يُغيرون خريطة القدس: لجنة التخطيط تُقر
بناء واسع خلف الخط الاخضر../
هآرتس – من نير حسون وآخرين - الثلاثاء 18/12/2012
زخم يتواصل باقرار البناء خلف الخط الاخضر. فقد أقرت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس أمس بشكل نهائي اقامة 1.500 وحدة سكن جديدة في حي رمات شلومو خلف الخط الاخضر. وقد جر هذا الاقرار منذ الآن شجبا امريكيا. وفي الايام القريبة القادمة سيُبحث في ثلاث خطط بناء كبرى اخرى لاقامة حي جديد في جنوب المدينة – جفعات همتوس – هو الآخر خلف الخط الاخضر.
وكان مخطط توسيع رمات شلومو أقر أول مرة في اذار 2010، في اثناء زيارة نائب الرئيس الامريكي جو بايدن الى البلاد، قبل وقت قصير من لقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد أحدث القرار في حينه أزمة غير مسبوقة بين اسرائيل والادارة الامريكية والقت بظلالها على زيارة نائب الرئيس. وفي أعقاب الازمة جمد المخطط وسحبت مخططات اخرى في شرقي القدس من جدول الاعمال. ولكن قبل اسبوعين، بعد أن قُبلت فلسطين كعضو مراقب في الامم المتحدة ورئيس الوزراء أعلن عن زخم بناء في شرقي القدس وفي المستوطنات ردا على الخطوة الفلسطينية بدأوا في وزارة الداخلية يسرعون الاقرار. ويجري الان المضي في المخطط قدما في مسار سريع، من خلال "لجنة لاستكمال المخططات" – لجنة متفرعة عن اللجنة اللوائية التي من صلاحياتها دفع المخططات العالقة منذ زمن بعيد الى الامام. ومع أن المادة في القانون التي تتيح اقامة مثل هذه اللجنة موجود منذ عدة سنوات الا ان هذه هي المرة الاولى التي تقام فيها مثل هذه اللجنة. وردت أوساط وزارة الداخلية الادعاءات وقالت ان المخطط كان يدفع الى الامام على مدى كل الفترة الاخيرة دون صلة بالاجراءات السياسية.
وكان مخطط رمات شلومو قد حثه سياسيون اصوليون يرون فيه جزءا من حل أزمة السكن في الوسط الاصولي في القدس. فالمخطط يكثف الحي الاصولي شمالي العاصمة. وسيزيد التوسيع الفاصل اليهودي بين الاحياء الفلسطينية في شمالي القدس – شعفاط وبيت حنينا وبين الاحياء الفلسطينية بين وسط القدس. وهكذا فانه سيثقل على كل محاولة مستقبلية لتقسيم المدينة.
وقد اقر المخطط في ظل تقليص معين في حجم البناء، فبدلا من 1.600 وحدة سكن أقر 1.500، بسبب ادعاءات سكان رمات شلومو بالاكتظاظ والمساس بالمشهد. وهكذا الزم المستثمرون بالحفاظ على موقع اثري عثر عليه في المكان.
هذا وستستمر موجة اقرارات مخططات البناء في شرقي القدس في الايام القريبة القادمة ايضا. وفي اليومين القريبين ستبحث اللجنة اللوائية واللجنة المحلية في القدس في ثلاثة مخططات بناء جديدة سيغير اقرارها دراماتيكيا خريطة جنوب القدس. وتتحدث المخططات الثلاثة عن اقامة حي يهودي جديد في جنوبي المدينة باسم جفعات همتوس. وسيقام الحي في منطقة موقع المقطورات القديم مقابل حي هار حوما. وغدا ستبحث اللجنة اللوائية – ومرة اخرى من خلال الاجراء الاستثنائي للجنة استكمال المخططات – في مخطط لاقامة نحو 900 وحدة سكن في جفعات همتوس المخصصة لليهود وكذا في مخطط آخر سيسمح الى جانب البناء للسكان اليهود البناء للسكان في بيت صفافا أيضا ولا سيما من خلال زيادة ارتفاعات المباني القائمة. ويوم الاربعاء ستبحث اللجنة المحلية في مخطط بناء ضخم في جفعات همتوس سيتيح اقامة 2.610 وحدات سكن.
ويفترض بالمداولات يوم الاربعاء أن تنهي اجراءات اقرار المخطط والسماح باقامة الحي. ويوم الخميس القريب ستبحث اللجنة اللوائية في مخطط آخر هو أيضا يوجد في مراحله النهائية، لاقامة نحو 1.200 وحدة سكن في غيلو. وفي 7/1 ستعود اللجنة اللوائية للبحث في جفعات همتوس، هذه المرة لاقامة منطقة فنادق كبرى في المكان.
وتعتقد أوساط اليسار بان اقامة الحي الجديد في جفعات همتوس ستفرض صعوبة حقيقية أمام تقسيم القدس، وذلك لانها ستعزل تماما قرية بيت صفافا. وهكذا مثلا تشرح حجيت عفران من السلام الان فتقول ان اقامة الحي لن يسح بان تطبق على القدس الخرائط التي تحققت في اتفاق جنيف، والتي تترك بيت صفافا مع ارتباط بالدولة الفلسطينية. كما ان الحي الجديد سينضم الى الاحياء اليهودية القائمة في المنطقة – غيلو وهار حوما – ليخلق كتلة يهودية ضخمة في جنوبي المدينة تفصل بين القدس وبيت لحم. واضافة الى ذلك، تدعي جمعية عير عميم، بان الفنادق التي ستقام في جفعات همتوس ستضر بشدة بصناعة السياحة في بيت لحم المجاورة.
وأعرب وزير الداخلية ايلي يشاي عن الرضى من اقرار الخطة في رمات شلومو: "وزارتي ستواصل العمل على زيادة عرض وحدات السكن لعموم السكان في مدينة القدس وكذا في البلاد بأسرها. ويشكل اقرار المخططات خطوة هامة وحيوية اخرى من الوزارة من أجل تحسين موضوع السكن، الى جانب تعزيز مدينة القدس".
ومن الجهة الاخرى هاجم نائب رئيس البلدية من ميرتس يوسف (بابا) الالو، موضوع اقرار المخططات في شرقي القدس فقال: "هذه الخطوة مخططة مسبقا ومن فوق ترمي الى الغاء كل فرصة للوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين. من يفعل هذا يعتقد أن هكذا يعاقب الفلسطينيين على توجههم الى الامم المتحدة، ولكن في هذه الاثناء العالم يعاقبنا ونحن سندفع لقاء ذلك ثمنا باهظا".
رئيسة العمل، شيلي يحيموفتش، امتنعت عن التعقيب بشكل شخصي على البناء في رمات شلومو. اما من حزب العمل فجاء التعقيب التالي: هذا قرار زائد وضار يمس بمكانة اسرائيل ويزيد عزلتها في العالم.
أما رئيسة "الحركة" تسيبي لفني فقالت معقبة على الاعلان عن البناء في رمات شلومو ان "البناء يمثل كل ما هو اشكالي في حكومة نتنياهو".
يديعوت – من يوفال كارني وآخرين:
معركة المستوطنات – المناطق تصل الى الحملة../
كان هذا هو الموضوع الذي امتنعت بكل ثمن عن الحديث فيه. حتى عندما ندد العالم باسرائيل على البناء، دارت الحملة الانتخابية لشيلي يحيموفتش حول كل شيء عدا سياسة اسرائيل في المناطق. اما أمس حتى هي ما كان يمكنها أن تتجاهل. ففي مقابلة مع ستديو "واي نت لايف" قدمت يحيموفتش تصريحا كان يصعب توقعه ممن يقود معسكر الوسط – اليسار: "محظور المساس بميزانية المستوطنات".
وسارع قادة احزاب كتلة الوسط الاخرى الى الرد وعرض وجهة نظرهم في الموضوع. ونتنياهو؟ واصل أمس تجاهل موجة الشجب الدولي – وأجاز القرار ببناء 1.500 وحدة سكن في رمات شلومو.
وصرحت رئيسة العمل يحيموفتش أمس بانها تؤيد حل الدولتين للشعبين وانها مع اخلاء مستوطنات ولكنها سارعت الى أن تضيف بانه الى ان يتحقق حل سياسي، فانها تعارض تقليص الميزانيات. "لا يمكن المس بالميزانية الكبيرة المستثمرة في المستوطنات"، قالت يحيموفتش. "انا اؤيد نقل احياء في شرقي القدس الى دولة فلسطينية، ولكن لا يمكن التعاطي مع سكان المستوطنات التي قامت حسب قرارات حكومة اسرائيل – معظمها كانت تحت سيطرة حزب العمل - كمجرمين".
وعادت يحيموفتش وصرحت بان العمل ليس حزب يسار، ولم يسبق له أن كان كذلك. "رابين ايضا لم يكن يسارا"، قالت. ولاقت يحيموفتش هذا الصباح ضربة مضادة من داخل كتلة الوسط. فقد هاجم رئيس حزب "يوجد مستقبل" يئير لبيد رئيسة العمل مباشرة فقال انها "تعطي اسنادا لنقل الاموال من الطبقة الوسطى الاسرائيلية الى المستوطنات التي ستكون خارج اسرائيل في كل تسوية مستقبلية. هذا أمر عديم المسؤولية، وأنا لا افهمه. فمنذ قيام حكومة نتنياهو ارتفع الاستثمار في المستوطنات بـ 38 في المائة. ولما كان عدد المستوطنين لم يرتفع بـ 38 في المائة، فهذا يعني أنهم رفعوا الاستثمار في المستوطنات، بما في ذلك في تلك التي لن تكون في الدولة بعد الاتفاق، على حساب الطبقة الوسطى".
اما الضلع الثالث في الكتلة، رئيسة الحركة، تسيبي لفني فتناولت هي أيضا هذه المسألة عند طرحها البرنامج الاقتصادي – الاجتماعي لحزبها فقالت: "انه لا يمكن تحسين الوضع دون تغيير سلم الاولويات الوطنية – من خلال وقف الميزانيات للمستوطنات السياسية".
"سيكون تمييز حاد بين المستوطنات في الكتل الاستيطانية وبين المستوطنات السياسية"، قالت لفني. "نحن سنواصل تعزيز الكتل ولكننا لن ننقل مالا زائدا للمستوطنات التي نعرف انها لن تكون هناك. ينقلون اليوم أموالا الى اماكن لا حاجة وطنية منها الا بسبب حاجة سياسية تتعلق ببقاء هذه الحكومة".
وتجدر الاشارة الى أن التمييز الذي ضربته لفني بين الكتل الاستيطانية و "المستوطنات السياسية" يذكر بحملة اسحق رابين عشية الانتخابات في 1992، حين ثبت اصطلاح "المستوطنات السياسية" واعلن بانه اذا انتخب رئيسا للوزراء فانه "سيجفف" تلك المستوطنات المنعزلة.
أما نتنياهو من جهته، فلم يتحدث أمس ولكن اقرار البناء في رمات شلومو تحدث من تلقاء نفسه. "بعد خطاب بار ايلان لنتنياهو والقرار غير المسبوق لتجميد البناء في المستوطنات، فان بيبي ملزم بان يكسر يمينا"، هكذا قدرت أوساط الليكود. "في هذه الاثناء نحن نفقد المقاعد في داخل الكتلة، ويجب اعادتها الى البيت. مع كل الاحترام للانتقاد الدولي، توجد في اسرائيل ايضا انتخابات ونحن ايضا ملزمون تجاه مقترعي اليمين".
استطلاع – هآرتس – من يونتان ليس:
67 في المائة من مؤيدي الوسط لن يصوتوا الى جانب تقسيم القدس../
يفضل 50 في المائة من مقترعي حزب العمل حدودا قابلة للدفاع على تسوية سلمية و 35 في المائة من مقترعي "اسرائيل بيتنا" مستعدون لاخلاء مستوطنات من خارج الكتل في تسوية سياسية. هكذا يتضح من استطلاع أجراه المركز المقدسي للشؤون العامة والسياسية، برئاسة د. دوري غولد. وقد أجري الاستطلاع في شهر تشرين الثاني من هذا العام، من خلال معهد داحف برئاسة د. مينا تسيمح، وسيعرض يوم الخميس في المؤتمر السنوي للمركز.
وقد أظهر الاستطلاع عدة مواقف مفاجئة لمقترعي الوسط واليمين بالنسبة لسياسة الخارجية والامن. فقد عثر الاستطلاع على مواضيع يعرب فيها 20 في المائة على الاقل من مؤيدي احزاب الوسط عن مواقف صقرية ومعدل مشابه من مؤيدي اليمين ممن يعربون عن مواقف حمائمية. كتلة الوسط، حسب الاستطلاع، تضم العمل ويوجد مستقبل ولم يفحص مواقف مقترعي كديما، ميرتس او احزاب اخرى (الحركة بقيادة تسيبي لفني لم يكن تأسس بعد).
وكشف الاستطلاع النقاب عن أن 50 في المائة من مؤيدي الوسط لن يبدوا ولاءً لحزب يتخلى عن غور الاردن، و67 في المائة لن يصوتوا لقائمة تتنازل عن القدس الموحدة. 80 في المائة من مؤيدي العمل و 62 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل يولون اهمية لاعتراف فلسطيني باسرائيل كدولة يهودية؛ 60 في المائة من مؤيدي العمل و 71 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل لا يؤمنون بان انسحاب الى خطوط 67 وتقسيم القدس سيؤدي الى انهاء النزاع. 65 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل و 57 في المائة من مؤيدي العمل لا يؤمنون بان القيادة الفلسطينية (فتح وحماس) قادرة على أن تقرر انهاء النزاع. وذلك، مقابل 97 في المائة من مؤيدي شاس و 91 في المائة من مقترعي الليكود – بيتنا لا يؤمنون بذلك. وفي سؤال اذا كانت مفضلة حدود قابلة للدفاع أو السلام، فضل 50 في المائة من مؤيدي العمل و 45 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل حدود آمنة على السلام.
وفي كتلة اليمين ايضا النتائج كانت مثيرة للفضول: 22 في المائة من مؤيدي الليكود يفضلون سلاما على حدود قابلة للدفاع. وفي مسألة اذا كانوا سيوافقون على حل المستوطنات خارج الكتل الكبرى، يعتقد 35 في المائة من مؤيدي اسرائيل بيتنا و 30 في المائة من مؤيدي البيت اليهودي بان على اسرائيل أن توافق على ذلك.
ويعد هذا الاستطلاع الثالث في سلسلة استطلاعات وفي المركز يدعون بانه يدل على تعزيز واضح للتأييد الاسرائيلي للحدود القابلة للدفاع بالقياس الى الاستطلاع الاول في العام 2005 عندما فضل نحو 49 في المائة فقط من اليهود في حينه مثل هذه الحدود على السلام.
ووجد الاستطلاع بان شؤون الامن تقف في رأس سلم الاولويات للمقترعين (29 في المائة) وفورها المواضيع الاقتصادية – الاجتماعية (26 في المائة).
وصرح غولد، السفير الاسرائيلي السابق في الامم المتحدة ومقرب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو أمس بان "نتائج الاستطلاع تشير الى تعزيز مبدئين: مكانة القدس الموحدة في نظر الجمهور واهمية مبدأ الحدود القابلة للدفاع. كعاملين ذوي تأثير حاسم على قرار الناخب الاسرائيلي في الانتخابات القريبة القادمة".
هآرتس – افتتاحية - 18/12/2012
نسوا ان يكونوا كحلونيين
بقلم: أسرة التحرير
لست سنوات عملت وزارتي المواصلات والمالية على اصلاح يزيد عدد الرحلات الجوية الوافدة الى اسرائيل، يرف بشكل دراماتيكي عدد السياح الذين يدقون ابوابها، ولا سيما، يخفض جدا اسعار الرحلات الجوية للمستهلك الاسرائيلي.
اصلاح "السماء المفتوحة" جاء ليفتح الطيران في اسرائيل امام المنافسة، ويسهل على شركات الطيران الاجنبية التصدي للتفوق المصطنع المضمون للشركات الاسرائيلية. وفي نهاية تموز وقع وزير المواصلات اسرائيل كاتس على مبادىء الاصلاح، وأعلن عن عصر جديد "تتحول فيه اسرائيل لتصبح جزء لا يتجزأ من دول الاتحاد الاوروبي"، فيما توقع تخفيضا ذا مغزى في أسعار الرحلات الجوية.
وكان الجميع مستعدين للتوقيع على الاتفاق التاريخي الذي كان مخططا له هذا الاسبوع، في اجتماع وزراء المواصلات الاوروبيين في بروكسل. الجميع، عدا رئيس الورزاء بنيامين نتنياهو. وفي نهاية الاسبوع الماضي اعلنت وزارة المواصلات عن أنه بتعليمات من نتنياهو لم يطرح الاتفاق على التوقيع، وذلك "للامتناع عن اتخاذ قرارات ذات مغزى بعيد الاثر عشية الانتخابات". وجاء البيان باعثا على الدهشة في اوساط المهنيين في اسرائيل وفي الاتحاد الاوروبي – ليس فقط بسبب توقيته المحرج، الاستخفاف الظاهر بمن يعملون في المهنة والتخوف من المس بالعلاقات الخارجية. "تخفيض أسعار الرحلات الجوية هو خطوة ينبغي التباهي بها بالذات قبل الانتخابات"، عجب مصدر حكومي. "لحظة التوقيع جاءت في توقيت كامل – وكأنه تطبيق لاصلاح في الخلوي قبل لحظة من التوجه الى التصويت. فأي اعتبار سياسي يمكن أن يتغلب على ذلك؟".
ويكمن الجواب على ما يبدو في المعارضين للاصلاح وفي المنافسة التي الى جانب ذلك، ممن فعلوا كل شيء لاحباطه. شركة العال مثلا مارست الضغوط للتأثير على النواب، ولجان العاملين في شركات الطيران المحلية هددوا بتصفية حسابات سياسية في صندوق الاقتراع، وكذا الطيارين تجندوا ضد المنافسة التي قد تقلص من اجورهم السخية.
هكذا فان حكومة نتنياهو تخضع مرة اخرى للمصلحة الضيقة لاولئك الذين يتمتعون بثمار اخفاقات السوق والخلل التنظيمي، حتى على حساب الجمهور. وذلك، بعد ان تحتل مجموعة المستمتعين الصغيرة بسهولة طريقها نحو قلب رئيس الوزراء – بينما شفتاه تدعوان وزراءه "ان يكونوا كحلونيين".
يديعوت – مقال افتتاحي – 18/12/2012
العار الذي أصبح ملازما
بقلم: ناحوم برنياع
قبل اربع سنوات أجرى نتنياهو تفاوضا مع ليبرمان في ضم حزب اسرائيل بيتنا الى الحكومة. وطلب ليبرمان ان يُعين لجميع المناصب المتعلقة بتنفيذ القانون أشخاص يقبلهم وكان ذلك مطلبا غير عادي. فمنذ نشأت الدولة لم يطلب شريك ائتلافي طلبا من هذا النوع. وكان السبب غير عادي ايضا: فليبرمان لم يعرضه بمساعدة ناخبيه أو الوسط الذي جاءوا منه بل كان في الخلفية ملف التحقيق معه ثقيلا ومهددا.
واستسلم نتنياهو فتم تعيين يعقوب نئمان وزيرا للعدل على حساب نصاب الوزراء من اسرائيل بيتنا من قبل ليبرمان وانتدابه؛ وعُين اسحق اهارونوفيتش من كتلة ليبرمان الحزبية وزيرا للامن الداخلي؛ وعُين دافيد روتم وهو من رجال كتلته ايضا رئيسا للجنة الدستور والقانون والقضاء التابعة للكنيست؛ وعلم كل قاضٍ طمح الى التقدم الى اللوائية أو العليا ان الباحثين عن خير ليبرمان يسيطرون على لجنة تعيين القضاة؛ وحينما خلا منصب المستشار القانوني للحكومة أوكل الى طالبي الخير له تعيين المرشحين، فقد علموا ان هذا هو التعيين المقرر من بين جميع التعيينات.
ووجدوا مرشحا مناسبا. فقد كان يهودا فينشتاين واحدا من أبرز المحامين الخاصين في اسرائيل. وبعد ان جمع ماله بالدفاع عن متهمين كثيري الاموال وعظيمي القوة كان من الطبيعي فقط ان طلب الاسهام من وقته للدولة. وقد جلب الى المنصب تجربة قانونية غنية وعقلا مستقيما ومزاجا معتدلا ومشايعة اعلامية ووقوفا طويلا الى جانب ساسة تورطوا. واستطاع منتدبو ليبرمان ان يفرضوا ان التأليف بين هذه الصفات يضمن لهم مظلة في يوم عاصف.
مرت ثلاث سنوات منذ تولى فينشتاين منصبه. وقد عمل في هذه المدة عملا صعبا لكنه لم يترك أثرا. أما القرار الحاسم الذي سيتم تذكره بسببه فانه ينتظره قريبا منه، أو قد أصبح في الحقيقة في داخله وهو ان قضية ليبرمان كلها له. فمزوز سيتم تذكره بسبب قصاب؛ ولدور بسبب اولمرت؛ وسيتم تذكر فينشتاين بسبب ليبرمان – بسبب التحقيق الذي تلاشى؛ وبسبب استقرار الرأي على عدم تقديم لائحة اتهام بالجناية الثقيلة؛ وبسبب استقرار الرأي على تقديم لائحة اتهام بقضية السفير.
ما يزال القرار الحاسم الذي سينهي القضية أمامه. فليبرمان الذي يتحدث الآن في الأساس على ألسنة محاميه، يضغط من اجل صفقة خاطفة تُمكّنه من العودة الى قيادة الحكومة العليا بعد الانتخابات فورا طاهرا كطفل عمره يوم واحد. لا يُحتاج الى شركة وهمية ولا يُحتاج الى مدققة حسابات في قبرص ولا يُحتاج الى متعاون في السفارة في مولدافيا. ان الاختراع بسيط مثلما هو مستكبر ووقح وهو ان تتخلى النيابة العامة عن عقوبة السجن وان يعترف ليبرمان بلا شيء وان يتناول العار الذي سيصيبه الكنيست الذاهبة ولهذا ينتهي قبل ان يبدأ. ما كان أحد يستطيع ان يوجد بدعة كهذه حتى من اجل ابنه الصغير.
أُخمن ان فينشتاين يُقر بالفضل للناس الذين عينوه. والاقرار بالفضل صفة مباركة؛ وأُخمن ايضا انه يتفهم وضع محامي ليبرمان الحرج، فلو أنه كان المحامي في هذه القضية لبحث تحت الارض عن حيلة تُخرج موكله من غير ضرر.
لكن المطروح الآن ليس عار ليبرمان فقط. ان للعار صفة تثير الاهتمام فهو حينما يسقط قبل الأوان عن ظهر انسان يلتصق فورا بظهر آخر. وقد طُرح للنقاش صيت فينشتاين وسلطته واستقلاله والأثر الذي سيُخلفه، وليست هذه امورا يُستهان بها.
ليس هناك ما يدعوه الى الاسراع. اذا كان ليبرمان هو الانسان السوي العادي فيجب ان يُبحث شأنه كما يُبحث شأن الانسان السوي العادي: أي في بطء وعلى نحو أساسي. في دولة ينتظر فيها ناس كانوا ضحايا جنايات سبع سنوات أو ثماني حتى يُبت الحكم، يستطيع سياسي تورط ان ينتظر بضعة اشهر. وعمل المحامين عن الجُناة ان يبحثوا عن ثقوب في القانون، أما عمل المستشار القانوني للحكومة فهو ان يُريهم الباب.
يتذكر فينشتاين جيدا الافعال التي استقر رأيه بسببها على تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان. وهو يتذكر الصورة وكيف تلقى وزير خارجية دولة اسرائيل وثيقة عن تحقيق معه وقرأها ثم طرحها كأدنى مخالفي القانون في حوض المرحاض؛ ويتذكر كيف امتنع ليبرمان عن تقديم تقرير عن الجناية كما يطلب القانون من المواطن فضلا عن عضو كنيست؛ ويتذكر كيف نمت بعد ذلك الحياة المهنية للسفير الذي سلّم الوثيقة. فهل يمكن اعفاء شخص كهذا من العار؟.
من المؤكد انه تنبه الى ما حدث لداني أيلون الذي عُزل عن عمل نائب وزير الخارجية لكنه أُعيد الى عمله في اللحظة التي تبين فيها أنه قد يُطلب اليه الشهادة في هذه القضية. ان اجتماع هذه الوقائع الذي يثير الاهتمام يُذكر باجتماع الوقائع الذي جعل الشاهدة في قبرص وشاهدا آخر يصابان بمرض عضال. مع هذا القدر الكبير من الحظ في الحياة، فان حياة ليبرمان السياسية هدر في الحقيقة لأنه يجدر ان يقامر بدل ان يقامر بمصيرنا جميعا.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
أهذا مركز؟
بقلم: الكسندر يعقوبسون
تعلن شيلي يحيموفيتش ان حزب العمل هو حزب مركز وأن من يُعرفه بأنه يسار يظلمه. وأنا أرى ان يحيموفيتش تظلم مصطلح "المركز" بصورة استعمالها له. على نحو طبيعي يعتبر حزب اشتراكي ديمقراطي يسارا معتدلا أو مركزا – يسارا. لكن اليسار والمركز واليمين في اسرائيل تُعرف في الأساس بحسب الشأن السياسي لكن اذا كان "العمل" حزب مركز في مواقفه السياسية فما هو مضمون هذه "المركزية"؟.
ان المضمون تحت قيادة يحيموفيتش هو التجاهل المنهجي للشأن السياسي: فحزب العمل يُعرف نفسه بحسب رؤيته للشأن الذي يرفض ان يتناوله بجدية. ان استقرار الرأي على الاشتغال قبل كل شيء بالمجتمع وبالاقتصاد أمر مشروع؛ وليس من المشروع تجاهل الشأن السياسي. ان من يبحث في الأرشيف يجد ان يحيموفيتش تؤيد خطة كلينتون لكنها في تصريحاتها جعلت المسألة السياسية أمرا ليس حتى ثانويا بل هامشيا وغير موجود تقريبا. اذا كان هذا هو معنى "المركز"، فان الحديث عن مركز بأكثر المعاني سلبية: مركز معناه عدم الاكتراث، و"لا هنا ولا هناك" و"لا تشوشوا عليّ راحتي". ومن التناقض المطلق ان توحي يحيموفيتش وهي مقاتلة بطبيعتها برسالة كهذه – لكن هذا هو ما توحي به.
ان مصطلح اليسار يشير في نظر فريق من الجمهور، علاوة على المواقف المحددة الى الرغبة في النضال عن العدل ورفض التسليم للظلم. ومن المفهوم انه لا توجد قداسة في أي تصنيف سياسي، وليس الجمهور كله يفسر مصطلح اليسار على هذا النحو، لكن هناك جمهور يعني التحلل من مصطلح اليسار في نظره تحللا من الالتزام بالنضال عن الحرية والمساواة. ان دور حزب العمل الطبيعي هو ان يمثل جزءا من هذا الجمهور على الأقل. وكما لا يجوز ترك الصهيونية لليمين القومي ليس من المرغوب فيه كذلك ترك "اليسار" لناس "اسرائيل مذنبة دائما". لكن اذا كان حزب العمل قد استقر رأيه ايضا على التخلي عن الجمهور الذي له صلة عاطفية بـ "اليسار"، فعليه ان يتذكر انه يوجد جمهور كبير ايضا ليست له صلة كتلك وان صفة المركز يمكن ان تلائمه – لكنه يتمسك بالقيم الديمقراطية الأساسية ويتوقع من منتخبيه ان يناضلوا عنها.
لا يوجد حزب اشتراكي ديمقراطي أو "مجرد" ديمقراطي، له حق أخلاقي في الامتناع عن ان يقول بصوت جهير انه يرفض الاحتلال بشدة. لا يعني رفض الاحتلال انه يجب ان توهم الجمهور الاسرائيلي وان تقول له ان احتلال 1967 هو الشأن الوحيد بيننا وبين الفلسطينيين؛ لكن يجب على اسرائيل ان تفعل ما يتعلق بها للتخلص من الاحتلال وعليها قبل كل شيء ان تكف عن توسيع المستوطنات.
لا حاجة الى إظهار عداوة قبلية للمستوطنين باعتبارهم بشرا وجمهورا، لكن كل انسان ذا تصور ديمقراطي يجب ان يرفض في صراحة مشروعا هدفه الظاهر هو منع تقسيم البلاد من غير اعطاء كل سكانها حقوق المواطنة. ان الحد بين مؤيدي ومسوغي هذا المشروع ورافضيه لا يفترض ان يمر بين اليسار والمركز بل يفترض ان يمر بين يمين ديمقراطي ويمين غير ديمقراطي. وفي الحقيقة ان قادة الليكود تبنوا منذ كانت خطبة بار ايلان مبدأ دولتين للشعبين، بادي الرأي. ولا يُفسرون كيف يتساوق قبول هذا المبدأ مع خريطة المستوطنات الحالية وتوسيعها. ولا تُجهد يحيموفيتش ايضا نفسها في التفسير لأن هذا الشأن يصيبها بالملل كما يبدو. فهل هذا مركز؟.
هآرتس – مقال – 18/12/2012
في طريق الثورة
بقلم: تسفي بارئيل
"7 مليون، من يعطيني 7 مليون؟ السيد هناك في الخلف، 7.5 مليون. شكرا. من يعطيني 8 مليون؟ عندي 8 مليون. من يضيف؟ 8، 8؟ 9 مليون. يا جماعة، 9 مليون، 9 مليون. عندنا 9 مليون مرة أولى، مرة ثانية. بيع". باسم يوسف يضرب بالمطرقة الخشبية الصغيرة على طبق من الخشب ويقرر المبلغ النهائي.
لا، ليس هذا وصفا لبيع بالمزاد العلني في الحقيقة، بل مقطع من برنامج ساخر هو الاكثر شعبية تقدمه محطة سي.بي.سي المصرية بملكية رجل الاعمال، محمد الامين.
هذه المرة قرر د. يوسف، 38 سنة – طبيب وجراح قلب في اختصاصه، لا يزال مسجلا كعضو في جمعية الجراحين في بريطانيا – ان يسخر من اعلانات الاخوان المسلمين عن حجم "مظاهرة المليون" التي نظمتها في ميدان "نهضة مصر" ضد مظاهرة حركات الاحتجاج التي جرت في ميدان التحرير. وقد حدث الامر قبل نحو ثلاثة اسابيع. وكانت هذه أيام متوترة، وتخوفت السلطات من صدامات عنيفة بين المعسكرين، مثلما حصل بالفعل في وقت لاحق، وأحد، باستثناء يوسف، لم يعتقد أن هذا هو الزمن المناسب للدعابة. ولكن محطة التلفزيون المستقلة، التي حظيت بلقب "محطة بث فلول النظام القديم"، لم تحسب حسابا. فمقابل تبجح الاخوان المسلمين عن عدد المشاركين في مظاهرتهم، عرض يوسف "المزاد العلني" من انتاجه.
في مقابلات للصحافة يعترف يوسف بانه يحاكي برنامج جون ستيوارت، مقدم البرنامج الشعبي The Daily Show ولكن يبدو أنه يفوق زميله الامريكي. فيوسف يعرض مقاطع فيديو لاحداث حقيقية، وفور ذلك يرفقها بتحليله الساخر. وهكذا في أحد فصول البرنامج عرض مقطع فيديو اخباري ظهر فيه "رفيعو المستوى" في زيارة تضامن مع المتظاهرين في ميدان التحرير، فيما يعلن أحد في هاتفه النقال: "نحن بحاجة عاجلة هنا الى مائة زوج من الملابس الداخلية، المناشف وورق التواليت". "مائة زوج ملابس داخلية لمليون متظاهر؟"، تساءل يوسف، "ماذا، الان كل ألف متظاهر سيحصل على زوج واحد من الملابس الداخلية؟" وعلى الفور يبرز في الاستديو عارض أزياء يلبس لباسا داخليا كتب عليه "حرية". ويجمل القول: "لا شك، هذه ثورة الملابس الداخلية".
"ها هو جاء الاسلام، ها هو جاء الاسلام"، هتف الاف المتظاهرين السلفيين في مقطع فيديو آخر، "جاء الاسلام؟" يرفع يوسف حاجبيه عجبا ويوجه نظرة الى الكاميرا، "لم أعرف أن الاسلام ذهب الى أي مكان"، والجمهور في الاستديو ينفجر ضحكا. ولا ينتظر يوسف الى أن يهدأ ويواصل عرض مقاطع اخرى، تبدو أنها أُخذت من عالم آخر. "عندي خبران هامان اعلنهما للجمهور"، يقول أحد الواعظين السلفيين لجمهور كبير من المحتشدين، "بشار الاسد مات". فالجمهور حوله يصفق، يصفق ويهتف الله اكبر. "لحظة، عندي خبر هام آخر: بشار الاسد فر من سوريا"، يواصل الواعظ، ومرة اخرى يصخب الجمهور. "لحظة"، يطلب يوسف ان يعرف، "الاسد أولا مات وبعد ذلك فر، أم أولا فر وبعد ذلك مات؟".
وقد بدأ ينشر عروضه الساخرة على اليو تيوب منذ اذار 2011، بعد شهر من سقوط حسني مبارك وفي آب 2011 وقع على عقد مع شبكة ONTV التي بملكية الملياردير القبطي نجيب سواريس. وفي الشهر الماضي انتقل الى محطة cbc "بعد أن رفض عروضا مغرية من العربية ومن محطات عموم عربية. ومع أن برنامجه هو البرنامج الفكاهي الثوري الاول -عدد المشاهدين لبرنامجه في اليوتيوب يفوق المليون ونصف – ولكنه ليس مصدر الهزل الساخر الوحيد في هذه الفترة. نكات ناجحة عن محمد مرسي منتشرة بوفرة على الانترنت أو على يافات ترفع في المظاهرات او في الرسومات على جدران المباني العامة. وفي واحدة منها ورد: "لو كان مرسي يسمع نفسه وهو يخطب لانتخب هو على الفور أحمد شفيق رئيسا لمصر".
مرسي، المعروف بميله الى الاستطراد في خطاباته – أقصرها يستغرق نحو نصف ساعة وأطولها اكثر من ساعة ونصف – تلقى ايضا ضربات عن البلاغات التي تنقل باسمه بعد لقاءاته مع ممثلي المعارضة. وقد قيل في جميعها ان المحادثات "كانت حميمة وودية"، حتى لو لم تكن تعطي اي نتائج. وقد مل بعض من الفنانين هذا الهراء فرسموا علم مصر يحمل النسر الفاخر بشفتي امرأة حمراوين، وتحته كتب: "العلم الوطني يتغير بعد لقاء حميم مع مرسي".
الهزل المصري الساخر، الذي عمل سرا في عهد عبد الناصر، انور السادات ومبارك يحظى حاليا بحرية التعبير في عهد مرسي. بعض من ممثلي الاخوان المسلمين والسلفيين وان كانوا يهددوا بمقاضاة باسم يوسف على اهانتهم، ولكن لا يبدو أنه يخاف ذلك. يخيل أن التهديد الذي يخيفه اكثر هو أن يتحول الهزل الساخر الى واقع.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
يا بيبي إذهب للعلاج
بقلم: اسحق سيفل يشورون
مخرج سينمائي
ان آثار الاغتصاب – لانسان أو جمهور – لا تُمحى. فمنذ ان تسلب انسانا السيطرة على جسده وتستعمله كاستعمالك شيئا وتفعل به ما تشاء تتغير شخصيته. فيصعب على ذاكرته ان تستعيد الفعل بتفصيلاته ويتحول الحدث الصادم شعوريا الى مجموعة منفصلة عن التفصيلات تثبت في الذاكرة على أنها ممثلة للرعب والعجز والغضب. وبعد الاغتصاب يصبح كل غريب تهديدا محتملا وتصبح نوايا المحب مريبة. وتشوش المخاوف والشعور بالذنب على الحكم وينطوي من تعرض للاغتصاب في عالمه. وبعد علاج طويل فقط يستطيع احيانا ان يُعيد لنفسه الثقة التي أضاعها بالمعالج أولا وبقدرته هو بعد ذلك على ان يُعيد لنفسه ماضيه، ويستعيد ذاكرته ليُموضع عمل الاغتصاب في السياق الصحيح من حياته وليُعيد بعد ذلك بناء ثقته بالبشر.
اغتُصب الشعب اليهودي على مر التاريخ مرات لا تحصى. وقد سُلب ارادته وسيطرته على حياته وفعل به اجانب ما شاءوا. فقد ضربوه وسلبوه أملاكه وطردوه من ارضه وأذلوه وقتلوا منه بلا رحمة. فليس عجبا اذا ان طور الشعب اليهودي وممثله الاسرائيلي شخصية متشككة ومنطوية ومتنكرة ومؤمنة بالقوة. وليس عجبا أننا نتكل على قوتنا فقط وأننا نشك في نوايا الآخر. فلن يغتصبونا مرة اخرى. لن يفعلوا ذلك أبدا.
ان رئيس وزراء اسرائيل الذي وُضع على كتفيه الضيقين حمل التاريخ الثقيل يسلك سلوكا متوقعا من انسان بعد صدمة شعورية يرفض طلب عائلته ان يُعالَج. وهو يخفي عن نفسه فصول تاريخ لا تتساوق مع صورة عالمه بعد الصدمة الشعورية. وهو يعيد كتابة التاريخ بحيث يستطيع معايشته اخلاقيا وعمليا. ان تاريخ الشعب الفلسطيني القريب يُنسّى ويُنسى لأنه لا يُمكّن الضمير من قبول الواقع. ونحن نفسر لأنفسنا وللآخرين قوتنا المستعملة على الدوام بأنها رد على اغتصاب متوقع في المستقبل. وتُعرض قوتنا الضخمة من اجل ان يروا ويُروا، لكننا في نظر أنفسنا دائما ضحية محتملة لقوة شيطانية توشك في كل لحظة ان تستعيد التاريخ. ان رئيس الحكومة مثل قنفذ مذعور ينفش شوكه ويعرضه ردا على كل تحرش حقيقي أو وهمي يثير ذكرى الصدمة الشعورية.
هكذا يبني رئيس الوزراء المغتصب لنفسه عالما خاصا به. في عالمه المغلق المتوهم حيث كل غريب هو تهديد وجودي، تتغير القوانين لتمكينه هو ورعاياه من ان يعيشوا في سلام مع ضمائرهم. وفي هذا العالم لسنا محتلين بل ضحايا عدوان مستمر دائم. والعالم كله عدو عظيم القوة في حين أننا ضحية دائمة حتى حينما يضاعف جيشنا قوته مرتين أو ثلاثا. وكل الطاقة والموارد التي نحن قادرون على تجنيدها تُبذل لمنع الاغتصاب القادم وتُبذل في المستقبل المهدِّد لا في الحاضر غير المُرضي.
إذهب للعلاج يا سيدي رئيس الوزراء مع كل الاحترام لصفتك وعملك. حتى قبل ان تُنتخب مرة اخرى اذا أمكن. وحاول ان تبني ثقة بالمعالِج سواء أكان وزيرة الخارجية الامريكية أو رئيسة حكومة المانيا أو كل انسان آخر برهن بحسب وجهة نظرك على تصور معقول للواقع. وبعد ان تتعلم الثقة بالمعالِج دعه يبسط أمامك أجزاء بازل التاريخ الذي ترفض رؤيته واسمح له بأن يساعدك على تمييز قطع الواقع من خارج عالمك المغلق. واستمع لأصوات اخرى ودعها تصور لك اختيارات اخرى للمستقبل.
هل تعلم انه توجد بلاد لا تشعر فيها حكومات بحاجة الى تخويف المواطنين حتى حينما تكون التحديات التي تواجهها أصعب من ان تُحتمل؟ هل فكرت مرة في الاحتمال الذي يصعب تصوره وهو ان اليهود ليسوا منتجبي الخليقة؟ وهل خطر ببالك ان العدو ليس بالضرورة اسود كله؟ وهل فكرت في احتمال ان تكون نوايا أعدائنا مشتملة على الالوان الرمادية؟ وأنهم ليسوا جميعا يريدون اغتصابنا؟ ونوايانا التي تهتم بأن تُبينها بأعمالك في المناطق أليست تصد حراك التغيير الذي يستطيع ان يعيدنا الى وجود سوّي بين عائلة الشعوب؟.
اسرائيل اليوم - مقال - 18/12/2012
تعيينات اوباما هي مشكلتنا ايضا
بقلم: يعقوب أحيمئير
اذا لم تقع مفاجآت فسيعلن الرئيس براك اوباما قريبا التعيينين الرفيعين في ادارته القادمة. يفترض ان يتم تعيين السناتور السابق تشاك هيغل وزيرا للدفاع مكان ليون بانيتا التارك لعمله، ويفترض ان يحل السناتور الذي يتولى عمله الآن جون كيري محل هيلاري كلينتون وزيرا للخارجية.
أصبح هذان التعيينان ممكنين بفضل تراجع سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة عن ترشحها لمنصب وزيرة الخارجية. "على جثثنا فقط"، أوضح سناتورات جمهوريون قوة معارضتهم للموافقة على رايس في مجلس الشيوخ. وقد تورطت رايس بتصريحات مضللة عن طبيعة الهجوم الارهابي على سفارة الولايات المتحدة في بنغازي حيث قتل اربعة امريكيين منهم السفير نفسه. ومع ذلك لن يكون تعيين كيري وهيغل ايضا موافقا لهوى الحكومة في القدس.
ان هيغل جمهوري أبدى طوال سنوات ولايته سناتورا علاقة معادية جدا لمواقف اسرائيل. قبل ثلاث سنوات وقع على رسالة الى الرئيس اوباما دعا فيها الى اجراء محادثات مباشرة مع حماس. وقبل ذلك ببضع سنوات صوت هيغل في مجلس الشيوخ معارضا قانون العقوبات الامريكي على ليبيا وعلى ايران، وفي سنة 2008 صوت معارضا فرض عقوبات على ايران. وقد قالت المحللة جنيفر روبين، المحافظة في تصورها العام، قالت ان "مواقف هيغل معادية لاسرائيل ومعادية للعقوبات". وتتهم تصريحات اخرى من دوائر يهودية في الولايات المتحدة هيغل بمعاداة السامية. وفي فرصة ما رفض ان يوقع مع ثلاثة سناتورات (من بين 100) على اعلان تأييد مجلس الشيوخ لاسرائيل. ينبغي ان نفترض ان يوجد بين اوباما وهيغل اذا وحينما تتم الموافقة على تعيينه، تفاهم على الحاجة الى اقتطاع من نفقات الولايات المتحدة الدفاعية، فاوباما في مدة ولايته الثانية سيصبح مُحررا من ضغوط جهات معارضة في الدولة في هذا الشأن. ومن المؤكد ان هيغل حينما يصبح وزير الدفاع لن تكون له تلك الصلات الحميمة بنظيره الاسرائيلي كان من كان كما كانت بين اهود باراك والوزير بانيتا.
يمكن ان نشبه عملية الموافقة على تعيين كيري وهيغل في مجلس الشيوخ وتعيينات اخرى ايضا بـ "طاحون لحم" سياسي. ان اعضاء لجنة الخدمات المسلحة ستحقق مع هيغل علنا في جميع الموضوعات وفي علاقته المعادية لاسرائيل ايضا. ويعلم اعضاء اللجنة انه لا حاجة الى اكثار الكلام في أهمية التعاون الامني بين الولايات المتحدة واسرائيل، والمكانة الحاسمة لوزير الدفاع الامريكي في تشكيل هذه العلاقات.
ستواجه الحكومة التالية في اسرائيل – برئاسة نتنياهو كما يبدو – قضية حصول ايران العاجل على القدرة الذرية. وان حقيقة ان يكون مُحادث وزير الدفاع الاسرائيلي القادم هو تشاك هيغل – الذي تحفظ حينما كان يتولى عمله في مجلس الشيوخ من نظام العقوبات على طهران (ولن نتحدث عن معارضته عملية عسكرية لا يفضلها اوباما ايضا)، تقلق موظفين اسرائيليين كبارا.
لكن ينبغي ألا يوجد شك في ان تعيين هيغل المتوقع هذا لا يرمي الى التعبير عن امتعاض اوباما من برود العلاقات بينه وبين نتنياهو. يجب ان نؤمن بأن الرئيس الامريكي يُعين ناسا كبارا في ادارته الثانية لا بحسب علاقتهم باسرائيل بل بحسب معيار "ما هو جيد لي جيد للولايات المتحدة". لكن ليس ما هو جيد للولايات المتحدة هو بالضرورة جيد لاسرائيل دائما.
اسرائيل اليوم - مقال - 18/12/2012
من غير ضعف ومن غير تلعثم
بقلم: نداف شرغاي
انهم يعودون في نهاية الامر الى السلوك السوّي في القدس. ربما يبشر 1500 وحدة سكنية أُجيز بناؤها أمس في رمات شلومو بعهد جديد من السلامة العقلية، عودة الى السلوك المتوقع من صاحب سيادة في عاصمته؛ لأن ما حدث في القدس في مجال التخطيط والبناء في السنوات الاخيرة جسد عكس ذلك بالضبط، أعني الخوف والتردد وعدم الحزم وعلامات سؤال عن عدالة النهج.
ان القرار أمس والمباحثات اليوم وغدا في البناء في جفعات همتوس (للعرب ايضا كما هو صحيح وضروري) يوحي للعالم بمقولة ان القدس تقع خارج اللعبة وان التجميد بلغ نهايته هنا ايضا. يجب الآن ان نعيد للجان التخطيط في المدينة استقلالها وان نحررها من واجب الحصول على إذن ديوان رئيس الوزراء بخطط من هذا النوع. كانت مستقلة اربعة عقود واتخذت قرارات مهنية في اطار سياسة عليا صاغتها أكثر حكومات اسرائيل.
قررت هذه السياسة العليا أننا لن نُقسم القدس مرة اخرى أبدا. وقد قلنا هذا في الماضي (باستثناء حكومتي باراك واولمرت اللتين حنثتا باليمين للقدس)، ويجب ان نعود ونقول هذا مرة بعد اخرى من غير ان نخجل ومن غير ان نضعف ومن غير ان نتلعثم. ان البناء في جبل أبو غنيم وفي رمات شلومو وفي جفعات همتوس يسهم في وحدة المدينة ويمس باحتمالات تقسيمها ولهذا فهو بناء جيد – للعرب واليهود سواءا. قد يشوش هذا الامر بيقين تشويشا مؤقتا على العلاقات بالولايات المتحدة وباوروبا بل قد يفضي الى عقوبات لكنه مستحسن من اجل القدس.
يحسن جدا كذلك ان تُبين اسرائيل التي ما زال الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة يقيدان يديها بازاء البناء غير القانوني الأهوج في شرقي القدس، ان تُبين لاصدقائها ان هذه "حقائق تقررت على الارض" – وليست هي من مصلحة الجانب الاسرائيلي. ان سكان شرقي القدس خاصة قدموا في السنة الأخيرة مئات الشكاوى الى الرقابة البلدية من البناء غير القانوني هذا. فحتى هم يشعرون بأنه قد طفح الكيل وان مخالفي بناء يسلبون اراضي خاصة وان الفوضى والاضطراب يحكمان هذا المجال. يجب ان نُمكّن العرب من البناء بصورة قانونية الى أعلى في الأساس كما اعتادوا في الوسط اليهودي، وان نعود في نفس الوقت برغم موقف "اصدقائنا الاوروبيين" الى هدم البناء غير القانوني ولا سيما في اماكن يشوش فيها هذا البناء على التخطيط المدني ويغتصب اراضي مخصصة للحاجات العامة.
والقول الثاني الذي يوحي به قرار أمس على البناء في رمات شلومو موجه الى الداخل: فالقدس لم تعد قادرة على بناء 1500 – 2000 وحدة سكنية كل سنة فقط في حين يبلغ الطلب الى 4500 وحدة كل سنة. ان هذا الفرق الهائل يزيد في الهجرة السلبية من القدس، فان 18 ألف يهودي يتركونها كل سنة وهكذا تتضاءل الأكثرية اليهودية. وان حقيقة ان الجمهور الحريدي في القدس وازمة السكن عنده شديدة بصورة مميزة، يسكن في أحياء حريدية ولا يضطر الى ان يبحث لنفسه عن مناطق عيش في أحياء علمانية، هي مباركة وتضائل الاحتكاك.
يجب الآن الاستمرار وعدم الاحجام فقط. فقرار أمس قطرة في بحر فقط وما يزال العمل كثيرا.
معاريف - مقال - 18/12/2012
يطلقون النار على السلام
بقلم: بن – درور يميني قبل يومين كتب هنا نوعام شيزاف ("يطلقون النار على الرسول") انه طالما كان احتلال، ستكون مقاومة، وسيكون قمع، وستكون جرائم، وتقارير وأخبار محرجة في وسائل الاعلام العالمية. وفي نفس المناسبة، وفي أعقاب الحدث الذي ضرب فيه فلسطينيان من "رويترز" ممن أُعتبرا بالخطأ نشطاء "بتسيلم"، اتهم ايضا الصحفيين بانهم "يحرضون ضد منظمات حقوق الانسان". وفي مكان آخر ذكر اسمين: بن كسبيت وعبدكم المخلص.
في أمر واحد كان شيزاف محقا. كتبت غير قليل عن النشاط المنكر لهيئات تدعي بانها تعنى بحقوق الانسان. كشفت النقاب عن أكاذيب نشرت باسم هذه الهيئات. كتبت عن الاجندة السياسية لنشطاء مركزيين في هذه الهيئات، ممن يرفضون حق وجود دولة اسرائيل بصفتها الدولة القومية للشعب اليهودي. كشفنا مساهمة هيئات من هذا المعسكر في حملة التصوير بالشيطان. وكانت الامور موثقة. ولم أحظَ في أي مرة، واسمحوا لي بان أعترف، بالردود.
أما شيزاف فيسير خطوة الى الامام. فهو يخلق علاقة بين حجج موضوعية، هو غير قادر على ان يتصدى لها، وبين ظواهر عنف جنود جديرة بالتنديد. هكذا بحيث أنه يجدر ملاحظة الدرك الاسفل الجديد الذي هبط اليه شيزاف. وعندما طرحت حججا ضد هذه الهيئات، لم يسبق لي أن كتبت بانه "طالما واصلت هذه الهيئات بث الاكاذيب، سيكون عنف ضد نشطاء هذه الهيئات". اما شيزاف بالمقابل فانه يكتب بانه "طالما يستمر الاحتلال، ستستمر المقاومة". ينبغي فقط الايضاح بان المقاومة هي الاسم السري للارهاب. كان يخيل لي أن الانتقاد على "منظمات الحقوق" هو انتقاد شرعي. كما أن الانتقاد على "الاحتلال" هو شرعي. ولكن شيزاف لا يكتفي بالانتقاد. فهو يوفر المبرر "للمقاومة".
عندما تتكرر الكذبة مليون مرة ومرة، "المقاومة مبررة لانها ضد الاحتلال"، فانها لا تتحول لتصبح حقيقة. هكذا بحيث أنه لا مفر من العودة الى الحقائق. نشطاء "المقاومة" ليسوا نشطاء سلام. وهم لا يرغبون في انهاء الاحتلال. هم معنيون بتصفية اسرائيل. كانت لهم فرص، في الماضي البعيد والقريب، ليقيموا لانفسهم دولة. وهم رفضوا كل عرض. لانهم ليسوا معنيين ابدا بانهاء الاحتلال. السلام والمصالحة هما موضوعان جديران. يجب الكفاح من أجلهما، ولكن شيزاف ورفاقه يفعلون العكس تماما. فهم يشكلون موردين لمعاذير الرفض الفلسطيني. التصوير بالشيطان الذي يشاركون فيه هو عائق امام السلام. والاكاذيب التي ينشرونها في أرجاء العالم هي عائق امام السلام. دعم الكثير منهم "لحق العودة" هو دعم لتخليد النزاع والعنف.
واذا لم يكن واضحا لنا طبيعة ذاك العمى، فان شيزاف يقترح علينا صيغه العجيبة: ضم المناطق ومنح المواطنة للفلسطينيين أو الاخلاء الفوري، مع اتفاق أو بدونه. وسيجد شيزاف شركاء مخلصين لهذه الافكار في اليمين الاسرائيلي. موشيه آرنس، روبي ريفلين، تسيبي حوتوبيلي وغيرهم الكثيرين ممن يقودوننا هم ايضا نحو "دولة واحدة" في ظل منح قرص تهدئة في كل ما يتعلق بالجانب الديمغرافي.
ولكن لندع جانبا هذا الاتجاه الذي يربط بين اليسار المتطرف واليمين المتطرف. فشيزاف يعرض ايضا خيار الاخلاء "مع اتفاق او بدونه". وبالفعل، باراك حاول، كلينتون حاول، اولمرت حاول. وقد نالوا الرفض المطلق. الفلسطينيون لم يريدوا 91 في المائة ولا حتى 95 في المائة. ارادوا حق العودة. بمعنى، هذا ليس الاحتلال. انه اللاجئون. وعندها حاولت اسرائيل ايضا الاخلاء بلا اتفاق. فعلى ماذا حصلنا؟ الصواريخ وحماس. كيف بالضبط سيضمن لنا الشيزافيون بان هذا لن يحصل ايضا بعد اخلاء من جانب واحد ليهودا والسامرة؟ كيف بالضبط سيضع مؤيدو حماس في جنين حرابهم ويحولونها الى مزامير؟
في السبعينيات، في الثمانينيات، في التسعينيات كان معسكر سلام. كنت جزء منه في بعض المراحل. ارائي لم تتغير. المعسكر تغير. فقد تحول، في أغلبيته الساحقة، الى "معسكر حقوق الانسان". هذا المعسكر لا يعنى بدفع التسوية الى الامام. انه يعنى بالدفع الى الامام بالفريات ضد اسرائيل وبتمثيل الرفض الفلسطيني. لقد كان يمكن أن يكون للشيزافيين دورا مركزيا في دفع الاحتمال للتسوية الى الامام. ولكن بدلا من الصراع ضد رافضي السلام، يكافحون ضد اسرائيل. اذا اردنا أن نعرف لماذا سيفوز اليمين في الانتخابات، لا حاجة للاجتهاد. ينبغي النظر الى اليسار. لا توجد حاجة لاكثر من ذلك.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
مقاطعة بلا أسنان
بقلم: عميرة هاس
رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، سلام فياض، دعا أول أمس الفلسطينيين الى مقاطعة البضائع الاسرائيلية، كرد على قرار حكومة نتنياهو عدم تحويل اموال الجمارك والضرائب الى السلطة. بل ووعد فياض بان حكومته تفحص السبل لفرض مقاطعة رسمية تلزم عموم السكان، بحيث لا تكون مجرد توصية. وقال ان المقاطعة تستهدف دفع الاسرائيليين المتضررين منها الى العمل بتغيير قرار حكومتهم. في نظرة اولى، يوجد للفلسطينيين ما يقاطعونه: نحو 70 في المائة من الاستيراد الى المناطق يأتي من اسرائيل، ومن اصل استيراد بقيمة 4.222 مليار دولار في 2011، فان بضائع بقيمة 2.939 مليار دولار تأتي من اسرائيل.
ولكن فحصا دقيقا لمعطيات التجارة الفلسطينية مع اسرائيل، والتي لا ريب أن فياض يعرفها جيدا، تفيد بانه يفكر بالاجواء السياسية الفلسطينية الداخلية وليس بالضرر الاقتصادي الحقيقي لاسرائيل. فمدى الضرر الاقتصادي الذي سيلحق باسرائيل والاسرائيليين جراء المقاطعة سيكون هامشيا، مثلما حسب فوجد بنك اسرائيل في العام 2010. وقد أجرت الفحص دائرة البحوث في البنك، حسب معطيات 2008. وظهرت نتائجها واستنتاجاتها في تشرين الاول 2010. وحسب ذاك الفحص، فان المبيعات للسلطة كانت فقط 0.9 في المائة من الانتاجية في الاقتصاد الاسرائيلي، واقل من 2 في المائة في كل واحد من الفروع التالية: الزراعة، التجارة، التأمين والبنوك. المبيعات من الصناعة الاسرائيلية الى المناطق كانت فقط نصف في المائة من انتاجية الصناعة. وقد تركزت في فروع الصناعة التقليدية مثل الغذاء، المشروبات، الخشب، الورق والمعادن ومعدلها كان 1 حتى 2.5 في المائة من انتاجية هذه الفروع. وانتاجية أعلى كانت من بيع المياه والكهرباء للفلسطينيين – 5 في المائة. ولكن مشكوك أن يكون فياض يقترح على الفلسطينيين تقليص استهلاك المياه والكهرباء.
لقد أظهر فحص دائرة البحوث في بنك اسرائيل أيضا بان القيمة المضافة (زيادة أماكن عمل للاسرائيليين) التي تنبع من بيع منتوج اسرائيلي للفلسطينيين، هي الاخرى صغيرة جدا. ففي العام 2008 بلغت نحو 1.5 مليار شيكل – نحو 0.15 في المائة من الانتاج المحلي الاسرائيلي.
وتعد معطيات التصدير العالية من اسرائيل الى الفلسطينيين مضللة لسبب آخر: كما يشير بنك اسرائيل، فان نحو 38 في المائة من المبيعات هي تجارة – عبور، والذي تنقل فيه الشركات التجارية الاسرائيلية الى الفلسطينيين منتوجا انتج في خارج البلاد. 20 في المائة أخرى من المبيعات هي وقود مصدرها في الخارج. وقال مصدر في بنك اسرائيل لـ "هآرتس" ان الفحص جرى قبل سنتين، وينبغي الافتراض بانه لا يوجد تغيير كبير في التوزيع بين أنواع المنتجات المصدرة للفلسطينيين وفي مصدرها.
ان سياسة حيوية لمقاطعة البضائع يجب أن تعرض على الفلسطينيين بدائل وليس العيش على الزيت والزعتر (كما اقترح في الماضي اسماعيل هنية على سكان غزة). الحل هو تشجيع وحماية الانتاج الصناعي والزراعي المحلي. ولكن تطور هذه الفروع الفلسطينية محدود مسبقا بسبب السقوف التي تفرضها اسرائيل على المياه، بسيطرتها على نحو 62 في المائة من الضفة ومنع التصدير من قطاع غزة. من يحاول التصدي لهذه المصاعب في الصناعة وفي الزراعة لا يمكنهم أن يقاطعوا المواد الخام التي تستورد من اسرائيل. في 2011 كانت قيمة التصدير الفلسطيني 720 مليون دولار – ارتفاع بمعدل 25 في المائة مقارنة بالعام 2010. معظم التصدير كان لاسرائيل – بقيمة 618 مليون دولار. والى الاردن صدر الفلسطينيون بضائع بقيمة 39 مليون دولار والى اوروبا 15 مليون دولار فقط (اقل من مبيعات منتجات شركة "اهافا" في اوروبا). كل من يدعو الى المقاطعة يجب أن يأخذ بالحسبان ان اسرائيل قد ترد على المقاطعة فتمنع استيراد البضائع الفلسطينية الى اراضيها.
منذ العام 2008 يوجد انخفاض في حجم الاستيراد من اسرائيل. في 2008 كان نحو 3.2 مليار دولار. في 2011، كما أسلفنا، 2.939 مليار دولار، انخفاض بمعدل 2.3 في المائة مقابل السنة السابقة، حسب مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني. أما الاستيراد من البلدان الاخرى فقد ارتفع. ففي العام 2011 كان الاستيراد من اوروبا 444 مليون دولار، ارتفاع بمعدل 20.8 في المائة مقابل 2010 (ولا تتضمن المبالغ المنتجات التي تمر في الانفاق الى غزة). ولكن عندما تكون اسرائيل تتحكم بمعابر الحدود وتفرض على المستوردين الفلسطينيين قيودا عديدة تعرف بانها "امنية" فلا غرو ان التعلق بالاستيراد من اسرائيل أو من الخارج، من خلال مستورديها، بقي كبيرا.
لقد وعد مؤيدو رفع مستوى المكانة في الامم المتحدة بانهم أخذوا في الحسبان اجراءات ثأرية اقتصادية من اسرائيل، وقدروا بان المعارضة الغربية أو الدعم المالي من الدول العربية ستعطلها. ولكن في هذه الاثناء تصر اسرائيل على موقفها، والدول العربية لا تسارع، وفياض مرة اخرى غير قادر على دفع الرواتب. وحيال التوقع للاضرابات، الاحتجاجات والابطاء الاقتصادي الشامل، فان فياض يدحرج الكرة نحو الجمهور الفلسطيني وقيادة فتح (التي تعاطت مع فياض ككيس ضربات، وكأن الازمة المالية هي مسؤوليته الشخصية وليس لها صلة بالاحتلال الاسرائيلي وبسياسة عباس).
ان مقاطعة البضائع هي نوع من المقاومة الشعبية، التي يحاول الناطقون بلسان السلطة الفلسطينية وفتح عرضها الان كسبيل مناسب للكفاح ضد الاحتلال، الى جانب التكتيك الدبلوماسي. في تصريحاته يضع فياض قيد الاختبار جدية قيادة فتح. اذا لم يكن للاضرار بالاقتصاد الاسرائيلي، فان النشاط الحكومي والشعبي في سبيل مقاطعة البضائع كفيل بان يرفع الوعي السياسي ويخلق اجواء من رص الصفوف والشراكة يشعر المرء جدا بنقصها.
ولكن هنا يقف عائق آخر أمام الدعوة للمقاطعة: نحو 81 في المائة من الفلسطينيين مقتنعون بان الفساد ينتشر في السلطة الفلسطينية. والاستجابة لدعوة المقاطعة ولتنازلات اخرى من الفلسطينيين تحتاج الى ثقة الجمهور بالقيادات، ومثل هذه الثقة غير قائمة.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
من يحتاج الى اعتراف؟
بقلم: غبريئيل شتريسمان
قضى قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947 بصراحة بأن تنشأ في ارض اسرائيل دولتان احداهما يهودية والثانية عربية. وتكرر هذا المصطلح القومي في قرار الامم المتحدة الكامل أكثر من مرة واحدة. وتقرر على أساس ذلك القرار في اعلان استقلال دولة اسرائيل أنها "دولة يهودية في ارض اسرائيل". ولم تعترض أي واحدة من الدول التي اعترفت بدولة اسرائيل على الصيغة وبقيت اليوم 32 دولة لا تعترف باسرائيل.
في اتفاقي السلام مع مصر والاردن، اللذين لا يوجد أدنى شك بمجرد توقيعهما وصيغتيهما في ان مصر والاردن اعترفتا باسرائيل بصفة دولة مستقلة، لا يوجد ذكر لمصطلح "يهودي". وتقرر العادة الدولية ان الدول الجديدة لا تستطيع الاعتراف (أو عدم الاعتراف) بدول قائمة. ان الدول القائمة فقط تعترف أو لا تعترف بدول جديدة. ولم يسمع أحد بعادة عكسية إلا اذا تطرقنا الى سياسة حكومة اسرائيل.
ان الطلب الاسرائيلي الحازم – وهو بحسب جميع الآراء شرط يسبق المحادثات مع الفلسطينيين برغم شكاوى حكومة اسرائيل من أن هؤلاء الآخِرين خاصة هم الذين يشترطون شروطا مسبقة – ان تعترف السلطة الفلسطينية باسرائيل بأنها دولة يهودية يبدو في ظاهره لا حاجة اليه وغوغائيا ويثير الشعور بأن هذا الشرط المسبق تغطية على عدم رغبة حقيقية في الاستمرار في اجراء تفاوض ما.
اذا استثنينا دولة اسرائيل لم تطلب أية دولة قط اعترافا من دول جديدة. اعترفت اسرائيل بدول مختلفة في العالم أُنشئت بعدها من غير ان تفحص فحصا دقيقا عما ورد في دساتيرها، ولها علاقات دبلوماسية بدول غير ديمقراطية على نحو ظاهر كالصين وفيتنام وميانمار من غير اعتبار لصورة الحكم فيها.
ان شأن طلب الاعتراف هذا كله مأخوذ من عالم ساسة لا من لغة القانون الدولي. ان دولة جديدة لا تتفضل على أحد حينما تعترف أو لا تعترف بدول قائمة. ان الضفة الغربية باعتبارها جزءا من المملكة الاردنية قد وجدت مدة 19 سنة دون اعتراف من دول العالم ما عدا بريطانيا وباكستان واسرائيل ايضا في واقع الامر لأنها عايشت تلك السلطة مكتوفة اليدين حينما كان الامر متعلقا بتحقيق اتفاقات الهدنة في سنة 1949. ألم يجلس ممثلو اسرائيل في البزات العسكرية ومن غيرها – وبينهم اسحق رابين – في فندق الورد في رودوس للتوصل الى تسوية الهدنة؟ ثم رأينا اسرائيل لا تعترف بالاردن والاردن لا يعترف باسرائيل – على نحو رسمي – وبرغم ذلك تعايشتا في سلام الى ان كانت حرب الايام الستة.
هُزمت اسرائيل في المدة الاخيرة هزيمة لاذعة في الامم المتحدة حينما لم تنجح في منع "السلطة الفلسطينية" أو "الدولة الفلسطينية" مكانة دولة غير عضو في المنظمة الدولية. كان يجب ان يضيء كل أمر مكافحة "الاعتراف" مصباحا احمر في دهاليز الحكومة قبل ان يبلغ هذا الامر النقاش في الجمعية العمومية بزمن طويل.
كان يحق لـ "السلطة" من جهة القانون الدولي ان تتجه الى الامم المتحدة وان تطلب مكانة كهذه. ونوجه من يهتم بقراءة تفسير موسع في هذا الشأن كتبته سلطة جدية الى مقالة البروفيسورة روت لبيدوت التي كانت في الماضي المستشارة القانونية لوزارة الخارجية وشاركت في المحادثات الطويلة مع مصر في مسألة مكانة طابا في سيناء. ففي مقالة كتبتها ونشرت منذ زمن قريب في المجلة الاسرائيلية للمشكلات الخارجية (المجلد 6، العدد 3)، نجد بيانا مفصلا يُبين لماذا ليس ما ورد في ميثاق مونتفيديو في سنة 1933، والذي يفصل شروط الاعتراف بكيان ما انه دولة، لم يعد نافذ الفعل في الواقع ولا يُحرص عليه – لا في مسألة الحدود الدائمة ولا في مسألة تحديد السكان.
يحسن ان نفحص مرة اخرى هل الطلب الاسرائيلي لاعتراف الفلسطينيين باسرائيل أنها دولة يهودية هو عملي وهل هو قائم كما ينبغي على القانون الدولي. يبدو في ظاهر الامر ان التخلي عن هذا الطلب باعتباره شرطا يسبق تجديد المحادثات بين اسرائيل و"السلطة" مثل الطلب السابق لتخلي الفلسطينيين عن حق العودة، سيمهد لتجديد المحادثات. ان مسألة مكانة القدس و"حق العودة" ستُبحثان أصلا في تفاوض مباشر بين الطرفين. ولا ضمان لنجاح هذه المحادثات، لكننا نستطيع ان نقول حاولنا على الأقل. ويجب علينا نحن لا الفلسطينيين ان نهتم بالطابع اليهودي لدولة اسرائيل.
هآرتس – من نير حسون وآخرين - الثلاثاء 18/12/2012
زخم يتواصل باقرار البناء خلف الخط الاخضر. فقد أقرت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس أمس بشكل نهائي اقامة 1.500 وحدة سكن جديدة في حي رمات شلومو خلف الخط الاخضر. وقد جر هذا الاقرار منذ الآن شجبا امريكيا. وفي الايام القريبة القادمة سيُبحث في ثلاث خطط بناء كبرى اخرى لاقامة حي جديد في جنوب المدينة – جفعات همتوس – هو الآخر خلف الخط الاخضر.
وكان مخطط توسيع رمات شلومو أقر أول مرة في اذار 2010، في اثناء زيارة نائب الرئيس الامريكي جو بايدن الى البلاد، قبل وقت قصير من لقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد أحدث القرار في حينه أزمة غير مسبوقة بين اسرائيل والادارة الامريكية والقت بظلالها على زيارة نائب الرئيس. وفي أعقاب الازمة جمد المخطط وسحبت مخططات اخرى في شرقي القدس من جدول الاعمال. ولكن قبل اسبوعين، بعد أن قُبلت فلسطين كعضو مراقب في الامم المتحدة ورئيس الوزراء أعلن عن زخم بناء في شرقي القدس وفي المستوطنات ردا على الخطوة الفلسطينية بدأوا في وزارة الداخلية يسرعون الاقرار. ويجري الان المضي في المخطط قدما في مسار سريع، من خلال "لجنة لاستكمال المخططات" – لجنة متفرعة عن اللجنة اللوائية التي من صلاحياتها دفع المخططات العالقة منذ زمن بعيد الى الامام. ومع أن المادة في القانون التي تتيح اقامة مثل هذه اللجنة موجود منذ عدة سنوات الا ان هذه هي المرة الاولى التي تقام فيها مثل هذه اللجنة. وردت أوساط وزارة الداخلية الادعاءات وقالت ان المخطط كان يدفع الى الامام على مدى كل الفترة الاخيرة دون صلة بالاجراءات السياسية.
وكان مخطط رمات شلومو قد حثه سياسيون اصوليون يرون فيه جزءا من حل أزمة السكن في الوسط الاصولي في القدس. فالمخطط يكثف الحي الاصولي شمالي العاصمة. وسيزيد التوسيع الفاصل اليهودي بين الاحياء الفلسطينية في شمالي القدس – شعفاط وبيت حنينا وبين الاحياء الفلسطينية بين وسط القدس. وهكذا فانه سيثقل على كل محاولة مستقبلية لتقسيم المدينة.
وقد اقر المخطط في ظل تقليص معين في حجم البناء، فبدلا من 1.600 وحدة سكن أقر 1.500، بسبب ادعاءات سكان رمات شلومو بالاكتظاظ والمساس بالمشهد. وهكذا الزم المستثمرون بالحفاظ على موقع اثري عثر عليه في المكان.
هذا وستستمر موجة اقرارات مخططات البناء في شرقي القدس في الايام القريبة القادمة ايضا. وفي اليومين القريبين ستبحث اللجنة اللوائية واللجنة المحلية في القدس في ثلاثة مخططات بناء جديدة سيغير اقرارها دراماتيكيا خريطة جنوب القدس. وتتحدث المخططات الثلاثة عن اقامة حي يهودي جديد في جنوبي المدينة باسم جفعات همتوس. وسيقام الحي في منطقة موقع المقطورات القديم مقابل حي هار حوما. وغدا ستبحث اللجنة اللوائية – ومرة اخرى من خلال الاجراء الاستثنائي للجنة استكمال المخططات – في مخطط لاقامة نحو 900 وحدة سكن في جفعات همتوس المخصصة لليهود وكذا في مخطط آخر سيسمح الى جانب البناء للسكان اليهود البناء للسكان في بيت صفافا أيضا ولا سيما من خلال زيادة ارتفاعات المباني القائمة. ويوم الاربعاء ستبحث اللجنة المحلية في مخطط بناء ضخم في جفعات همتوس سيتيح اقامة 2.610 وحدات سكن.
ويفترض بالمداولات يوم الاربعاء أن تنهي اجراءات اقرار المخطط والسماح باقامة الحي. ويوم الخميس القريب ستبحث اللجنة اللوائية في مخطط آخر هو أيضا يوجد في مراحله النهائية، لاقامة نحو 1.200 وحدة سكن في غيلو. وفي 7/1 ستعود اللجنة اللوائية للبحث في جفعات همتوس، هذه المرة لاقامة منطقة فنادق كبرى في المكان.
وتعتقد أوساط اليسار بان اقامة الحي الجديد في جفعات همتوس ستفرض صعوبة حقيقية أمام تقسيم القدس، وذلك لانها ستعزل تماما قرية بيت صفافا. وهكذا مثلا تشرح حجيت عفران من السلام الان فتقول ان اقامة الحي لن يسح بان تطبق على القدس الخرائط التي تحققت في اتفاق جنيف، والتي تترك بيت صفافا مع ارتباط بالدولة الفلسطينية. كما ان الحي الجديد سينضم الى الاحياء اليهودية القائمة في المنطقة – غيلو وهار حوما – ليخلق كتلة يهودية ضخمة في جنوبي المدينة تفصل بين القدس وبيت لحم. واضافة الى ذلك، تدعي جمعية عير عميم، بان الفنادق التي ستقام في جفعات همتوس ستضر بشدة بصناعة السياحة في بيت لحم المجاورة.
وأعرب وزير الداخلية ايلي يشاي عن الرضى من اقرار الخطة في رمات شلومو: "وزارتي ستواصل العمل على زيادة عرض وحدات السكن لعموم السكان في مدينة القدس وكذا في البلاد بأسرها. ويشكل اقرار المخططات خطوة هامة وحيوية اخرى من الوزارة من أجل تحسين موضوع السكن، الى جانب تعزيز مدينة القدس".
ومن الجهة الاخرى هاجم نائب رئيس البلدية من ميرتس يوسف (بابا) الالو، موضوع اقرار المخططات في شرقي القدس فقال: "هذه الخطوة مخططة مسبقا ومن فوق ترمي الى الغاء كل فرصة للوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين. من يفعل هذا يعتقد أن هكذا يعاقب الفلسطينيين على توجههم الى الامم المتحدة، ولكن في هذه الاثناء العالم يعاقبنا ونحن سندفع لقاء ذلك ثمنا باهظا".
رئيسة العمل، شيلي يحيموفتش، امتنعت عن التعقيب بشكل شخصي على البناء في رمات شلومو. اما من حزب العمل فجاء التعقيب التالي: هذا قرار زائد وضار يمس بمكانة اسرائيل ويزيد عزلتها في العالم.
أما رئيسة "الحركة" تسيبي لفني فقالت معقبة على الاعلان عن البناء في رمات شلومو ان "البناء يمثل كل ما هو اشكالي في حكومة نتنياهو".
يديعوت – من يوفال كارني وآخرين:
معركة المستوطنات – المناطق تصل الى الحملة../
كان هذا هو الموضوع الذي امتنعت بكل ثمن عن الحديث فيه. حتى عندما ندد العالم باسرائيل على البناء، دارت الحملة الانتخابية لشيلي يحيموفتش حول كل شيء عدا سياسة اسرائيل في المناطق. اما أمس حتى هي ما كان يمكنها أن تتجاهل. ففي مقابلة مع ستديو "واي نت لايف" قدمت يحيموفتش تصريحا كان يصعب توقعه ممن يقود معسكر الوسط – اليسار: "محظور المساس بميزانية المستوطنات".
وسارع قادة احزاب كتلة الوسط الاخرى الى الرد وعرض وجهة نظرهم في الموضوع. ونتنياهو؟ واصل أمس تجاهل موجة الشجب الدولي – وأجاز القرار ببناء 1.500 وحدة سكن في رمات شلومو.
وصرحت رئيسة العمل يحيموفتش أمس بانها تؤيد حل الدولتين للشعبين وانها مع اخلاء مستوطنات ولكنها سارعت الى أن تضيف بانه الى ان يتحقق حل سياسي، فانها تعارض تقليص الميزانيات. "لا يمكن المس بالميزانية الكبيرة المستثمرة في المستوطنات"، قالت يحيموفتش. "انا اؤيد نقل احياء في شرقي القدس الى دولة فلسطينية، ولكن لا يمكن التعاطي مع سكان المستوطنات التي قامت حسب قرارات حكومة اسرائيل – معظمها كانت تحت سيطرة حزب العمل - كمجرمين".
وعادت يحيموفتش وصرحت بان العمل ليس حزب يسار، ولم يسبق له أن كان كذلك. "رابين ايضا لم يكن يسارا"، قالت. ولاقت يحيموفتش هذا الصباح ضربة مضادة من داخل كتلة الوسط. فقد هاجم رئيس حزب "يوجد مستقبل" يئير لبيد رئيسة العمل مباشرة فقال انها "تعطي اسنادا لنقل الاموال من الطبقة الوسطى الاسرائيلية الى المستوطنات التي ستكون خارج اسرائيل في كل تسوية مستقبلية. هذا أمر عديم المسؤولية، وأنا لا افهمه. فمنذ قيام حكومة نتنياهو ارتفع الاستثمار في المستوطنات بـ 38 في المائة. ولما كان عدد المستوطنين لم يرتفع بـ 38 في المائة، فهذا يعني أنهم رفعوا الاستثمار في المستوطنات، بما في ذلك في تلك التي لن تكون في الدولة بعد الاتفاق، على حساب الطبقة الوسطى".
اما الضلع الثالث في الكتلة، رئيسة الحركة، تسيبي لفني فتناولت هي أيضا هذه المسألة عند طرحها البرنامج الاقتصادي – الاجتماعي لحزبها فقالت: "انه لا يمكن تحسين الوضع دون تغيير سلم الاولويات الوطنية – من خلال وقف الميزانيات للمستوطنات السياسية".
"سيكون تمييز حاد بين المستوطنات في الكتل الاستيطانية وبين المستوطنات السياسية"، قالت لفني. "نحن سنواصل تعزيز الكتل ولكننا لن ننقل مالا زائدا للمستوطنات التي نعرف انها لن تكون هناك. ينقلون اليوم أموالا الى اماكن لا حاجة وطنية منها الا بسبب حاجة سياسية تتعلق ببقاء هذه الحكومة".
وتجدر الاشارة الى أن التمييز الذي ضربته لفني بين الكتل الاستيطانية و "المستوطنات السياسية" يذكر بحملة اسحق رابين عشية الانتخابات في 1992، حين ثبت اصطلاح "المستوطنات السياسية" واعلن بانه اذا انتخب رئيسا للوزراء فانه "سيجفف" تلك المستوطنات المنعزلة.
أما نتنياهو من جهته، فلم يتحدث أمس ولكن اقرار البناء في رمات شلومو تحدث من تلقاء نفسه. "بعد خطاب بار ايلان لنتنياهو والقرار غير المسبوق لتجميد البناء في المستوطنات، فان بيبي ملزم بان يكسر يمينا"، هكذا قدرت أوساط الليكود. "في هذه الاثناء نحن نفقد المقاعد في داخل الكتلة، ويجب اعادتها الى البيت. مع كل الاحترام للانتقاد الدولي، توجد في اسرائيل ايضا انتخابات ونحن ايضا ملزمون تجاه مقترعي اليمين".
استطلاع – هآرتس – من يونتان ليس:
67 في المائة من مؤيدي الوسط لن يصوتوا الى جانب تقسيم القدس../
يفضل 50 في المائة من مقترعي حزب العمل حدودا قابلة للدفاع على تسوية سلمية و 35 في المائة من مقترعي "اسرائيل بيتنا" مستعدون لاخلاء مستوطنات من خارج الكتل في تسوية سياسية. هكذا يتضح من استطلاع أجراه المركز المقدسي للشؤون العامة والسياسية، برئاسة د. دوري غولد. وقد أجري الاستطلاع في شهر تشرين الثاني من هذا العام، من خلال معهد داحف برئاسة د. مينا تسيمح، وسيعرض يوم الخميس في المؤتمر السنوي للمركز.
وقد أظهر الاستطلاع عدة مواقف مفاجئة لمقترعي الوسط واليمين بالنسبة لسياسة الخارجية والامن. فقد عثر الاستطلاع على مواضيع يعرب فيها 20 في المائة على الاقل من مؤيدي احزاب الوسط عن مواقف صقرية ومعدل مشابه من مؤيدي اليمين ممن يعربون عن مواقف حمائمية. كتلة الوسط، حسب الاستطلاع، تضم العمل ويوجد مستقبل ولم يفحص مواقف مقترعي كديما، ميرتس او احزاب اخرى (الحركة بقيادة تسيبي لفني لم يكن تأسس بعد).
وكشف الاستطلاع النقاب عن أن 50 في المائة من مؤيدي الوسط لن يبدوا ولاءً لحزب يتخلى عن غور الاردن، و67 في المائة لن يصوتوا لقائمة تتنازل عن القدس الموحدة. 80 في المائة من مؤيدي العمل و 62 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل يولون اهمية لاعتراف فلسطيني باسرائيل كدولة يهودية؛ 60 في المائة من مؤيدي العمل و 71 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل لا يؤمنون بان انسحاب الى خطوط 67 وتقسيم القدس سيؤدي الى انهاء النزاع. 65 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل و 57 في المائة من مؤيدي العمل لا يؤمنون بان القيادة الفلسطينية (فتح وحماس) قادرة على أن تقرر انهاء النزاع. وذلك، مقابل 97 في المائة من مؤيدي شاس و 91 في المائة من مقترعي الليكود – بيتنا لا يؤمنون بذلك. وفي سؤال اذا كانت مفضلة حدود قابلة للدفاع أو السلام، فضل 50 في المائة من مؤيدي العمل و 45 في المائة من مؤيدي يوجد مستقبل حدود آمنة على السلام.
وفي كتلة اليمين ايضا النتائج كانت مثيرة للفضول: 22 في المائة من مؤيدي الليكود يفضلون سلاما على حدود قابلة للدفاع. وفي مسألة اذا كانوا سيوافقون على حل المستوطنات خارج الكتل الكبرى، يعتقد 35 في المائة من مؤيدي اسرائيل بيتنا و 30 في المائة من مؤيدي البيت اليهودي بان على اسرائيل أن توافق على ذلك.
ويعد هذا الاستطلاع الثالث في سلسلة استطلاعات وفي المركز يدعون بانه يدل على تعزيز واضح للتأييد الاسرائيلي للحدود القابلة للدفاع بالقياس الى الاستطلاع الاول في العام 2005 عندما فضل نحو 49 في المائة فقط من اليهود في حينه مثل هذه الحدود على السلام.
ووجد الاستطلاع بان شؤون الامن تقف في رأس سلم الاولويات للمقترعين (29 في المائة) وفورها المواضيع الاقتصادية – الاجتماعية (26 في المائة).
وصرح غولد، السفير الاسرائيلي السابق في الامم المتحدة ومقرب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو أمس بان "نتائج الاستطلاع تشير الى تعزيز مبدئين: مكانة القدس الموحدة في نظر الجمهور واهمية مبدأ الحدود القابلة للدفاع. كعاملين ذوي تأثير حاسم على قرار الناخب الاسرائيلي في الانتخابات القريبة القادمة".
هآرتس – افتتاحية - 18/12/2012
نسوا ان يكونوا كحلونيين
بقلم: أسرة التحرير
لست سنوات عملت وزارتي المواصلات والمالية على اصلاح يزيد عدد الرحلات الجوية الوافدة الى اسرائيل، يرف بشكل دراماتيكي عدد السياح الذين يدقون ابوابها، ولا سيما، يخفض جدا اسعار الرحلات الجوية للمستهلك الاسرائيلي.
اصلاح "السماء المفتوحة" جاء ليفتح الطيران في اسرائيل امام المنافسة، ويسهل على شركات الطيران الاجنبية التصدي للتفوق المصطنع المضمون للشركات الاسرائيلية. وفي نهاية تموز وقع وزير المواصلات اسرائيل كاتس على مبادىء الاصلاح، وأعلن عن عصر جديد "تتحول فيه اسرائيل لتصبح جزء لا يتجزأ من دول الاتحاد الاوروبي"، فيما توقع تخفيضا ذا مغزى في أسعار الرحلات الجوية.
وكان الجميع مستعدين للتوقيع على الاتفاق التاريخي الذي كان مخططا له هذا الاسبوع، في اجتماع وزراء المواصلات الاوروبيين في بروكسل. الجميع، عدا رئيس الورزاء بنيامين نتنياهو. وفي نهاية الاسبوع الماضي اعلنت وزارة المواصلات عن أنه بتعليمات من نتنياهو لم يطرح الاتفاق على التوقيع، وذلك "للامتناع عن اتخاذ قرارات ذات مغزى بعيد الاثر عشية الانتخابات". وجاء البيان باعثا على الدهشة في اوساط المهنيين في اسرائيل وفي الاتحاد الاوروبي – ليس فقط بسبب توقيته المحرج، الاستخفاف الظاهر بمن يعملون في المهنة والتخوف من المس بالعلاقات الخارجية. "تخفيض أسعار الرحلات الجوية هو خطوة ينبغي التباهي بها بالذات قبل الانتخابات"، عجب مصدر حكومي. "لحظة التوقيع جاءت في توقيت كامل – وكأنه تطبيق لاصلاح في الخلوي قبل لحظة من التوجه الى التصويت. فأي اعتبار سياسي يمكن أن يتغلب على ذلك؟".
ويكمن الجواب على ما يبدو في المعارضين للاصلاح وفي المنافسة التي الى جانب ذلك، ممن فعلوا كل شيء لاحباطه. شركة العال مثلا مارست الضغوط للتأثير على النواب، ولجان العاملين في شركات الطيران المحلية هددوا بتصفية حسابات سياسية في صندوق الاقتراع، وكذا الطيارين تجندوا ضد المنافسة التي قد تقلص من اجورهم السخية.
هكذا فان حكومة نتنياهو تخضع مرة اخرى للمصلحة الضيقة لاولئك الذين يتمتعون بثمار اخفاقات السوق والخلل التنظيمي، حتى على حساب الجمهور. وذلك، بعد ان تحتل مجموعة المستمتعين الصغيرة بسهولة طريقها نحو قلب رئيس الوزراء – بينما شفتاه تدعوان وزراءه "ان يكونوا كحلونيين".
يديعوت – مقال افتتاحي – 18/12/2012
العار الذي أصبح ملازما
بقلم: ناحوم برنياع
قبل اربع سنوات أجرى نتنياهو تفاوضا مع ليبرمان في ضم حزب اسرائيل بيتنا الى الحكومة. وطلب ليبرمان ان يُعين لجميع المناصب المتعلقة بتنفيذ القانون أشخاص يقبلهم وكان ذلك مطلبا غير عادي. فمنذ نشأت الدولة لم يطلب شريك ائتلافي طلبا من هذا النوع. وكان السبب غير عادي ايضا: فليبرمان لم يعرضه بمساعدة ناخبيه أو الوسط الذي جاءوا منه بل كان في الخلفية ملف التحقيق معه ثقيلا ومهددا.
واستسلم نتنياهو فتم تعيين يعقوب نئمان وزيرا للعدل على حساب نصاب الوزراء من اسرائيل بيتنا من قبل ليبرمان وانتدابه؛ وعُين اسحق اهارونوفيتش من كتلة ليبرمان الحزبية وزيرا للامن الداخلي؛ وعُين دافيد روتم وهو من رجال كتلته ايضا رئيسا للجنة الدستور والقانون والقضاء التابعة للكنيست؛ وعلم كل قاضٍ طمح الى التقدم الى اللوائية أو العليا ان الباحثين عن خير ليبرمان يسيطرون على لجنة تعيين القضاة؛ وحينما خلا منصب المستشار القانوني للحكومة أوكل الى طالبي الخير له تعيين المرشحين، فقد علموا ان هذا هو التعيين المقرر من بين جميع التعيينات.
ووجدوا مرشحا مناسبا. فقد كان يهودا فينشتاين واحدا من أبرز المحامين الخاصين في اسرائيل. وبعد ان جمع ماله بالدفاع عن متهمين كثيري الاموال وعظيمي القوة كان من الطبيعي فقط ان طلب الاسهام من وقته للدولة. وقد جلب الى المنصب تجربة قانونية غنية وعقلا مستقيما ومزاجا معتدلا ومشايعة اعلامية ووقوفا طويلا الى جانب ساسة تورطوا. واستطاع منتدبو ليبرمان ان يفرضوا ان التأليف بين هذه الصفات يضمن لهم مظلة في يوم عاصف.
مرت ثلاث سنوات منذ تولى فينشتاين منصبه. وقد عمل في هذه المدة عملا صعبا لكنه لم يترك أثرا. أما القرار الحاسم الذي سيتم تذكره بسببه فانه ينتظره قريبا منه، أو قد أصبح في الحقيقة في داخله وهو ان قضية ليبرمان كلها له. فمزوز سيتم تذكره بسبب قصاب؛ ولدور بسبب اولمرت؛ وسيتم تذكر فينشتاين بسبب ليبرمان – بسبب التحقيق الذي تلاشى؛ وبسبب استقرار الرأي على عدم تقديم لائحة اتهام بالجناية الثقيلة؛ وبسبب استقرار الرأي على تقديم لائحة اتهام بقضية السفير.
ما يزال القرار الحاسم الذي سينهي القضية أمامه. فليبرمان الذي يتحدث الآن في الأساس على ألسنة محاميه، يضغط من اجل صفقة خاطفة تُمكّنه من العودة الى قيادة الحكومة العليا بعد الانتخابات فورا طاهرا كطفل عمره يوم واحد. لا يُحتاج الى شركة وهمية ولا يُحتاج الى مدققة حسابات في قبرص ولا يُحتاج الى متعاون في السفارة في مولدافيا. ان الاختراع بسيط مثلما هو مستكبر ووقح وهو ان تتخلى النيابة العامة عن عقوبة السجن وان يعترف ليبرمان بلا شيء وان يتناول العار الذي سيصيبه الكنيست الذاهبة ولهذا ينتهي قبل ان يبدأ. ما كان أحد يستطيع ان يوجد بدعة كهذه حتى من اجل ابنه الصغير.
أُخمن ان فينشتاين يُقر بالفضل للناس الذين عينوه. والاقرار بالفضل صفة مباركة؛ وأُخمن ايضا انه يتفهم وضع محامي ليبرمان الحرج، فلو أنه كان المحامي في هذه القضية لبحث تحت الارض عن حيلة تُخرج موكله من غير ضرر.
لكن المطروح الآن ليس عار ليبرمان فقط. ان للعار صفة تثير الاهتمام فهو حينما يسقط قبل الأوان عن ظهر انسان يلتصق فورا بظهر آخر. وقد طُرح للنقاش صيت فينشتاين وسلطته واستقلاله والأثر الذي سيُخلفه، وليست هذه امورا يُستهان بها.
ليس هناك ما يدعوه الى الاسراع. اذا كان ليبرمان هو الانسان السوي العادي فيجب ان يُبحث شأنه كما يُبحث شأن الانسان السوي العادي: أي في بطء وعلى نحو أساسي. في دولة ينتظر فيها ناس كانوا ضحايا جنايات سبع سنوات أو ثماني حتى يُبت الحكم، يستطيع سياسي تورط ان ينتظر بضعة اشهر. وعمل المحامين عن الجُناة ان يبحثوا عن ثقوب في القانون، أما عمل المستشار القانوني للحكومة فهو ان يُريهم الباب.
يتذكر فينشتاين جيدا الافعال التي استقر رأيه بسببها على تقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان. وهو يتذكر الصورة وكيف تلقى وزير خارجية دولة اسرائيل وثيقة عن تحقيق معه وقرأها ثم طرحها كأدنى مخالفي القانون في حوض المرحاض؛ ويتذكر كيف امتنع ليبرمان عن تقديم تقرير عن الجناية كما يطلب القانون من المواطن فضلا عن عضو كنيست؛ ويتذكر كيف نمت بعد ذلك الحياة المهنية للسفير الذي سلّم الوثيقة. فهل يمكن اعفاء شخص كهذا من العار؟.
من المؤكد انه تنبه الى ما حدث لداني أيلون الذي عُزل عن عمل نائب وزير الخارجية لكنه أُعيد الى عمله في اللحظة التي تبين فيها أنه قد يُطلب اليه الشهادة في هذه القضية. ان اجتماع هذه الوقائع الذي يثير الاهتمام يُذكر باجتماع الوقائع الذي جعل الشاهدة في قبرص وشاهدا آخر يصابان بمرض عضال. مع هذا القدر الكبير من الحظ في الحياة، فان حياة ليبرمان السياسية هدر في الحقيقة لأنه يجدر ان يقامر بدل ان يقامر بمصيرنا جميعا.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
أهذا مركز؟
بقلم: الكسندر يعقوبسون
تعلن شيلي يحيموفيتش ان حزب العمل هو حزب مركز وأن من يُعرفه بأنه يسار يظلمه. وأنا أرى ان يحيموفيتش تظلم مصطلح "المركز" بصورة استعمالها له. على نحو طبيعي يعتبر حزب اشتراكي ديمقراطي يسارا معتدلا أو مركزا – يسارا. لكن اليسار والمركز واليمين في اسرائيل تُعرف في الأساس بحسب الشأن السياسي لكن اذا كان "العمل" حزب مركز في مواقفه السياسية فما هو مضمون هذه "المركزية"؟.
ان المضمون تحت قيادة يحيموفيتش هو التجاهل المنهجي للشأن السياسي: فحزب العمل يُعرف نفسه بحسب رؤيته للشأن الذي يرفض ان يتناوله بجدية. ان استقرار الرأي على الاشتغال قبل كل شيء بالمجتمع وبالاقتصاد أمر مشروع؛ وليس من المشروع تجاهل الشأن السياسي. ان من يبحث في الأرشيف يجد ان يحيموفيتش تؤيد خطة كلينتون لكنها في تصريحاتها جعلت المسألة السياسية أمرا ليس حتى ثانويا بل هامشيا وغير موجود تقريبا. اذا كان هذا هو معنى "المركز"، فان الحديث عن مركز بأكثر المعاني سلبية: مركز معناه عدم الاكتراث، و"لا هنا ولا هناك" و"لا تشوشوا عليّ راحتي". ومن التناقض المطلق ان توحي يحيموفيتش وهي مقاتلة بطبيعتها برسالة كهذه – لكن هذا هو ما توحي به.
ان مصطلح اليسار يشير في نظر فريق من الجمهور، علاوة على المواقف المحددة الى الرغبة في النضال عن العدل ورفض التسليم للظلم. ومن المفهوم انه لا توجد قداسة في أي تصنيف سياسي، وليس الجمهور كله يفسر مصطلح اليسار على هذا النحو، لكن هناك جمهور يعني التحلل من مصطلح اليسار في نظره تحللا من الالتزام بالنضال عن الحرية والمساواة. ان دور حزب العمل الطبيعي هو ان يمثل جزءا من هذا الجمهور على الأقل. وكما لا يجوز ترك الصهيونية لليمين القومي ليس من المرغوب فيه كذلك ترك "اليسار" لناس "اسرائيل مذنبة دائما". لكن اذا كان حزب العمل قد استقر رأيه ايضا على التخلي عن الجمهور الذي له صلة عاطفية بـ "اليسار"، فعليه ان يتذكر انه يوجد جمهور كبير ايضا ليست له صلة كتلك وان صفة المركز يمكن ان تلائمه – لكنه يتمسك بالقيم الديمقراطية الأساسية ويتوقع من منتخبيه ان يناضلوا عنها.
لا يوجد حزب اشتراكي ديمقراطي أو "مجرد" ديمقراطي، له حق أخلاقي في الامتناع عن ان يقول بصوت جهير انه يرفض الاحتلال بشدة. لا يعني رفض الاحتلال انه يجب ان توهم الجمهور الاسرائيلي وان تقول له ان احتلال 1967 هو الشأن الوحيد بيننا وبين الفلسطينيين؛ لكن يجب على اسرائيل ان تفعل ما يتعلق بها للتخلص من الاحتلال وعليها قبل كل شيء ان تكف عن توسيع المستوطنات.
لا حاجة الى إظهار عداوة قبلية للمستوطنين باعتبارهم بشرا وجمهورا، لكن كل انسان ذا تصور ديمقراطي يجب ان يرفض في صراحة مشروعا هدفه الظاهر هو منع تقسيم البلاد من غير اعطاء كل سكانها حقوق المواطنة. ان الحد بين مؤيدي ومسوغي هذا المشروع ورافضيه لا يفترض ان يمر بين اليسار والمركز بل يفترض ان يمر بين يمين ديمقراطي ويمين غير ديمقراطي. وفي الحقيقة ان قادة الليكود تبنوا منذ كانت خطبة بار ايلان مبدأ دولتين للشعبين، بادي الرأي. ولا يُفسرون كيف يتساوق قبول هذا المبدأ مع خريطة المستوطنات الحالية وتوسيعها. ولا تُجهد يحيموفيتش ايضا نفسها في التفسير لأن هذا الشأن يصيبها بالملل كما يبدو. فهل هذا مركز؟.
هآرتس – مقال – 18/12/2012
في طريق الثورة
بقلم: تسفي بارئيل
"7 مليون، من يعطيني 7 مليون؟ السيد هناك في الخلف، 7.5 مليون. شكرا. من يعطيني 8 مليون؟ عندي 8 مليون. من يضيف؟ 8، 8؟ 9 مليون. يا جماعة، 9 مليون، 9 مليون. عندنا 9 مليون مرة أولى، مرة ثانية. بيع". باسم يوسف يضرب بالمطرقة الخشبية الصغيرة على طبق من الخشب ويقرر المبلغ النهائي.
لا، ليس هذا وصفا لبيع بالمزاد العلني في الحقيقة، بل مقطع من برنامج ساخر هو الاكثر شعبية تقدمه محطة سي.بي.سي المصرية بملكية رجل الاعمال، محمد الامين.
هذه المرة قرر د. يوسف، 38 سنة – طبيب وجراح قلب في اختصاصه، لا يزال مسجلا كعضو في جمعية الجراحين في بريطانيا – ان يسخر من اعلانات الاخوان المسلمين عن حجم "مظاهرة المليون" التي نظمتها في ميدان "نهضة مصر" ضد مظاهرة حركات الاحتجاج التي جرت في ميدان التحرير. وقد حدث الامر قبل نحو ثلاثة اسابيع. وكانت هذه أيام متوترة، وتخوفت السلطات من صدامات عنيفة بين المعسكرين، مثلما حصل بالفعل في وقت لاحق، وأحد، باستثناء يوسف، لم يعتقد أن هذا هو الزمن المناسب للدعابة. ولكن محطة التلفزيون المستقلة، التي حظيت بلقب "محطة بث فلول النظام القديم"، لم تحسب حسابا. فمقابل تبجح الاخوان المسلمين عن عدد المشاركين في مظاهرتهم، عرض يوسف "المزاد العلني" من انتاجه.
في مقابلات للصحافة يعترف يوسف بانه يحاكي برنامج جون ستيوارت، مقدم البرنامج الشعبي The Daily Show ولكن يبدو أنه يفوق زميله الامريكي. فيوسف يعرض مقاطع فيديو لاحداث حقيقية، وفور ذلك يرفقها بتحليله الساخر. وهكذا في أحد فصول البرنامج عرض مقطع فيديو اخباري ظهر فيه "رفيعو المستوى" في زيارة تضامن مع المتظاهرين في ميدان التحرير، فيما يعلن أحد في هاتفه النقال: "نحن بحاجة عاجلة هنا الى مائة زوج من الملابس الداخلية، المناشف وورق التواليت". "مائة زوج ملابس داخلية لمليون متظاهر؟"، تساءل يوسف، "ماذا، الان كل ألف متظاهر سيحصل على زوج واحد من الملابس الداخلية؟" وعلى الفور يبرز في الاستديو عارض أزياء يلبس لباسا داخليا كتب عليه "حرية". ويجمل القول: "لا شك، هذه ثورة الملابس الداخلية".
"ها هو جاء الاسلام، ها هو جاء الاسلام"، هتف الاف المتظاهرين السلفيين في مقطع فيديو آخر، "جاء الاسلام؟" يرفع يوسف حاجبيه عجبا ويوجه نظرة الى الكاميرا، "لم أعرف أن الاسلام ذهب الى أي مكان"، والجمهور في الاستديو ينفجر ضحكا. ولا ينتظر يوسف الى أن يهدأ ويواصل عرض مقاطع اخرى، تبدو أنها أُخذت من عالم آخر. "عندي خبران هامان اعلنهما للجمهور"، يقول أحد الواعظين السلفيين لجمهور كبير من المحتشدين، "بشار الاسد مات". فالجمهور حوله يصفق، يصفق ويهتف الله اكبر. "لحظة، عندي خبر هام آخر: بشار الاسد فر من سوريا"، يواصل الواعظ، ومرة اخرى يصخب الجمهور. "لحظة"، يطلب يوسف ان يعرف، "الاسد أولا مات وبعد ذلك فر، أم أولا فر وبعد ذلك مات؟".
وقد بدأ ينشر عروضه الساخرة على اليو تيوب منذ اذار 2011، بعد شهر من سقوط حسني مبارك وفي آب 2011 وقع على عقد مع شبكة ONTV التي بملكية الملياردير القبطي نجيب سواريس. وفي الشهر الماضي انتقل الى محطة cbc "بعد أن رفض عروضا مغرية من العربية ومن محطات عموم عربية. ومع أن برنامجه هو البرنامج الفكاهي الثوري الاول -عدد المشاهدين لبرنامجه في اليوتيوب يفوق المليون ونصف – ولكنه ليس مصدر الهزل الساخر الوحيد في هذه الفترة. نكات ناجحة عن محمد مرسي منتشرة بوفرة على الانترنت أو على يافات ترفع في المظاهرات او في الرسومات على جدران المباني العامة. وفي واحدة منها ورد: "لو كان مرسي يسمع نفسه وهو يخطب لانتخب هو على الفور أحمد شفيق رئيسا لمصر".
مرسي، المعروف بميله الى الاستطراد في خطاباته – أقصرها يستغرق نحو نصف ساعة وأطولها اكثر من ساعة ونصف – تلقى ايضا ضربات عن البلاغات التي تنقل باسمه بعد لقاءاته مع ممثلي المعارضة. وقد قيل في جميعها ان المحادثات "كانت حميمة وودية"، حتى لو لم تكن تعطي اي نتائج. وقد مل بعض من الفنانين هذا الهراء فرسموا علم مصر يحمل النسر الفاخر بشفتي امرأة حمراوين، وتحته كتب: "العلم الوطني يتغير بعد لقاء حميم مع مرسي".
الهزل المصري الساخر، الذي عمل سرا في عهد عبد الناصر، انور السادات ومبارك يحظى حاليا بحرية التعبير في عهد مرسي. بعض من ممثلي الاخوان المسلمين والسلفيين وان كانوا يهددوا بمقاضاة باسم يوسف على اهانتهم، ولكن لا يبدو أنه يخاف ذلك. يخيل أن التهديد الذي يخيفه اكثر هو أن يتحول الهزل الساخر الى واقع.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
يا بيبي إذهب للعلاج
بقلم: اسحق سيفل يشورون
مخرج سينمائي
ان آثار الاغتصاب – لانسان أو جمهور – لا تُمحى. فمنذ ان تسلب انسانا السيطرة على جسده وتستعمله كاستعمالك شيئا وتفعل به ما تشاء تتغير شخصيته. فيصعب على ذاكرته ان تستعيد الفعل بتفصيلاته ويتحول الحدث الصادم شعوريا الى مجموعة منفصلة عن التفصيلات تثبت في الذاكرة على أنها ممثلة للرعب والعجز والغضب. وبعد الاغتصاب يصبح كل غريب تهديدا محتملا وتصبح نوايا المحب مريبة. وتشوش المخاوف والشعور بالذنب على الحكم وينطوي من تعرض للاغتصاب في عالمه. وبعد علاج طويل فقط يستطيع احيانا ان يُعيد لنفسه الثقة التي أضاعها بالمعالج أولا وبقدرته هو بعد ذلك على ان يُعيد لنفسه ماضيه، ويستعيد ذاكرته ليُموضع عمل الاغتصاب في السياق الصحيح من حياته وليُعيد بعد ذلك بناء ثقته بالبشر.
اغتُصب الشعب اليهودي على مر التاريخ مرات لا تحصى. وقد سُلب ارادته وسيطرته على حياته وفعل به اجانب ما شاءوا. فقد ضربوه وسلبوه أملاكه وطردوه من ارضه وأذلوه وقتلوا منه بلا رحمة. فليس عجبا اذا ان طور الشعب اليهودي وممثله الاسرائيلي شخصية متشككة ومنطوية ومتنكرة ومؤمنة بالقوة. وليس عجبا أننا نتكل على قوتنا فقط وأننا نشك في نوايا الآخر. فلن يغتصبونا مرة اخرى. لن يفعلوا ذلك أبدا.
ان رئيس وزراء اسرائيل الذي وُضع على كتفيه الضيقين حمل التاريخ الثقيل يسلك سلوكا متوقعا من انسان بعد صدمة شعورية يرفض طلب عائلته ان يُعالَج. وهو يخفي عن نفسه فصول تاريخ لا تتساوق مع صورة عالمه بعد الصدمة الشعورية. وهو يعيد كتابة التاريخ بحيث يستطيع معايشته اخلاقيا وعمليا. ان تاريخ الشعب الفلسطيني القريب يُنسّى ويُنسى لأنه لا يُمكّن الضمير من قبول الواقع. ونحن نفسر لأنفسنا وللآخرين قوتنا المستعملة على الدوام بأنها رد على اغتصاب متوقع في المستقبل. وتُعرض قوتنا الضخمة من اجل ان يروا ويُروا، لكننا في نظر أنفسنا دائما ضحية محتملة لقوة شيطانية توشك في كل لحظة ان تستعيد التاريخ. ان رئيس الحكومة مثل قنفذ مذعور ينفش شوكه ويعرضه ردا على كل تحرش حقيقي أو وهمي يثير ذكرى الصدمة الشعورية.
هكذا يبني رئيس الوزراء المغتصب لنفسه عالما خاصا به. في عالمه المغلق المتوهم حيث كل غريب هو تهديد وجودي، تتغير القوانين لتمكينه هو ورعاياه من ان يعيشوا في سلام مع ضمائرهم. وفي هذا العالم لسنا محتلين بل ضحايا عدوان مستمر دائم. والعالم كله عدو عظيم القوة في حين أننا ضحية دائمة حتى حينما يضاعف جيشنا قوته مرتين أو ثلاثا. وكل الطاقة والموارد التي نحن قادرون على تجنيدها تُبذل لمنع الاغتصاب القادم وتُبذل في المستقبل المهدِّد لا في الحاضر غير المُرضي.
إذهب للعلاج يا سيدي رئيس الوزراء مع كل الاحترام لصفتك وعملك. حتى قبل ان تُنتخب مرة اخرى اذا أمكن. وحاول ان تبني ثقة بالمعالِج سواء أكان وزيرة الخارجية الامريكية أو رئيسة حكومة المانيا أو كل انسان آخر برهن بحسب وجهة نظرك على تصور معقول للواقع. وبعد ان تتعلم الثقة بالمعالِج دعه يبسط أمامك أجزاء بازل التاريخ الذي ترفض رؤيته واسمح له بأن يساعدك على تمييز قطع الواقع من خارج عالمك المغلق. واستمع لأصوات اخرى ودعها تصور لك اختيارات اخرى للمستقبل.
هل تعلم انه توجد بلاد لا تشعر فيها حكومات بحاجة الى تخويف المواطنين حتى حينما تكون التحديات التي تواجهها أصعب من ان تُحتمل؟ هل فكرت مرة في الاحتمال الذي يصعب تصوره وهو ان اليهود ليسوا منتجبي الخليقة؟ وهل خطر ببالك ان العدو ليس بالضرورة اسود كله؟ وهل فكرت في احتمال ان تكون نوايا أعدائنا مشتملة على الالوان الرمادية؟ وأنهم ليسوا جميعا يريدون اغتصابنا؟ ونوايانا التي تهتم بأن تُبينها بأعمالك في المناطق أليست تصد حراك التغيير الذي يستطيع ان يعيدنا الى وجود سوّي بين عائلة الشعوب؟.
اسرائيل اليوم - مقال - 18/12/2012
تعيينات اوباما هي مشكلتنا ايضا
بقلم: يعقوب أحيمئير
اذا لم تقع مفاجآت فسيعلن الرئيس براك اوباما قريبا التعيينين الرفيعين في ادارته القادمة. يفترض ان يتم تعيين السناتور السابق تشاك هيغل وزيرا للدفاع مكان ليون بانيتا التارك لعمله، ويفترض ان يحل السناتور الذي يتولى عمله الآن جون كيري محل هيلاري كلينتون وزيرا للخارجية.
أصبح هذان التعيينان ممكنين بفضل تراجع سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة عن ترشحها لمنصب وزيرة الخارجية. "على جثثنا فقط"، أوضح سناتورات جمهوريون قوة معارضتهم للموافقة على رايس في مجلس الشيوخ. وقد تورطت رايس بتصريحات مضللة عن طبيعة الهجوم الارهابي على سفارة الولايات المتحدة في بنغازي حيث قتل اربعة امريكيين منهم السفير نفسه. ومع ذلك لن يكون تعيين كيري وهيغل ايضا موافقا لهوى الحكومة في القدس.
ان هيغل جمهوري أبدى طوال سنوات ولايته سناتورا علاقة معادية جدا لمواقف اسرائيل. قبل ثلاث سنوات وقع على رسالة الى الرئيس اوباما دعا فيها الى اجراء محادثات مباشرة مع حماس. وقبل ذلك ببضع سنوات صوت هيغل في مجلس الشيوخ معارضا قانون العقوبات الامريكي على ليبيا وعلى ايران، وفي سنة 2008 صوت معارضا فرض عقوبات على ايران. وقد قالت المحللة جنيفر روبين، المحافظة في تصورها العام، قالت ان "مواقف هيغل معادية لاسرائيل ومعادية للعقوبات". وتتهم تصريحات اخرى من دوائر يهودية في الولايات المتحدة هيغل بمعاداة السامية. وفي فرصة ما رفض ان يوقع مع ثلاثة سناتورات (من بين 100) على اعلان تأييد مجلس الشيوخ لاسرائيل. ينبغي ان نفترض ان يوجد بين اوباما وهيغل اذا وحينما تتم الموافقة على تعيينه، تفاهم على الحاجة الى اقتطاع من نفقات الولايات المتحدة الدفاعية، فاوباما في مدة ولايته الثانية سيصبح مُحررا من ضغوط جهات معارضة في الدولة في هذا الشأن. ومن المؤكد ان هيغل حينما يصبح وزير الدفاع لن تكون له تلك الصلات الحميمة بنظيره الاسرائيلي كان من كان كما كانت بين اهود باراك والوزير بانيتا.
يمكن ان نشبه عملية الموافقة على تعيين كيري وهيغل في مجلس الشيوخ وتعيينات اخرى ايضا بـ "طاحون لحم" سياسي. ان اعضاء لجنة الخدمات المسلحة ستحقق مع هيغل علنا في جميع الموضوعات وفي علاقته المعادية لاسرائيل ايضا. ويعلم اعضاء اللجنة انه لا حاجة الى اكثار الكلام في أهمية التعاون الامني بين الولايات المتحدة واسرائيل، والمكانة الحاسمة لوزير الدفاع الامريكي في تشكيل هذه العلاقات.
ستواجه الحكومة التالية في اسرائيل – برئاسة نتنياهو كما يبدو – قضية حصول ايران العاجل على القدرة الذرية. وان حقيقة ان يكون مُحادث وزير الدفاع الاسرائيلي القادم هو تشاك هيغل – الذي تحفظ حينما كان يتولى عمله في مجلس الشيوخ من نظام العقوبات على طهران (ولن نتحدث عن معارضته عملية عسكرية لا يفضلها اوباما ايضا)، تقلق موظفين اسرائيليين كبارا.
لكن ينبغي ألا يوجد شك في ان تعيين هيغل المتوقع هذا لا يرمي الى التعبير عن امتعاض اوباما من برود العلاقات بينه وبين نتنياهو. يجب ان نؤمن بأن الرئيس الامريكي يُعين ناسا كبارا في ادارته الثانية لا بحسب علاقتهم باسرائيل بل بحسب معيار "ما هو جيد لي جيد للولايات المتحدة". لكن ليس ما هو جيد للولايات المتحدة هو بالضرورة جيد لاسرائيل دائما.
اسرائيل اليوم - مقال - 18/12/2012
من غير ضعف ومن غير تلعثم
بقلم: نداف شرغاي
انهم يعودون في نهاية الامر الى السلوك السوّي في القدس. ربما يبشر 1500 وحدة سكنية أُجيز بناؤها أمس في رمات شلومو بعهد جديد من السلامة العقلية، عودة الى السلوك المتوقع من صاحب سيادة في عاصمته؛ لأن ما حدث في القدس في مجال التخطيط والبناء في السنوات الاخيرة جسد عكس ذلك بالضبط، أعني الخوف والتردد وعدم الحزم وعلامات سؤال عن عدالة النهج.
ان القرار أمس والمباحثات اليوم وغدا في البناء في جفعات همتوس (للعرب ايضا كما هو صحيح وضروري) يوحي للعالم بمقولة ان القدس تقع خارج اللعبة وان التجميد بلغ نهايته هنا ايضا. يجب الآن ان نعيد للجان التخطيط في المدينة استقلالها وان نحررها من واجب الحصول على إذن ديوان رئيس الوزراء بخطط من هذا النوع. كانت مستقلة اربعة عقود واتخذت قرارات مهنية في اطار سياسة عليا صاغتها أكثر حكومات اسرائيل.
قررت هذه السياسة العليا أننا لن نُقسم القدس مرة اخرى أبدا. وقد قلنا هذا في الماضي (باستثناء حكومتي باراك واولمرت اللتين حنثتا باليمين للقدس)، ويجب ان نعود ونقول هذا مرة بعد اخرى من غير ان نخجل ومن غير ان نضعف ومن غير ان نتلعثم. ان البناء في جبل أبو غنيم وفي رمات شلومو وفي جفعات همتوس يسهم في وحدة المدينة ويمس باحتمالات تقسيمها ولهذا فهو بناء جيد – للعرب واليهود سواءا. قد يشوش هذا الامر بيقين تشويشا مؤقتا على العلاقات بالولايات المتحدة وباوروبا بل قد يفضي الى عقوبات لكنه مستحسن من اجل القدس.
يحسن جدا كذلك ان تُبين اسرائيل التي ما زال الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة يقيدان يديها بازاء البناء غير القانوني الأهوج في شرقي القدس، ان تُبين لاصدقائها ان هذه "حقائق تقررت على الارض" – وليست هي من مصلحة الجانب الاسرائيلي. ان سكان شرقي القدس خاصة قدموا في السنة الأخيرة مئات الشكاوى الى الرقابة البلدية من البناء غير القانوني هذا. فحتى هم يشعرون بأنه قد طفح الكيل وان مخالفي بناء يسلبون اراضي خاصة وان الفوضى والاضطراب يحكمان هذا المجال. يجب ان نُمكّن العرب من البناء بصورة قانونية الى أعلى في الأساس كما اعتادوا في الوسط اليهودي، وان نعود في نفس الوقت برغم موقف "اصدقائنا الاوروبيين" الى هدم البناء غير القانوني ولا سيما في اماكن يشوش فيها هذا البناء على التخطيط المدني ويغتصب اراضي مخصصة للحاجات العامة.
والقول الثاني الذي يوحي به قرار أمس على البناء في رمات شلومو موجه الى الداخل: فالقدس لم تعد قادرة على بناء 1500 – 2000 وحدة سكنية كل سنة فقط في حين يبلغ الطلب الى 4500 وحدة كل سنة. ان هذا الفرق الهائل يزيد في الهجرة السلبية من القدس، فان 18 ألف يهودي يتركونها كل سنة وهكذا تتضاءل الأكثرية اليهودية. وان حقيقة ان الجمهور الحريدي في القدس وازمة السكن عنده شديدة بصورة مميزة، يسكن في أحياء حريدية ولا يضطر الى ان يبحث لنفسه عن مناطق عيش في أحياء علمانية، هي مباركة وتضائل الاحتكاك.
يجب الآن الاستمرار وعدم الاحجام فقط. فقرار أمس قطرة في بحر فقط وما يزال العمل كثيرا.
معاريف - مقال - 18/12/2012
يطلقون النار على السلام
بقلم: بن – درور يميني قبل يومين كتب هنا نوعام شيزاف ("يطلقون النار على الرسول") انه طالما كان احتلال، ستكون مقاومة، وسيكون قمع، وستكون جرائم، وتقارير وأخبار محرجة في وسائل الاعلام العالمية. وفي نفس المناسبة، وفي أعقاب الحدث الذي ضرب فيه فلسطينيان من "رويترز" ممن أُعتبرا بالخطأ نشطاء "بتسيلم"، اتهم ايضا الصحفيين بانهم "يحرضون ضد منظمات حقوق الانسان". وفي مكان آخر ذكر اسمين: بن كسبيت وعبدكم المخلص.
في أمر واحد كان شيزاف محقا. كتبت غير قليل عن النشاط المنكر لهيئات تدعي بانها تعنى بحقوق الانسان. كشفت النقاب عن أكاذيب نشرت باسم هذه الهيئات. كتبت عن الاجندة السياسية لنشطاء مركزيين في هذه الهيئات، ممن يرفضون حق وجود دولة اسرائيل بصفتها الدولة القومية للشعب اليهودي. كشفنا مساهمة هيئات من هذا المعسكر في حملة التصوير بالشيطان. وكانت الامور موثقة. ولم أحظَ في أي مرة، واسمحوا لي بان أعترف، بالردود.
أما شيزاف فيسير خطوة الى الامام. فهو يخلق علاقة بين حجج موضوعية، هو غير قادر على ان يتصدى لها، وبين ظواهر عنف جنود جديرة بالتنديد. هكذا بحيث أنه يجدر ملاحظة الدرك الاسفل الجديد الذي هبط اليه شيزاف. وعندما طرحت حججا ضد هذه الهيئات، لم يسبق لي أن كتبت بانه "طالما واصلت هذه الهيئات بث الاكاذيب، سيكون عنف ضد نشطاء هذه الهيئات". اما شيزاف بالمقابل فانه يكتب بانه "طالما يستمر الاحتلال، ستستمر المقاومة". ينبغي فقط الايضاح بان المقاومة هي الاسم السري للارهاب. كان يخيل لي أن الانتقاد على "منظمات الحقوق" هو انتقاد شرعي. كما أن الانتقاد على "الاحتلال" هو شرعي. ولكن شيزاف لا يكتفي بالانتقاد. فهو يوفر المبرر "للمقاومة".
عندما تتكرر الكذبة مليون مرة ومرة، "المقاومة مبررة لانها ضد الاحتلال"، فانها لا تتحول لتصبح حقيقة. هكذا بحيث أنه لا مفر من العودة الى الحقائق. نشطاء "المقاومة" ليسوا نشطاء سلام. وهم لا يرغبون في انهاء الاحتلال. هم معنيون بتصفية اسرائيل. كانت لهم فرص، في الماضي البعيد والقريب، ليقيموا لانفسهم دولة. وهم رفضوا كل عرض. لانهم ليسوا معنيين ابدا بانهاء الاحتلال. السلام والمصالحة هما موضوعان جديران. يجب الكفاح من أجلهما، ولكن شيزاف ورفاقه يفعلون العكس تماما. فهم يشكلون موردين لمعاذير الرفض الفلسطيني. التصوير بالشيطان الذي يشاركون فيه هو عائق امام السلام. والاكاذيب التي ينشرونها في أرجاء العالم هي عائق امام السلام. دعم الكثير منهم "لحق العودة" هو دعم لتخليد النزاع والعنف.
واذا لم يكن واضحا لنا طبيعة ذاك العمى، فان شيزاف يقترح علينا صيغه العجيبة: ضم المناطق ومنح المواطنة للفلسطينيين أو الاخلاء الفوري، مع اتفاق أو بدونه. وسيجد شيزاف شركاء مخلصين لهذه الافكار في اليمين الاسرائيلي. موشيه آرنس، روبي ريفلين، تسيبي حوتوبيلي وغيرهم الكثيرين ممن يقودوننا هم ايضا نحو "دولة واحدة" في ظل منح قرص تهدئة في كل ما يتعلق بالجانب الديمغرافي.
ولكن لندع جانبا هذا الاتجاه الذي يربط بين اليسار المتطرف واليمين المتطرف. فشيزاف يعرض ايضا خيار الاخلاء "مع اتفاق او بدونه". وبالفعل، باراك حاول، كلينتون حاول، اولمرت حاول. وقد نالوا الرفض المطلق. الفلسطينيون لم يريدوا 91 في المائة ولا حتى 95 في المائة. ارادوا حق العودة. بمعنى، هذا ليس الاحتلال. انه اللاجئون. وعندها حاولت اسرائيل ايضا الاخلاء بلا اتفاق. فعلى ماذا حصلنا؟ الصواريخ وحماس. كيف بالضبط سيضمن لنا الشيزافيون بان هذا لن يحصل ايضا بعد اخلاء من جانب واحد ليهودا والسامرة؟ كيف بالضبط سيضع مؤيدو حماس في جنين حرابهم ويحولونها الى مزامير؟
في السبعينيات، في الثمانينيات، في التسعينيات كان معسكر سلام. كنت جزء منه في بعض المراحل. ارائي لم تتغير. المعسكر تغير. فقد تحول، في أغلبيته الساحقة، الى "معسكر حقوق الانسان". هذا المعسكر لا يعنى بدفع التسوية الى الامام. انه يعنى بالدفع الى الامام بالفريات ضد اسرائيل وبتمثيل الرفض الفلسطيني. لقد كان يمكن أن يكون للشيزافيين دورا مركزيا في دفع الاحتمال للتسوية الى الامام. ولكن بدلا من الصراع ضد رافضي السلام، يكافحون ضد اسرائيل. اذا اردنا أن نعرف لماذا سيفوز اليمين في الانتخابات، لا حاجة للاجتهاد. ينبغي النظر الى اليسار. لا توجد حاجة لاكثر من ذلك.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
مقاطعة بلا أسنان
بقلم: عميرة هاس
رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، سلام فياض، دعا أول أمس الفلسطينيين الى مقاطعة البضائع الاسرائيلية، كرد على قرار حكومة نتنياهو عدم تحويل اموال الجمارك والضرائب الى السلطة. بل ووعد فياض بان حكومته تفحص السبل لفرض مقاطعة رسمية تلزم عموم السكان، بحيث لا تكون مجرد توصية. وقال ان المقاطعة تستهدف دفع الاسرائيليين المتضررين منها الى العمل بتغيير قرار حكومتهم. في نظرة اولى، يوجد للفلسطينيين ما يقاطعونه: نحو 70 في المائة من الاستيراد الى المناطق يأتي من اسرائيل، ومن اصل استيراد بقيمة 4.222 مليار دولار في 2011، فان بضائع بقيمة 2.939 مليار دولار تأتي من اسرائيل.
ولكن فحصا دقيقا لمعطيات التجارة الفلسطينية مع اسرائيل، والتي لا ريب أن فياض يعرفها جيدا، تفيد بانه يفكر بالاجواء السياسية الفلسطينية الداخلية وليس بالضرر الاقتصادي الحقيقي لاسرائيل. فمدى الضرر الاقتصادي الذي سيلحق باسرائيل والاسرائيليين جراء المقاطعة سيكون هامشيا، مثلما حسب فوجد بنك اسرائيل في العام 2010. وقد أجرت الفحص دائرة البحوث في البنك، حسب معطيات 2008. وظهرت نتائجها واستنتاجاتها في تشرين الاول 2010. وحسب ذاك الفحص، فان المبيعات للسلطة كانت فقط 0.9 في المائة من الانتاجية في الاقتصاد الاسرائيلي، واقل من 2 في المائة في كل واحد من الفروع التالية: الزراعة، التجارة، التأمين والبنوك. المبيعات من الصناعة الاسرائيلية الى المناطق كانت فقط نصف في المائة من انتاجية الصناعة. وقد تركزت في فروع الصناعة التقليدية مثل الغذاء، المشروبات، الخشب، الورق والمعادن ومعدلها كان 1 حتى 2.5 في المائة من انتاجية هذه الفروع. وانتاجية أعلى كانت من بيع المياه والكهرباء للفلسطينيين – 5 في المائة. ولكن مشكوك أن يكون فياض يقترح على الفلسطينيين تقليص استهلاك المياه والكهرباء.
لقد أظهر فحص دائرة البحوث في بنك اسرائيل أيضا بان القيمة المضافة (زيادة أماكن عمل للاسرائيليين) التي تنبع من بيع منتوج اسرائيلي للفلسطينيين، هي الاخرى صغيرة جدا. ففي العام 2008 بلغت نحو 1.5 مليار شيكل – نحو 0.15 في المائة من الانتاج المحلي الاسرائيلي.
وتعد معطيات التصدير العالية من اسرائيل الى الفلسطينيين مضللة لسبب آخر: كما يشير بنك اسرائيل، فان نحو 38 في المائة من المبيعات هي تجارة – عبور، والذي تنقل فيه الشركات التجارية الاسرائيلية الى الفلسطينيين منتوجا انتج في خارج البلاد. 20 في المائة أخرى من المبيعات هي وقود مصدرها في الخارج. وقال مصدر في بنك اسرائيل لـ "هآرتس" ان الفحص جرى قبل سنتين، وينبغي الافتراض بانه لا يوجد تغيير كبير في التوزيع بين أنواع المنتجات المصدرة للفلسطينيين وفي مصدرها.
ان سياسة حيوية لمقاطعة البضائع يجب أن تعرض على الفلسطينيين بدائل وليس العيش على الزيت والزعتر (كما اقترح في الماضي اسماعيل هنية على سكان غزة). الحل هو تشجيع وحماية الانتاج الصناعي والزراعي المحلي. ولكن تطور هذه الفروع الفلسطينية محدود مسبقا بسبب السقوف التي تفرضها اسرائيل على المياه، بسيطرتها على نحو 62 في المائة من الضفة ومنع التصدير من قطاع غزة. من يحاول التصدي لهذه المصاعب في الصناعة وفي الزراعة لا يمكنهم أن يقاطعوا المواد الخام التي تستورد من اسرائيل. في 2011 كانت قيمة التصدير الفلسطيني 720 مليون دولار – ارتفاع بمعدل 25 في المائة مقارنة بالعام 2010. معظم التصدير كان لاسرائيل – بقيمة 618 مليون دولار. والى الاردن صدر الفلسطينيون بضائع بقيمة 39 مليون دولار والى اوروبا 15 مليون دولار فقط (اقل من مبيعات منتجات شركة "اهافا" في اوروبا). كل من يدعو الى المقاطعة يجب أن يأخذ بالحسبان ان اسرائيل قد ترد على المقاطعة فتمنع استيراد البضائع الفلسطينية الى اراضيها.
منذ العام 2008 يوجد انخفاض في حجم الاستيراد من اسرائيل. في 2008 كان نحو 3.2 مليار دولار. في 2011، كما أسلفنا، 2.939 مليار دولار، انخفاض بمعدل 2.3 في المائة مقابل السنة السابقة، حسب مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني. أما الاستيراد من البلدان الاخرى فقد ارتفع. ففي العام 2011 كان الاستيراد من اوروبا 444 مليون دولار، ارتفاع بمعدل 20.8 في المائة مقابل 2010 (ولا تتضمن المبالغ المنتجات التي تمر في الانفاق الى غزة). ولكن عندما تكون اسرائيل تتحكم بمعابر الحدود وتفرض على المستوردين الفلسطينيين قيودا عديدة تعرف بانها "امنية" فلا غرو ان التعلق بالاستيراد من اسرائيل أو من الخارج، من خلال مستورديها، بقي كبيرا.
لقد وعد مؤيدو رفع مستوى المكانة في الامم المتحدة بانهم أخذوا في الحسبان اجراءات ثأرية اقتصادية من اسرائيل، وقدروا بان المعارضة الغربية أو الدعم المالي من الدول العربية ستعطلها. ولكن في هذه الاثناء تصر اسرائيل على موقفها، والدول العربية لا تسارع، وفياض مرة اخرى غير قادر على دفع الرواتب. وحيال التوقع للاضرابات، الاحتجاجات والابطاء الاقتصادي الشامل، فان فياض يدحرج الكرة نحو الجمهور الفلسطيني وقيادة فتح (التي تعاطت مع فياض ككيس ضربات، وكأن الازمة المالية هي مسؤوليته الشخصية وليس لها صلة بالاحتلال الاسرائيلي وبسياسة عباس).
ان مقاطعة البضائع هي نوع من المقاومة الشعبية، التي يحاول الناطقون بلسان السلطة الفلسطينية وفتح عرضها الان كسبيل مناسب للكفاح ضد الاحتلال، الى جانب التكتيك الدبلوماسي. في تصريحاته يضع فياض قيد الاختبار جدية قيادة فتح. اذا لم يكن للاضرار بالاقتصاد الاسرائيلي، فان النشاط الحكومي والشعبي في سبيل مقاطعة البضائع كفيل بان يرفع الوعي السياسي ويخلق اجواء من رص الصفوف والشراكة يشعر المرء جدا بنقصها.
ولكن هنا يقف عائق آخر أمام الدعوة للمقاطعة: نحو 81 في المائة من الفلسطينيين مقتنعون بان الفساد ينتشر في السلطة الفلسطينية. والاستجابة لدعوة المقاطعة ولتنازلات اخرى من الفلسطينيين تحتاج الى ثقة الجمهور بالقيادات، ومثل هذه الثقة غير قائمة.
هآرتس - مقال - 18/12/2012
من يحتاج الى اعتراف؟
بقلم: غبريئيل شتريسمان
قضى قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947 بصراحة بأن تنشأ في ارض اسرائيل دولتان احداهما يهودية والثانية عربية. وتكرر هذا المصطلح القومي في قرار الامم المتحدة الكامل أكثر من مرة واحدة. وتقرر على أساس ذلك القرار في اعلان استقلال دولة اسرائيل أنها "دولة يهودية في ارض اسرائيل". ولم تعترض أي واحدة من الدول التي اعترفت بدولة اسرائيل على الصيغة وبقيت اليوم 32 دولة لا تعترف باسرائيل.
في اتفاقي السلام مع مصر والاردن، اللذين لا يوجد أدنى شك بمجرد توقيعهما وصيغتيهما في ان مصر والاردن اعترفتا باسرائيل بصفة دولة مستقلة، لا يوجد ذكر لمصطلح "يهودي". وتقرر العادة الدولية ان الدول الجديدة لا تستطيع الاعتراف (أو عدم الاعتراف) بدول قائمة. ان الدول القائمة فقط تعترف أو لا تعترف بدول جديدة. ولم يسمع أحد بعادة عكسية إلا اذا تطرقنا الى سياسة حكومة اسرائيل.
ان الطلب الاسرائيلي الحازم – وهو بحسب جميع الآراء شرط يسبق المحادثات مع الفلسطينيين برغم شكاوى حكومة اسرائيل من أن هؤلاء الآخِرين خاصة هم الذين يشترطون شروطا مسبقة – ان تعترف السلطة الفلسطينية باسرائيل بأنها دولة يهودية يبدو في ظاهره لا حاجة اليه وغوغائيا ويثير الشعور بأن هذا الشرط المسبق تغطية على عدم رغبة حقيقية في الاستمرار في اجراء تفاوض ما.
اذا استثنينا دولة اسرائيل لم تطلب أية دولة قط اعترافا من دول جديدة. اعترفت اسرائيل بدول مختلفة في العالم أُنشئت بعدها من غير ان تفحص فحصا دقيقا عما ورد في دساتيرها، ولها علاقات دبلوماسية بدول غير ديمقراطية على نحو ظاهر كالصين وفيتنام وميانمار من غير اعتبار لصورة الحكم فيها.
ان شأن طلب الاعتراف هذا كله مأخوذ من عالم ساسة لا من لغة القانون الدولي. ان دولة جديدة لا تتفضل على أحد حينما تعترف أو لا تعترف بدول قائمة. ان الضفة الغربية باعتبارها جزءا من المملكة الاردنية قد وجدت مدة 19 سنة دون اعتراف من دول العالم ما عدا بريطانيا وباكستان واسرائيل ايضا في واقع الامر لأنها عايشت تلك السلطة مكتوفة اليدين حينما كان الامر متعلقا بتحقيق اتفاقات الهدنة في سنة 1949. ألم يجلس ممثلو اسرائيل في البزات العسكرية ومن غيرها – وبينهم اسحق رابين – في فندق الورد في رودوس للتوصل الى تسوية الهدنة؟ ثم رأينا اسرائيل لا تعترف بالاردن والاردن لا يعترف باسرائيل – على نحو رسمي – وبرغم ذلك تعايشتا في سلام الى ان كانت حرب الايام الستة.
هُزمت اسرائيل في المدة الاخيرة هزيمة لاذعة في الامم المتحدة حينما لم تنجح في منع "السلطة الفلسطينية" أو "الدولة الفلسطينية" مكانة دولة غير عضو في المنظمة الدولية. كان يجب ان يضيء كل أمر مكافحة "الاعتراف" مصباحا احمر في دهاليز الحكومة قبل ان يبلغ هذا الامر النقاش في الجمعية العمومية بزمن طويل.
كان يحق لـ "السلطة" من جهة القانون الدولي ان تتجه الى الامم المتحدة وان تطلب مكانة كهذه. ونوجه من يهتم بقراءة تفسير موسع في هذا الشأن كتبته سلطة جدية الى مقالة البروفيسورة روت لبيدوت التي كانت في الماضي المستشارة القانونية لوزارة الخارجية وشاركت في المحادثات الطويلة مع مصر في مسألة مكانة طابا في سيناء. ففي مقالة كتبتها ونشرت منذ زمن قريب في المجلة الاسرائيلية للمشكلات الخارجية (المجلد 6، العدد 3)، نجد بيانا مفصلا يُبين لماذا ليس ما ورد في ميثاق مونتفيديو في سنة 1933، والذي يفصل شروط الاعتراف بكيان ما انه دولة، لم يعد نافذ الفعل في الواقع ولا يُحرص عليه – لا في مسألة الحدود الدائمة ولا في مسألة تحديد السكان.
يحسن ان نفحص مرة اخرى هل الطلب الاسرائيلي لاعتراف الفلسطينيين باسرائيل أنها دولة يهودية هو عملي وهل هو قائم كما ينبغي على القانون الدولي. يبدو في ظاهر الامر ان التخلي عن هذا الطلب باعتباره شرطا يسبق تجديد المحادثات بين اسرائيل و"السلطة" مثل الطلب السابق لتخلي الفلسطينيين عن حق العودة، سيمهد لتجديد المحادثات. ان مسألة مكانة القدس و"حق العودة" ستُبحثان أصلا في تفاوض مباشر بين الطرفين. ولا ضمان لنجاح هذه المحادثات، لكننا نستطيع ان نقول حاولنا على الأقل. ويجب علينا نحن لا الفلسطينيين ان نهتم بالطابع اليهودي لدولة اسرائيل.
0 comments: