ما هي إحتمالات سقوط نظام الرئيس بشّار الأسد؟
الإثنين 17 كانون الأول 2012، ناجي س. البستاني - مقالات النشرة
في كلّ مرّة السيناريو نفسه. تصريح روسي مثير للجدل، وتنطلق التحاليل والتكهّنات بشأن صفقة روسية – أميركية لإنهاء الوضع المتفجّر في سوريا، قبل أن يأتي النفي أو التوضيح من مسؤول روسي آخر، لتعود الأمور إلى نقطة الصفر! والحديث الغربي عن الأيّام المعدودة للنظام السوري، وعن الفصل الأخير من كتاب "آل الأسد" رافق الأزمة السورية منذ تفجّرها، قبل سنة وتسعة أشهر، إلى درجة أنّ أحداً لم يعد يعطيها أيّ قيمة. لكن بمجرّد أن يتمّ إطلاق تصريح عن ضعف النظام، من روسيا، الداعم الأوّل لدمشق، والتي تؤثّر قراراتها على الصين، وخصوصاً على قرارات مجلس الأمن الدولي، يتجدّد تلقائياً السؤال: هل بدأ سقوط نظام الرئيس بشّار الأسد فعلاً، وذلك حتى لو عادت موسكو ونفت التصريح نفسه! وللإجابة على ذلك، لا بد من إستعراض كل الإحتمالات التي يمكن أن تقلب الصفحة في سوريا.
أوّلاً: تعرّض الرئيس السوري بشّار الأسد لعمليّة إغتيال. وهذا إحتمال صعب التحقيق، نظراً للإجراءات المشدّدة التي يتّخذها الفريق الأمني المولج حماية الرئيس، ليس حالياً، بل منذ سنوات طويلة. لكنّ هذا الإحتمال يبقى وارداً، باعتبار أنّ من تمكّن من تفجير مركز الأمن القومي السوري، ووزارة الداخلية، قد يتمكّن من تحقيق ذلك، في حال خرق الدائرة الضيّقة للرئيس.
ثانياً: تنحّي الرئيس الأسد شخصياً، ومغادرته البلاد. وهذا إحتمال شبه مستحيل، نظراً إلى طبيعة شخصيّة الرئيس السوري، والتي هي نموذج مثالي للقادة بخلفيّة عسكريّة، مع ما يعنيه هذا الأمر من رفض للإقرار بأي هزيمة، مهما بلغت الضغوط والصعوبات. والأمثلة التاريخية على ذلك كثيرة، وقد يكون أبرزها في التاريخ الحديث، قيام الزعيم الألماني أدولف هتلر بتوزيع الأوامر العسكرية على كبار ضبّاطه، وكأنّه لا يزال يحكم العالم، وذلك قبل وصول "الحلفاء" إلى مقرّه بساعات! ومن بين أمثلة الماضي القريب، العقيد الليبي معمّر القذّافي الذي قُتل بشكل شنيع، وجرى التنكيل بجثّته، وذلك بعد تمسّكه بموقفه المتعنّت الرافض لتسليم السلطة، وغير الواقعي في تقييمه للأوضاع الميدانية في ليبيا حتى اللحظة الأخيرة.
ثالثاً: الوصول إلى إتفاق تسوية، برعاية إقليميّة دولية، يسمح بخروج مشرّف للرئيس السوري من السلطة، في ظلّ ضمانات دولية بعدم محاكمته، وبتوفير لجوء سياسي آمن له في المكان الذي يختاره. لكن هذا الإحتمال بعيد تماماً في المرحلة الحالية، أوّلاً بسبب عدم نضوج أي تسوية للقضيّة السورية، على الرغم من كل ما يشاع عن مفاوضات جنيف، وعن مفاوضات تحت الطاولة، إلى ما هنالك من أقاويل! وثانياً، لأنّ النظام السوري لا يزال يعتبر حتى هذه اللحظة أنّه يستطيع الصمود لسنوات طويلة بعد، على الرغم من الهجمة العربية – الدولية الشرسة عليه.
رابعاً: سقوط المقرّات الرسميّة الرئيسة في دمشق، وإضطرار الرئيس الأسد إلى المغادرة إلى طرطوس أو بانياس أو اللاذقية، لمحاولة فرض "كانتون علوي" مفتوح على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. لكنّ هذا الإحتمال ضئيل جداً، لأنّ النظام السوري إمّا يسقط وتنهار ألوية الجيش تباعاً، ككرة ثلج، أو يبقى صامداً ومتماسكاً ويحظى بحماية جزء كبير من قوى الجيش النظامي. وبالتالي، إنّ قرار النظام السوري، أقلّه حتى اليوم، هو عدم الرضوح لخطّة تقسيم سوريا، إلى ثلاث مناطق: سنّية وعلويّة وكردية، وما تعنيه من تطهير عرقي ومذهبي بغيض، خاصة على حساب الأقليّة المسيحيّة التي تتعرّض للإضطهاد من الفصائل السلفيّة للمعارضة، وكذلك على حساب الأقليّة الدرزيّة، وإن بنسبة أقل. لذلك يلعب النظام ورقة كامل سوريا، فإمّا يربحها كلّها، أو يخسرها كلّها!
خامساً: تمكّن المعارضة السورية من محاصرة الرئيس الأسد، وربّما الوصول إليه، نتيجة إنهيار سريع ومفاجئ لألوية النخبة التابعة له. ومشهد سقوط العاصمة العراقية بغداد في خلال ساعات ومن دون مقاومة في نيسان من العام 2003، ما زال ماثلاً في الأذهان! ففي الوقت الذي كان الكثيرون يتوقّعون معارك ضارية في أحياء العاصمة العراقية ضد "الغزو الأميركي"، فرحين بمعلومات المتحدّث بإسم النظام محمد سعيد الصحّاف، فوجئوا بالسقوط السريع لبغداد، نتيجة أوامر أعطاها قائد الحرس الجمهوري العراقي آنذاك، ماهر التكريتي، الذي كان يُعتبر الظلّ الشخصي للرئيس صدام حسين، بعَدم تفجير الجسور وبعدم القتال، بالتنسيق مع رئيس الإستخبارات العراقية طاهر جليل الحربوش التكريتي. وكثرت الأقاويل عمّا جناه كلاهما من الإدارة الأميركية في مقابل "خيانتهما". وهذا السيناريو العراقي غير مستبعد في سوريا، لكن من الضروري الإشارة إلى فارق أساسي، هو أنّ ألوية الحرس الجمهوري ووحدات النخبة في الجيش السوري، هي في يد أقارب وأنسباء مباشرين للرئيس بشّار، وليس مقرّبين منه فحسب، وهم بالتالي في نفس السفينة، يغرقون معاً أو يطوفون معاً!
0 comments: