بيقين.
بيد ان الاستخبارات المصرية ايضا تفقد من قوتها وجلالتها اذا كان ما يزال لناسها أدوات ضغط غير مباشر: السيطرة على المعابر الحدودية واعتقال ناس الجهاد الذين اجتازوا الحدود وقطع العلاقة المباشرة مع الأحزاب الإسلامية المتطرفة. وفكر المصريون ايضا بالضغط على غزة لإغلاق أنابيب الوقود والكهرباء، لكنهم نكصوا عن ذلك. ان حماس على نحو عام لا تضغط على الجهاد الاسلامي برغم انه معارضة عقائدية تحرض عليها، أو كما تُعرّف ذلك الاستخبارات في اسرائيل بأنه لا يحسب لها حساب. وفي هذه المرة ايضا لم يُستعمل ضغط، بل حاولوا الاقناع وتحدثوا بعبارة "ليس من الخير لكم". ولم تتم المحادثات مع ناس الميدان فقط بل مع قيادة الجهاد الاسلامي في دمشق، فبين الجهتين نظام اتصال.
من المنطقي ان نفترض ان قرار وقف اطلاق النار جاء مباشرة من رمضان شلح، الامين العام الذي يمكث في دمشق والذي سيطرته على الجهاد في غزة مطلقة. وقد يكون هو ايضا الذي منع حتى الآن استعمال صواريخ فجر 5 لإصابة عمق اسرائيل.
ما الذي منحه المصريون للجهاد الإسلامي كي يكف عن اطلاق النار؟ يُقدرون في اسرائيل أنهم صاغوا صيغة تشمل التزام مصر بأن تقنع إسرائيل بوقف اعمال الاغتيال. لكن اسرائيل لم تلتزم بذلك بل أعلن باراك ان الشيء الوحيد الذي تعطيه اسرائيل هو تهدئة مقابل تهدئة.
رؤساء البلديات أولا
ان الدرس الثاني من أحداث هذا الاسبوع هو ان خشية ان يصعب على اسرائيل ان تعمل في القطاع في أعقاب الثورة في مصر، قد ظهر وهمها.
واجهت اسرائيل في شهر آب معضلة مشابهة، فقد كان انذار بعملية توشك ان تنفذها اللجان الشعبية في غزة من حدود سيناء. وكانت توصية باغتيال مركز في غزة موضوعة على الطاولة. لكنهم في الجيش الإسرائيلي وفي جهاز الأمن ترددوا خشية تأثيرات شديدة في علاقة إسرائيل مع مصر. ولم يترددوا هذه المرة.
والدرس الثالث هو ان الجولة التالية لن تكون مشابهة للحالية. ففي ايام القتال الاربعة لم يوجد أي عنصر فاجأ الجيش الإسرائيلي: لا مقدار إطلاق النار ولا القدرات ولا الأهداف ولا المدى. لكنهم بدأوا الآن في الطرف الثاني يستوعبون مقدار الفشل ويحاولون ان يتعلموا ماذا يفعلون فيما يلي.
من غير وجود مادة استخبارية واضحة ايضا، لا شك في ان الراعي الايراني الذي يرى الجهاد الاسلامي، مثل حزب الله، تابعا مباشرا له، يبحث عن نقاط الضعف في نظم الدفاع والهجوم للجيش الاسرائيلي. ولا شك ايضا في ان يحاول الجهاد في الجولة التالية تنفيذ عمليات ارهابية مع اطلاق القذائف الصاروخية مثل اطلاق صواريخ مضادة للدبابات على مركبات تسير قرب القطاع. ومن المنطقي ان نفترض ان يُجري تحسينات على عدد الرشقات وعدد القذائف الصاروخية التي تُطلق في المرة الواحدة. وسيحاول ان يواجه عدد بطاريات القبة الحديدية التي عند اسرائيل وان يجد المواقع غير المحمية كما حدث هذا الاسبوع حينما سقطت قذيفة صاروخية في نتيفوت. وسيحاول ان يُقصر المدة الزمنية من لحظة اعداد الإطلاق الى الإطلاق كي يهرب من اغلاق الجيش الإسرائيلي الدوائر بسرعة.
ويتعلق درس آخر بسلوك السكان. ان الجهاز الذي أُصيب بالشلل في اربعة ايام القتال كان في الأساس جهاز التربية في المدن الكبيرة. قطفت اسرائيل في الحقيقة ثمار انفاق ملياري شيكل على مشروع حماية "غلاف غزة" الذي يفترض ان ينتهي في الشهر القادم. فقد تم تحصين جميع بيوت السكان في مدى اربعة كيلومترات ونصف عن الحدود وجميع مؤسسات التربية في مدى سبعة كيلومترات.
يُحتاج الآن الى ميزانية 80 مليون شيكل اخرى لبناء مناطق محصنة لمدارس في مدى 7 – 15 كم مثل نتيفوت وعسقلان. ولم تتم الموافقة حتى الآن على طلب متان فلنائي، وزير الدفاع عن الجبهة الداخلية، تحصين المساكن في مدى 5.5 كم الواقعة في مدى قذائف الرجم الثقيلة التي وصلت الى القطاع، ويُحتاج من اجل ذلك الى 200 مليون شيكل اخرى.
نبع الشعور بالأمن الذي أظهره السكان في الواقعة الاخيرة ايضا من طريقة عمل مختلفة لجميع الجهات التي يفترض ان تقدم خدمات الى الجبهة الداخلية. وليس صدفة ان رؤساء البلديات قاموا في مقدمة الجبهة الاعلامية فهم بحسب التصور الذي طُور في قيادة الجبهة الداخلية، مسؤولون عما يجري في البلدة في حالة الطوارئ ايضا، فقد أصبح للسكان فجأة عنوان واحد. وغرف حرب رؤساء البلديات وقيادة الجبهة الداخلية وسلطة الطوارئ الوطنية تعمل معا. وليس هذا أمرا قليل الشأن بعد عروض الرعب لقيادة الجبهة الداخلية والسلطات المحلية في حرب لبنان الثانية.
كانت اربعة ايام قتال القبة الحديدية في الحقيقة التجربة العملياتية الحقيقية الاولى في العالم لنظام دفاع فعال في قتال مكثف. وقد أحرز النظام السبق العالمي في نيسان حقا بيد أنه آنذاك وفي الجولات التي تلت ذاك لم تصمد للامتحان بسعة كهذه. وعملت هذه المرة على التوازي ثلاث بطاريات في مواجهة أكثر من 300 اطلاق.
ان نجاح اعتراض الصواريخ يقف على نحو من 85 في المائة، ولولا التجربة الأخيرة لكان من الصعب الكشف عن الأعطال وتصليحها. ويزعم المختصون ان البطاريات ستصل سريعا جدا الى نجاح يزيد على 90 في المائة.
سيكون عند سلاح الجو الى نهاية 2013 سبع بطاريات. وهذا فوق الكافي للدفاع عن الجنوب، لكنه لن يكفي اذا استطاعت الصواريخ ان تصل من غزة الى هرتسليا، وفي هذه الحال يُحتاج الى نشر تسع بطاريات على الأقل. ومن الضروري ايضا ان يكون عدد صواريخ "تمير" التي تطلقها القبة الحديدية مضاعفا.
احتيج الى نصف سنة لصناعة البطارية الرابعة التي ستُسلم في نهاية الشهر. ومع ميزانية اخرى يمكن تقصير المدة وبناء بطاريتين على التوازي. ورفائيل قادرة على ان تضاعف ايضا وبجهد غير كبير (80 مليون شيكل) انتاج صواريخ "تمير".
الآن وبعد النجاح الذي لا يمكن الاعتراض عليه نشك في ان يوجد سياسي حتى وزير المالية يعارض تخصيص مال لانتاج القبة الحديدية.
بخلاف ما كان يبدو لم تصدر صيحات الابتهاج عن هيئة القيادة العامة في هذا الاسبوع. فلا شك عند أحد في أنه كان للحظ جزء مهم من النجاح وكان صاروخ واحد يصيب بيتا غير محصن أو سيارة مليئة بالركاب يغير الصورة من النقيض الى النقيض.
ستظل القذائف الصاروخية وقذائف الرجم تسقط برغم الهدنة. وقد تحدث اصابة شديدة برغم شعور الرضا، ومن الواضح للجميع ان الجولة التالية هي مسألة وقت فقط. قال أحد قادة خطة العمليات في نقاش داخلي: "ينبغي النظر في كل ما حدث بتواضع. صحيح ان الدفاع كان فعالا جدا، لكن سيكون لهذا تأثير في قوة الجولة التالية ومدتها. سيحاول العدو البحث عن نقطة الضعف".
بعبارة اخرى يجب ان ندرس ما كان في هذه الجولة، لكن لا يجوز لنا ان نستنتج منها كيف ستبدو الجولة التالية.
"يديعوت أحرونوت"، 16/3/2012
الأيام، رام الله، 17/3/2012
39. معادلة صاروخية جديدة
د. عبد الستار قاسم
فرضت المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل معادلة صاروخية جديدة تؤثر بشكل واضح على أي مخطط فلسطيني لتحقيق الردع أو الرعب المتبادل. استطاعت "إسرائيل" أن تسقط عددا لا بأس به من صواريخ المقاومة الفلسطينية، وقللت بذلك من حجم الخسائر التي كان يمكن أن تمنى بها.
كان من الواضح أن المقاومة الفلسطينية قد حققت تقدما في تقنية الصواريخ، واستطاعت أن ترفع من مستوى كفاءة الصاروخ ومن مداه بعض الشيء، وبدا الصاروخ الفلسطيني على شاشات التلفاز متوازنا وخاليا من المسار المتعدد الاعوجاجات. وهذا يشير إلى أن فصائل المقاومة الفلسطينية تبذل جهودا من أجل التطوير والتحسين على ما هو متوفر من أسلحة، وأنها استطاعت أن تأتي ببعض الأسلحة من الخارج، وأن ترفع من مستواها العلمي والتقني. كما أن المقاومة قد أظهرت بعض الأسلحة الجديدة ذات الكثافة النارية. لكننا لم نر صواريخ ذات تهديد استراتيجي لـ"إسرائيل"، وربما من الحكمة ألا تعرض المقاومة أيا منها إن وجدت وذلك لادخارها لأيام مواجهة أشد وأشمل.
استطاعت المقاومة أن تؤثر على الوضع الداخلي الإسرائيلي وذلك بدفع نحو مليون شخص إلى الملاجئ، لكن من المهم أن ندرك أن الملاجئ في "إسرائيل" عبارة عن جزء من استراتيجيتها في تخفيف المعاناة الشعبية التي تؤثر على المخطط العسكري والقادة الميدانيين. المعنى أن "إسرائيل" تدعو سكانها إلى النزول إلى الملاجئ بمجرد أن شعرت باحتمال إطلاق قذائف من الجانب العربي، وبالتالي لا نستطيع أن نأخذ هذا مؤشرا في التوازن الاستراتيجي.
المهم الآن هو أن القبة الحديدية الصاروخية الإسرائيلية تحقق نجاحا على حساب صواريخ المقاومة الفلسطينية، وبالتالي من الممكن أن تحقق نجاحا ضد صواريخ حزب الله وإيران، وأي صواريخ أخرى يمكن أن تنطلق نحوها. هذا تطور مهم جدا يجب على المعنيين في التخطيط العسكري والاستراتيجي أخذه بعين الاعتبار. أي من الضروري البحث في هذا التطور التقني الإسرائيلي-الأمريكي، والأسس العلمية التي يستند إليها من أجل الوصول إلى مواجهته. من المفروض الآن على كل الأطراف العربية والإسلامية المعنية بهذا التطور أن تبحث في وسائل إبطال مفعول القبة الحديدية مثل السيطرة عليها إليكترونيا أو تضليلها أو تطوير صواريخ مزدوجة، أو صواريخ لا تكتشفها مجسات القبة، الخ.
المركز الفلسطيني للإعلام، 17/3/2012
40. التجسس و"القبة الحديدية" تعصفان بالاقتصاد الصهيوني
المجد- خاص: يُعّد تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية هدف حياة أو موت بالنسبة للكيان الصهيوني، وذلك لكي تستخدم تلك الأموال الطائلة باختراع وشراء أي وسيلة للتجسس "الكترونية- جوية- ميدانية" لتساعدها في التعرف على ما يدور في فلسطين والدول العربية المجاورة.
وتُمّثل الميزانية المُخصّصة لدى الأمن في الكيان هاجسًا كبيرًا في الفترة الحالية كونها أصبحت تستخدم أرقامًا ضخمة من الأموال لكي تُحقّق الهدف المنشود لها وهو "حماية الأمن الصهيوني".
وتعصف ميزانية الأمن الصهيوني حاليًا باقتصاده، حيث يتحدث العديد من المسؤولين الصهاينة عن أنّ تلك الميزانية أخذت حيزًا أكثر من اللازم، وأنّه على الحكومة الصهيونية أن تهتم بالوضع الاجتماعي بدلًا من إستهلاك ميزانية كبيرة في الجانب الأمني.
وتزداد حدة ذلك الأمر مع استخدام "القبة الحديدية" التي أثبتت فشلها في صد صواريخ المقاومة الفلسطينية، حيث تبرز اتهامات عديدة للجيش الصهيوني والحكومة بأن حجم استخدامه للقبة الحديدية يدخل فيه حسابات الجدوى الاقتصادية.
الجهات الأمنية الصهيونية رفضت هذه الاتهامات وقالت: "الصناعات العسكرية الإسرائيلية تعمل باستمرار على إنتاج قذائف للقبة الحديدية، ولا يوجد أي نقص في المخزون، ونحن لا نتخذ خطوات من أجل التوفير لا بل ما يحدث هو عكس ذلك".
ومن المتوقع أن يعمل استمرار تصنيع إطلاق تلك القذائف باتجاه صواريخ المقاومة على بروز سياسة "التقشف الاقتصادي" الصهيوني.
وتبلغ التكلفة المالية لاستخدام كل صاروخ تطلقه القبة الحديدية ما بين 30 إلى 40 ألف دولار حسب مصادر صهيونية، وكل منظومة دفاع لكل مدينة تكلف الموازنة العسكرية حوالي 50 مليون شيكل.
وبين الجدوى الأمنية والتكلفة الاقتصادية للقبة الحديدية، لا زالت هذه الوسيلة الدفاعية تواجه مشاكل فنية أيضًا، فهناك حالات أطلقت فيها قذائف من القبة الحديدية سقطت على الأرض ولم تنفجر نتيجة خلل في أحد أجزاء القذيفة.
وفي المقابل نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، مؤخرًا عنواناً بالبنط العريض يقول: "بسبب خلل في القبة الحديدية لا مدارس غداً.
ويعتري موضوع القبة الحديدية جدل شديد من ناحية الجدوى الأمنية من جهة والتكلفة الاقتصادية من جهة أخرى خاصة في ظل الخلافات الحادة بين قيادة الجيش الصهيوني والحكومة حول نية الحكومة تقليص الموازنة لصالح قضايا اجتماعية.
ويرى مراقبون أنّه من المتوقع أن يُعطي الكيان الأولوية في الفترة القادمة للجوانب الاقتصادية خوفًا من تدهوره، فيما يؤكد آخرون أنّ الكيان الصهيوني يبني كل (دولته) وفق الجانب الأمني وأنّه سيدفع مزيدًا من الأموال كي يُحقق نجاحات أمنية واستقرار للبلاد.
وتبني أجهزة المخابرات الصهيونية خططها المستقبلية واستراتيجياتها التخريبية بناءًا على ما تجمعه من معلومات ونتائج تحليل لتلك المعلومات ومدى خدمتها للأهداف الصهيونية التي لا تتوقف عند حد بغض النظر عن الجوانب الاقتصادية والميزانيات المُخصصة لكل عمل وهدف.
المجد الامني، 18/3/2012
اليونفيل عديمة الجدوى في الحرب المقبلة
جيروزاليم بوست ـ باري روبين
" من الصواب فعلاً أن يعترينا القلق والتردد حيال الدخول إلى حرب مع إيران. فالحرب، كما تشير الأحداث الأخيرة في العراق وأفغانستان، خطيرة ودموية وغالباً ما تسبب فوضى عارمة بحيث تسوء الأمور، فيُقتل المدنيون عن طريق الخطأ، وتخسر الأفراد من طرفك وليس بالضرورة أن تكون الأهداف قد تحققت بعد ذلك. ولكن الحرب ضرورية أحياناً. وهذا الأمر كان واضحاً في أفغانستان عام 2001، ولكن في العراق في العام 2003 كان أقل وضوحاً. فما هي الأهداف؟ وكيف يتم تحقيقها؟ وبأي طريقة يوضع حد لحرب ما؟ وكيف يتم تحديد النصر؟ كل هذه الأسئلة تعتبر قضايا خطيرة وجدية.
وفي ما يتعلق بالحرب مع إيران، كل ما ورد أعلاه صحيح وواقعي بصورة خاصة. فإيران بلد كبير، ويبلغ عدد سكانه حوالي 80 مليون نسمة. والجزء الأكبر من السكان ـ أولئك المزودين بالسلاحـ متعصب عقائدياً. وفكرة أن عدة طائرات ستقوم برمي بعض القنابل، وتعود أدراجها، ومن ثم يتم الإعلان عن النصر هو أمر ينم عن السذاجة والغباء. وعلى الرغم من أن الحرب مع إيران قد تكون حتمية ولا مفر منها، إلا أن هذا ليس هو واقع الحال الآن. فعملية كهذه تطرح بعض المشاكل الخطيرة بالنسبة للولايات المتحدة.
وعلى الجانب الإيجابي، لن تقوم أي دولة عربية بأي حركة لتساعد إيران. والمعتدلون سيكونون سعداء بأن إسرائيل قصفت المنشآت الإيرانية النووية، ويأملون أن تنجح، وسيطالبون الولايات المتحدة أن تبقيهم خارج أي نوع من المعارك والقتال. وعليه، سيعتري الإسلاميون السُنة الأصوليون القلق حيال الآتي، وسينشرون نوعا ما من الدعاية، غير أنهم لن يصوروا النظام الإيراني على أنه شقيق بل غريم. أما النظام التركي سيكون متحمساً، ولكنه لن يبذل أدنى جهد، في حين أن النظام السوري، بالتحالف مع إيران، سيكون منشغلاً جداً بالحرب الأهلية ويخشى المواجهة مع إسرائيل.
حماس سعيدة بأخذ أموال إيران، ولكنها تعتبر الآن أحد أتباع مصر إلى حد كبير. ومن الممكن أنها تريد شن حرب خاصة بها ضد إسرائيل، ولكنها لا تريد المخاطرة بكل شيء للدفاع عن إيران. ولذلك، ستكون القوة المنظمة الخطيرة الوحيدة التي يمكن لإيران أن تعتمد عليها، هي حزب الله في لبنان. لذا من المرجح أن يطلق حزب الله الصواريخ على إسرائيل، ويشن بعض الهجمات عبر الحدود. ولكن السؤال هو ما إذا كان حزب الله سيشن حملة شاملة كما في العام 2006، أو انه سيلتزم فقط بمظاهرة سلمية تنادي بالولاء والوفاء لإيران؟ فهناك بعض القوات الإيرانية في لبنان التي يمكن لها أن تكون أكثر فعالية.
وبناءً على ذلك، ستكون قوة اليونيفيل المخصصة لمنع حزب الله من إقامة تعزيز عسكري له في الجنواليب ومهاجمة إسرائيل عديمة الجدوى. ومع ذلك، من الممكن أن تسفر العمليات الدفاعية عن قتل جنود اليونيفيل عرضاً. وفي النهاية، سينفذ أتباع الإيرانيون الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين واليهود في شتى أرجاء العالم. وقد يكون عدد الهجمات محدوداً. ولكن السؤال هو ما إذا كان أحدها أو بعضها سيؤدي إلى سقوط خسائر جسيمة؟
ورغم أن حزب الله إلى جانب الهجمات الإرهابية ليس بالثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل بغية إنهاء التهديد الإيراني النووي ـ إذا كان يمكن تحقيق ذلك بالفعل. لا تزال الصورة من الجانب الأميركي مقلقة ومعقدة أكثر بكثير. ولكن في غضون يومين، سيماثل الموقف الأميركي الموقف الإسرائيلي. فعلى الرغم من أن إيران ستكون البلد الوحيد وراء الهجمات، سيكون الإرهاب مشكلة بالنسبة لأميركا. وسيتعلق ما تبقى من القصة بالقرارات التي ستتخذها الحكومة الإيرانية وقادتها المحليون.
ظاهرياً، سيُشن الهجوم على إيران انطلاقاً من إسرائيل، وحتى لو أن الولايات المتحدة لم تؤتِ بأي خطوة علناً، خطاب أوباما الخاص بلجنة العمل السياسي الأميركي الإسرائيلي (AIPAC) كافٍ لربط أميركا بالعملية. وإيران لديها خيار إلى حد ما، حيث يمكنها أن تتخذ القرار بمحاولة تفادي المواجهة مع الولايات المتحدة. ولكن، على الرغم من أن قرار إيران قد يمضي بأي من الاتجاهين، من غير المحتمل أن تؤدي وجهة النظر العالمية لحكام ذلك البلد إلى تقييم هادئ وبارد على طول هذه الخطوط. فبالنسبة لهم، أميركا هي الشيطان الأكبر، والعدو للثورة الإسلامية والراعي لإسرائيل. لذا هل سيقول قادة إيران حقاً: نعم، لنكن "أذكياء" ونجعل المعركة مقتصرة على إسرائيل، مستغلين إحجام أميركا عن المشاركة في القتال كطريقة لإبقاء تلك القوة العظمى خارج الحرب؟
مجدداً، قد تكون تلك هي الطريقة التي يتوقعها الاستراتيجيون الغربيون البعيدين عن المشاركة الفعلية لتصرف إيران، ولكن من الصعب أن تصدق أن هذا ما سيحدث. وعلاوة على ذلك، لن يتخلى القادة المحليون لكل من الوحدات البحرية والعسكرية أو الخلايا الإرهابية، الواثقين بغباء ولا عقلانية بالنصر الإلهي، لن يتخلوا بسهولة عن فرصة شن حرب الجهاد المطلق. عندئذ، ستؤدي عدم قدرة إيران على ضرب إسرائيل إلى الإحباط، مما سيقود إلى شن الهجمات على الأميركيين.
وبما أن القوات الأميركية والمنشآت التابعة لها سهلة المنال أكثر من تلك الخاصة بإسرائيل. من الممكن أن تحصل الهجمات الإرهابية في لبنان والعراق والسعودية والدول الأصغر للخليج العربي ضد المواطنين والجنود الأميركيين والمؤسسات الأميركية. وقد تكون الجبهة الأكبر من كل الجبهات هي خليج فارس نفسه. لذا هل ستشن المراكب الإيرانية الصغيرة عمليات انتحارية لضرب ناقلات البترول أو أنها ستحاول إعاقة المرور؟
وكما حصل في المرحلة الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية في أواخر الثمانينات، من المحتمل أن تطلب دول الخليج العربي من الولايات المتحدة ودول أوروبا والناتو حماية ناقلات النفط الخاصة بهم. وعليه من الممكن أن تجر حرب الرماية أو القنص الولايات المتحدة إلى نزاع عسكري مع إيران. ولكن بصرف النظر عما يحصل على البر (البحر)، سيرتفع سعر النفط بشكل مفاجئ وسريع. وتؤثر هذه العوامل أيضاً على المصالح الإسرائيلية، بما أن ذلك البلد سيُلام لما تسبب به من ضرر ودمار. لذا ستزداد نسبة اللاساميه وسيزعم الكثير أن إسرائيل هي من زج بالولايات المتحدة في حرب غير ضرورية. فالوعود بتحقيق نصر سريع وسهل، وزوال أي تهديدٍ أو قدرةٍ نوويةٍ إيرانيةٍ، وحتى سقوط النظام الإيراني ستثبت أنها خاطئة وعديمة الجدوى، وستثير خلافاً مريراً وقاسياً.
إذاً، هناك مخاطر رئيسية ومشاكل إستراتيجية حقيقية في أي حملة تُشن لمهاجمة المنشآات النووية الإيرانية، التي تتطلب تفكيراً جدياً وامتناعاً عن التهور والمجازفة. فحربٌ مع إيران، في حال وقعت أصلاً، ينبغي أن تحصل عندما يتراءى أنها حتمية ولا سبيل لاجتنابها. وهذا الأمر بعيداً جداً عن واقع الحال هذا العام. ولكن ذلك اليوم آتٍ، لذا حري بالناس أن تستعد نفسياً لذلك".
محور الشر اسس عقيدة صاروخية جديدة
القناة الثانية الاسرائيلية
"قال الخبير الاسرائيلي عوزي روبين، وهو أحد كبار علماء الصواريخ في وزارة الدفاع الاسرائيلية، ورأس مشروع حوما لتطوير منظومة حيتس والقمر الاصطناعي اوفك:
أن السيناريو المنطقي والحقيقي كما ارى واتابع لدى الجانب الثاني، انهم يستثمرون بالصواريخ والقذائف الصاروخية، وبكميات كبيرة جدا، اي انهم انتقلوا ونقلوا عقيدتهم العسكرية التي تحولت إلى عالم آخر، أي الحرب بان تهاجم الجبهة الداخلية بالنيران عن بعد.
واضاف روبين، اتحدث عن انهم اذا قرروا الحرب، فان الفرق لن تكتسح الجولان، وما سيكون هو عدد ضخم من الصواريخ على الجبهة الداخلية، وقبل كل شيء على الأهداف العسكرية، لأن الصواريخ الآخذة دقّتها بالزيادة هي التي يستثمرون فيها تحديداً. اليوم، ترون تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين، هذه التكنولوجية تتسرّب، حتى السوريين لديهم امور كهذه، أخذوا صاروخ غير دقيق، قذيفة صاروخية، وحوّلوه إلى صاروخ بالستي، وهذا يحدث في سوريا، انها حالة مذهلة ببساطة.، اما في ايران، فهم يفعلون هذا منذ وقت طويل.
وقال روبين: هذه الاسلحة تسربت ايضا الى حزب الله، ووصل منها إلى غزة. بداية سيهاجموننا كما رأيتم، بالأمس هاجموا أهدافاً شمالي الخضيرة، الجميع يعلم ماذا يوجد هناك، سيهاجمون بداية أهداف عسكرية، بعد ذلك أهداف بنى تحتية وسيهاجمون مدنيين، وأعتقد بأن سلم الأولويات، أنت سمعت حزب الله، سمعت حسن نصر الله، الذي يحاول قول ذلك بشكل جميل جداً، إذا هاجمتم مطار عندنا سنهاجم مطار عندكم، تهاجمون محطات الكهرباء عندنا فسنهاجم محطات الكهرباء عندكم. واليوم لديه الوسائل للقيام بذلك".
41. "الخبر الجزائرية": أقمار اصطناعية إسرائيلية تراقب قواعد عسكرية جزائرية منذ 2006
محمد بن أحمد: حركت "إسرائيل" أحد أقمارها الاصطناعية المتخصصة في التجسس للعمل فوق تراب الجزائر، خلال سنة 2010، في تطور مهم لنشاط "إسرائيل" المتواصل في التجسس على الجيش الجزائري. حيث سربت المخابرات الإسرائيلية صوراً لقواعد صواريخ أرض جو قرب العاصمة الجزائر، بها صواريخ روسية الصنع. ونشر موقع الانترنت العسكري الشهير "ديفونس إيبدات" مجموعة من الصور التقطها قمر التجسس الإسرائيلي "إيروس بي" لمنشآت عسكرية في العاصمة الجزائرية وبومرداس والبليدة، وصوراً أخرى للقاعدة الجوية في أم البواقي. ونشر الموقع، المقرب من مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، صوراً دقيقة لموقع قاعدة عسكرية في أولاد فايت وقاعدة ثانية في الرغاية شرقي العاصمة. وكشفت الصور أن الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية عملت على تصوير المواقع العسكرية الجزائرية منذ سنة 2006 على الأقل، وتابعت التغيرات فيها. وأبدى المحرر العسكري لموقع "ديفونس إيبدات" إعجابه الشديد بمدى احترافية وحدات الدفاع الجوي الجزائرية التي نشرت صواريخ في محيط العاصمة الجزائر للدفاع عن المراكز الحكومية المهمة، مثل رئاسة
الجمهورية ووزارة الدفاع ورئاسة الأركان، كما أشار التقرير إلى التقدم الكبير الذي حصل في قوات الدفاع الجوي الجزائرية.
الخبر، الجزائر، 15/3/2012
42. مزاعم صهيونية: حماس تشكل وحدة سريّة متخصصّة بمقاومة الدروع
زعم ضباط كبار في الجيش الصهيوني أن حماس قد شكّلت وحدة سريّة خاصّة متخصصّة بمقاومة الدروع عبر تشغيل صواريخ مضادّة للدبابات، مدعيةً بأن هذه الوحدة ستُشكّل تهديداً مركزياً للمدرّعات الصهيونية التي ستتحمل العبء الأكبر في أي عملية عسكرية واسعة النطاق قد تستهدف قطاع غزة. وفي سياق متصل، زعمت أوساط عسكرية صهيونية أن الفصائل الفلسطينية في غزة قد حصلت في الفترة الأخيرة على أسلحة متطورة من مخازن للأسلحة في ليبيا وسيناء، بما فيها تشكيلة واسعة ومتنوعة من الصواريخ المضادة للدبابات، وقامت بإدخالها بكميات كبيرة عبر أنفاق التهريب في رفح، مدعيةً بأن الفصائل ستستخدم تلك الصواريخ في عمليات حفظ الأمن اليومية التي تُنفذها على حدود القطاع. وفي السياق ذاته، قررت قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش خلال الفترة الأخيرة، دمج الأجهزة التقنية
لمنظومات "دائرة صلبة" و"صولجان مُشع"، المتخصصتان بالكشف والإنذار المبكر والتشويش على مسار الصاروخ المضاد للدبابات بعد إطلاقه، وذلك كرّد على ازدياد تهديدات الصواريخ المضادة للدبابات في المنطقة.
موقع الجيش الصهيوني (ترجمة المركز)، العدد (2496)
مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، 20/3/2012
43. استطلاع: 50 % من الإسرائيليين يرفضون توجيه ضربة عسكرية لإيران
غزة (أ ش أ): أظهر استطلاع حديث للرأى أن 50 % من الإسرائيليين يعارضون قيام الجيش الإسرائيلى بمهاجمة المفاعلات النووية الإيرانية، حتى وإن فشلت السبل الدبلوماسية فى إيجاد مخرج للأزمة ، بينما أيد 43 % منهم هذا الهجوم.
وأظهرت نتائج الاستطلاع الذى أجرى بواسطة الكنيست الإسرائيلى - وبثتها صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية على موقعها الإلكترونى اليوم، الأربعاء، أن 62 % من الأمريكيين سيدعمون الهجوم الإسرائيلى على إيران إذا ما ثبت بالأدلة سعيها لامتلاك السلاح النووى.
وأفادت بأن 56 % من الأفراد الذين أجرى عليهم الاستطلاع يؤيدون التحرك الأمريكى العسكرى ضد طهران، حتى وإن تسبب هذا الهجوم فى ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته، بينما عارض 39 % منهم هذا التحرك.
وأشارت النتائج إلى اعتقاد 78 % من الإسرائيليين بأن الهجوم العسكرى على إيران سيؤخر من قدرتها على امتلاك السلاح النووى لعدة سنوات، بينما يعتقد 16 % منهم بأن الهجوم سيقضى تماما على القدرات النووية الإيرانية.
اليوم السابع، مصر، 14/3/2012
44. الخارجية الماليزية تجدد رفضها إقامة أي علاقة دبلوماسية مع "إسرائيل"
كوالالمبور - محمود العدم: رفضت الحكومة الماليزية مجدداً إقامة أي علاقة دبلوماسية مع "إسرائيل"، وقالت على لسان وزير خارجيتها حنيفة أمان إن هذا النهج "واضح ولم يتغير قط"، وجاء ذلك بعد الكشف عن رسائل بعث بها رئيس الوزراء السابق محاضر محمد لزعماء "إسرائيل"، في التسعينيات من القرن الماضي بشأن الملف الفلسطيني. وأكد أمان، في رده على أسئلة نواب البرلمان بشأن رسائل محاضر محمد، على موقف ماليزيا الحازم ضد الانتهاكات غير القانونية، والممارسات الوحشية من جانب السلطات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
واستنكر العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، كما أدان الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية المتمثلة في التوسع الاستيطاني وانتهاك المستوطنين حرمة المقدسات الإسلامية في القدس وغيرها.
وأشار إلى دعم ماليزيا للشعب الفلسطيني من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقديم المساعدات لإعادة تنمية قطاع غزة والضفة الغربية. وأوضح أن استعداد ماليزيا للنظر في إقامة علاقة مع "إسرائيل" يتوقف على تنفيذها لجميع القرارات الدولية الصادرة عن هيئة الأمم ومجلس الأمن، بما في ذلك حصول دولة فلسطين وعاصمتها القدس على عضوية كاملة بالمنظمة الدولية.
وأوضح وزير الخارجية أن رسائل محاضر الثلاث أرسلت لرؤساء الحكومات الإسرائيلية خلال الفترة من 1993 وحتى 1998، وقال إن رسائل محاضر محمد اشتملت على مطالبة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة باحترام الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين، بما فيها اتفاق أوسلو.
موقع الجزيرة.نت، 15/3/2012
***تقديرات استخبارية صهيونية: إيران تدعم الجهاد على حساب حماس لافتراق الجانبين
ترجمة مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية: اتهمت محافل سياسية كبيرة في تل أبيب ايران بمساعدة حركة "الجهاد الاسلامي" في قطاع غزة على إقامة بنى تحتية عسكرية، وممارسة الضغوط عليها بغية مواصلة إطلاق الصواريخ، وأنها توقفت عن دعم حركة حماس ماليا بسبب خلافات ايديولوجية في الرأي، خاصة بسبب المواقف المنتقدة لبشار الاسد، زاعمة أن خبراء عسكريين ايرانيين يتواجدون في قطاع غزة، يساعدون المنظمات الفلسطينية على إقامة شبكة مسلحة في سيناء.
وأضافت: الجولة التصعيدية الاخيرة في قطاع غزة جرت بين "اسرائيل" والجهاد دون تدخل حماس, بل إن الأخيرة حاولت لجم نشاط الجهاد تفاديا لإقحامها في مواجهة مع الأولى، دون أن تنجح، فقد تحولت الجهاد لتنظيم قوي وذي خبرة قتالية لا يتنصل عن الدخول في مجابهة "إسرائيل" حتى في حال اتخاذ حماس موقف المتفرج، دون تدخلها بشكل فعال في المجهود القتالي، وهو ما ساهم بتعزيز مكانتها بشكل ملحوظ، وزادت من اعتبارها لدى الإيرانيين مرجحة تزايد مساعداتهم الممنوحة لها بشكل متواصل، مما سيعزز مكانتها أكثر فأكثر على حساب حماس.
وزعمت أن امتلاك الجهاد لقدرات قتالية استراتيجية ذات شأن قد تضاهي ما تمتلكه حماس، يدفعها لأن تنافس الأخيرة على كسب تأييد سكان القطاع، بعد أن بات قادرة على خوض مواجهة مسلحة أخرى، إما عن طريق استمرارها لمدة طويلة في اطلاق الصواريخ، او استخدامها لأنواع اسلحة تعتبر خارقة لموازين القوى، مما قد يجر قطاع غزة الى حرب شاملة مع إسرائيل.
صواريخ "فجر وسام"
وفي هذا السياق، نقلت محافل عسكرية صهيونية عن أوساط مطلعة أن "سرايا القدس" الجناح العسكري "للجهاد الاسلامي" باتت في حكم المؤكد تمتلك صواريخ من طرازي "فجر3 و5" يبلغ مداها 60-110 كم، وصواريخ "سام7"، أطلقت باتجاه مروحيات سلاح الجو العام الماضي. من جهته، قال القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش "يوآف غالانت" إن الحكومة سترد بشكل مختلف تماماً لو استهدف الفلسطينييون مدينة تل أبيب، ولن يشبه الرد على سقوط الصواريخ على "سديروت"، بزعم أن أصوات المستوطنين في المستوطنات المحاذية للقطاع تبلغ ألفي صوت في الانتخابات، أما في تل أبيب فهناك مليون صوت.
الهجوم وليس الدفاع
من جهته، قال الخبير العسكري "يسرائيل هرئيل" إن هيئة الأركان في الجيش تقدر جيداً أنه لابد من عمليات برية فقط للسيطرة على صواريخ غزة، وإلا فإن الأخيرة ستستنزف "إسرائيل" في الأمد البعيد، لأن تقنية الصواريخ الدفاعية مهما تكن مدهشة، تظل دفاعية، وسيتخلص مستوطنو الجنوب من خلال الهجوم وليس الدفاع، وبعملية اغتيال مبكرة لا باعتراض متأخر، وبجرأة الساسة والقادة والجنود، وليس بالهتاف لدقة إصابة صواريخ القبة الحديدية.
من جانبه، قال مقدم البرامج السياسية الشهير "عوفر شيلح" إن ميزان الردع الذي تحاول المنظمات الفلسطينية خلقه حيال "إسرائيل" من خلال التسلح بوسائل اطلاق نار بكميات هائلة، لن يردعها من العمل، حتى عندما يكون واضحا بان ثمن العمل سيكون أياما من تبادل اطلاق النار، وحتى عندما يكون واضحا بان أحدا في القيادة لا يفكر بجدية بقيادة خطوة هجومية واسعة. وأضاف: المواجهة الأخيرة في غزة رسالة هامة للمنظمات في غزة بان "إسرائيل" لن توافق على "قواعد لعب" من النوع الذي جرى لسنوات في لبنان حيال حزب الله، وهي تتعاظم بسبب نجاح منظومة قبة حديدية في اعتراض كميات كبيرة من الصواريخ والسلوك الراشد والمسئول للجبهة الداخلية بشكل عام.
الردع المفقود
وأضاف: ومع ذلك، فإن مفهوم الردع الصهيوني يقوم على أساس الاعتقاد في أننا فقط اذا ضربنا الفلسطينيين بما فيه الكفاية من القوة، فسيتعلمون ألا يتحرشون بنا، وعلى المستوى العملياتي الهجومي، ربما تبرز صعوبة أمام الجيش متمثلة في أنه يوجّه قوته الهائلة في كل مرة ضد عدو صغير، وصغره بالذات وضعفه يجعلانه غير قابل للهزيمة، وعصي على الردع، بينما منظمة الامس "حماس"، تصبح شريك الغد، ان لم يكن لتسوية كاملة، فلتفاهمات تسمح بوقف الجولة الحالية.
محافل عسكرية صهيونية ذكرت أن السنوات الثلاثة الماضية منذ حملة رصاص مصبوب، يجري في غزة سباق تسلح غير مسبوق، وتتدفق الى القطاع جملة من الوسائل القتالية والخبراء الذين يعملون على رفع مستوى القدرة العسكرية لعموم المنظمات، ورغم نشاط إسرائيل في البحرين الاحمر والمتوسط، فان طوفان التهريب للقطاع لم يتوقف، بل تعاظم؛ وانهيار الحكم المركزي في القاهرة سمح بنقل مسار التهريب من 500 نفق محفورة تحت محور صلاح الدين الى ما فوق الارض.
المخابرات الصهيونية والجيش يتابعون بقلق هذا التعاظم، الذي يتراكم سرا طوال السنة، ويرمي لردع "اسرائيل"، ووضع ميزان رعب امامها في الشكل الذي يوجد مع حزب الله في الشمال، هذا كله دفع برئيس الاركان ورئيس الشاباك بتشجيع من قائد المنطقة الجنوبية، ورئيس المجال الجنوبي في المخابرات، بوجوب الضرب، كجزء من الحملة، بالأشخاص وبالوسائل، حتى بثمن عدة ايام اخرى من القتال النازف.
معركة كبيرة وقصيرة
ومع ذلك، فإن قيادة المنطقة الجنوبية تحذر من أن الوضع حول قطاع غزة قابل للانفجار، وان التصعيد قريب، لأن من يعرف صورة الاستخبارات عن نشاط المنظمات في سيناء وغزة، يفهم بان العملية التالية باتت على الطريق، والحكم المصري الذي كان ناجعا في التهدئة، غير قادر على منع طوفان العمليات في سيناء، ويفهم بان الحدث التالي من شأنه أن يشعل نارا كبيرة، قصدها "بيني غانتس" عندما توقع مواجهة واسعة في الجنوب في 2012. في هذا المنظور، فان أحداث الأيام الاخيرة كانت تجربة للأدوات فقط، بل ليست مقدمة حقا، لما سيحصل عندما سيكون في الجنوب تصعيد حقيقي، قد يبدأ هذا في سيناء أو غزة أو لبنان، ومثل هذه المعركة، التي فحص الجيش استعداده لها في جملة من المناورات، ستضع كل مواطني الدولة في خط النار، والتحدي الامني الذي ستفرضه سيكون كبيرا، ربما غير مسبوق، على خلفية الحاجة للقتال في نفس الوقت في لبنان وغزة، وربما في سوريا، والتخوف على مصير اتفاقات السلام مع مصر ومع الاردن.
وخلصت المحافل إلى القول: هذه المعركة الكبيرة، ستكون قصيرة وعنيفة، وستكلف ثمنا دمويا في الجانبين، لكن البلاد ستهدأ لزمن طويل، ما يعني أنه في هذه الاثناء "الهدوء مؤقت وقابل للاشتعال"، كم من الوقت سيستمر، هذا منوط بحكمة الطرفين، وبكثير من الحظ.
مجلة "بمحانيه" العسكرية + موقع قضايا مركزية
الترجمات العبرية 2495، مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية، 19/3/2012
**ايران انتصرت في إدلب ..وغزة
موقع تيك دبكا
" بقبولهما بالشروط المصريّة وتلك الخاصة بحماس لإعلان حالة وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، وصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير (الحرب) إيهود باراك، إلى حالة من عدم الحسم في المعارك العسكريّة التي واجهها الجيش في السنوات الست الماضيّة، حرب لبنان في العام 2006، عملية الرصاص المسكوب في العام 2008، وإلى عدم حسم رقم 2 في السنتين الماضيتين في قطاع غزّة.
كما جولة قصف مليون مواطن إسرائيلي، ومدن الجنوب المركزيّة بئر السبع، أشدود، وعسقلان، ومدن محيط سهل جدرا، كريات ملاخي، وغان يفنه، في الأسبوع الأخير من شهر آذار من العام 2010 عشيّة عيد الفصح، وكذلك الجولة الحالية، في الأسبوع الثاني من شهر نيسان العام 2012، انتهى خبر التفاهمات الصامتة، بين إسرائيل، مصر وحماس، دون أن يضرب الجيش القوّات العسكرية التي قصفت إسرائيل، هذه المرّة، بما يزيد عن 200 صاروخ.
لكن في حين أنّ حماس شاركت في الحرب، في السنة الماضية، لم تشارك فيها هذه المرّة، وبذلك أجبرت إسرائيل على التسليم بها كقوّة سياسيّة فلسطينية مركزيّة تقوم بوساطة بين إسرائيل والجيش، وبين الجهاد الإسلامي.
وفقط من خلال موافقتهما على هذا الوضع، يمكن رؤية إلى أيّ مدى كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير (الحرب) إيهود باراك مستعدين للذهاب، في قرارهما الحاسم بعدم توريط الجيش في عملية عسكرية في قطاع غزّة.
وتشير المصادر العسكرية والاستخباراتية لـ"تيك دبكا" إلى أنّ الموضوع يتعلّق بحرب خاطفة استمرّت أربعة أيام فقط، (من الجمعة حتى الإثنين)، أثبتت فيها القيادة الإسرائيلية مرونة ودهاء كبيرين في اتخاذ القرارات السياسية، وفي استخدام سريع لوسائل الدعاية التي عرضت المعركة العسكرية بشكل يناسبها.
ومن يوم الجمعة 9/03 ليلا، عندما أخذ الجهاد الإسلامي على عاتقه، بمفاجأة كاملة لقيادة الجيش، مهمّة الانتقام لأجل منظمة اللجان الشعبية على اغتيال أمين عام المنظمة زهير القيسي، وأحمد الحنّي، تبيّن لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حجم الخطأ الذي ارتكبه عندما أوعز شخصيا من الولايات المتحدة بتصفيتهما. لا نتنياهو، لا باراك، ولا قيادة الجيش، قدّروا أنّ الجهاد سيأخذ على عاتقه هكذا مهمّة.
رئيس هيئة الأركان الجنرال بني غانتس، حاول يوم الثلاثاء في 13/03، الدفاع عن هذا القرار عندما قال في قاعدة الإستيعاب والتدريب، إنّ إغتيال القيسي هدف إلى منع عملية سيكون لها تداعيات استراتيجية. هو لم يُفصّل. لكنّ مصادرنا في محاربة الإرهاب تشير إلى أنّ تهديدا وإنذارا استراتيجيا كهذا قائمين منذ ثمانية أشهر، منذ نهاية آب العام 2011.
الجهاد ولجنان المعارضة الشعبيّة أدخلوا من حينها خلايا مخربين إلى سيناء فرضوا عليها بتنفيذ العمليّة. باستثناء إغلاق الطرف الجنوبي لإسرائيل أمام حركة المدنيين لمدّة طويلة جدا، فإنّ إحدى النتائج الإضافية الخطيرة لهذا الوضع الأمني، كان أنّ اضطّر الجيش إلى النزول وتعزيز بشكل دائم، على مدى الأشهر الثمانية الماضية، لواء حربي كامل على طول الحدود الإسرائيلية المصريّة، بهدف منع هذه العملية.
هل تغيّر شيء ما بعد اغتيال القيسي والحنّي؟ الجواب هو لا!
وتشهد على ذلك أقوال وزير (الحرب) إيهود باراك ورئيس هيئة الأركان الجنرال بني غانتس، اللذين قالا هذا الأسبوع، إنّ الإنذار إزاء العملية ما زال قائما، والتهديد المُتأتي عنه لم يرفع بعد. إسرائيل أيضا لم تشترط في وقف النار، أن يتعهّد الجهاد الإسلامي بعدم تنفيذ العملية.
بعبارات أخرى، حتى وإن توقف قصف الصواريخ على المدن المركزيّة في جنوب إسرائيل، وعاد الهدوء والطمأنينة للشوارع عشيّة عيديّ الفصح والإستقلال، فالمسألة تتعلّق بهدوء مشروط، مرتبط بقرار الجهاد الإسلامي حول موعد تنفيذ، أو عدم تنفيذ، هذه العملية الاستراتيجية. وفي لحظة تنفيذ العملية، ستتجدّد النيران. ولإخفاء هذه الأوضاع عن الرأي العام، طُرحت في المعركة منظومة الاعتراض "القبّة الحديدية". فجأة أزيلت كلّ القيود الماليّة التي كانت قائمة إلى الآن حول تشغيل المنظومة، (كل صاروخ اعتراض يُطلق يُكلّف ما يزيد عن 80000 دولار)، وهكذا جرى أنّ صليات عشرات صواريخ الغراد اصطدمت بصليات لعشرات صواريخ "القبة الحديدية""، في حين أنّ أولية المستوى السياسي واضحة، الدفاع عن المدن الكبرى. وعدم الدفاع عن المدن والمستعمرات الصغرى.
الآن ليس فقط نتنياهو من أزال الحواجز المالية لبناء وتنصيب 13 بطّارية صواريخ "القبّة الحديدية" حول حدود إسرائيل، إنّما من وطّد عقيدة عدم الحرب الخاصّة به، التي حافظ عليها بتعصّب خلال سنوات سلطته الأربع تقريبا.
المصادر العسكرية لـ"تيك دبكا" تشير، إلى أنّ الإستراتيجيون الإيرانيّون في طهران يراقبون الوضع كلّه بعدسة مكبرّة. والاستنتاج الوحيد الذي يستخلصونه من أحداث هذا الأسبوع في إسرائيل، في قطاع غزّة وفي سوريا هو: أنّه وكما أنّ الولايات المتحدة امتنعت عن التورّط في سوريا، وسمحت لبشّار الأسد وجيوشه، بالسيطرة يوم الثلاثاء على الحصن العسكري الأخير للمتمردين السوريين في إدلب وتدميره، امتنعت إسرائيل والجيش عن التورّط في قطاع غزّة وحسم المعركة تجاه الجهاد وتحطيمه. في إدلب كما في غزّة خرجت إيران منتصرة"
45. نتنياهو: "ايران تقف وراء موجة التصعيد الاخيرة في قطاع غزة"
رام الله - محمد هواش: ربط رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست ما يحدث في غزة بالتوترات بين الدولة العبرية وايران في شأن برنامجها النووي، وقال ان" ايران تقف وراء موجة التصعيد الاخيرة في قطاع غزة". واتهم المعارضة الاسرائيلية التي دعمت انسحاب المستوطنين الاسرائيليين والجيش من غزة عام 2005 باعطاء ايران الفرصة للاستيلاء على هذا القطاع، قائلا: "ادخلوا ايران الى غزة ونحن سنخرجها منها". واضاف ان "ما يحدث في غزة هو من ايران. من اين تاتي الصواريخ؟ من ايران. من اين تأتي الاموال؟ من ايران. من يدرب الارهابيين؟ ايران. من يبني البنى التحتية؟ ايران. وفي بعض الاحيان من يعطي الاوامر؟ ايران. غزة تعتبر الخط الاول بالنسبة الى ايران". وتوعد بان "قاعدة الارهاب الايرانية في غزة ستقتلع عاجلا ام آجلا".
النهار، بيروت، 15/3/2012
46. مسؤول إسرائيلي يتهم إيران بالضغط على الجهاد للاستمرار في إطلاق الصواريخ من غزة
اتهم مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إيران 'بالضغط' على حركة الجهاد الإسلامي وغيرها من جماعات المقاومة الشعبية الفلسطينية للاستمرار في إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل رغم التهدئة بين الجانبين.
وأضاف المسؤول أن هناك خبراء عسكريين إيرانيين في قطاع غزة وسيناء وأن الإيرانيين يدخلون هذه المناطق عبر السودان ومصر وأن بعض أنظمة إطلاق الصواريخ في غزة يتم تصنيعها بإشراف إيراني.
وأكد المسؤول، الذي لم تذكر الصحيفة اسمه،أن حركة الجهاد الإسلامي مستمرة في إطلاق الصواريخ على إسرائيل بعد إعلان الهدنة الأخيرة بضغط من إيران على الحركة وغيرها من فصائل المقاومة الشعبية.
القدس العربي، لندن، 20/3/2012
مرة أخرى ... حماس تحت المجهر-عريب الرنتاوي
احتلت حركة حماس مساحة واسعة من اهتمامات الباحثين والمعلقين والصحفيين، خلال الأشهر القليلة الفائتة.
وانصب تركيز هؤلاء وبحثهم، حول خلافات الحركة الداخلية، وما يشهده هذا الفصيل الرئيس من تبدلات وتحوّلات...وكيف سينعكس كل هذا وذاك على دور الحركة ومستقبلها.
إلى أن جاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، ليقفز الاهتمام بالحركة إلى صدارة أولويات مراكز البحث والتفكير والمحللين والمراقبين، فلسطينيين وإسرائيلين على نحو خاص، وعرباً وعجماً و”فرنجة” بصفة عامة...وقد وضِعت الحركة في “ميزان الربح والخسارة”، ومالت معظم التعليقات للقول إن الحركة أخذت تحاكي الحركة الأم: “فتح” في سيرتها ومسارها، وأنها تواجه منافسة قوية تذهب لصالح شقيقتها التوأم: “حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين”، وأن حصاد الحركة، جاء خسارة صافية في أحداث غزة الأخيرة.
والحقيقة أنه لم يعد خافياً على أحد، أن حماس واجهت وضعاً استثنائياً شديد الدقة والصعوبة خلال السنوات الخمس أو الست الفائتة...كان له أثر حاسم بإطلاق سلسلة من الحوارات والتحوّلات الداخلية العمقية في صفوف الحركة، والتي لم تنته مفاعيلها بعد، والمؤكد أن الحركة تمر بمخاض مصيري، سيتوقف على الطريقة التي ستدير بها “انقساماتها الداخلية” و”تحالفاتها الوطنية والخارجية” ووجهتها وتوجهها السياسية والكفاحية، تقرير مصير الحركة ومستقبلها وحجم نفوذها وتأثيرها في فلسطين والإقليم.
لقد أربك الانتصار الكاسح للحركة في انتخابات 2006 مجمل مسارها، لكأنه أخذ قياداتها على حين غرة...وجاء الحسم العسكري السريع في السنة التالية (2007) بمثابة مفاجأة ثانية للحركة، رتب عليها وأدخلها في دوّامة من المسؤوليات والالتزامات التي لا طاقة لأحد على الوفاء بها، وصولاً لحرب الرصاص المسكوب على قطاع غزة، والحصار الإسرائيلي – المصري (نظام مبارك) على القطاع، وانتهاء بثورات الربيع العربي التي كانت بمثابة فرصة وتحدٍ للحركة.
إلى أن دخلنا في مسار استعادة الوحدة والمصالحة الفلسطينيتين، إذ بدل أن تكون “نهاية هذا المسار”، استعادة وحدة الشعب والجغرافيا و”الممثل الوطني” و”البرنامج” و”أدوات النضال” الفلسطينيية، رأينا “بداية هذا المسار”، تنعكس بأفدح العواقب على وحدة الحركة الداخلية، وتماسك أطرها القيادية، بل وخروج كل ذلك إلى العلن، خصوصاً مع سعي كل فريق من فريقي “الجدل الداخلي” إلى تمتين وتوسيع دائرة تحالفاته العربية والإقليمية، لكأننا أمام سباقٍ محمومٍ على الشرعية والقيادة.
من بعض ما يجري تداوله من معلومات عن “قضايا الخلاف داخل حماس”، تلك القراءة التي تختصر المسألة برمتها، كما لو كانت صراعاً بين “معتدلين” في الخارج، يغذون الخطى صوب منظمة التحرير وبرنامجها السياسي وأشكال الكفاح السلمية والشعبية المقترحة من قبلها، وبين “مقاومين” في غزة، يستمسكون بجمر المقاومة وبرنامجها، ويبدون تحفظاً واضحاً على “لهاث” الخارج للمصالحة، والأهم، يبدون حذراً شديداً في التفريط بعصفور “حكومة غزة” التي هي باليد، بوصفها خيرٌ من عصافير المصالحة العشرة.
لكن عدوان إسرائيل الأخير على غزة، أظهر للملأ أن الصورة التي يجري تناقلها عن خلافات حماس الداخلية، أكثر تبسيطاً مما هي عليه في واقع الحال...فقادة حماس في غزة، بجناحيهم السياسي والعسكري، كانوا الأسرع بطلب استئناف التهدئة واستعادتها، بل وكانوا الطرف الوحيد الذي لم يخترقها، حتى بعد أن أقدمت إسرائيل على دوسها بالأقدام...وجُل ما فعلته الحركة، أنها لم تمنع فصائل أخرى (الجهاد أساساً) من ممارسة حقها في الرد على الخروقات الإسرائيلية، ولم تقدم خطاباً مناهضاً لخطاب المقاومة، حتى وهي تمتنع عن الانخراط فيها عملياً.
لكأننا صرنا أمام خلافٍ بين فريقين: واحدٌ يريد أن يجعل من التهدئة مدخلاً لإحداث تحوّلات سياسية أعمق وأشمل في مواقف الحركة وتوجهاتها وتحالفاتها، ويسعى في تعميمها على الضفة والقطاع على حد سواء...والثاني، يريد أن يسوّق التهدئة على أنها “فعل مقاوم” أيضاً، يتعين أخذه بحجمه وسياقه، وهذا ما فعله د. محمود الزهار، بقدر كبير أو قليل من النجاح في طهران مؤخراً...فزيارة أحد كبار صقور حماس لإيران، ليس لها من مغزى ودلالة في هذا التوقيت، سوى البرهنة، على أن حماس ما زالت تتصدر صفوف المقاومين والمجاهدين، وأن شيئاً لم يتغير أو يتبدل في مواقف الحركة ومواقعها وتحالفاتها.
ويلقي المشهد الإقليمي في ضوء “ربيع العرب” و”صعود الإخوان في كل مكان”، ظلالاً كثيفة على أداء الحركة وتفاعلاتها الداخلية...لكن أخطر ما يمكن أن يصيب الحركة، أو أن يصيبنا معها، هو الوقوع في ذات الشرك الذي سبقق وأن وقعت فيه حركة القوميين العرب في أواسط ستينيات القرن الفائت، حين ربطت مصير القضية الفلسطينية ومستقبل الكفاح الفلسطيني المسلح، بجاهزية جمال عبد الناصر لخوض الحرب مع إسرائيل وعليها، حيث لخصت موقفها ذاك بشعار “فوق الصفر...تحت التوريط”...اليوم، ثمة تيار في حماس، لا يريد أن يورط إخوان مصر والعالم العربي بملف مفتوح من الصراع مع إسرائيل، وهو يبدي استعداداً موضوعياً وإن كان غير معلن، لإبقاء المسألة الفلسطينية في “قائمة الانتظار”، إلى أن تنجلي رياح التغيير في العالم العربي.
الدستور، عمّان، 17/3/2012
إيتمـار أيخنـر- مراسل سياسي
"يديعوت أحرونوت"، 21/3/2012
[مصادر سياسية إسرائيلية: حزب الله يسيطر على
مصارف تجارية في لبنان استعداداً لمرحلة ما بعد الأسد]
• قالت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى في تصريحات خاصة أدلت بها إلى صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن حزب الله سيطر في الآونة الأخيرة على ستة مصارف من مجموع تسعة مصارف تجارية في لبنان، وإنه ينوي السيطرة على مصارف أخرى. وأضافت هذه المصادر أن الهدف من سيطرة حزب الله على المؤسسات المالية في لبنان هو تعزيز سيطرته على الاقتصاد في هذا البلد في ضوء انخفاض حجم المساعدات المالية التي كان يتلقاها من إيران، وتدهور الأوضاع الداخلية في سورية.
• وأشارت المصادر نفسها إلى أنه فضلاً عن سيطرة حزب الله على معظم المؤسسات المالية التجارية في لبنان، فقد نجح أيضاً في تعزيز نفوذه داخل المصرف المركزي اللبناني ومصلحة الجمارك من خلال تسلم أتباعه مناصب رفيعة المستوى في هاتين المؤسستين.
• ووفقاً للتقديرات السائدة في إسرائيل فإن حزب الله بدأ في الآونة الأخيرة يجهز نفسه لمرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد في سورية، إلى جانب إدراك قادة الحزب أنه لم يعد في إمكانهم الاعتماد على استمرار تلقي مساعدات مالية من إيران بالحجم الذي كانوا يتلقونه في السابق وذلك جراء العقوبات الشديدة المفروضة عليها. وقد تراوح حجم هذه المساعدات في الأعوام الفائتة ما بين 200 - 300 مليون دولار سنوياً.
• تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الإدارة الأميركية تعمل منذ فترة طويلة على تجفيف المصادر المالية لحزب الله في شتى أنحاء العالم، ومع ذلك فإن الحزب لم يُدرج حتى الآن في قائمة المنظمات "الإرهابية" لدى دول الاتحاد الأوروبي. وقد منيت محاولة قامت بها إسرائيل مؤخراً لدى فرنسا لإدراجه ضمن هذه القائمة بالفشل. وتمارس إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الحالي ضغوطاً كبيرة على الاتحاد الأوروبي لحمله على مكافحة مؤسسات مالية تستغل دولاً أوروبية لنقل أموال إلى حزب الله.
• من ناحية أخرى، تشير التقديرات الاستخباراتية في إسرائيل إلى أن حزب الله بات يملك نحو 45,000 صاروخ، وهي كمية أكبر بثلاثة أضعاف من كمية الصواريخ التي كانت في حيازته عشية حرب لبنان الثانية [في صيف 2006]. وثمة تخوفات في إسرائيل من أن يؤدي سقوط النظام في سورية إلى انتقال كمية كبيرة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والصواريخ التي لديه إلى يد حزب الله
0 comments: