Tuesday, November 13, 2012

التحليل النفسي للرئيس أوباما
12-11-2012

علاقة السياسة الأمريكية بالسيكولوجيا علاقة عضوية حميمة إذ أن المؤسس الفعلي للبراغماتية الفيلسوف وليام جايمس دلف إلى السياسة عبر أول كتبه المعنون “مبادئ السيكولوجيا” وفيه الدعوة لضرورة انحسار طموحات الفلسفة من الكون إلى الإنسان. بما يبرر مكانة السيكولوجيا في السياسة الأمريكية وانتقالها من الصعيد الشخصي إلى دراسة الشخصيات الأممية والجمعية ووضعها في أنماط وقوالب سلوكية والتعامل معها على هذا الأساس. وهو ما يطبقه الأمريكيون في دراساتهم على جمهورهم وعلى رؤسائهم.
ولعل أهم الإشكاليات المثارة حول الموضوع هي تلك التي أثارها عالم النفس، في جامعة كاليفورنيا، كيث سيمونتون مؤلف كتاب “لماذا ينجح الرؤساء”، وفيه يرى إن الكثير من القضايا الأخلاقية المثارة لا تملك الأهمية في موضوع اختيار الرئيس وانتخابه. وبمعنى آخر فإن أداء الرئيس في غرفة النوم لا علاقة له بأخلاقه. ويذكر سيمنتون أن لغالبية الرؤساء الأمريكيين مغامراتهم العاطفية خارج فراش الزوجية، دون أي فارق بين الناجحين وبين غير الفاعلين منهم.
أما عالم الشخصيات روبرت هوغان، فيعارض ذلك إذ يقول إن الشخصية هي مجموعة متكاملة من السمات مثل الذكاء والمرونة ودرجة الحياء والكبت عند الشخص… الخ وهذه السمات هي التي تحدد سلوك الشخص سواء كان رئيس عمال في ورشة، أو كان في البيت الأبيض رئيسا”.
ويدعم هذا الرأي عالم السياسة “جيمس دافيد باربر”. مؤلف كتاب: “الأخلاق الرئاسية – التنبؤ بمستوى الأداء في البيت الأبيض”، إذ يقول: أن من يدرس أحوال الرئاسة في القرن العشرين، سيصل للاستنتاج القائل، بأن لأخلاق الرئيس أهمية وتأثير أكيد في مجريات الأمور. بل أن أخلاق المرشح أصدق إنباء عن شخصيته وأدائه من كل الوعود والاقتراحات الانتخابية التي يطرحها أثناء حملته. ويعطي باربر مثالاً على ذلك “ليندون جونسون”، فيقول بأن قصة جونسون مع حرب فيتنام هي أكثر الأمثلة إثارة للرعب في العصر الحديث. فقد كان يدعي بأنه مرن ومحب للسلام، ولكنه لم يلبث أن تحوّل إلى التصلّب في سياسته العسكرية الفاشلة، وذلك بسبب سلوكه القهري المتصلّب. ويتابع باربر بأن دوايت د.ايزنهاور يمثّل نموذجا” للشخصية السلبية (ينسحب من المواجهة لأسباب أخلاقية تاركاً حل المشاكل للآخرين) ومن هنا فشله في محاربة المكارثية، والمشكلات التي انبثقت في أيامه كانحلال الحياة في المدن ومظاهر الشغب العرقي. وهنا علينا أن نلاحظ تكرار هذه الملامح في عهد ووكر بوش منذ الأشهر الأولى لولايته. حيث الشغب العرقي المندلع في سينسيناتي في 1/4/2001 وحيث التورط في افغانستان وصعوبة الانسحاب منها. إضافة للرغبة القهرية – الوسواسية لدى بوش في احتلال العراق.
هذا ويطرح باربر تصنيف الرؤساء الأمريكيين، وفق خطين قاعديين: 1- خط الفاعل و2- خط المنفعل (أي القدر من الطاقة الشخصية الذي يبذله المرء في عمله في مقابل العاطفة الايجابية- السلبية أو موقفه من نتائج عمله ومدى تقبله لهذه النتائج). وعلى هذا الأساس يحدد باربر أنماطاً أربعة لشخصية الرئيس الأمريكي.

النمط السلوكي السياسي لأوباما
بمراجعة تصنيف باربر نجد أن الرئيس باراك أوباما ينتمي إلى ما يسميه باربر بالنمط المنفعل الايجابي. وعلائمه بحسب باربر هي التالية:
يمتاز هذا النمط بأنه مساير ومتعاون أكثر منه صاحب شخصية وحيوية قوية. مع مسحة تفاؤل مهيمنة على سلوكه. وهذا النمط يفاوض بشكل جيد، ولكنه يحيط نفسه بأصدقائه القدامى الذين يجلبون له العار.
ومن أمثلة هذا النمط هوارد تافت وريغان، “الذي يقول عنه سيمونتون: “ها نحن نجد ريغان يوقع صفقة أسلحة مهمة وفي الوقت نفسه تنفجر حوله الفضائح في كل مكان”. كما ينتمي إلى هذا النمط الرئيس كلينتون الذي كان يحقق انجازات اقتصادية تاريخية في أجواء فضيحة مونيكا.
هذه هي العلائم العامة لشخصية الرئيس الأمريكي الجديد. وبمراجعة منهجية تركيب طاقم أوباما نجد انه سرب فعلاً بعض مساعديه في إدارة حملته الانتخابية وبعض أصدقاء العائلة إلى الفريق. وهم سيشكلون الأصدقاء القدامى المحيطين بالرئيس ونقطة ضعفه الشخصية. كما ان الانتخابات دفعت أوباما للتخلي عن بعض صداقاته القديمة وبخاصة منها الصداقات مع عرب ومسلمين.
اما عن التركيبة العامة للفريق فقد اعتمدت على مبادئ دراسة السلوك والسوابق. حيث وضعت الكفاءات التي تجد صعوبة في عمل الفريق في مناصب استشارية. وحيث تم الاحتفاظ ببعض أعضاء فريق بوش القادرين على التكيف مع منطلقات الإدارة الجديدة. فإذا ما نظرنا إلى تعقيد الملفات المطروحة على الإدارة وصفتها الطارئة أمكننا استبعاد تأثير الأشخاص والعوامل الشخصية في إدارة أوباما. حيث الظروف الطارئة تفرض برمجة الطاقم وفق حسابات بعيدة عن العامل الفردي. وهذه البرمجة سوف تؤثر على مستوى الانسجام داخل الفريق بما يبرر توقع إقالات واستقالات وتجميدات وتغييرات سريعة في الطاقم وكذلك في السلوك المعهود لبعض أفراده. ومن هنا ضرورة استبعاد كل التوقعات التي تقوم على أساس معرفة السلوك السابق لأعضاء الإدارة.
وهذه العلائم بدأت مبكرة في إدارة أوباما حيث اضطر ومنذ البداية للتراجع عن بعض التعيينات بما فيها تعيين مسؤول المخابرات الأمريكية وهو منصب لا يحتمل التردد ويشكل نقطة ضعف حقيقية في الإدارة ويشكك بقدرتها على اتخاذ القرارات مهما كانت مبررات وتأويلات هذا التردد.
لكن التراجع عن التعيينات قبل حصولها أقل وطأة من الإقالات بعد التعيين والتي نؤكد من منطلق سيكولوجية الإدارة الأوبامية انها سوف تحدث عند أول مواجهة جدية يتعرض لها فريق أوباما غير المنسجم.
الكياسة وحسن التخلص ومهارة التفاوض التي يتسم بها المنفعل الايجابي مثل أوباما أجلت مواجهاته لغاية اليوم. فلو عدنا إلى قمة العشرين لوجدنا ألمانيا معارضة شرسة لخطة أوباما للتحفيز الاقتصادي وتلتها أوروبا في هذه المعارضة. وهو ما تجاوزه أوباما كي لا يبدأ ولايته بالإحباط أو بالمواجهة. ثم جاءت قمة الأطلسي التي تجاهلت تعديل إستراتيجية الحلف،مع عدم صلاحية إستراتيجيته الحالية للتطبيق العملي، للبحث في حرب أفغانستان وهنا أيضاً تلكأ الحلفاء الأوروبيين عن المساعدة مكتفين بقوة رمزية غير مقاتلة من خمسة آلاف عنصر. ومرة أخرى غستكان أوباما ولنفس الأسباب. فماذا لو تفجرت هذه الملفات بعد فترة؟. وكيف سيواجهها أوباما بفريقه غير المتجانس؟.
في رأينا الشخصي انه يمكن استقراء سلوك أوباما في هذه الحالات عبر قراءة شخصيته السيكولوجية فهو قرر زيارة تركيا بعد فشل قممه الأوروبية. وفيها صفقة التفاف على إمدادات الغاز الروسي لأوروبا لتحويله إلى الأنابيب التركية. وهي صفقة تحتوي روسيا وأوروبا في آن معاً.
ولو نحن اتخذنا من هذا السلوك مؤشراً على أسلوب أوباما في مواجهة الأزمات لوجدنا انه “الشخصية الصفقة”. فهو عندما يحبط في مجال ما يتحول إلى صفقة في مكان آخر. ويتدعم هذا الرأي بملاحظة القفزات المتتالية لأوباما من الملف الاقتصادي إلى الإيراني ومنهما إلى الروسي فالأوروبي وقس عليه.
الخطير في سلوك أوباما هو أولاً التباين الشاسع بينه وبين سلوك بوش شبيه العقائدي والمتمسك بالاستراتيجيا مقابل سلوك اوبامي لا يبدو هاو للإستراتيجيا ومتحول نحو تكتيك كل حالة على حدة Case by Case بما يعني استعداده لعقد صفقات فرعية بديلة للصفقات الأساسية. وهي نقطة ضعف يكسب كثيرون ان هم أحسنوا استغلالها. فهل يدرك العرب هذا الضعف الاوبامي ليمرروا صفقاتهم في فرصة لم تكن متاحة أيام ووكر بوش؟. وهل هم سيتوجهون نحو الصفقات ذات البعد الاستراتيجي لبلادهم والمنطقة أم يقفون عند حدود صفقات تسمح لهم بالبقاء على كراسي الحكم؟.

في الحالة الأخيرة لا بد من التحذير من أفخاخ الإقالات والاستقالات المتوقعة في إدارة اوباما. حيث لا تنفع الصفقات المعقودة مع فريق الإدارة كما كان يحدث في الصفقات المنعقدة مع ديك تشيني أو مع رامسفيلد أو مع رايس أو حتى مع فيلتمان السفير المعجزة.

تحديات أوباما الشرق أوسطية
يشير تطبيق المعطيات المشار لها أعلاه الى ان مقاربة أوباما للتحديات الشرق أوسطية ستكون مغايرة تماماً لمقاربات بوش. ففي موضوع السلام الشرق أوسطي يضم فريق اوباما طائفة من فريق كلينتون الشاهد على مماطلة نتنياهو لجهود كلينتون في سلام المنطقة. ومن هنا ملامح الخلافات الأمريكية الإسرائيلية المستندة لاستعداد اوباما لممارسة الضغوط على إسرائيل لتجنب الوقوع في التسويف الإسرائيلي الذي قضى على جهود كلينتون قبله.
على صعيد متصل يمكن تحليل اختيار اوباما للقاهرة كمنبر لمخاطبة العالم الإسلامي على انه صفقة غير مكتملة. تتجاوز فيها واشنطن ديكتاتورية النظام ومحاولات توريثه إلى خطوة مطمئنة للعرب المعتدلين مع جرعة دعم سياسي لدور مصر الإقليمي المتراجع. في مقابل استقبال نتنياهو في مصر والتفاهم معه على حدود دنيا قبيل سفره إلى واشنطن. اما عن المآل الأبعد للصفقة فيتمثل بما صرح به ملك الأردن لصحيفة التايمز حول اعتراف 57 دولة مسلمة بإسرائيل لقاء سلام دونه حرب إسرائيلية جديدة. وفي حال نجاح الصفقة فان إيران تصبح النعجة الضالة في العالم الإسلامي بحيث يسهل تطويعها أمريكياً وإسرائيلياً. فتطبيع علاقات العالم الإسلامي مع إسرائيل يعطيها فرص التوسط لإيران لدى المسلمين!؟.

التحـديات تـواجه أوباما
كشفت استطلاعات الرأي بعد مضي ستة أشهر على تولي اوباما لمنصب الرئاسة في بلاده عن تراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها, إذ وصلت مستوى أدنى من المستوى الذي بلغته شعبية سلفه جورج بوش عندما كان في مثل هذه المرحلة من رئاسته. حيث اظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب بالتعاون مع صحيفة يو أس أي توداي أن مستوى رضا الأميركيين عن أوباما تراجع بتسع نقاط منذ يناير/كانون الثاني 2009 ليصل الى 55% فقط وسط ارتفاع البطالة في أميركا وتراجع الثقة في خططه الاقتصادية.
كما أظهرت استطلاعات أخرى للرأي أجرتها أي بي سي نيوز وواشنطن بوست أن شعبية أوباما تراجعت إلى أقل من 60% لأول مرة منذ تسلمه زمام الأمور وهو أول رئيس أسود للولايات المتحدة الأميركية.
ورغم أن أوباما ورث مصاعب اقتصادية هائلة عن سلفه بوش, فإنه يتعرض أيضاً للتحديات التي تواجه كل رئيس اميركي في الفترو الاولى من ولايته. هذه التحديات التي يصنفها عالم السياسة “بروس بوكانان” من جامعة تكساس، ويخلص للتأكيد أن الرؤساء الأميركيين يواجهون أربعة تحديات أساسية تعترض مدة إقامتهم في البيت الأبيض هي:
المجد المفرط : هو التحدي الأول حيث يكثر المادحون والمتزلفون، بحيث تتحول معارضته إلى مفاجأة يستجيب لها البعض بالغضب ( يزداد الغضب مع ازدياد القناعة بأقوال المادحين).
إجهاد القرارت : ان التحدي الثاني، الذي يواجه الرئيس، هو العراقيل والحواجز المؤدية للإحباطات وكيفية تعامل الرئيس معها. فهل هو يعرف متى يحارب ومتى ينسحب؟ وهل هو قادر على تحمّل الفشل وهضمه؟.
التوفيق بين أجنحة ادارته: وهو التحدي الثالث في مواجهة الرئيس. وهو أسلوب الإدارة التي غالبا” ما تواجه الرئيس بمطالب متناقضة، حيث يجب أن يملك الرئيس القدرة على التوفيق بين هذه القدرة المتناقضات. هذا التوفيق الذي فشل فيه جيمي كارتر لتدخّله الزائد لدرجة التورط. كما فشل فيه ريغان بسبب تراجعه وعدم تدخله بالمستوى المطلوب.
الإغراءات الضخمة : وهي التحدي الرابع للرئيس. ويعطي بوكانان على هذا التحدي مثال جونسون الذي رغب في تحقيق برامجه الإجتماعية (مشروع المجتمع الكبير) وبأن ينتصر في فييتنام في آن معا”. لكن الكونغرس لم يكن مستعدا” لتمويل الاثنين معا”. كما أن ريغان كان مستميتا” لتحرير الرهائن الأميركيين ولم يكن مستعدا” لاجراء أية مقايضة مع الزعماء الإيرانيين. وفي كلتا الحالتين فإن فشل الرئيسين في تحقيق إغراء الحصول على هدفين في آن واحد قد دفعهما إلى الكذب.
هذا ولا يهمل بوكانان، الاشارة إلى جملة عوامل تؤثر في أسلوب مواجهة الرئيس لهذه التحديات، فيذكر العوامل التالية:
1 – مجموعات المصالح.
2 – الحزب المسيطر على الكونغرس والمحكمة العليا.
3- الدعم الشعبي .
4 – أجواء التوقع (تذكيها الصحافة)…الخ.
في حالة الرئيس باراك أوباما يلاحظ أن هذه العوامل إتخذت طابع الحدة بسبب قائمة الأزمات الاميركية. بحيث أصبحت موازية للعوامل الرئيسية في أهميتها وفي تأثيرها على قرارات الرئيس.
فاذا ما استعرضنا بعجالة هذه العوامل نجد أن اوباما لا يزال يوظف مجده “الأكثر إفراطاً ” لتحسين صورة اميركا التي شوهها بوش كل التشويه. وهو ينجح لغاية الآن في كسب قلوب الشعوب التي يزورها او يخاطبها. رغم انه لم يقدم لغاية الآن اية معطيات ملموسة لعلاج آثار بوش الكارثية.
كما يبدو اوباما في كامل لياقته لتحمل الاحباطات ولاتخاذ القرارات بل ولتعديل ما يجب تعديله منها وخاصة في الملف الاقتصادي. حيث برر عدم نجاح خطته التحفيزية بالكامل بعرضه لحقيقة ان الاقتصاد كان على وشك الانهيار لولا تقديم الدعم الحكومي للمصارف الاميركية. لينطلق منها لقرار جديد بفتح معركة مع بيوت التصنيفات الإئتمانية وهي معركة قاسية.
اما عن التوفيق بين اجنحة ادارته فان الخلل يبدأ من هنا حيث بدا التعثر واضحاً في مناسبات مختلفة بين اجنحة الادارة. ومنها اعلان نائبه بايدن عن حرية اسرائيل في اتخاذ قرار الحرب على ايران. وما تلاها من تصريحات مضادة تعكس انعدام التنسيق داخل الادارة. اضافة لتلميحات كلينتون في تايلاند بوجود خلافات طفيفة بينها وبين اوباما.
وبالنسبة للإغراءات فيمكن القول بان اوباما يتعرض لاكبر الاغراءات التي تعرض لها رئيس اميركي قبله. فهو مرشح لانقاذ اميركا اقتصادياً وسياسياً وهو اغراء بحجم التأثير الاميركي. ليبقى السؤال هل ينجح أوباما في تحقيق ما هو ملقى على عاتقه من ملفات؟!.
عند هذا السؤال نتوقف تحديداً لنقول بان تراجع شعبية اوباما في الاحصاءات المذكورة اعلاه تعود تحديداً الى هذا السؤال. اذ يحمل الاعلام الاميركي انباء فشل خطط اوباما الاقتصادية. ومعها فشل الحملة على سوات الباكستانية وعملية الخنجر الافغانية.
اما على الصعيد السياسي فقد دخلت الادارة في تجاذبات مع اسرائيل بشأن مبادرة اوباما السلمية المنتظرة ومعها عتب كبير من اصدقاء اميركا العرب من المراهنين على السلام الاميركي. اما في الملف الروسي فقد اعلنت كلينتون ان مشقات وصعاب تنتظرها في زيارتها لموسكو الخريف القادم. وسط مواقف روسية ثابتة وراسخة لغاية جهوزية المواجهة سواء في جورجيا او غيرها.
كما يواجه الرئيس انتقادات بشأن الكيفية التي سيؤمن بها الموارد المالية الضرورية لخطته الرامية إلى إصلاح نظام الرعاية الصحية والتي تبلغ تريليون دولار, فقد عبر نصف من استطلعت آراؤهم في أحد هذه الاستطلاعات عن أنهم يعارضون هذه الخطة.
ومن المعتقد أن غالبية من تخلوا عن تأييدهم لأوباما هم من المصوتين المستقلين أو أعضاء الحزب الديمقراطي المعتدلين, وفي ولايتين يواجه فيهما عضوان من مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي انتخابات العام 2010, دب القلق بالفعل في نفوس الديمقراطيين.

فــريق اوبـامـا الرئاســي
لم يحظى باراك اوباما بالحرية التي تمتع بها سابقيه من الرؤساء الاميركيين في اختيار فريقهم الرئاسي. إذ إعتمدت التركيبة العامة لفريق أوباما على مباديء دراسة السلوك والسوابق. حيث وضعت الكفاءات التي تجد صعوبة في عمل الفريق في مناصب استشارية. وحيث تم الاحتفاظ ببعض أعضاء فريق بوش القادرين على التكيف مع منطلقات الادارة الجديدة. فإذا ما نظرنا الى تعقيد الملفات المطروحة على الادارة وصفتها الطارئة أمكننا استبعاد تأثير الاشخاص والعوامل الشخصية في ادارة أوباما. حيث الظروف الطارئة تفرض برمجة الطاقم وفق حسابات بعيدة عن العامل الفردي. وهذه البرمجة أعاقت ميول اوباما لإحاطة نفسه بالاصدقاء جالبي العار كما أثرت لاحقاً على مستوى الإنسجام داخل الفريق بما برر توقع إقالات وإستقالات وتجميدات وتغييرات سريعة في الطاقم وكذلك في السلوك المعهود لبعض أفراده. ومن هنا ضرورة استبعاد كل التوقعات التي تقوم على اساس المعرفة المسبقة لسلوك أعضاء الادارة.
ومع تراجع التأييد الداخلي لاوباما بالتزامن مع نهاية فترة السماح المعطاة للرئيس الجديد في ربيع العام 2009 توقع المتابعون تراجع نفوذ أوباما بصعود تأثير نائبه جو بايدن ووزيرة خارجيته كلينتون. حيث أبدى الاثنان مواقف عنصرية ضمنية من أوباما في مناسبات عديدة. وعليه توقع المتابعون تحول القرار الاميركي الى ثلاثي الرؤوس مع تراجع قدرة اوباما على التصرف في افغانستان. وهو ما حدث فعلاً ولكن ليس بضغط الثلاثية بقدر ما كان بضغط القادة العسكريين الذين باتوا مشاركين في القرار بسبب التورط العسكري الامريكي الموروث عن حروب بوش. الذي طبق مبدأ قيادة الساسة لمقاليد الامور في زمن الحرب واقتصار دور العسكريين على تنفيذ أوامر الساسة. وذلك انطلاقاً من رؤى كتاب كان شديد التأثير في سلوك بوش خلال الحرب وهو كتاب “القيادة العليا – الجيش ورجال الدولة و الزعامة في زمن الحرب” لمؤلفه أليوت كوهين. لكن زمام هذه القيادة أفلت من ايدي بوش ومساعديه منذ الاعلان غير المسؤول لوزير دفاعه رامسفيلد حول بدايات المقاومة العراقية. التي اعتبرها رامسفيلد ردة فعل عادية لفلول صدام حسين معتبراً انها ستؤول للانطفاء بصورة تلقائية. ثم جاءت محطة تكليف اسرائيل الفاشلة بتغيير المشهدين اللبناني والسوري عبر حرب تموز 2006 التي تعكس رؤية سياسية متعمقة الا انها مفتقدة للخبرة العسكرية كما للبدائل في حال تقصيرها. وهو ما اضطر الولايات المتحدة للتدخل المباشر الذي اضاف الى الأخطاء الامريكية العسكرية في المنطقة خطأً اضافياً يمس سمعة الجيش الامريكي وهيبة القوة الامريكية في الصميم.
هكذا ومع تعاقب أخطاء القيادة السياسية بدأ القادة العسكريون يتولون القرار حتى اذا ما تسلم اوباما الرئاسة كانت الولايات المتحدة قد تحولت الى حكم الضباط العسكريين الكبار.
هذه السيطرة التي تبدت منذ الاسابيع الاولى لدخول اوباما الى البيت الابيض حيث اجبره العسكريون على تمديد مهلة الانسحاب من العراق التي وعد بها خلال الحملة الرئاسية. وهي سجلت اولى تراجعات اوباما عن برنامجه الانتخابي فاتحة السبيل امام تراجعات اخرى على مختلف الاصعدة حولت اوباما الى شخصية مختلفة عن تلك التي اختارها الناخبون خائبي الامل بهذا الرئيس.

أعضاء من الدائرة الضيقة لأوباما سيغادرون البيت الأبيض بينهم إيمانويل
5 مستشارين مقربين يستطيعون الدخول إلى المكتب البيضاوي من دون إشعار مسبق وحضور أي اجتماع رام إيمانويل (أ.ب)واشنطن: آن كورنبلات وسكوت ويلسون*
خلال عاميه اللذين قضاهما في البيت الأبيض، اعتمد الرئيس باراك أوباما على دائرة ضيقة من المستشارين الذين اعتبرهم المجلس الأكثر ثقة لديه بشأن السياسات والسياسة.
أوباما يصفه أعضاء فريقه بالقلق حيال الغرباء والتردد في توسيع دائرته الداخلية الضيقة، كما وصفه أحد مستشاريه صراحة بالقول: «إنه لا يحب الناس الجدد». وسواء أحبهم أم لا، فسوف يحاط بهم، حيث يتوقع إجراء تغيير جديد في الفريق المعاون له ليحرم أوباما من اثنين من مساعديه وسيحدث فيض من التغيرات في الجناح الغربي. حيث يتوقع أن تتعرض الدائرة الضيقة للرئيس، كبير موظفي البيت الأبيض رام إيمانويل وكبيري مستشاريه ديفيد أكسلرود، وفاليري غاريت، والسكرتير الصحافي روبرت غيبس، ونائب الرئيس جو بايدن، إلى التفكك. ويتوقع على نطاق واسع أن يترشح رام إيمانويل لمنصب عمدة شيكاغو بينما أكسلرود سيغادر في الربيع للإعداد لحملة أوباما الرئاسية لانتخابات عام 2012.
وسيخسر أوباما أيضا، عددا من كبار مستشاريه، حيث أعلن كبير المستشارين الاقتصاديين لورانس سومرز، عن عودته إلى جامعة هارفارد، حيث يعمل أستاذا، وكذلك نائب كبير موظفي البيت الأبيض جيم ميسينا، الذي يتوقع أن يلحق بأكسلرود في شيكاغو، مستشار الأمن القومي غيمس جونز، الذي قيل إنه يرغب في الاستقالة نهاية العام الحالي.
وكان بعض المساعدين والحلفاء السابقين للرئيس قد عبروا عن أملهم في أن يستفيد أوباما من رحيل هؤلاء المستشارين، الأمر الذي يعد أمرا شائعا خلال العامين الأولين في أي فترة رئاسية والاستعانة بمساعدين جدد يتمكنون من تغيير فريق الرئيس الحالي.
ويقول واضع استراتيجيات ديمقراطي، عمل لفترة طويلة مع البيت الأبيض في عدد من القضايا: «لقد كانوا مخطئين في سياستهم بشأن الوظائف والإنفاق والعجز في الموازنة والدين. فلم يتمكنوا من تحقيق تقدم في أي منها، ولعل السبب في ذلك هو انعزاليتهم. وإلا كيف تفسر كيف فقدت هذه الجماعة الشعبية الجارفة التي تمتعت بها في البداية؟» وطلب الاستراتيجي عدم ذكر اسمه حتى يتمكن من الحديث بحرية حول الرئيس والفريق المعاون له.
هذه نظرة معتادة بين خبراء السياسة الديمقراطيين، الذين يشاركون نفس أهداف البيت الأبيض، لكن إحباطهم تضاعف نتيجة لهذا الفريق الذي يتعذر الوصول إليهم ويقفون عقبة في طريقهم. لكن يبدو أن الرئيس أوباما لا ينوي البحث خارج أسوار البيت الأبيض عن مستشارين جدد. ففي لعبة تخمين واشنطن الشائعة وغير الجديرة بالثقة في أغلب الأحيان، غالبا ما تكون الأسماء المذكورة مألوفة بالفعل للرئيس. حيث يتوقع أن يتولى توم دونيلون، نائب مستشار الأمن القومي، أيا من منصبي رام إيمانويل أو جونز. وقد تقارب أوباما ودونيلون خلال حملته الرئاسية عام 2008 عندما تولى مسؤولية إعداد المرشح للمناقشات. ويتوقع أن تكون بيتي روز، إحدى المرشحات لخلافة إيمانويل، وتعمل روز كبيرة لموظفي أوباما في مجلس الشيوخ، ويأتي بين المرشحين الآخرين بوب بايور، مستشار البيت الأبيض الذي كان محامي الرئيس الشخصي قبل الانضمام إلى الإدارة العام الماضي. وأيضا قيل سكيليرو، الذي يدير مكتب ارتباط أوباما مع الكونغرس، وزعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ السيناتور توم داستشيل الحليف المقرب من أوباما.
وتعكس التعيينات الوشيكة في البيت الأبيض رغبة الرئيس في إحاطة نفسه بأشخاص يعرفهم جيدا. فإليزابيث وارين، التي عينت مؤخرا كمستشارة الحكومة الأولى في حماية المستهلك، وصفها أوباما بأنها «صديقة عزيزة»، وكذلك أوستن غولسبي، الذي تولى رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس، والذي كان ضمن الحلقة الخاصة بالرئيس أكثر من سلفه كريستينا رومر.
ويرفض مسؤولو البيت الأبيض الانطباع بأنهم منعزلون خارج البيت الأبيض. وقالوا إنهم يقدمون للرئيس مجموعة متنوعة من الآراء من الأشخاص ومن داخل الإدارة ومن خارجها وأوضحوا أن الدائرة الداخلية للرئيس لا تقف عقبة في طريق تلك الآراء على الدوام، فإيمانويل وبايدن على سبيل المثال، كانا في الجانب الخاسر من المناقشات بشأن كيفية التعامل مع إصلاح الرعاية الصحية (رفض إيمانويل تبني الخطة في بداية الفترة الرئاسية الأولى لأوباما)، والحرب في أفغانستان (كلاهما كان ضد إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان).
وقال غيبس: «أعتقد أن هذه الدائرة التي يتحدث إليها الرئيس بصورة يومية جدية». لكن في لحظات التفكير يميل الرئيس في بداية ونهاية اليوم إلى الحديث إلى مستشاريه الخمسة للتشاور بشأن الأفكار ومراجعة البيانات. وعندما كان الرئيس يحاول اتخاذ القرار بشأن إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال، بعد المقال المثير للحرج الذي نشر في مجلة «رولنغ ستون»، أجرى الكثير من المكالمات الهاتفية مع مسؤولين خارج الإدارة. وعندما استقر على رأيه، كانت الدائرة الصغيرة، في هذه الحالة كانت غيبس وإيمانويل وأكسلرود وبايدن وكبير موظفي ورئيس أركان مجلس الأمن القومي دينيس ماكدونوغ، أول من يعلم بالقرار. وعلم جنرالات البنتاغون الخبر في اليوم التالي.
وقال واضع الاستراتيجيات الديمقراطي بيتر فين، الذي أدار والده دان فين مكتبة كنيدي بعد العمل في إدارة كنيدي: «هذه هي الطريقة التي عمل بها كنيدي، فقد كان لديه دائرته الضيقة الخاصة التي ضمت كين أودونيل ولاري أو براين وتيد سورنسين ورالف دونغان ولي وايت، التي عملت معه لفترة طويلة عن قرب والتي وثق في أحكامها وآرائها.
ويمكن للمستشارين الخمسة المقربين من الرئيس أوباما، وحدهم من بين مسؤولي الإدارة، الدخول إلى المكتب البيضاوي من دون إشعار مسبق وحضور أي اجتماع والسماح لأنفسهم بقضاء المزيد من الوقت مع الرئيس والقدرة الكبيرة على حمله على تغيير رأيه. وأحيانا ما يقوم بأدوار متعددة وغير محددة، مع تخطي حدود وظائفهم وتجاوزها إلى مناطق سلطة خبير آخر.
وعلى الرغم من وقوع بعض التوترات بين أفراد المجموعة، فإنهم عملوا سويا بصورة أو بأخرى قبل سنوات، فقد عملت جاربت وأكسلرود وغيبس مع أوباما قبل حملته الرئاسية بوقت طويل. فيما يعرفه إيمانويل منذ أن كان في شيكاغو وبايدن منذ أن كان في مجلس الشيوخ.
أحد الطقوس الرئاسية توضح علاقته الخاصة بمساعدة، ففي كل مساء وقبل توجه أوباما إلى الطابق العلوي حيث يقيم، يسلمه أحد مساعديه ملفا مليئا بالتقارير والمذكرات والإحصاءات حول سير العمل في جميع أنحاء الإدارة. في اليوم التالي يسلم أوباما الملف وقد كتبت على حواشيه مطالب الرئيس بالمزيد من المعلومات أو الاجتماعات إلى التصرف في محتوياته. إلى جانب الرئيس يحصل كل من بايدن وأكسلرود وغيبس وجاريت وإيمانويل نسخا من الملف التي يتلقاها الرئيس والتي يسلمها.

يرجى هنا ملاحظة تاريخ نشر كل من البحوث والمقالات التالية

أوباما يواجه العنصرية مبكراً
د. محمد احمد النابلسي
1 نوفمبـر 2009
البعض يذكر شرط كولن باول لتولي وزارة الخارجية أيام بوش الابن والشرط هو ألا يتدخل نائب الرئيس ديك تشيني في شؤون وزارته. وكلنا يعرف ان تشيني تدخل في كل شيء. كما لم يعد خافياً الصراع بين تشيني وكونداليزا رايس خلال السنوات الأخيرة من حكم بوش.
والعنصرية في أميركا لا تمارس فقط على السود بل تمتد إلى كل ما لا ينتمي إلى العرق الآري. مثال ذلك انه وفي بداية علائم انهيار سياسات بوش أقيل رئيس وكالة الاستخبارات جورج تينيت. ويمها كتب معلق مجلة النيوزويك الأميركية ان تينيت ذهب كبش فداء بسبب أصوله اليونانية. ولو كان تينيت آرياً لما ذهب ضحية لأخطاء الآخرين.
وفي عودة للعنصرية الممارسة ضد أوباما نجد انها انطلقت مع بداية حملته الانتخابية ووصلت اثنتان منهما إلى الرغبة الفعلية باغتياله وان بأدوات ساذجة. وبطبيعة الحال فان اليمين العنصري الأميركي اصطف لمواجهة اوباما خلال الانتخابات التي أوصلته إلى البيت الأبيض. وخلال الحملة ظهرت على الانترنت وثيقة ولادة كينية باسم اوباما. والمولود خارج أميركا لا يحق له ان يحكمها.
الأسبوع الماضي عاد اليمين المتطرف لإثارة الموضوع مشككاً بهوية الرئيس في حملة تبطن السعي لاقالة اوباما الكيني.
وتفاعلت القضية حتى وصلت الى الكونغرس حيث صوت مجلس النواب الأمريكي الخميس 30/7/09 لصالح مشروع قرار غير ملزم يثبت فيه أن هاواي هي مسقط رأس الرئيس باراك أوباما، وذلك بعد شيوع موجة تشكيك بجنسيته الأمريكية وبأهليته ليكون رئيسا للبلاد. وصوت مجلس النواب بغالبية 378 صوتا لصالح مشروع القرار، الذي قدمه النائب نيل أبيركرومبي من هاواي، لتثبيت مسقط رأس الرئيس، فيما امتنع أكثر من 50 نائبا عن التصويت.
ويأتي قرار مجلس النواب الأمريكي غير الملزم لمواجهة موجة المشككين بأن يكون أوباما مواطنا أمريكيا مؤهلاً لقيادة البلاد، بعد ظهور نسخ من شهادة ميلاد له صادرة من كينيا.
ويشير امتناع 50 نائبا أمريكيا عن التصويت على مشروع القرار، رغم أنه غير ملزم، إلى أن عملية التشكيك في ولادة أوباما على أرض أمريكية تجد من يصدقها ويروج لها حتى في الكونجرس، وخاصة من غلاة اليمين الأمريكي الذين هالهم أن يصبح رجلا أسود رئيسا للولايات المتحدة.
وفحصت منظمة “فاكت تشيك” غير الحزبية التابعة لمركز السياسة العامة بجامعة بنسيلفانيا، شهادة الميلاد الاصلية في مسعى لانهاء الجدل حول هذه المسألة بلا رجعة، وقالت “خلصنا الى ان الشهادة تتوافق مع كل المعايير لاثبات المواطنة الأميركية وخلصنا الى ان أوباما ولد في الولايات المتحدة”.
وأشارت منظمة “فاكت تشيك” إلى أن والدة أوباما الأمريكية ووالده الكيني نشرا في صحيفة محلية بهونولولو نبأ مولد ابنهما في عدد 13 أغسطس عام 1961.
لكن تحليل هذه التهمة يبين انها من نوع الانتقام والتشهير بالتذكير وذلك بسبب سذاجتها المرتبطة بالتطرف العنصري لمطلقيها. فالقضية تثير الغبار لكن التحقق منها لا يستوجب الكثير من الجهد. عداك عن ان الحزب الديمقراطي لا يمكنه ارتكاب هفوة مماثلة وتقصير بحجم عدم دراسة ملف مرشحه الرءاسي بالدقة اللازمة.
في المقابل يتعرض اوباما الى عنصرية سياسية منظمة تتمثل في مشاركة رئيسين له في الحكم. اذ ان نائبه جو بايدن ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون باشرا حملتهما الانتخابية منذ تسلم اوباما لمهامه. وبدأ الإثنان الاستعداد لمهامهما الرئاسية يوم تسلمهما لمنصبيهما.
فالعنصرية تبدو واضحة في سلوك كل من بايدن وكلينتون وفي تقصدهما اظهار اختلافاتهما مع توجهات رئيسهما اوباما. فصحيح ان تشيني كان مهيمناً تماماً على افكار بوش وقراراته لكنه لم يتقصد إحراجه كما يفعل الثنائي بايدن – كلينتون مع اوباما. وهذه مجرد بدايات.
من هذه المواقف نذكر إعلان بايدن ان قرار مهاجمة “إسرائيل” للمنشآت النووية الإيرانية تخصها هي، انطلاقا من انها “دولة ذات سيادة”، وتأكيده على أن واشنطن لن تقف في طريق “إسرائيل” في حال قررت ذلك. في الوقت الذي يجهد فيه اوباما لفتح قنوات الحوار مع ايران ويطلق سراح دبلوماسييها في العراق لتشجيعها على متابعة اشارة استعدادها للمساعدة في افغانستان كخطوة أولى. واضطر اوباما للجوء الى الخارجية لتصحيح تصريح بايدن ومن ثم وبعد ايام أعلن رسمياً بانه غير موافق على توجيه ضربة إسرائيلية لإيران.
أما السيدة كلينتون فقد صرحت بوجود خلافات بينها وبين اوباما في تايلاند وان وصفتها بالبسيطة. ثم عادت لتتحدث عن تأمين تغطية أمنية للخليج العربي. بما فسره الإسرائيليون، ومعهم الأوروبيون، سكوتاً عن النووي الإيراني. وفسره الروس على انه مقايضة مع روسيا على نشر الصواريخ في الخليج بدل اوروبا الشرقية.
وفي عودة لزيارة بايدن الاخيرة لجورجيا واوكرانيا يقول محللون ان بايدن استطاع ان يهدم كل ماحققته زيارة اوباما لموسكو.
ان من يعرف ظروف تشكيل فريق اوباما والتنازلات التي قدمها خلال التشكيل يدرك ان عدم ظهور شرخ في العلاقات بين الرئيس والثنائي هو كون اوباما لا يزال في فترة السماح التي تجعل منه رجل الساعة والوحيد القادر على اتخذا قرار دون رغبة احد في معارضته علناً سواء من داخل فريقه أو حزبه أو من معارضيه في الحزب الجمهوري. وعليه فان اوباما يتجاهل هذه المواقف في سعيه لتحقيق أشياء ملموسة تساعده على مواجهة ما بعد فترة السماح. والا انقلبت الامور لغير مصلحته بحيث انه قد يدفع بادارة اوباما الى التخلي عن اهدافها الخارجية في سبيل اعادة ترتيب البيت الداخلي. وعندها سنلمس ان الرئيس اوباما هو واحد من ثلاثة رؤساء يحكمون أميركا

بين فوضى بوش وفوضى أوباما..
بقلم: د. محمد احمد النابلسي
الأحد, 25 يناير 2009
وعدنا الرئيس الاميركي المنتخب أوباما بجملة خطوات اعتذارية غير قابلة للصرف حتى في المصارف الاميركية المفلسة. بدون الاضطرار لتقديم أية تعويضات او محاكمة المسؤولين عن إرهاب فعلي وجرائم حرب حقيقية. فهو يعدنا بتغييرات من نوع حسن النية منها اغلاق معتقل غوانتانامو ومعتقلات التعذيب الاميركية . كما يعدنا بالإقلاع عن سياسة أفضلية الخيارات العسكرية ومعها حسن نوايا الحوار. حيث سيدخل أوباما في حوارات غير مؤكدة وغير محددة مع ايران وسوريا ودول أخرى.
مجمل هذه التغييرات معدة لإعلان احتفالي ودعائي يهدف لتحسين صورة اميركا في العالم ولتشجيع إعادة التجمع حول الرئيس الجديد بصفته عقلاً مغايراً لعقل بوش.
ولكن ماذا عن استراتيجية اوباما في مواجهة التحديات؟. والإستحقاقات أمامه كثيرة ومتفجرة. فهل يقف أوباما عند حدود التخلي عن استراتيجية الفوضى البناءة الفاشلة في دول القوقاز وفي اوروبا الشرقية حيث عادت الاحزاب الشيوعية للحكم وفي الدول العربية حيث خلفت دولاً فاشلة في العراق ولبنان وفلسطين. وهو ما يعني العودة الى الفوضى التقليدية والتهديد بها كبديل للتهديد بالتدخل العسكري الاميركي. حيث يمكن اعتبار حرب اسرائيل على غزة نموذجاً لفوضى أوباما الجديدة. فهنالك انقسام فلسطيني يصل الى حدود الحرب الأهلية. في تكرار للمشهد اللبناني لجهة تحالف فريق لبناني مع اسرائيل والاستعانة بها لتحقيق اجتياح لبنان العام 1982 جاءت محاولة اجتياح غزة محاولة لإختبار تكرار تجربة الاجتياح اللبنانية. وهذه الفوضى التقليدية يمكنها تهديد الداخل في قائمة طويلة من الدول العربية وغير العربية بدون أي تدخل عسكري اميركي. بل انها تحول هذا التدخل الى تدخل انساني تطلبه الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية على غرار تدخل المارينز في لبنان العام 1981 فهل هذا فعلاً ما يمكن توقعه من بشرى الرئيس الاسود الاول في اميركا المطروح كصحوة ضمير اميركية؟.
ولنستعرض معاً بعض التقارير الموضوعة على طاولة أوباما وأولها تقرير يتوقع تغيير ملك سعودي مرة كل عام. حيث يضم التقارير ملفات صحية لولاة العهد السعودي. وهي تشير الى ان وصولهم بالتراتبية المعهودة ستتيح لكل منهم ان يحكم لأقل من سنة واحدة. ومعلوم ان صحة ولي العهد الحالي متدهورة بما لا يضمن بقاءه حياً لتسلم الحكم. وهو يعني ان الدولة المتصدرة وصاحبة الميل للهيمنة على القرار العربي هي دولة غير مستقرة وغير قادرة على مواجهة الاستحقاقات الصعبة للمرحلة. وذلك على حساب الدول العربية الأخرى وبعضها يملك مقومات تجنيب المنطقة لحالة عدم الاستقرار واخراجها من حروبها الكلامية والثأرية والإستعراضية المميتة.
اما التقرير الثاني على مائدة الرئيس فهو يتعلق بفعالية القيادات العربية الصديقة لاميركا سواء منها الحليفة تقليدياً أو المصنعة وفق وصفة لحوم الهمبرغر التي تحتوي على غير اللحم. ويشير التقرير لانعدام فعالية قائمة من هذه القيادات لغاية تفضيل عدم الاستمرار في دعمها ولا نقول التخلص منها احتراماً منا لبراءة وعود أوباما الرسولية برأي بعضهم.
وبالانتقال الى الوقائع الميدانية نجد ان ادارة بوش فخخت كل ملفات السياسة الخارجية قبل رحيلها من غزة حتى جورجيا مروراً بالبلقان. ولنا ان نستشف من غياب اوباما عن السمع وصمته على جرائم الحرب في غزة ومن ثم تغاضيه عن الاتفاقية الامنية بين رايس وليفني ان اوباما لا يمانع اللجوء الى الحلول المفروضة بالقوة على العرب والدول العربية. خاصة في ظل ضعف هذه الدول وعدم استقرار معظمها. وهو ما أكدته الحرب على غزة التي بينت ان نسبة 80% من المواطنين العرب يعيشون في ظل حكومات لا تعبر عنهم وعن عواطفهم وضمائرهم وعقلهم الجمعي الذي أدمته غـزة. وان كانت حكومة لبنان قد إلتفت على ذلك مستندة لتجربة حرب تموز حمالة الأوجه ما بين الشاي والإستدانة على المعونات. وهي خبرة نعتقد ان الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته يحتاجها. وربما احتاج لزيارة قريبة الى لبنان لتلقي الدروس في التعامل مع مرحلة مابعد الدمار والدماء.
نهاية فان بوش كان يهددنا بتغيير خارطة الوطن العربي وتقسيم دوله بدءاً من السعودية نفسها لمن يذكر تهديداته. أما أوباما فهو يعدنا بترك دولنا لحالة عدم الاستقرار المتأصل في بعضها كما يترك لنا حرية التعامل مع فوضى وحشية وغير بناءة كتلك التي قادها بوش عبر مصنعه الخاص بقيادات تليق بغباء سياساته. وإنشغال أوباما بالاقتصاد والعلاقات مع روسيا والصين قد يجعله يمدد لنا فوضى هذه القيادات لفترة قادمة. وبذلك يضعنا المنقذ أوباما امام الفوضى غير المنظمة تحت حكم أغبياء بوش. فإستعدوا لمعركة النزاع على سرقة أموال اعادة اعمار غزة… للمزيد راجع الهيئة اللبنانية العليا للإغاثة…

عثرات أوباما وأخطاء بوش
د. محمد احمد النابلسي
15 مارس 2009
احتفل الرئيس الأميركي باراك أوباما مؤخراً بمرور 50 يوماً على تسلمه سدة الحكم في البيت الأبيض كأول رئيسٍ أسود في تاريخ الولايات المتحدة، وهو الحدث الذي أثار العالم من محيطه إلى محيطه وهز مشاعر الكثير من مواطنيه. إلا أن العثرات الأولى لأوباما جاءته من حيث لا يحتسب. فلم تأت العثرات من الملفات الكبرى المطروحة التي بقيت فيحال مراوحة بل جاءته من السودان وكوريا والصين.
عثرات أوباما تذكر بعثرات بدايات بوش وهو تشابه يبعث على التشاؤم. فحادثة السفينة الصينية الاسبوع الماضي تشبه حادثة الطائرة الأميركية التي احتجزتها الصين بعد الفترة نفسها من حكم بوش. وموقف كوريا الشمالية من المناورات يستغل الوضع الأميركي الحرج بما يذكر بالموقف الياباني إثر حادثة سفينة الصيد مطلع عهد بوش. اما مذكرة اعتقال البشير فتأتي امتحاناً لاستمرارية سطوة السياسة الأميركية على المؤسسات الدولية. بما يذكر بتراجع بوش فور انتخابه عن تعهداته لهذه المؤسسات مع بقائها تحت السيطرة.
الى هذه العثرات تضاف أخطاء تكتيكية لعل أهمها اعتماد أوباما قرار مواصلة قصف المدنيين في أفغانستان وباكستان استناداً إلى معلومات استخبارية زائفة باعتراف أميركي. وهو ما يضاعف فضيحة كتاب “إرث من الرماد” للكاتب الأميركي المتخصص في شؤون المخابرات تيم وينر. والكتاب يؤكد ضحالة وكالة الاستخبارات الأميركية ولجوءها لتغيير النتائج لإصلاح أخطائها. ليخلص الكاتب إلى ان أوباما يرث مخابرات من رماد. وهو ما يعني ان أوباما سيكرر أخطاء بوش ان هو وثق بمعلومات مخابراته.
ومع رحيل بوش يتفنن كثيرون بمبادئ الحكمة الرجعية في تفنيد أخطاء بوش بمن في ذلك كتاب اللوبي الصهيوني. وكان الحضور العربي ضرورياً في هذا المجال كوننا الأمة الأكثر تضرراً من سياسات بوش وذلك على اختلاف انواعنا وقطعاننا السياسية. وكالعادة فان الحضور العربي لم يكن مؤسساتياً ومخططاً بل جاء كالعادة فردياً حيث تصدى المؤرخ الكبير رشيد الخالدي، وهو بالمناسبة أستاذ الراحل أدوارد سعيد، للموضوع في كتابه الجديد “بعث الإمبراطورية” حيث يسرد الخالدي قائمة الأسئلة المطروحة حول فشل بوش ليخلص الى كونها موازية للحقيقة وليست في صلبها. ومن هذه الأسئلة يكرر الخالدي التالية منها: لماذا تدهورت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط الى هذا الحد؟ هل السبب هو عدم كفاءة الإدارة السابقة أو فشلها في تأمين الدعم والشرعية الدوليين الكافيين قبل التوجه الى الحرب؟ أم بسبب فشلها في وضع الخطط لحقبة ما بعد الحرب في إطار ما يعرف ببناء الأمة؟ أم لأنها لم توفر ما يكفي من القوات العسكرية لضمان الأمن؟ أم أن السبب يكمن في أن هذا المشروع كان محكوماً عليه أصلاً بالفشل من البداية بسبب المضاعفات الحتمية لخطة سيئة التحضير؟.
الخالدي من جهته يرفض كل الفرضيات الكامنة وراء هذه الاسئلة ليشير الى ان المسألة الحاسمة هي ما إذا كانت الولايات المتحدة بقيامها بغزو واحتلال وفرض نظام جديد على العراق تحذو حذو القوى الاستعمارية القديمة. لا بل أسوأ: هي ربما تفعل ذلك في منطقة لا تزال ذاكرتها الحية تختزن صور النضالات الطويلة لطرد تلك القوى الاستعمارية المكروهة. فحتى الجيل العربي الجديد لا يزال واعياً بقوة لما تمت خسارته للاحتلال الأجنبي قبل سنوات طويلة.
المفكر الخالدي لا يقدم بهذا مجرد وجهة نظر وانما يصور واقعاً أمسى واضحاً جلياً بالنسبة للغرب وبخاصة بالنسبة للأميركيين ولأوباما نفسه. لكن اعتماد هذه الرؤية يقتضي نظرة ايجابية نسبياً الى القومية العربية وهي نظرة تخلى عنها كثير من العرب عداك عن كونها خطراً على رئيس الداعم الرئيسي للدولة العدوة لهذه القومية. لذلك نقدر تجاهل أوباما لهذه الرؤية. وعليه نعود الى تعداد ثغرات مشروع بوش في المنطقة عموماً وعدوانيته للعرب والمسلمين خصوصاً. وأهم هذه الثغرات التالية:
1- الاعتماد على نصائح إسرائيلية لكون إسرائيل على تماس مع المنطقة. وللموضوعية يتم اللجوء إلى اللوبي اللبناني الصهيوني بشخوص وليد فارس وجو بعيني وأمثالهم ممن يكنون مشاعر كراهية حاقدة ضد العرب والمسلمين. وليس أدل على ذلك من قول بوش الأب بعد حديث عن العرب مع احد أعضاء هذا اللوبي المدعو فؤاد عجمي. حيث خرج بوش صائحاً هذا الرجل أكثر كرهاً للعرب من الإسرائيليين!؟.
2 – الاعتقاد الخاطئ بعالمية القيم الأميركية خاصة في الشرق المسلم صاحب التراث والنصوص. مما يجعله عصياً على الديمقراطية الأميركية التي يمر نشرها بشن حروب تصل ضحاياها إلى مئات الآلاف لتبقى الديمقراطية الموعودة من نصيب الناجين من هذه الحروب. حيث من الطبيعي ان يتحول الناجون من الكارثة إلى مقاتلين أو إلى مشاعر الذنب أو إلى متشبهين بالمعتدي. والأنواع الثلاثة لا علاقة لها بالقيم الأميركية وديمقراطيتها. وها هو العراق يبرهن ذلك عملياً.
3- تجاهل الخصوصيات الحضارية: حيث توجد مسافة خفية بين الحرية وبين الكرامة. وحيث شعوب المنطقة تفضل الكرامة على الحرية لو كانت خياراً. وذلك بدليل المقاومة العراقية الشرسة في وجه الاحتلال. فالنظام الشمولي يقمع حريات معاديه السياسيين لكنه يحتفظ للشعوب بكرامتها. وهو عكس ما يفعله المحتل إذ ينتهك كرامة الشعوب ويحاول تعويضها بقناع من الحرية الزائفة. فهل دفع الشعب العراقي مئات آلاف القتلى وأضعاف هذا العدد من المعوقين والجرحى كي يحصل على نعمة الانتخابات؟. وهل تم تهديم البنى التحتية العراقية في البلد من أجل دعم الشركات الأميركية المفلسة؟. وهل تم نشر الفوضى في العراق لغاية خطر اندلاع صراع أهلي فيه من أجل دولة لا تشبه الدول وتتعثر إذا انسحب الأميركيون!؟.
4- تهديد التوازنات الإقليمية من خلال الإصرار الأميركي على إلغاء المؤسسات الإقليمية وإصابة القوى الأساسية بالشلل وتشجيع الصغار على تجاوز حدود فعاليتهم الإقليمية. وذلك وصولاً إلى نشر الفوضى الإستراتيجية بغية إعادة تركيب المنطقة وفق التصورات الأميركية. وهنا يطرح السؤال حول مستقبل المنطقة وشعوبها بعد ثبوت انعدام صلاحية التصورات الأميركية وعدم قابليتها للحياة في هذه المنطقة من العالم؟.
5 – تجاهل التناقضانت الإقليمية: يحاول الأميركيون تطبيق مشروعهم في منطقة عابقة بالتراث وبالتالي بتاريخ من الأحقاد البينية. بحيث يصبح من الحماقة التفكير في جمع هذه الأحقاد التاريخية في تصور موحد. فالتاريخ لم ينتهي وهو لم يأتي بالمصادفة. إذ تتوزع دول وشعوب المنطقة وفق نسيج حضاري يضم ملامح التاريخ المشترك لكنه يحتوي أيضاً على تاريخ الخلافات بين المكونات الحضارية للمنطقة.
6- أن أميركا انتصرت في حرب باردة طالت الجوانب الثقافية والإيديولوجية والاقتصادية دون أن تكون عسكرية بحال من الأحوال. ولو قبل الإتحاد السوفياتي التحول إلى فاشية شبيهة لكانت لديه قوة عسكرية كافية للاستمرار وإن كانت غير كافية للنصر. وعليه فقد كان من الخطورة بمكان أن تبدأ الحروب العسكرية الأميركية بعد الانتصار الفكري النظري الخالص.
7- تناقض المنطلقات السياسية الأميركية الراهنة مع جملة ثوابت إستراتيجية أميركية سابقة. حتى يمكن القول بوجود انقلاب على هذه الثوابت يقوم به صقور إدارة بوش. ولعل في مقدمة هذه الثوابت الرفض الأميركي لخوض الحروب مفتوحة النهايات. فلا حرب أفغانستان انتهت ولا الحرب العراقية تنبئ بنهاية قريبة. وقرارات أوباما لا تزال نظرية في الحالتين.
8- أن العسكريتاريا والفاشية التي اعتمدها بوش تحتاج إلى مساندة شعوب مستعدة للتضحية بأبنائها ورخائها. وهي تضحيات يستحيل طلبها من الشعب الأميركي مهما بلغت درجة تخويفه من الإرهاب ومن الإسلام أو من غيرهما. خاصة وإن سوابق القوة الأميركية لا تدعم بحال هذه الفاشية. فقد فشلت هذه القوة في كوريا وفيتنام وغيرهما. وهي حملت وزر قنبلتين نوويتين في اليابان بثمن تحريك المارد الصيني. كما أن معارضة الأمركة المتحولة إلى الفاشية هي معارضة عالمية. بدليل اضطرار بوش لخوض حرب العراق بدون موافقة مجلس الأمن الدولي وحتى حلف الأطلسي. كما بدليل تخلي دول التحالف عن المعركة في أفغانستان.
9 – تحول الفكر السياسي الأميركي من الليبرالية والواقعية المطلقة إلى مبدأ الكرامة الصوفية. ومحور الصوفية البوشية الاعتقاد بحتمية النصر الأميركي مهما كانت الظروف. ومن مظاهر هذه الصوفية طروحات النهايات: التاريخ والإيديولوجيا والأنثروبولوجيا وغيرها من النهايات. وهذه الصوفية السياسية كانت محرك الحرب على العراق. وهي حرب احتاجت إلى التفاؤل الصوفي المتطرف لخوضها.
وبعد مراجعة هذه الأخطاء البوشية لا بد من التوقف عند واقع إن المراجعة التاريخية لمحاولات تغيير الجغرافيا غير مشجعة. فالعديد من حروب القرن العشرين انطلقت من ظلم معاهدة فرساي. بما في ذلك الحرب العالمية الثانية والحروب العربية الإسرائيلية… الخ. وعليه فان إصلاح كوارث بوش يجب ان يمر بوقف كل مشاريع تغيير خريطة المنطقة المطروحة من قبل المحافظين الجدد وعدم العبث بجغرافيتها.

التشكيك بقدرات أوبـاما
نبي يحمي دستور الآباء الاوائل
انتقدت الكاتبة الأميركية كاثلين باركر الأساليب الخطابية الناعمة التي يتبعها الرئيس الأميركي باراك أوباما في محاولاته مواجهة الأزمات التي قالت إنها برزت في فترة رئاسته بشكل غزير.
وأوضحت الكاتبة في مقال نشرته لها صحيفة واشنطن بوست الأميركية الجمـعة 2/7 أنها لا تقصد أن تنعت رئيس بلادها الحالي بكونه أقرب إلى النعومة الأنثوية في تصرفاته إزاء مواجهة الأزمات، ولكنه يبدو وكأنه يعاني نقصا في الهرمونات الذكورية عندما يتعلق الأمر بخطاباته بشكل عام.
وبينما قالت باركر إن النساء كن يُنتقدن لتجرؤهن على الكتابة أو الحديث أمام الملأ ويلمن على تصرفهن بشكل “أقرب إلى الرجولة” أو “أبعد عن الأنوثة” إلى وقت ليس بالبعيد، أشارت الكاتبة إلى دراسة وصفتها بالمدهشة تناولت تصرفات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي خلصت إلى أن السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة تتصرف وكأنها محام أو بشكل أوضح وكأنها “رجل”.
وفي حين أشارت الكاتبة إلى أن بيل كلينتون أيضا كان يوصف بكونه “أول رئيس أسود”، حيث كان يستخدم الكثير من المفردات والعبارات التي يستخدمها السود، قالت إن القبول بذلك الوصف المتعلق ببيل والتسليم بكون هيلاري تتصرف كالرجال قد يسمح للمرء بالقول إن أوباما يتصرف بنعومة أقرب إلى “الأنوثة”.
كما انتقدت باركر الرئيس أوباما إزاء المفردات التي قالت إنه استخدمها أثناء محاولته مواجهة أزمة التسرب النفطي في خليج المكسيك، وأضافت أنه يمكن جمعها لتشكل كتابا، وقالت إنه لا أحد كان يتوقع من أوباما أن يرتدي بزة ضد البلل ويغوص إلى أعماق البحر ليغلق مكان التسرب، لكنه كان يملك السلطة التي تمكنه من التدخل المباشر ولم يفعل.
وأضافت أن أوباما أوكل أمور التسرب لشركة بي بي وأنه كان يقدم النكات للصحفيين أثناء تناول العشاء في البيت الأبيض بدلا من تواجده في سواحل ولاية لويزيانا المتضررة بالتسرب النفطي في الوقت المناسب.
ومضت باركر إلى أن عدم اتخاذ أوباما قرارا حاسما وفوريا إزاء التسرب النفطي ربما يعبر عن نقص في مهارات القيادة، وأضافت أن رئيس بلادها لم يظهر ليخاطب الأمة الأميركية إلا بعد مضي 56 يوما على الكارثة، وأن خطابه احتوى 13 تركيبا لغويا في صيغة المبني للمجهول.

الدكتور محمد أحمد النابلسي

رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
http://www.mostakbaliat.com/?p=28288
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: