Tuesday, November 20, 2012



1. الخروج الصائب للجيش الإسرائيلي
عمير ربابورات

يتميز الجيش الإسرائيلي عموما بخطوات ابتداء المعارك. أما المسار، وخصوصا نهايات كل معركة، فالقصة مغايرة تماما. وفي هذا المجال فإن إنجازات الجيش الإسرائيلي، وخصوصا المستوى السياسي، تحتاج إلى تعديل تاريخي.

وماذا هذه المرة؟ هاكم عدة وقائع أساسية. الزمن، عموما، لا يعمل لمصلحتنا. بعد الخطوة الابتدائية المذهلة، اغتيال أحمد الجعبري، سيكون صعبا الحفاظ على الزخم. لقد تطلب الأمر من حماس بضع ساعات لاستيعاب الصدمة، لكن الإطلاقات المكثفة يوم الخميس كانت متوقعة، فضلا عن الثمن الباهظ من الصواريخ. وبوسع حماس أن تستخدم أيضا أسلحة أكثر مفاجأة (بما فيها صواريخ أرض بحر)، وربما تنفيذ عمليات بعيدا عن قطاع غزة. كما أن خطر الإطلاقات نحو وسط الدولة لم يتبدد رغم النجاح في ضرب صواريخ فجر، رغم المفارقة، بأنه يسهل على الجيش الإسرائيلي ضرب راجمات الصواريخ البعيدة المدى أكثر من ضرب الكاتيوشا. وذلك لأنها أكثر ظهورا، ووقت تشغيلها أطول.

وكما الحال دائما، العالم يمنح إسرائيل بضعة أيام لمعالجة مشاكلها. في الأسبوع المقبل سيبدأ الضغط من مجلس الأمن الدولي. والعناوين حول المدنيين القتلى في غزة ستسيطر على الشاشات في العالم، والتسامح تجاهنا سيتقلص، وهذا ما سيشعر به الجيش أيضا. وعلاوة على ذلك، كل يوم يمر يحمل معه زيادة الضغوط على الحكومة المصرية لاتخاذ خطوات تلحق ضررا تاريخيا باتفاقية السلام ذات الطبيعة الاستراتيجية مع إسرائيل.

ولكن أيضا ينبغي أن نتذكر: التفوق النوعي والكمي لإسرائيل على حماس هائل. وهو أكبر، للمقارنة، من الفجوة بين روسيا وجورجيا التي سحقت تحتها. والحديث يدور عن فجوة ستشعر بها حماس جيدا خلال الأيام القريبة. ولكن هل يمكن الاستنتاج أن تحقيق غايات الحرب مضمون؟ بالتأكيد لا.

الهدف: تحديد الغايات

أولا، المشكلة تبدأ بتحديد غايات العملية. لا تنفعلوا من تحديد الغايات المتواضعة التي عرضها وزير الدفاع غداة بدء «عمود السحاب». فالجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي يريدان أكثر. والآمال المتدنية تناسبهما، خصوصا بعد أن تعلما الدرس من الآمال المفرطة التي عرضت عند شن حرب لبنان الثانية وارتدّت عليهم لاحقا.

ورغم ذلك، لا تكونوا واثقين بأن الجيش والمستوى السياسي يعرفان كيف يريدان أن تنتهي هذه العملية. وتقريبا بعد أربع سنوات من «الرصاص المسكوب»، كان مذهلا أن نعرف قبل حوالي شهر (في مؤتمر معهد فيشر للطيران والفضاء) أن الجيش الإسرائيلي أرسل للعملية في مطلع 2009 من دون غايات محددة حقا. وأصحاب المناصب حينها، رئيس الأركان غابي أشكنازي، وزير الدفاع إيهود باراك، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، قائد الجبهة الجنوبية يؤاف غالانت وقائد سلاح الجو عيدو نحوشتان، كشفوا في مؤتمر مثير، واحدا تلو الآخر، ما حدث خلف كواليس تلك العملية.

إجمالا: عملية «الرصاص المسكوب» شنت من دون تحديد غاياتها سلفا. وأثناء القتال دارت سجالات شديدة داخل الجيش الإسرائيلي، وداخل المستوى السياسي وبين الجيش والمستوى السياسي. في نهاية المطاف استمرت العملية أكثر من ثلاثة أسابيع، على الأقل أسبوعا أكثر من المطلوب لتحقيق الغايات (الردع لفترة طويلة نسبيا مقابل الجهات التي تطلق النيران من القطاع، وفي مقدمتها حماس).

ورغم الوقت الطويل للعملية، لم يتلق الجيش الإسرائيلي ضوءاً أخضر للذهاب حتى النهاية والعمل على تهشيم سلطة حماس في غزة. وتضمنت الأيام الأخيرة ل«الرصاص المسكوب» مراوحة تامة في المكان وغارات عديمة الجدوى فعلا على أحياء سكنية في قلب غزة حتى الخروج منها.

ولو تم اعتبار «الرصاص المسكوب» فاشلة، على شاكلة ما حدث في حرب لبنان الثانية، وتم بعدها تشكيل لجنة تحقيق، لانتقدت مسار اتخاذ القرارات على الأقل كالفصل المشابه في لجنة فينوغراد. والآن أيضا، الطريق الذي يخرج فيه الجيش الإسرائيلي للحرب حاسمة.

احتمالات الجيش

1 عملية جوية قصيرة

سيناريو: الجيش يواصل هجماته ضد أهداف في قطاع غزة لعدة أيام أخرى ويتجنب العملية البرية بشكل مطلق.

المزايا: في عملية جوية يكون الخطر على القوات بالحدود الدنيا. وللجيش الإسرائيلي قدرات لضرب أهداف موضعية بشكل جراحي، كما ثبت في اغتيال أحمد الجعبري.

العيوب: بعد فترة معينة يستنفد «بنك الأهداف» الإسرائيلي ذاته. فعملية جوية فقط لن تقود، كما يبدو، حماس لترجي وقف النار. كما أن عدد المصابين المدنيين قد يكون عاليا، وفي مرحلة معينة سيزداد الضغط على إسرائيل لوقف الهجمات، سواء من الجبهة الداخلية أو من الأسرة الدولية.

الاحتمال: متوسط

2 عملية قصيرة مشتركة

السيناريو: عملية جوية قصيرة تترافق مع خطوة برية سريعة وفتاكة.

المزايا: العملية يمكن أن تمارس ضغطا سريعا على حماس لوقف النار ولمعالجة راجمات الصواريخ المدفونة عميقا في الأرض. ولكن مخاطر التورط البري والخسائر متدن نسبيا، لأن الجيش استعد جيدا لخطوة كهذه طوال سنوات. والخطوة تنفذ بواسطة آليات مدرعة جيدا ومحمية، تترافق مع غلاف ناري شديد الدقة.

العيوب: كل خطوة برية تنطوي على خطر وقوع إصابات، سواء في أوساط الجنود الإسرائيليين أو المدنيين الأبرياء. والجيش الإسرائيلي يحتاج لعملية تستمر شهرا على الأقل من أجل الإيقاف التام للنيران، وما استمر تساقط الصواريخ فإن هذا الإنجاز يظل بالغ المحدودية. كما أن احتمال اتخاذ مصر خطوات ضد إسرائيل، وصولا لتعريض معاهدة السلام للخطر، سيكون حقيقيا.

الاحتمال: عال

3 عملية برية لأسابيع

سيناريو: الجيش الإسرائيلي سيدخل لعملية تمتد على مدى أسابيع حتى الوقف التام للنيران ويخرج من طرف واحد بعد إلحاق ضرر جوهري بحماس ومنظمات الإرهاب الأخرى.

المزايا: خطوة لعدة أسابيع تسمح بمعالجة معمقة للبنى التحتية للإرهاب في قطاع غزة.

العيوب: مخاطر عالية لوقوع خسائر وضغط دولي شديد على إسرائيل جراء الإصابات في صفوف الأبرياء. خوف حقيقي من المساس الفعلي بمعاهدة السلام مع مصر. ولحظة يخرج الجيش الإسرائيلي، يمكن للوضع أن يعود إلى سابق عهده.

الأرجحية: متدنية

4 خطوة لشهور

السيناريو: الجيش الإسرائيلي يخرج لعملية طويلة تتضمن طحن سلطة حماس، السيطرة على محور فيلادلفي وشق الطريق لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.

المزايا: هذا هو الحل المثالي لسنوات طويلة، يرمم الردع ويمنع إطلاق النيران على جنوب البلاد. وحتى عشية دخول القوات الإسرائيلية للمدن في يهودا والسامرة في عملية «السور الواقي» في العام 2002 كانت الخشية شديدة من الدخول إلى قلب المدن والبلدات القديمة، ولكن مع الوقت اعتبرت العملية نجاحا كبيرا.

العيوب: احتمالات هائلة للتورط ووقوع إصابات في مرحلة استقرار وبقاء القوات الإسرائيلية في مدن قطاع غزة. والمتوقع ضغط دولي شديد لوقف العملية، وأيضا ضرر لا يمكن إصلاحه لمعاهدة السلام مع مصر.

الاحتمال: متدنية.

معاريف 16/11/2012

السفير، بيروت، 19/11/2012


Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: