Tuesday, February 5, 2013



الحروب التي خاضها الجيش الإسرائيلي


 حرب عام 1948 "النكبة"
تروج إسرائيل إلى أنها تعرضت لهجوم سبع دول عربية كانت ترغب بالقضاء على الحلم الصهيوني وعلى اليهود عموماً؛ ولكن في حقيقة الأمر، ووفق المعطيات التاريخية، فإن المنظمات الصهيونية قبل عام 1948 وقبل قرار التقسيم، سارت وفق مجموعة من الخطط السياسية والعسكرية لطرد الفلسطينيين من أراضيهم؛ فأعدت العدة لذلك كاملة؛ حيث أكملت التجهيز العسكري، وحصلت على المعدات والدعم البريطاني، ونتيجة لذلك سيطرت على أكثر من 70 % من الأراضي التي خصصها قرار التقسيم لليهود، قبل بدء حرب عام 1948م.  
ومن الثابت أن مجموع القوات الإسرائيلية المدربة والمجهزة بالعتاد الحديث قبل وبعد الجولة الأولى من الحرب، قد زادعن 70200 عسكري، ومع اشتداد المعارك بعد الأسبوع الأول من الحرب وصل عدد الجيش الإسرائيلي المشارك فعلياً بالحرب ما يقارب  100000 عسكري .    أما الجيوش العربية مجتمعة، فلم تحشد للحرب أكثرمن 22000 عسكري، ينقص الكثير منهم العتاد والتدريب.
وقد لعبت الصراعات العربية دورها في عدم الجاهزية للحرب؛ فقد خلق مشروع الملك عبد لله ( سوريا الكبرى) تخوفات لدى السوريين؛ فلم يرسلوا للجبهة سوى ربع الجيش السوري، تخوفًا من التفاف الملك عبد لله واحتلال سوريا؛ كذالك خلافات فوزي القاوقجي مع الشهيد عبد القادر الحيسني؛ إذ رفض توفير الدعم العسكري للحسيني، وترك العصابات الصهيونية تهاجم "الجهاد المقدس" دون التدخل.
الخلفية التاريخية لحرب 1948
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى خضعت فلسطين للانتداب البريطاني حتى العام 1948. وفي 29 نوفمبر 1947 وضعت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية فلسطينية، وتدويل منطقة القدس (أي جعلها منطقة دولية، لا تنتمي لدولة معينة، ووضعها تحت حكم دولي)، وكان التقسيم كالتالي:
• 56 %: لليهود
• 43 %: للعرب
• 1 %: منطقة القدس (وهي منطقة دولية ووضعت تحت الانتداب بإدارة الأمم المتحدة)، وقد رسم القرار الحدود بين الدولتين الموعودتين، وحدد مراحل تطبيقه، ووضع توصيات لتسويات اقتصادية بين الدولتين. 
وبشكل عام، رحب الصهاينة بمشروع التقسيم، بينما شعر العرب والفلسطينيون بالإجحاف.  وكانت عصبة التحرر الوطني (مجموعة إميل حبيبي، إميل توما وآخرين من العرب الذين تركوا الحزب الشيوعي الفلسطيني)، الحركة العربية الفلسطينية الوحيدة التي دعت إلى قبول خطة التقسيم.
تصاعدت حدّة القتال بعد قرار التقسيم، في بداية عام 1948، تشكل جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي. وبحلول يناير 1948؛ لجأت منظمتا الأرجون و"شتيرن" إلى استخدام السيارات المفخخة (4 يناير، تفجير مركز الحكومة في يافا ؛ ما أسفر عن مقتل 26 مدني فلسطيني)، وفي مارس 1948 قام المقاتلون الفلسطينيون الغير نظاميين بنسف مقر الوكالة اليهودية في القدس؛ ما أدى إلى مقتل 11 يهوديًا وجرح 86، وفي 12 أبريل 1948؛ أقرت الجامعة العربية إرسال الجيوش العربية إلى فلسطين، وأكدت اللجنة السياسية أن الجيوش لن تدخل قبل انسحاب بريطانيا المزمع في 15 مايو.
عين بن جوريون يغال يادين مسؤولاً عن إيجاد خطة للتحضير لتهجير الفلسطينيين والسيطرة على الأرض الفلسطينية، وخرجت تحليلات يغال يادين بالخطة دالت، والتي وضعت حيز التنفيذ منذ شهر نيسان إبريل وما تلاه.  ترسم "الخطة دالت" الجزء الثاني من مراحل الحرب، حيث انتقلت فيها "الهاجاناة" من موقع "الدفاع" إلى موقع الهجوم.
 انتهاء الانتداب
قررت الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في منتصف الليل بين ال14 و15 من مايو 1948، بضغط من الأمم المتحدة التي طالب بريطانيا بإنهاء انتدابها على فلسطين، وفي الساعة الرابعة بعد الظهر من 14 مايو أعلن المجلس اليهودي الصهيوني في تل أبيب أن قيام دولة إسرائيل سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل. وقد سبقت هذا الإعلان تشاورات بين ممثل الحركة الصهيونية موشيه شاريت، والإدارة الأمريكية، دون أن تعد حكومة الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة، فنشر الرئيس الأمريكي هاري ترومان رسالة الاعتراف بإسرائيل بعد إعلانها ببضع دقائق.  أما الاتحاد السوفيتي فاعترف بإسرائيل بعد إعلانها بثلاثة أيام، وامتنعت القيادة الصهيونية عن تحديد حدود الدولة في الإعلان عن تأسيسها واكتفت بتعريفها ك"دولة يهودية في إيرتس يسرائيل"؛ أي، في فلسطين.  وأسفر الإعلان مباشرة عن بدء الحرب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة.
 القوى العسكرية
مصر
أرسلت مصر 10,000 جندي تحت قيادة اللواء أحمد علي المواوي.  تضمنت:
• خمس ألوية مشاة. 
• لواء آلي واحد. 
• لواء مجهز بـ 16 مدفع عيار 25. 
• لواء مجهز بثمانية مدافع عيار 6. 
• لواء مجهز بمدفع آلي متوسط.  
الأردن
ضمت القوات الأردنية بطاريتا مدفعية كل واحدة بأربع مدافع 25 رطل جميعها بريطانية الصنع، و4,500 جندي في أربعة أفواج، وكانت القيادة العامة مع غلوب باشا، ومركزها مدينة الزرقاء، واستلم العميد نورمان لاش القيادة الميدانية، وكان مركزها في مدينة نابلس.
العراق
أرسلت المملكة العراقية في 29 إبريل 1948 قوة عسكرية إلى شرق الأردن تضم 2500 فرد بقيادة الضابط العميد محمد الزبيدي.
• فوج مشاة ميكانيكي. 
• فوجا مشاة. 
• كتيبة مدرعة (36 دبابة خفيفة). 
• كتيبة مدفعية ميدان (12 مدفع 25 رطل). 
• بطارية مدفعية مضادة للطائرات. 
سوريا
تألفت القوات السورية من 1,876 فردًا من الضباط والجنود بقيادة العقيد عبد الوهاب الحكيم، وتألفت تشكيلات القوات السورية على النحو التالي:
• لواء مشاه من كتيبتين. 
• كتيبة مشاه ميكانيكية:
o سرية من 17 عربة مصفحة طراز "مارمون"
o سرية من 17 عربة مصفحة (6 مصفحات مارمون و11 مصفحة دودج محلية التصفيح)
o سرية دبابات رينو آر-35 من 13 دبابة
o سرية مشاة محمولة (140 جنديًا)
• كتيبة مدفعية من عيار 75 مم. 
لبنان
حشدت لبنان ما يأتي:
• كتيبتي مشاة في كل كتيبة ثلاث سرايا بنادق، وكل سرية ثلاث فصائل. وتضم الكتيبة الواحدة 450 جنديًا، وتضم كل كتيبة فصيلة مدفعية هاون ومدافع رشاشة. 
• بطارية مدفعية من أربعة مدافع عيار 105 ملم. 
• أربع عربات مدرعة. 
• أربع دبابات خفيفة 7 طن. 
• مجموعة مستشفى ميدان. 
السعودية
حينما اندلعت الحرب في فلسطين أمر الملك عبد العزيز آل سعود (وزير الدفاع السعودي) بإرسال فرقة سعودية للجهاد في فلسطين في ظرف 24 ساعة، وتوجهت الدفعة الأولى بالطائرات فيما أرسلت بقية السرايا بالبواخر، وقد عين لقيادة فرقة الجهاد السعودية الأولى، العقيد سعيد بيك الكردي، ووكيله القائد عبد الله بن نامي، وبلغ عدد ضباط وأفراد الفرقة قرابة ثلاثة آلاف ومئتي رجل.
• 1ـ وصلت الدفعة الأولى إلى غزة يوم 27 مايو 1948 م، وتضم 27 ضابطاً و339 من رتب أخرى. 
• 2ـ وصلت الدفعة الثانية إلى غزة يوم 30 مايو 1948 م وتضم 19 ضابطاً و35 من رتب أخرى. 
• 3ـ وصلت الدفعة الثالثة إلى غزة يوم 15 يونيو 1948 م، وتضم 10 ضباط و329 من رتب أخرى. 
وكان بحوزة القوة السعودية 36 مدفع هاون، 3 بوصة، 34 مدفع براوننج، 72 رشاش برف، 10 رشاشات عيار 50، 10 رشاشات هونشكس، 750 بندقية 303 بوصة، 10 عربات مدرعة همير، وكانت ذخيرة هذه القوة نحو 21600 ألف قذيفة هاون 3 بوصة، 165000 طلقة 30.
باشرت القوة السعودية القتال جنباً إلى جنب مع القوات المصرية، وكانت المعركة الأولى للجيش السعودي في بيت حانون على بعد 9 كم عن غزة شمالاً.
جيش الإنقاذ
 قامت الجامعة العربية بأول خطوة لتوفير الاحتياجات الدفاعية للفلسطينيين في سبتمبر 1947؛ حيث أمرت بتشكيل اللجنة العسكرية الفنية، وذلك لتقييم المتطلبات الدفاعية الفلسطينية.  خرج التقرير باستنتاجات تؤكد قوة الصهاينة، وتؤكد انه ليس للفلسطينيين قوى بشرية أو تنظيم أو سلاح أو ذخيرة يوازي أو يقارب ما لدى الصهاينة، وحث التقرير الدول العربية على "تعبئة كامل قوتها".
قامت الجامعة بتخصيص مبلغ مليون جنيه إسترليني للجنة الفنية، وقبل إصدار قرار التقسيم حذّر اللواء (إسماعيل صفوت) رئيس اللجنة الفنية أنه "بات من المستحيل التغلب على القوات الإسرائيلية باستخدام قوات غير نظامية، "وانه ليس باستطاعة الدول العربية أن تتحمل حربًا طويلة الأمد".
وبعد قرار التقسيم اجتمعت الدول العربية في القاهرة بين 8 و17 ديسمبر 1947، وأعلنت أن تقسيم فلسطين غير قانوني، وتقرر أن تضع 10,000 بندقية و3,000 آلاف متطوع (وهو ما أصبح يعرف بجيش الإنقاذ)، بينهم 500 فلسطيني، ومبلغ مليون جنية تحت تصرف اللجنة العسكرية الفنية.
وتكونت وحدات جيش الإنقاذ من ثمانية أفواج:
• 1.  فوج اليرموك الأول: وتكون من ثلاث سرايا بمجموع 500 فرد. 
• 2.  فوج اليرموك الثاني: وتكون ثلاث سرايا بمجموع 430 فردًا. 
• 3.  فوج اليرموك الثالث: وتكون من سريتين 250 فردًا. 
• 4.  فوج حطين: ثلاث سرايا وعدد أفرادها 500. 
• 5.  فوج الحسين (الفوج العراقي): ثلاث سرايا، وعدد الأفراد 500. 
• 6.  فوج جبل الدروز: وتكون من ثلاث سرايا، بلغ عدد أفرادها 500. 
• 7.  فوج القادسية: وتكون من ثلاث سرايا، بلغ عدد أفرادها 450. 
• إضافة لأربع سرايا مستقلة غير تابعة لأي فوج، عدد أفرادها حوالي 450 فردًا. 
إسرائيل
بلغت أعداد منظمة الهاجاناة في ربيع عام ، 1947 بحسب المصادر الرسمية الإسرائيلية، قرابة 45,300 فرد، ويدخل في هذه الأعداد أعضاء "البالماخ" البالغ عددهم نحو 2,200 فرد، وحينما بدأت التعبئة في أعقاب قرار التقسيم انضم إلى "الهجناة" نحو 30 ألف مجند من يهود فلسطين و20 ألف آخرين من يهود أوروبا حتى إعلان قيام دولة إسرائيل في مساء 14 مايو 1948. 
حينما اندلعت الحرب في فلسطين، ارتفعت أعداد "الهجناة" في الأسبوع الأول من يونيو 1948 إلى نحو 107,300 نتيجة لرفع سن التجنيد إلى 35 عاماً اعتباراً من 4 مايو؛ ما أضاف نحو 12 ألف مجند زيادة على أعداد "الهجناة" في 14 مايو. 
الخطة دالت الإسرائيلية
وهي الخطة التي وضعها يغال يادين ( القائد الفعلي للهاجاناة) بتكليف من بن جوريون  قبل الحرب لتهجير الفلسطينيين والسيطرة على الأراضي الفلسطينية بما  سمي إسرائيليًا  " حرب الاستقلال"  ومعاركها في عام (1948).
وقد أتمت الهاجاناة وضع الخطة في مطلع شهر آذار عام 1948، ونفذتها في أوائل الشهر التالي.  ونظرًا لارتباط هذه الخطة واعتمادها على الإنجازات التي حققتها الخطط السابقة؛ لا بد من استعراض سريع لما سبقها من خطط، وهي:
الخطط العسكرية التي نفذتها الهاجاناة (أساس الجيش الإسرائيلي) ضد الفلسطينيين:
1ـ الخطة أ:وضعتها قيادة الهاغاناة في شهر آب عام 1943، وتنص على استكمال شبكة المستعمرات الدفاعية لتغطي ساحل البحر المتوسط من الناقورة على الحدود اللبنانية شمالاً، حتى رفح على حدود مصر جنوبًا، مع التوسع في مستعمرات وادي الأردن حتى البحر الميت، وإنشاء مستعمرات أخرى في مناطق: بيت لحم، والخليل، وبئر السبع.
 وقد رسمت الخطة أن يبلغ عدد هذه المستعمرات 243 مستعمرة، كل منها قادرة على الدفاع الذاتي بقوى الحرس المحلي، كما تتعاون فيما بينها.  وقد خطط لتشكل هذه المستعمرات ثلاثة خطوط دفاعية متكاملة: خط خارجي وآخر داخلي وبينهما خط المستعمرات الوسطي. 
2ـ الخطة ب:
بعد أن تم تنفيذ القسم الأعظم من المستعمرات التي نصت عليها الخطة "أ" وضعت قيادة الهاغاناة الخطة "ب" في شهر أيلول 1945.  وتتضمن العمليات العسكرية الواجب تنفيذها من أجل العمل على تهجير الفلسطينيين، وإذا تعرضت المستعمرات الإسرائيلية لأي هجوم عربي، وذلك بقوى المستعمرات نفسها وبالتعاون فيما بينها.  وشددت هذه الخطة على ضرورة المحافظة على ضمان حرية التنقل بين مجموعات المستعمرات؛ ليسهل تعزيز كل واحدة تتعرض للهجوم. 
3ـ الخطة ج:
 وضعت هذه الخطة في شهر أيار عام 1946، بعد أن تم استكمال شبكة المستعمرات، وأمنت القوى والوسائط اللازمة للدفاع عن كل منها، وخطط التعاون فيما بينها.  وقد نصت هذه الخطة الجديدة على البدء بعمليات الضغط على عرب فلسطين في مختلف أنحاء البلاد لإبعادهم عن المناطق المجاورة للمستعمرات الإسرائيلية، وتأمين حرية التنقل بين المستعمرات التي تشكل خطوطًا دفاعية متكاملة، وكذلك بين المستعمرات الموجودة داخل المناطق العربية. 
4ـ الخطة يوشع:
 بعد صدور قرار التقسيم (تقسيم فلسطين) وإعلان بريطانيا نيتها الجلاء عن فلسطين، وضعت الوكالة اليهودية في مطلع عام 1948 الخطة "يوشع، " وهي تتضمن التدابير التي يجب على السلطات الإسرائيلية اتخاذها، سواء المحلية، أو المركزية؛ لوراثة كل ما تتخلى عنه سلطات الانتداب البريطاني من أراض وموارد وثروات وخدمات عامة ومؤسسات وأجهزة إدارية.  وقد حددت هذه الخطة طرق التنفيذ الفوري وفق مبادئ الخطة العامة حتى لو لم تكن قد وردت تعليمات خاصة بقطاعها.  وقد استمر العمل بهذه الخطة جنبًا إلى جنب، مع الخطط العسكرية حتى تم تشكيل الهيئات الرسمية الإسرائيلية المركزية. 
ومع انتهاء مرحلة الدفاع الثابت، وتزايد القدرات العسكرية الإسرائيلية، واقتراب موعد جلاء القوات البريطانية؛ وضعت الخطة " دال"  الهادفة إلى إقامة (دولة إسرائيل) بالإرهاب وقوة السلاح. 
 الخطة دال:
في الوقت الذي كان الجدل دائرًا في مجلس الأمن الدولي حول مستقبل فلسطين العربية، كانت قيادة الهاغاناة تضع اللمسات الأخيرة على خطتها العسكرية الهادفة إلى الاستيلاء على فلسطين.  وقد أتمتها في مطلع شهر آذار عام 1948، وتركت تحديد ساعة بدء تنفيذها للوكالة اليهودية التي ربطت ذلك بالعوامل التالية:
1ـ جلاء القوات البريطانية بالقدر الذي لا تستطيع معه التدخل في سير الأحداث بفعالية. 
2ـ استكمال إجراءات التعبئة والحشد بالقدر الذي يضمن نجاح التنفيذ. 
3ـ وصول الأسلحة والمعدات المشتراة من أوروبا. 
وكان على قوات الهاغاناة بموجب هذه الخطة، السيطرة على المنطقة المخصصة لإسرائيل بموجب قرار التقسيم، والتوسع قدر الممكن في الأراضي التي خصصها قرار التقسيم للفلسطينيين، ورسم حدود مؤقتة لدولة إسرائيل،  والدفاع عن حدودها وعن مجموعة المستعمرات والسكان الصهيونيين الموجودين خارج هذه الحدود، والاستعداد للتصدي "للأعداء" العاملين من قواعد خارج المنطقة الإسرائيلية أو داخلها.  ولتنفيذ ذلك؛ وجب على القوات الإسرائيلية المسلحة القيام:
1ـ باحتلال مراكز ومواقع حيوية داخل المدن والريف ضمن حدود "الدولة" وخارجها. 
2ـ بإخلاء فلسطين من أكبر قدر ممكن من سكانها العرب. 
3ـ باحتلال قواعد متقدمة لحرمان العرب من استخدامها. 
4ـ بتأمين حرية المواصلات داخل حدود دولة إسرائيل، وكذلك بينها وبين مراكز التجمع الصهيونية الموجودة خارجها، بالسيطرة على شبكة المواصلات الرئيسية في فلسطين واحتلال الموانئ والمطارات؛ ضمانًا لاستمرار وصول المهاجرين والأسلحة والمعدات الحربية من الخارج. 
5ـ بالاستعداد للدفاع ضد كل غزو تقوم به القوات النظامية أو غير النظامية. 
ويلاحظ أن هذه المهام كلها تتصف بالروح العدوانية، إذ تطالب القوات الإسرائيلية بالعمل خارج المنطقة الإسرائيلية بحجة الوصول إلى قواعد متقدمة لحرمان "العدو" من استخدامها، سواء أكان هذا العدو نظاميًا أم غير نظامي، وهذا يعني العمل داخل المنطقة العربية بل داخل حدود الدول العربية المجاورة، لكونها الوحيدة التي تملك قوات نظامية.  هذا بالإضافة إلى ممارسة الضغط على السكان العرب لإجبارهم على ترك أراضيهم والنزوح عنها إلى خارج فلسطين.  ومن هنا جاءت عمليات الإرهاب الوحشية والتهجير الإجباري الجماعي (تهجير عرب فلسطين) .
في مطلع شهر نيسان 1948 اتخذ مجلس المنظمة الصهيونية العالمية قرارًا ببدء الحرب السافرة ضد العرب، وإقامة (الدولة اليهودية) بقوة السلاح، فأعلن التعبئة العامة وتنظيم السيطرة على البلاد.  وقد تضمنت قراراته ما يلي:
1ـ استدعاء كل صهيوني قادر على حمل السلاح. 
2ـ استغلال مختلف وسائل النقل البرية والبحرية والجوية لجلب المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية والمهاجرين. 
3ـ تنظيم الاقتصاد الحربي بالسيطرة على الصناعة والتجارة والزراعة، وفرض الرقابة على المواد الغذائية والخامات؛ بما يحفظ للقوة العسكرية قدرتها على مواصلة القتال. 
4ـ إقامة سلطة مركزية عليا موحدة (حكومة مؤقتة) تكلف بتنظيم الموارد البشرية وحصرها، وتشرف على قيادة القوات، وتوجيه القوى العاملة. 
5ـ عدم الوقوف عند حدود الدفاع، بل الانتقال إلى الهجوم على كافة الجبهات لا داخل حدود (الدولة اليهودية حسب قرار التقسيم) وحدود فلسطين فحسب، بل حيثما وجد العدو. 
وكان هذا القرار إيذانًا ببدء تطبيق الخطة "دال" وهكذا، ومنذ مطلع شهر نيسان 1948، انتقلت المبادأة إلى أيدي القوات الإسرائيلية، وتمكنت خلال شهر ونصف؛ أي، حتى موعد جلاء القوات البريطانية رسميًا في 15/5/1948، من السيطرة على أكثر من 70% من  كامل المنطقة المخصصة بموجب قرار التقسيم (للدولة اليهودية). وحسب مصادر إسرائيلية سيطرت إسرائيل على كامل المنطقة المخصصة بموجب قرار التقسيم (للدولة اليهودية)، وعلى مناطق عدة خارجها، وأصبحت على أتم استعداد للتصدي للقوات العربية التي أعلنت مسبقًا قرارها بالتدخل لنجدة عرب فلسطين.
سحبت الحكومة البريطانية قواتها قبل الموعد المحدد، تاركة الحبل على الغارب للصهيونية لتفعل ما تشاء في فلسطين.
وفي الوقت الذي كانت الخطة يوشع تطبق بالاستيلاء على كل ما تتخلى عنه السلطات البريطانية، بدأت قوات الهاغاناة بتطبيق الخطة دال، التي تضمنت شقًا دفاعيًا وآخر هجوميًا وثالثًا إرهابيًا لتنفيذ فكرة الخطة. 
1  الشق الدفاعي:
1ـ تقوم كل مستعمرة بالدفاع الذاتي عن نفسها حتى آخر طلقة. 
2ـ تعدُّ أراضي إسرائيل (فلسطين) وحدة دفاعية واحدة. 
3ـ تقام ثلاثة خطوط دفاعية: الأول يمر بالمواقع التالية:
جنين، الناصرة، بحيرة طبرية، بحيرة الحولة، طولكرم، الناقورة.  ويمر الثاني بـ: يبنة، رحبوت، ريشون لتسيون، العين، العفولة، حيفا.  أما الثالث فيمر بـ: يافا، رامات غان، هرتسليا، الخضيرة، عتليت، حيفا. 
وتعمل في الوقت نفسه مختلف المستعمرات البالغ عددها 297 مستعمرة على تحقيق ما يلي:
1ـ فصل المناطق العربية عن البحر المتوسط. 
2ـ صد الهجمات العربية على كافة الجبهات وامتصاصها، واستنزاف قدرات العرب في عمليات حصار توطئة لانتزاع المبادأة والتحول إلى الهجوم. 
3ـ الاحتفاظ بالطرق آمنة وصالحة للتحرك. 
4ـ العمل كقاعدة انطلاق للهجوم الذي ستشنه القوات الميدانية.  
 2  - الشق الهجومي:
بعد تأمين حرية المواصلات وجذب أكبر عدد من العرب نحو المستعمرات الصهيونية ومشاغلتهم حولها تنطلق قوات الهاغاناة من مناطق التجمع داخل المستعمرات وتشن الهجمات على جميع الجبهات بهدف تنفيذ المهام التي نصت عليها الخطة؛ أي، الاستيلاء على عدد من المواقع الإستراتيجية الهامة، والسيطرة على شبكة المواصلات الرئيسة، واحتلت مساحات كبيرة من الأراضي بالحركة والمناورة بالقوات، مع تركيز خاص على الاستيلاء على مدينة القدس؛ لأنها "قلب الدولة وعاصمتها الأبدية" وتأمين الطريق بينها وبين تل أبيب عبر باب الواد.   
 3 - الشق الإرهابي: وقد تولته عصابات "الأرغون" و"شتيرن" والغاية منه إشاعة الذعر بين عرب فلسطين بارتكاب المذابح الجماعية لتفريغ فلسطين من سكانها لتحقيق "النقاء العنصري للدولة اليهودية".
حرب " عدوان " عام 1956
شنت كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل حرب "العدوان الثلاثي" على مصر في عام 1956م؛ إثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس.  وكانت كل من بريطانيا وفرنسا قد اتفقتا مع إسرائيل أن تقوم القوات الإسرائيلية بمهاجمة سيناء، وحين يتصدى لها الجيش المصري تقوم بريطانيا وفرنسا بالتدخل وإنزال قواتهما في منطقة قناة السويس، ومحاصرة الجيش المصري. 
نفذت إسرائيل هجومها على سيناء ونشبت الحرب.  ووجهت كل من بريطانيا وفرنسا إنذارًا بوقف الحرب وانسحاب الجيش المصري والإسرائيلي لمسافة 10 كم من ضفتي قناة السويس؛ ما يعني فقدان مصر سيطرتها على قناة السويس.  ولما رفضت مصر نزلت القوات البريطانية والفرنسية في بور سعيد ومنطقة قناة السويس؛ إلا أن الجيش المصري لم يحاصر؛ لأن قطاعاته كانت قد انسحبت.  كان واضحًا أن ما حدث هو مؤامرة بين الدول الثلاث؛ فوجه الاتحاد السوفيتي إنذارًا بضرب لندن وباريس بالصواريخ الذرية، وأمرت أمريكا بريطانيا وفرنسا بالانسحاب الفوري من الأراضي المصرية.  وانتهت الحرب بفضيحة كبرى وخرج عبد الناصر منتصرًا نصرًا سياسيًا كبيرًا.
أسباب العدوان الثلاثي
كان لكل دولة من الدول التي أقدمت على العدوان أسبابها الخاصة للمشاركة فيه، ومن هذه الأسباب:
1. دعم مصر ثورة الجزائر بالسلاح والمال والمدربين؛ الأمر الذي هدد التواجد الفرنسي في أفريقيا.
2. توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي تقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة والمتطورة بهدف تقوية القوات المسلحة لردع إسرائيل، مع العلم أن توقيع هذه الاتفاقية لم يأت إلا بعد رفض الدول الغربية تزويد مصر بالأسلحة؛ الأمر الذي أثار حماس إسرائيل للاشتراك في هذا العدوان؛ لأنها رأت أن تزويد مصر بالأسلحة المتطورة يهدد بقاءها، كما أن إسرائيل كانت مهمتها أثناء العدوان أن تقصف فلسطين جواً وبراً، وتحتل أجزاءً منها بالإضافة إلى احتلالها لـسيناء في مصر. 
3. تأميم قناة السويس الذي أعلنه الرئيس جمال عبد الناصر في يوم 26 يوليو عام 1956م؛ ما منع إنجلترا من جني أرباح القناة التي كانت تديرها قبل التأميم.
4. إرادة إسرائيل استكمال مشروع دولتها من الفرات إلى النيل.
العتاد والعديد
شاركت إسرائيل ب "175000" عسكري في الحرب، وكان من أهم الأسلحة المستخدمة: طائرة من طراز قاذفة قنابل ثقيلة "باك كانبيرا" (6B) وهي التي أمطرت القاهرة وأنحاء مختلفة من مصر بالقنابل الثقيلة، لمدة خمسة أيام متتالية.
كانت إسرائيل مطمئنة بشأن بعض الدول العربية، إما لأنها بعيدة عن حدودها أو لوقوعها تحت نفوذ الدول الموالية لإسرائيل، أو لعدم قدرتها عسكرياً على التصدي لها، ولكنها كانت تعتقد أن مصر بعد قيام ثورة 1952 هي العقبة الحقيقية في طريق أطماعها.  لذلك انتهزت الفرصة عندما تلاقت مقاصد الاستعمار الغربي مع مقاصدها بمناسبة تأميم حكومة الثورة لشركة قناة السويس في يوليو 1956م.  واتفقت على مؤامرة مع كل من إنجلترا وفرنسا، وبدأت القوات الإسرائيلية تهاجم الحدود المصرية في 29 أكتوبر 1956م.  وأنذرت الدولتان الاستعماريتان كلاً من مصر وإسرائيل بوقف القتال على أن تقف قوات كل منهما على بعد أميال قليلة من جانبي قناة السويس، ولما رفضت مصر الإنذار هاجمت القوات الاستعمارية الإنجليزية والفرنسية منطقة القناة لتطويق الجيش المصري في سيناء، لكن القيادة المصرية فوتت عليهم هذا الغرض فارتدت وأخلت سيناء حيث تقدم الجيش الإسرائيلي واحتلها.  استمر الفدائيون من رجال الجيش بالاشتراك مع الشعب في قتال القوات الاستعمارية في بور سعيد، وتدخلت الأمم المتحدة ونددت بالعدوان الثلاثي علي مصر وطالبت المعتدين بالانسحاب وضغطت الولايات المتحدة على كل من إنجلترا وفرنسا، كما هدد الاتحاد السوفيتي الدول المعتدية، بالإضافة إلي ثورة العمال المتعطلين في إنجلترا وفرنسا ضد حكومتهما بسبب ما تعرضوا له من البطالة، وبذلك فشل الاعتداء واضطرت الدول المعتدية سحب قواتها بعد أن وافقت مصر على قرار الأمم المتحدة بوجود قوة طوارئ دولية على الحدود الفاصلة بين مصر وإسرائيل، وفى منطقة شرم الشيخ المطلة على خليج العقبة.
أسباب الفشل
• معارضة الاتحاد السوفيتي للعدوان الثلاثي وتهديده بالتدخل العسكري وضرب لندن وباريس وتل أبيب بالسلاح النووي. 
• عدم تأييد الولايات المتحدة الأمريكية للحرب. 
• صمود الجيش والشعب المصري
     نتائج العدوان الثلاثي الميدانية العسكرية
إسرائيل: 899 جريحًا و4أسرى

بريطانيا: 16 قتيلاً و96 جريحًا

فرنسا : 10 قتلى، و33  جريحًا

مصر: 3000  قتيل، و4900  جريح و30000  أسير
النتائج السياسية
1. انسحاب القوات البريطانية والفرنسية من بور سعيد في 23 ديسمبر 1956م، ولذلك تحتفل محافظة بورسعيد في ذلك اليوم من كل عام بعيد جلاء قوات العدوان. 
2. هروب إسرائيل متأخرةً من سيناء في أوائل عام 1957م.

حرب عام 1967 (النكسة)
المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل بعد حرب 1967
القادة والقوة المشاركة بالحرب
الجيش المصري: عبد الحكيم عامر، عبد المنعم رياض، وزيد بن شاكر، وأسد غنمة.
الجيش السوري: حافظ الأسد، وعبد الرحمن عارف.
الجيش الإسرائيلي: موشيه دايان، إسحاق رابين،  عوزي ناركيس، إسرائيل طال، مرديخاي هود،  أرئيل شارون.
القوى
مصر 150,000 مقاتل
سوريا 75,000 مقاتل
الأردن 55,000 مقاتل
إسرائيل 264,000 مقاتل

نكسة 1967 أو حرب حزيران أو حرب الأيام الستة هي حرب نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن عام 1967، انتهت بانتصار إسرائيل واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
تعد حرب 1967 الحرب الثالثة ضمن سلسلة حروب الصراع العربي الإسرائيلي، وقد انتهت باستيلاء إسرائيل على بقية دولة فلسطين التي كانت ما بين عام 1923 وحتى عام 1948 تحت الانتداب البريطاني.  وكان نفوذ هذه السلطة يمتد على جميع أراضي فلسطين.
تسمى هذه الحرب (بالإنجليزية: Six Days War) وتترجمها المصادر الإسرائيلية وبعض المصادر العربية غير الرسمية والأجنبية الناطقة بالعربية باسم "حرب الأيام الستة" بينما تشيع تسميتها بالعربية باسم "النكسة".
اندلعت الحرب في 5 يونيو/حزيران 1967 بهجوم إسرائيلي على قواعد سلاح الجو المصري في سيناء، وكان هذا الهجوم النقطة الفاصلة بين فترة ثلاثة أسابيع من التوتر المتزايد، بين إسرائيل، وكل من مصر وسوريا والأردن.   وفي غضون الحرب قامت قوات عراقية - كانت مرابطة في الأردن - بمساندة قوات البلاد العربية.

مقدمات الحرب
في 1 مايو 1967 صرح ليفي أشكول أنه في حال استمرار العمليات الانتحارية، فإن بلاده "سترد بوسائل عنيفة" على مصادر الإرهاب، وكرر مثل ذلك أمام الكنيست في 5 مايو، وفي 10 مايو صرّح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أنه إن لم يتوقف "النشاط الإرهابي الفلسطيني في الجليل، فإن الجيش سيزحف نحو دمشق"، وفي 14 مايو ولمناسبة الذكرى التاسعة عشر لميلاد دولة إسرائيل، أجرى الجيش عرضًا عسكريًا في القدس خلافًا للمواثيق الدولية التي تقر أن القدس منطقة منزوعة السلاح.  من جهتها كانت مصر وسوريا تخطوان صوب خطوات تصعيدية، ففي مارس تم إعادة إقرار اتفاقية الدفاع المشتركة بين البلدين، وقال الرئيس المصري جمال عبد الناصر أنه في حال كررت إسرائيل عملية طبرية فإنها سترى أن الاتفاق ليس "قصاصة ورق لاغية".  وعمومًا فإن توتر العلاقات بين إسرائيل ودول الطوق تعود لأواخر عام 1966 حين حدثت عدة اشتباكات في الجولان والأردن مع الجيش الإسرائيلي.
وإلى جانب عملية طبرية فإن عملية السموع التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد بلدة السموع الأردنية تعدّ من أكبر هذه العمليات.
 كما شهد بداية العام 1967 عدة اشتباكات متقطعة بالمدفعية بين الجيش السوري، والجيش الإسرائيلي، مع تسلسل قوات فلسطينية إلى داخل الجليل، ووحدات إسرائيلية إلى داخل الجولان، لعل أكبرها ما حدث في 7 أبريل عندما أسقطت إسرائيل 6 طائرات سورية من طراز ميغ 21، اثنتان داخل سوريا، وأربع أخرى، منها ثلاث طائرات داخل الأردن، وقد قام الملك حسين بتسليم الطيارين الثلاثة: علي عنتر، ومحي الدين داود، وأحمد القوتلي، الذين هبطوا بالمظلات داخل الأردن، إلى سوريا. 
وفي 14 مايو وردًا على العرض الإسرائيلي؛ زار رئيس أركان الجيش المصري محمد فوزي دمشق "للتنسيق بين البلدين"، وفي اليوم التالي؛ أي، في 15 مايو؛ أعلنت الحكومة المصرية نقل حشود عسكرية وآليات إلى الشرق، وانعقاد مجلس حرب كبير في القاهرة، في مقر القيادة العامة للجيش المصري.
 وفي 16 مايو قدم مندوب سوريا في الأمم المتحدة كتابًا إلى مجلس الأمن، قال فيه: إن إسرائيل تعد هجومًا ضد بلاده، وفي اليوم نفسه أعلنت حال الطوارئ في مصر، التي طلبت في اليوم التالي؛ أي، في 17 مايو، سحب قوات الطوارئ الدولة التابعة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط والمعروفة اختصارًا باسم UNEF؛ وذلك لكون هذه القوّات تتواجد على الطرف المصري من الحدود، دون الطرف الإسرائيلي.
  في 18 مايو زار القاهرة وزير الخارجية السوري "إبراهيم ماخوس"، ودعا إلى "الجهاد" ضد إسرائيل، وبعدها بيومين؛ أي، في 20 مايو، كشفت تقارير صحفية أن إسرائيل قد أعلنت -وبشكل سري- التعبئة العامة، وأنها دعت الوحدات الاحتياطية للالتحاق بالجيش؛ وقالت التقارير الصحفية أيضًا أن خمس فرق عسكرية من الجيش الإسرائيلي، باتت في صحراء النقب قرب شبه جزيرة سيناء؛ الأمر الذي أثار جدلاً واسعًا في القاهرة، دفع بجمال عبد الناصر إعلان التعبئة العامة، واستدعاء قوات الاحتياط في 21 مايو، تزامنًا مع توجه الأسطول السادس الأمريكي إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، رغم أن الحكومة اللبنانية ألغت زيارته إلى بيروت تضامنًا مع الدول العربية.
  مثل هذه التقارير غالبًا ما كانت صائبة، فعندما أشيع عن حشود عسكرية قرب الحدود الشمالية لإسرائيل بعث أشكول برقية إلى ألكسي كوسيغين رئيس الاتحاد السوفيتي ينفي فيها مثل هذه الأنباء، ويطلب منه القدوم إلى الحدود والتأكد بنفسه.  رغم ذلك فقد أبلغ مندوب المخابرات السوفييتي في القاهرة مدير المخابرات العامة المصرية بوجود 11 لواء من الجيش الإسرائيلي على الجبهة السورية، (حسب ما كشفه محمد حسنين هيكل). 
يوم 22 مايو، أعلن عن تصعيد جديد، بإغلاق مصر لمضيق تيران قبالة خليج العقبة أمام السفن التي تحمل العلم الإسرائيلي، والسفن التي تحمل معدات حربية لإسرائيل، ورغم أن أغلب صادرات إسرائيل ووارداتها تتم عبر موانئ تل أبيب ويافا وحيفا؛ إلا أن الحكومة الإسرائيلية اعتبرت القرار المصري (فرض حصار بحري) عملاً حربيًا وعدائيًا يجب الرد عليه. 
في 29 مايو انعقد مجلس الأمن بناءً على طلب مصر، وقال مندوبها في الأمم المتحدة أن بلاده لن تكون البادئة بأي عمل عسكري ضد إسرائيل، وأنها تدعو المجتمع الدولي للعمل على إعادة ترسيخ شروط بين بلدان الطوق وإسرائيل.  رغم ذلك، كان الاستعداد للحرب مستمرًا؛ ففي 31 مايو؛ زار الملك حسين القاهرة، وطوى خلافاته مع جمال عبد الناصر، ووقع على اتفاقية الدفاع المشترك، التي باتت تضم ثلاث أطراف (مصر وسوريا والأردن).  أما في الداخل الإسرائيلي فقد بدأت الحكومة توزيع كمامات غاز لمواطنيها، بالتعاون من حكومة ألمانيا الغربية، رغم أنه لا توجد أي دولة عربية تملك أسلحة كيميائية أو جرثومية حينها؛ وهو ما يدخل ضمن حشد الدعم الإعلامي لإسرائيل في الخارج.
 وفي 1 يونيو عدل أشكول حكومته، بحيث انتقلت حقيبة الدفاع إلى موشي دايان؛ في حين أصبح مناحيم بيغن وزيرًا للدولة ومعه جوزيف سافير، وثلاثتهم من أحزاب اليمين المحافظ ممثلو "خط التطرف" في التعامل مع العرب كما يقول جون ديزيد، داخل البلاد. 
 أما الولايات المتحدة، فقد كانت علاقاتها مع مصر في تحسن، إذ زار القاهرة الموفد الخاص للرئيس الأمريكي، وتقررت زيارة لنائب رئيس مصر، ومعه مستشار الرئيس للشؤون الخارجية، للقاء جونسون في البيت الأبيض يوم 6 يونيو، كما كان من المقرر إجراء احتفال رسمي لقبول أوراق سفير الولايات المتحدة الجديد في مصر (ريتشارد نولتي)، كما سمحت الحكومة المصرية لحاملة الطائرات الأمريكية "إنتر بريد" بالمرور في قناة السويس، كإشارة إلى حسن النوايا، والذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تحاشي العمل العسكري، الذي نصح الملك حسين بتحاشيه، غير أن المعارك قد اندلعت فجر 5 يونيو، وتبادلت كل من مصر وإسرائيل الاتهامات حول البادئ بالهجوم، واستدعت معها انعقاد واحدة من أطول جلسات مجلس الأمن؛ إذ دامت جلسته 12 ساعة.    
العمليات العسكرية
الضربة الجوية
كان تحرك إسرائيل الأول والأكثر أهمية والذي أربك الجيش المصري، الذي كان أكبر الجيوش العربية المشاركة في القتال وأفضلها تسليحًا، هو الهجوم على مطارات ومهابط الطائرات المصرية، بحيث عطلت القدرة على استعمال 420 طائرة مقاتلة يتألف منها الأسطول الجوي المصري؛  النوع الأبرز للطائرات المصرية كان توبوليف تو-16، وهي سوفيتية الصنع كسائر قطع الأسطول الجوي المصري، وبإمكان الطائرة إطلاق مقذوفاتها من علو متوسط. 
  خط زمني لأبرز الأحداث
الساعة
الحدث
الاثنين
 يونيو 1967
07:45 صباحا
إسرائيل تشن ضربة جوية استباقية تستهدف القواعد الجوية المصرية وتدمر الجانب الأكبر من السلاح الجوي المصري .
08:15 صباحا
القوات الإسرائيلية تقتحم قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء .
9:00
المدفعية السورية تقصف تجمعات إسرائيلية، والطائرات السورية تشن غارات داخل الأراضي المحتلة .
-
طائرات عراقية تقصف مدينة نتانيا، وقاعدة رامات ديفيد
12:00 ظهرا
إسرائيل تقصف مطارات في سورية
-
إسرائيل تقصف المطارات الأردنية
-
القوات الأردنية تستولي على مقار تابعة للأمم المتحدة في القدس في جبل المكبر .
-
الطائرات السورية تتوغل داخل فلسطين، وتقصف أهدافًا في حيفا وعمق إسرائيل .
-
سلاح المدفعية السوري يدمر مواقع تمركز قوات إسرائيلية
13:00 بعد الظهر
سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم قواعد للسلاح الجوي السوري .
17:00 مساء
المدفعية الأردنية تقصف تل أبيب .
طائرات إسرائيلية تقصف قاعدة جوية عراقية غرب العراق .
18:00 مساء
المدفعية السورية تقصف "روش بينا" شمال إسرائيل .
الثلاثاء
 6 يونيو 1967
-
القوات الإسرائيلية تواصل تقدمها في سيناء .
03:00 صباحا
قوة إسرائيلية تستولي على مركز شرطة اللطرون المحصن على حافة الضفة الغربية وقوة أخرى تقطع الطريق بين القدس ورام الله .
06:15 صباحا
قوات مظلية إسرائيلية تستولي على "تلة الذخيرة"، وهو موقع أردني بشرق الأردن .
13:00 بعد الظهر
استسلام مدينتي رام الله وجنين للقوات الإسرائيلية، والجيش الإسرائيلي يستكمل استيلاءه على قطاع غزة .
17:20 مساء
الجيش الإسرائيلي يستولي على قلقيلية .
20:00 مساء
صدور أوامر بالانسحاب الكامل للجيش المصري .
24:00 منتصف الليل
صدور أوامر بالانسحاب الكامل للجيش الأردني .
الأربعاء
 يونيو 1967
10:00 صباحا
إسرائيل تستكمل احتلال البلدة القديمة في القدس .
12:15 بعد الظهر
صدور أوامر نهائية للقوات الأردنية بالانسحاب .
طائرات سورية تدخل فلسطين المحتلة وتقصف مواقع في وسط إسرائيل .
14:25 بعد الظهر
إسرائيل تستولي على بيت لحم .
-
سقوط الخليل .
19:30 مساء
سقوط أريحا .
الخميس
 8  يونيو 1967
15:20 مساء
مصر تقبل وقف إطلاق النار .
الجمعة
 يونيو 1967
01:00 صباحا
طلائع القوات المدرعة الإسرائيلية تصل إلى قناة السويس، وتحتل كامل سيناء المصرية .
11:30 صباحا
الجيش الإسرائيلي يبدأ الزحف صوب الخطوط السورية ويواجه بنيران كثيفة .
-
القوات السورية تركز القصف على نقاط تمركز الجيش الإسرائيلي .
السبت
 10 يونيو 1967
9:30 صباحا
وزير الدفاع السوري حافظ أسد يصدر البلاغ رقم 66، يعلن فيه سقوط مدينة القنيطرة، ويتم صدور أوامر إلى الجيش السوري بالانسحاب .
14:30 مساء
استمرار التصدي السوري للتقدم الإسرائيلي، ومحاولة إعادة السيطرة على مدينة القنيطرة بهضبة الجولان السورية، ومعارك عنيفة مع الجيش السوري .
15:00 مساء
وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان، يلتقي الجنرال أود بول من الأمم المتحدة للموافقة على وقف إطلاق النار، اعتبارًا من الساعة 18:00 .
الأسباب المباشرة لإخفاق الجيوش العربية
كان انتصار إسرائيل في معاركها في عام 1967 م راجعاً إلى عدة أسباب منها:
1. غياب الخطط العسكرية الحربية على مستوى القيادة العربية الموحدة؛ بسبب غياب إرادة القتال لدى القيادات العربية. 
2. الاستعداد الإسرائيلي التام للحرب. 
3. استخدام إسرائيل لعنصر المفاجأة في ضرب القوات العربية، حيث لم يتوقع العرب هجومًا عند الفجر؛ لكن إسرائيل نفذت الهجوم في هذا الوقت؛ ما أفقد العرب توازنهم وسبب خسائر فادحة في صفوف القوات العربية. 
4. تفوق القوات الإسرائيلية المسلحة بأفضل الأسلحة الغربية الحديثة وخاصة سلاح الطيران الإسرائيلي الذي سيطرت به إسرائيل على ميادين القتال في جبهات مختلفة. 
5. مساندة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لإسرائيل عسكرياً واقتصادياً. 
6. نقص التدريب الجيد والأسلحة المتطورة في صفوف الجيوش العربية، رغم  أن الفدائيين الفلسطينيين والجيش الأردني، تمكنوا من دحر هجوم إسرائيلي رئيسي استهدف احتلال المزيد من الأراضي العربية في معركة الكرامة في 21 مارس 1968 بعد بضعة أشهر فقط من حرب 1967 بنفس التسليح ودون غطاء.   
خسائر الحرب
الضربة الجوية الإسرائيلية:  قامت إسرائيل في الساعة 8 و45 دقيقة صباح الاثنين 5 يونيو/حزيران لمدة ثلاث ساعات بغارات جوية على مصر في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل في ثلاث موجات: الأولى 174 طائرة، والثانية 161، والثالثة 157، بإجمالي 492 غارة دمرت فيها 25 مطاراً حربياً، وما لا يقل عن 85% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض.
وطبقا للبيانات الإسرائيلية؛ تم تدمير 209 طائرات من أصل 340، طائرة مصرية منها:
30 طائرة تي يو-1627 طائرة اليوشن قاذفة، 12 طائرة سوخوي- في 90 طائرة مقاتلة ونقل وهليكوبتر.
خسائر مصر العسكرية
 نقل أمين هويدي عن كتاب الفريق أول محمد فوزي أن الخسائر بأعداد قوة الطيارين كانت 4% و17% من القوات البرية، وكانت الخسائر في المعدات 85% في القوات البرية، وكانت خسائر القوات الجوية من القاذفات الثقيلة أو الخفيفة 100%، و87% من المقاتلات القاذفة والمقاتلات، وكان عدد الشهداء والمفقودين والأسرى هو 13600، عاد منهم 3799 أسيرًا، من بينهم 481 ضابطًا و38 مدنيًا، والباقي جنود صف. واتضح بعد المعركة أن عدد الدبابات مئتا دبابة تقريبًا، دمر منها 12 دبابة واستشهد فيها 60 فردًا، و188 دبابة استولى غليها الإسرائيليون.
الخسائر السورية
 445 شهيدًا، و1898 جريحًا، وقصفت عدة مطارات، منها: الضمير، ودمشق. ودمرت 32 طائرة مقاتلة من نوع ميغ و2 اليوشن قاذفة، وخسائر أخرى بالمعدات.
الخسائر الأردنية
 6094 شهيدًا ومفقودًا، وقصفت عدة مطارات أردنية، منها: المفرق، وعمان، ودمرت 22 طائرة مقاتلة، و5 طائرات نقل، وطائرتي هليكوبتر.
الخسائر العراقية
 فقد العراق جزءًا كبيرًا من سلاحه الجوي عندما هاجمت إسرائيل القاعدة الجوية H3 في محافظة الأنبار بالعراق.
الخسائر الإسرائيلية
خسرت إسرائيل أقل من 1000 قتيل.  و26 طائرة مقاتلة.
وكان من نتائج هذه المعارك أن إسرائيل كانت مساحتها قبل الحرب 13 ألف كيلو متر مربع؛ أما بعد الحرب فقد أصبحت 42 ألف كيلو متر مربع.
معركة الكرامة  1968
يحتفل  الفلسطينيون والأردنيون  في 21 آذار من كل عام بذكرى معركة الكرامة، التي وقعت في 21 آذار 1968؛ حين حاولت قوات الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن؛ لأسباب تعدُّها إسرائيل إستراتيجية.  وقد عبرت النهر فعلاً من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف، فتصدت لها  المقاومة الفلسطينية وقوات الجيش العربي الأردني على طول جبهة القتال، من أقصى شمال الأردن، إلى جنوب البحر الميت بقوة.
 وفي قرية الكرامة اشتبكت القوات العربية الأردنية بالاشتراك مع بعض الفدائيين الفلسطينيين وسكان تلك المنطقة، في قتال شرس بالسلاح الأبيض ضد الجيش الإسرائيلي في عملية استمرت قرابة الخمسين دقيقة. 
واستمرت بعدها المعركة بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية  مع القوات الإسرائيلية أكثر من 16 ساعة ؛ ما اضطر الإسرائيليين إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة، تاركين وراءهم -ولأول مرة- خسائرهم وقتلاهم.  
بداية التوتر
وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين عبر النهر، فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب، وبناء عليه، زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا، وازدادت أيضًا الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن.
أهداف المعركة
تمهيدًا للهجوم الواسع، قامت إسرائيل بهجمات عديدة ومركزة، استخدمت فيها القصف الجوي والمدفعي بشكل رئيسي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968.  كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهيئة المنطقة لتطورات جديدة تتوقعها كنتائج لعملياتها العسكرية شرقي نهر الأردن.  فقد بنت توقعاتها على أساس:
• 1.  الاستهانة بقوة الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية  عل طول الحدود بين الأردن وفلسطين، والتي تعدُّ أطول حدود برية مع إسرائيل. 
• 2.  أنه لم يمض وقت طويل على هزيمة العرب في حرب 1967، وبالتالي فالروح المعنوية القتالية لن تكون بالمستوى اللازم لتحقيق مقاومة جدية. 
• 3.  لم يتسنَّ للجيش الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي مني بها في الحرب الماضية. 
• 4.  عدم تمكن الأردنيين من تعويض طائراتهم في سلاح الجو، بشكل لا يمكن معه للقوات الأردنية من الحصول على غطاء جوي. 
• 5 افتراض أن المقاومة الفلسطينية هشة وضعيفة، ولا بد من كسرها وتدميرها وهي بالمهد.
• 6.  افتراض أن الاختلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية، تحول دون تحقق أي تعاون بينهما. 

بيان عسكري رقم واحد  
"في صبيحة يوم 21 آذار صدر البيان التالي عن الجيش العربي الأردني: "في تمام الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم، قام العدو بشن هجوم واسع في منطقة نهر الأردن من ثلاثة أماكن: جسر داميا، وجسر سويمة، وجسر الملك حسين.  وقد اشتبكت معها قواتنا بجميع الأسلحة، واشتركت الطائرات التابعة للعدو في العملية.  ودمر للعدو حتى الآن: أربع دبابات، وأعداد من الآليات، وما زالت المعركة قائمة بين قواتنا وقواته حتى هذه اللحظة."
بدأت معركة الكرامة عند الساعة 5.30 من صباح يوم الخميس 21 مارس 1968، واستمرت ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة.
 ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية، اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على ثلاثة محاور رئيسة، ومقترب رابع تضليلي؛ لتشتيت جهد القوات المدافعة المقابلة، وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى مرتفعات السلط وعمان والكرك. 
  مقتربات المعركة
كانت المحاور كالتالي:
• 1.  محور العارضة: ويأتي من جسر الأمير محمد (غور داميا)، إلى مثلث المصري، إلى طريق العارضة الرئيسي، إلى السلط. 
• 2.  محور وادي شعيب: ويأتي من جسر الملك حسين (اللنبي سابقاً)، إلى الشونة الجنوبية، إلى الطريق الرئيسي المحاذي لوادي شعيب، ثم السلط. 
• 3.  محور سويمة: ويأتي من جسر الأمير عبد الله، إلى غور الرامة، إلى ناعور، ثم إلى عمان. 
• 4.  محور غور الصافي: ويأتي من جنوب البحر الميت، إلى غور الصافي، إلى الطريق الرئيسي، حتى الكرك. 
وقد استخدم الإسرائيليون على كل محور من هذه المحاور مجموعات قتال مكونة من المشاة المنقولة بنصف مجنزرات مدربة، والدبابات تساندهم على كل محور من مدفعية الميدان والمدفعية الثقيلة، ومع كل مجموعة أسلحتها المساندة من ألـ م د 106ملم، والهاون مع إسناد جوي كثيف على كافة المحاور.
 ومما يدل أن معركة الكرامة من المعارك العسكرية المخطط لها بدقة؛ توقيت العملية وطبيعة وأنواع الأسلحة المستخدمة، حيث شارك فيها أسلحة المناورة على اختلاف أنواعها، إلى جانب سلاح الجو.  
 محاور القتال
حشد الجيش الإسرائيلي لتلك المعركة اللواء المدرع السابع، وهو الذي سبق وأن نفذ عملية الإغارة على قرية السموع عام 1966، واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين، وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و105 ملم، بالإضافة إلى قواته، وسلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة، بالإضافة إلى قوة الهجوم التي استخدمها في غور الصافي، وهي كتيبة دبابات، وكتيبة مشاة آلية، وسريتا مظليين، وكتيبة مدفعية.  تم حشد هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات رأس الجسر إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة.
بدأ الجيش الإسرائيلي قصفه المركز على مواقع الإنذار والحماية، ثم قام بهجومه الكبير على الجسور الثلاثة عبر محاور القتال الرئيسة، في وقت واحد، حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور وتؤدي إلى الضفة الشرقية، وهي طريق جسر داميا (الأمير محمد)، وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان، وطريق أريحا، ثم جسر الملك حسين –الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان، ثم جسر الأمير عبد الله (سويمة، ناعور عمان).
وفي فجر يوم 21 آذار 1968 زمجرت المدافع، وانطلقت الأصوات على الأثير عبر الأجهزة اللاسلكية، تعلن بدء الهجوم الإسرائيلي عبر النهر.
يقول اللواء مشهور حديثة: في الساعة 5:25 فجرًا، أبلغني الركن المناوب أن العدو يحاول اجتياز جسر الملك حسين، فأبلغته أن يصدر الأمر بفتح النار المدمرة على حشود العدو.  لذلك كسب الجيش العربي مفاجأة النار عند بدء الهجوم من القوات الإسرائيلية، ولو تأخر في ذلك لأتاح للقوات المهاجمة الوصول إلى أهدافها؛ بالنظر إلى قصر محاور الهجوم التي تقود وبسرعة إلى أهداف حاسمة وهامة؛ في ظل حجم القوات التي تم دفعها وطبيعتها وسرعة وزخم هجومها، بالإضافة إلى سهولة الحركة فوق الجسور القائمة.
لقد استطاعت القوات الأردنية -وخاصة سلاح المدفعية- ومجموعات المقاومة الحاملة لمضادات المدفعية (أر بي جي )، من حرمان القوات الإسرائيلية حرية العبور حسب المحاور المخصصة لها، ودليل ذلك أن القوات الإسرائيلية التي تكاملت شرقي النهر، كانت بحجم فرقة، وهي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الهجوم، وبعدها لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر، بالرغم من محاولتهم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت، ومحاولة بناء جسور حديدية لإدامة زخم الهجوم والمحافظة على زمام المبادرة ؛ ما أربك المهاجمين وزاد من حيرتهم وخاصة في ظل شراسة المواقع الدفاعية ومقاومتها الشديدة.
  القتال على محور جسر الأمير محمد (داميا)
اندفعت القوات العاملة على هذا الجسر تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة، فتصدت لها قوات الحجاب الموجودة شرق الجسر مباشرة، ودارت معركة عنيفة تمكنت  المقاومة الفلسطينية والقوات الأردنية المدافعة خلالها من تدمير عدد من دبابات العدو، وإيقاع الخسائر بين صفوفه، وإجباره على التوقف والانتشار.
حاولت القوات المهاجمة إقامة جسرين إضافيين؛ إلا أنها فشلت؛ بسبب كثافة القصف المدفعي على مواقع العبور، ثم كررت اندفاعها ثانية، تحت ستار من نيران الجو والمدفعية؛ إلا أنه تم إفشال الهجوم أيضاً.  وعند الظهيرة صدرت إلى الإسرائيليون الأوامر بالانسحاب والتراجع غرب النهر، تاركةً العديد من الخسائر بالأرواح والمعدات.
  القتال على محور جسر الملك حسين
لقد كان هجوم الرئيسي هنا موجهاً نحو الشونة الجنوبية، وكانت القوات الرئيسة المخصصة للهجوم مركزة على هذا المحور؛ الذي يمكن التحول منه إلى بلدة الكرامة والرامة والكفرين جنوباً، واستخدم العدو في هذه المعركة لواءين (لواء دروع ولواء آلي) مسندين تساندهما المدفعية والطائرات.
ففي صباح يوم الخميس 21 آذار دفع العدو بفئة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الحجاب القريبة من الجسر؛ إلا أن قانصي الدروع تمكنوا من تدمير تلك الفئة، بعدها قام العدو بقصف شديد ومركز على المواقع، ودفع بكتيبة دبابات وسرية محمولة، وتعرضت تلك القوة إلى قصف مدفعي مستمر ساهم في الحد من اندفاعه؛ إلا أن العدو دفع بمجموعات أخرى من دروعه ومشاته، وبعد قتال مرير، استطاعت هذه القوة التغلب على قوات الحجاب ومن ثم تجاوزتها، ووصلت إلى مشارف بلدة الكرامة من الجهة الجنوبية والغربية مدمرة جميع الأبنية في أماكن تقدمها.
واستطاع العدو إنزال الموجة الأولى من المظليين شرقي الكرامة، لكن هذه الموجة تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وتم إفشالها؛ ما دفع العدو إلى إنزال موجه أخرى تمكنت من الوصول إلى بلدة الكرامة، وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة، واشتبكت مع بعض قوات الدفاع الأردنية في قتال داخل المباني.  وفي هذه الأثناء استمر العدو بمحاولاته في الهجوم على بلدة الشونة الجنوبية، وكانت  المقاومة والقوات الأردنية المدافعة تتصدى له في كل مرة، وتوقع به المزيد من الخسائر.  وعندما اشتدت ضراوة المعركة؛ طلب العدو -ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي- وقف إطلاق النار، ورفض الملك الحسين بن طلال وقف إطلاق النار، رغم ضغط الولايات المتحدة، وحاول العدو الانسحاب؛ إلا أن القوات الأردنية تدخلت في عملية الانسحاب وحولته إلى انسحاب غير منظم؛ فترك العدو عدداً من آلياته وقتلاه في أرض المعركة. حديث اللواء بهجت المحيسن قائد لواء حطين عن هذا المحور
القتال على محور جسر الأمير عبد الله
حاول العدو القيام بعملية عبور من هذا المحور باتجاه (ناعور – عمّان) وحشد لذلك قوات مدرعة؛ إلا أنه فشل.  ومنذ البداية، لم تتمكن قواته، على هذا المحور، من عبور النهر؛ بعد أن دمرت معظم معدات التجسير التي حاول الجيش الإسرائيلي استخدامها في عملية العبور.
وفي محاولة يائسة من الإسرائيليين لمعالجة الموقف قام بفصل مجموعة قتال من قواته العاملة على محور وادي شعيب ودفعها إلى مثلث الرامة خلف قوة الحجاب العاملة شرق الجسر لتحاصرها؛ إلا أنها وقعت في الحصار، وتعرضت إلى قصف شديد أدى إلى تدمير عدد كبير من آلياتها.
وانتهى القتال على هذا المحور بانسحاب فوضوي لقوات العدو.  وكان للمدفعية الأردنية ونيران الدبابات وأسلحة مقاومة الدروع الأثر الأكبر في إيقاف تقدم العدو ودحره. 
  محور غور الصافي
لقد حاول الإسرائيليون تشتيت جهد المقاومة الفلسطينية  والقوات الأردنية ما أمكن  وإرهاب سكان المنطقة وتدمير منشآتها؛ ما حدا به إلى الهجوم على محور غور الصافي برتل من دباباته ومشاته الآلية، ممهداً بذلك بحملة إعلامية نفسية مستخدماً المنشورات التي كان يلقيها على السكان يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على القوات الأردنية؛ إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من قبل الجيش الأردني، وبالتالي أجبرت القوات المهاجمة على الانسحاب.
ويذكر أن أول من نفذ عملية استشهادية هو شخص ملقب "بالفسفوري" من حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح- " حيث قام بتلغيم نفسه، وقفز إلى رتل من الدبابات الإسرائيلية موقعاً بها خسائر كبيرة جدًا.
  بيان عسكري رقم 5
بيان صادر عن قيادة الجيش العربي الأردني: "ما زال القتال على أشده بين قواتنا وقوات العدو على طول الجبهة، ويدور القتال الآن بالسلاح الأبيض في منطقة الكرامة، وخسائر العدو في المعدات والأرواح فادحة".
أن عملية الإنزال التي قامت بها القوات الإسرائيلية شرقي بلدة الكرامة، كانت الغاية منها تخفيف الضغط على قواتها التي عبرت شرقي النهر، بالإضافة لتدمير بلدة الكرامة، خاصة عندما لم تتمكن من زج أية قوات جديدة عبر الجسور؛ نظرًا لتدميرها من قبل سلاح المدفعية الملكي، وفي عمقها كانت عملية الإنزال شرق بلدة الكرامة عملية محدودة، حيث كان قسم من الفدائيين يعملون فيها كقاعدة انطلاق للعمل الفدائي أحيانًا، وبالفعل قام الإسرائيليون بتدمير بلدة الكرامة بعد أن اشتبكوا مع القوات الأردنية والمقاتلين من الفدائيين الذين بقوا في البلدة، والذين يسجل لهم دورهم بأنهم قاوموا واستشهدوا جميعًا في بلدة الكرامة.
  انسحاب القوات الإسرائيلية
فشل العدو تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المحاور، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً.  لقد صدرت الأوامر الإسرائيلية بالانسحاب حوالي الساعة 15:00
لقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات؛ نظراً للصعوبة التي عاناها الإسرائيليون في التراجع. 
  اتساع جبهة المعركة
أن معركة الكرامة لم تكن معركة محدودة تهدف إلى تحقيق هدف مرحلي متواضع، بل كانت معركة امتدت جبهتها من جسر الأمير محمد شمالاً إلى جسر الأمير عبد الله جنوباً.  هذا في الأغوار الوسطى، وفي الجنوب، كان هناك هجوم تضليلي على منطقة غور الصافي وغور المزرعة.
ومن خلال دراسة جبهة المعركة، نجد أن الهجوم الإسرائيلي قد خطط على أكثر من محور، وهذا يؤكد مدى الحاجة لهذه المحاور لاستيعاب القوات المهاجمة، وبشكل يسمح بإيصال أكبر حجم من تلك القوات وعلى اختلاف أنواعها وتسليحها وطبيعتها إلى الضفة الشرقية؛ لإحداث المفاجأة والاستحواذ على زمام المبادرة، بالإضافة إلى ضرورة أحداث خرق ناجح في أكثر من اتجاه يتم البناء عليه لاحقًا ودعمه للوصول إلى الهدف النهائي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن جبهة المعركة تؤكد أن تعدد المحاور كانت الغاية منه تشتيت الجهد الدفاعي لمواقع الجيش العربي، وتضليلهم عن الهجوم الرئيسي، وهذا يؤكد أن القوات المرابطة في المواقع الدفاعية كانت قوات منظمة أقامت دفاعها على سلسلة من الخطوط الدفاعية، بدءاً من النهر، وحتى عمق المنطقة الدفاعية؛ الأمر الذي يجعل اختراقها صعبًا أمام المهاجمين. 
   طلب وقف إطلاق النار
طلبت إسرائيل -ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي- وقف إطلاق النار في الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة؛ إلا أن الأردن أصر -وعلى لسان الملك الحسين قائد الجيش- ورغم كل الضغوطات الدولية على "عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جنديًا إسرائيليًا واحدًا شرقي النهر"
  خسائر الطرفين
خسائر القوات الإسرائيلية: قتل من الإسرائيليين 250 جنديًا وجرح 450 في أقل من 18 ساعة. 
• تدمير 88 آلية، وهي عبارة عن 27 دبابة، و18 ناقلة، و24 سيارة مسلحة، و19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
وقد عرض الأردن بعض هذه الخسائر الإسرائيلية أمام الملأ في الساحة الهاشمية
خسائر المقاومة الفلسطينية:
ما يقارب ال 100 شهيد، وتدمير مخيم الكرامة تدميرًا كليا.  
خسائر القوات المسلحة الأردنية:• (أ) 78 شهيدًا. 
• (ب) 108 جرحى. 
• (جـ) تدمير 13 دبابة. 
• (د) تدمير 39 آلية.
نتائج المعركة
انتهت المعركة وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق أي من أهدافه التي قام بهذه العملية من أجل تحقيقها. وعلى جميع المحاور أثبت رجال المقاومة والجيش الأردني قدرتهم على الثبات، وقدرتهم على الحفاظ على روح قتالية عالية، رغم الظروف الصعبة.  وقد أثبتت الوثائق التي تركها القادة الإسرائيليون في ساحة القتال أن هذه العملية تهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال المرتفعات الشرقية لوادي الأردن.
  
حرب الاستنزاف (1967م-1972م):
حرب الاستنزاف  والاستنزاف هو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على الحرب التي اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس.
بدأت أحداث حرب الاستنزاف عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة "بور فؤاد" بهدف احتلالها، يوم 1 يوليو، 1967، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح، فيما عرف بمعركة "رأس العش". 
تصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية، خاصة بعد مساندة العرب لدول المواجهة أثناء مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، ورفض إسرائيل لقرار مجلس الأمن 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عقب انتصارها الخاطف على العرب
خلال حرب يونيو.
استمرت الحرب لنحو ثلاث سنوات، وخلالها استهدفت غارات سلاح الجو الإسرائيلي المدنيين المصريين؛ أملاً في إخضاع القيادة السياسية المصرية، مستخدمين في ذلك مقاتلات الفانتوم الأميركية الحديثة.  كما استعان المصريون بالخبراء السوفييت وصواريخ الدفاع الجوي السوفياتية لتأمين العمق المصري.  وشهدت الحرب أيضًا معارك محدودة بين إسرائيل من جهة، وكل من سوريا والأردن والفدائيين الفلسطينيين، من جهة أخرى.
وفي 7 أغسطس، 1970 انتهت المواجهات بقرار الرئيس عبد الناصر والملك حسين، قبول مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار.  ولم تؤد الحرب إلى أي تغييرات في خطوط وقف إطلاق النار، ولم تنجح المساعي الهادفة للتوصل إلى تسوية سلمية؛ بسبب التعنت الإسرائيلي، وإنما سادت حالة من اللا سلم واللا حرب، والتي أدت بدورها إلى نشوب حرب أكتوبر بعد ثلاث سنوات.

   الخلفية التاريخية لحرب الاستنزافأدت هزيمة العرب في حرب 67 إلى جلاء الجيش المصري عن سيناء وتحشده على الضفة الغربية للقناة، وتوقف إطلاق النار بعد ستة أيام من اندلاع الحرب.  وأصدرت القيادة العسكرية المصرية توجيهات قبل أن ينصرم شهر يونيو 1967 تحدد فيها: "إن مرحلة إعادة التنظيم بنيت على أساس عزيمة وإيمان المقاتل في جيشنا وقدراته على القتال، معتمدًا على الضبط والربط والأخلاق، والروح القتالية تمهيدًا لإعادة سيناء بالكامل.  ومن أجل هذا الوطن العزيز علينا جميعًا؛  لن يسمح بارتداد أي فرد أو أي معدة من خطوطنا الدفاعية الحالية، ولن يصدر من القائد العام أو أي قائد أمر بالارتداد.  وأن نموت جميعاً في مواقعنا الدفاعية أشرف لنا من وصمنا بالعار، ووصمة الشرف العسكري الذي نتحلى به ".  وكان هذا الأمر تصحيحًا للعرف السائد منذ عام 1956 بارتداد الجيش، على أن تتولى السياسة تصحيح الأوضاع.
و قد سارعت القوات المسلحة المصرية على امتداد الجبهة بتنظيم الدفاعات بما تيسر لها من إمكانيات، لا تزيد عن 100 دبابة و150 مدفعاً.  وفي يوم 10 يونيو 1967، أخذت القوات المسلحة المصرية في التزايد من خلال المساعدات من الدول العربية والصديقة، التي سارعت بإرسال أسلحة ومعدات، إلى جانب تنفيذ الاتحاد السوفيتي لبعض عقود صفقات أسلحة قديمة، لتصل كفاءة القوات المسلحة إلى حوالي 50% من الكفاءة المقررة لها في نهاية عام 1967، كما أن التصالح العربي في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، ساعد على سحب القوات المصرية من اليمن لتتولى مسؤوليتها الوطنية على الجبهة.
في 1 يوليو 1967 فتحت مدفعية الجيش المصري نيرانها على الجيش الإسرائيلي قرب قناة السويس، لترد إسرائيل في اليوم التالي بتوجيه ضربه جوية لسلاح المدفعية المصري، وفي 4 يوليو قام سلاح الجو المصري بضرب عدة أهداف إسرائيلية في سيناء، لتبدأ بذلك حرب الاستنزاف.
و قد بذلت جهود كبيرة على مختلف المستويات بدءًا من رئيس الجمهورية المصري، إلى وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الأركان، وقادة الأفرع الرئيسية والجيوش الميدانية.  كل على مستواه يحاول إقناع نظيره من الاتحاد السوفيتي بضرورة تزويد مصر بأسلحة متطورة، وعدم الاكتفاء بالأسلحة القديمة التي وردت من الاتحاد السوفيتي سواء من خلال الدعم أو الصفقات.  وكان محور الحديث دائمًا ينصب على مقارنات واقعية بين قدرات الأسلحة الإسرائيلية التي تستخدمها فعلاً، وقدرات الأسلحة التي أمد الاتحاد السوفيتي بها مصر والتي أثبت الجزء الأكبر منها قصورًا في حرب يونيو في مواجهة الأسلحة الإسرائيلية.  وعلى سبيل المثال؛ كان لا يمكن للمقاتلات من طراز ميج 15 وميج 17، ذات المدايات القصيرة والتسليح المحدود أن تجابه الطائرات الإسرائيلية من طراز ميراج وسوبر مستير وسكاي هوك وخلافه.  وكان لا يمكن أن تتصدى الدبابات من طراز ت 34 المستخدمة في الحرب العالمية الثانية، للدبابات الإسرائيلية المطورة من طراز شيرمان وسنتوريون.  كما أن وسـائل الإنذار الجوي تعد من طرازات عتيقة، ولا تساير إستراتيجية استخدام سلاح الجو الإسرائيلي.  وغير ذلك الكثير. 
   مراحل حرب الاستنزاف
بدأت مصر صراعها المسلح ضد إسرائيل بمرحلة أطلق عليها اسم "مرحلة الصمود"، انتقلت بعدها القوات المسلحة المصرية إلى مرحلة الدفاع النشط، ثم تطور القتال إلى مرحلة جديدة أطلق عليها الاستنزاف لتصل الحرب إلى ذروتها.
ومرحلة الصمود، كان الهدف منها هو سرعة إعادة البناء، ووضع الهيكل الدفاعي عن الضفة الغربية لقناة السويس.  وكان ذلك يتطلب هدوء الجبهة، حتى توضع خطة الدفاع موضع التنفيذ بما تتطلبه من أعمال كثيرة، وبصفة خاصة، أعمال التجهيز الهندسي المطلوبة.  واستغرقت هذه المرحلة، المدة من يونيو 1967 إلى أغسطس 1968.
أما مرحلة الدفاع النشط أو المواجهة؛ فقد كان الغرض منها تنشيط الجبهة والاشتباك بالنيران مع القوات الإسرائيلية؛ بغرض تقييد حركة قواتها في الخطوط الأمامية على الضفة الشرقية للقناة، وتكبيدها قدرًا من الخسائر في الأفراد والمعدات.  واستغرقت هذه المرحلة المدة من سبتمبر 1968 إلى فبراير 1969.
و تصاعد القتال إلى مرحلة جديدة أطلق عليها "الاستنزاف"، أو مرحلة "التحدي والردع"، وذلك من خلال عبور بعض القوات، والإغارة على القوات الإسرائيلية، وكان الهدف منها تكبيد إسرائيل أكبر قدر من الخسائر في الأفراد والمعدات لإقناعها بأنه لابد من دفع الثمن غاليًا للبقاء في سيناء، وفي نفس الوقت تطعيم الجيش المصري عمليًا ومعنويًا للمعركة.  واستغرقت هذه المرحلة من مارس 1969 إلى أغسطس 1970. 
    مرحلة الصمود
اشتملت هذه المرحلة على بعض العمليات المهمة، التي كان لها تأثير كبير على المستوى المحلي والعربي والعالمي وهي:
• معركة رأس العش: وقعت أحداثها يوم 1 يوليو 1967، وتعدُّ هذه المعركة هي الشرارة الأولى للحرب، عندما حاولت المدرعات الإسرائيلية احتلال مدينة بور فؤاد، فصدتها عن المدينة قوة من الصاعقة المصرية.  إن نجاح القوات المصرية، ذات القدرات المحدودة في ذلك الوقت وبسالتها، ضد قوات معادية متفوقة يساندها سلاح الجو الإسرائيلي، أثار مشاعر المقاتلين على طول خط الجبهة حمية وحماسًا واستعدادًا للمواجهة المنتظرة.  
• معارك القوات الجوية: خلال يومي 14 و15 يوليو 1967، نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية في سيناء، أحدثت فيها خسائر فادحة، بل أدت إلى فرار بعض من الأفراد الإسرائيليين من مواقعها.  ومن هنا زادت الثقة لدى المقاتلين في قواتهم الجوية بعد هذه العملية الناجحة. 
• معارك المدفعية: كان الاشتباك الكبير الذي ركزت فيه المدفعية المصرية كل إمكانياتها في قطاع شرق الإسماعيلية يوم 20 سبتمبر 1967، والذي تمكنت فيه من تدمير وإصابة عدد غير قليل من الدبابات الإسرائيلية، وصل إلى 9 دبابات مدمرة، فضلاً عن الإصابات في الدبابات الأخرى وعربتي لاسلكي، وقاذف مدفعية صاروخية، بالإضافة إلى 25 قتيلاً و300 جريح، منهم ضابطان برتبة كبيرة. 
• إغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية (إيلات): كان ذلك يوم 21 أكتوبر 1967، إذ تمكنت زوارق صواريخ البحرية المصرية من إغراق المدمرة إيلات في منطقة شمال شرق بورسعيد، وتعد هذه المعركة أول استخدام لصواريخ "سطح سطح".  وكانت هذه خسارة فادحة للقوات البحرية الإسرائيلية، خاصة وأن هذه المدمرة كانت تمثل أهمية كبيرة للبحرية الإسرائيلية في ذلك الوقت، كما كانت خسائرها كبيرة في الأرواح؛ الأمر الذي دفعها لاستئذان مصر عن طريق الأمم المتحدة في البحث عن القتلى والغرقى، في منطقة التدمير شمال بورسعيد، واستمرت في عمليات البحث والإنقاذ أكثر من 48 ساعة بعد أن وافقت مصر على ذلك. 
ومع استكمال الخطوط الدفاعية وتماسكها في نطاقات عميقة غرب القناة، تكونت احتياطيات الجبهة خفيفة الحركة.  وكانت الخطط النيرانية تعتمد على المدفعية بأعيرتها المختلفة، فبدأت الدوريات المصرية المقاتلة من المشاة والقوات الخاصة والمهندسين في التسلل شرقًا، ومهاجمة المواقع الدفاعية الإسرائيلية، مع التركيز على المناطق الإدارية الإسرائيلية وكانت المدفعية تؤمن أعمالها بالنيران.
كما استمرت معارك المدفعية والتراشق بالنيران طوال مرحلة الصمود، استهلكت فيها آلاف الأطنان من الذخائر بمعدل فاق جميع الحروب السابقة.  إضافة إلى نشاط أفراد القناصة المهرة، الذين دربوا لقنص أفراد الجيش الإسرائيلي وقادته، سواء في نقاط المراقبة، أو أثناء تحركهم على الضفة الشرقية للقناة.
وعلى صعيد رد الفعل الإسرائيلي بعد معركة "رأس العش"، قامت القوات الإسرائيلية يوم 4 يوليو 1967، بمحاولة فاشلة لإنزال لنشات وقوارب في قناة السويس، في مناطق: القنطرة، وكبريت، والشط، وبور توفيق؛ لإبراز سيطرتها على القناة؛ إلا أن القوات المصرية تصدت لها في البر والبحر والجو؛ ما أدى إلى إفشال جميع المحاولات، وأصيب لإسرائيل ثمان طائرات، وثمانية زوارق بحرية، فضلاً عن إصابة وتدمير 19 دبابة، و18 مركبة مدرعة، و27 مركبة محملة بالذخائر، إضافة إلى خسائر كبيرة في الأفراد.  وكانت خسائر القوات المصرية: 25 شهيدًا، و108 جرحى، وثلاث طائرات، وزورقان بحريان.
واستمر تبادل المبادأة وردود الأفعال بين الجانبين.  فبعد ثلاثة أيام من تدمير المدمرة "ايلات"؛ أي، في 24 أكتوبر 1967، وجهت القوات الإسرائيلية على طول الجبهة، قصفات نيرانية مركزة ضد مدن القناة ومصانعها وضد المدنيين.  وبطبيعة الحال كان رد القوات المصرية الفوري عليها، حيث اشتعل القتال بالتراشق النيراني، على مدى 24 ساعة متصلة، تكبد فيها الجانبان كثيرًا من الخسائر، خاصة في الأفراد المدنيين المتبقين بمدن القناة.
وفي 3 يناير 1968، حاولت هيئة قناة السويس فتح ممر الملاحة بالقناة.  فدفعت زورق لاستطلاع مجرى القناة؛ إلا أن القوات الإسرائيلية فتحت نيرانها عليه ؛ ما اضطر طاقم الزورق إلى العودة.  ثم جرت محاولة مرة أخرى قبل ظهر اليوم نفسه وفشلت للمرة الثانية.  وعند ذلك تصاعدت الاشتباكات على ضفتي القناة وشملت الجبهة كلها.
وقد انتقلت ردود الفعل كذلك إلى الجانب الإسرائيلي، في نهاية مرحلة الصمود في يونيو 1968، بسبب تكثيف القوات المصرية، من عمليات دفع الدوريات والكمائن إلى الضفة الشرقية للقناة وبمعدل شبه يومي، وفي مناطق متفرقة وغير متوقعة، مع نجاح معظمها في تحقيق نتائج جيدة من تدمير، وخطف أسرى، ووثائق، وأسلحة، والعودة بمعلومات قيمة.  فكثفت القوات الإسرائيلية نشاط طيرانها، ضد أهداف مدنية في العمق المصري، مع تصيعدها للقصف المدفعي والدبابات، والتي شملت أحيانًا مواجهة الجبهة بالكامل.  واستمر الحال على هذا المنوال طوال مرحلة الصمود، التي استنزفت وأجهدت القوات الإسرائيلية، في حرب طويلة ثابتة لم يتعودوا عليها. 
  مرحلة  المواجهة
يعد يوم 8 سبتمبر 1968، نقطة تحول الرئيسية في تنشيط الجبهة؛ فكان هذا اليوم بداية مرحلة الدفاع النشط، التي أرادت مصر أن تبـدأها بقوة، وتصيب فيها القوات الإسرائيلية بأكبر قدر من الخسائر.  وقد شملت أعمال قتال هذا اليوم على قصفات مدفعية مدبرة، وتحت ستارها تدفع دوريات قتال على طول الجبهة.  وقد خطط لهذا القصف أن يشمل جميع الأهداف الإسرائيلية شرقي القناة حتى عمق 20 كيلومترا.
وقد اشترك في هذه القصفات 38 كتيبة مدفعية من مختلف الأعيرة، أطلقت نيرانها لمدة ثلاث ساعات، (من الرابعة والنصف إلى السابعة والنصف مساء)، وأطلقت جميع الأسلحة المضادة للدبابات نيرانها من الضفة الغربية للقناة، على الأهداف المعادية المرئية على الضفة الشرقية.  و في المقام الأول استهدفت هذه القصفات خط بارليف (الجاري إنشاؤه) ، ثم جميع مواقع الصـواريخ 216 مم، 240 مم التي يستخدمها الجانب الآخر في التأثير على مدن القناة، وجميع مواقع المدفعية، ومناطق الشؤون الإدارية، ومناطق تمركز الأفراد.  وقد شكلت هذه القصفات صدمة نفسية للجانب الآخر، حيث شعر لأول مرة أن السيطرة النيرانية قد آلت للقوات المسلحة المصرية.  وتكبدت إسرائيل خسائر جسيمة، شملت تدمير 19 دبابة، وثمانية مواقع صواريخ، وعشرات الدشم، ومناطق الشؤون الإدارية، ومناطق التمركز، وأسكتت خلالها جميع مدفعيات إسرائيل، التي قدرت وقتها بسبعة عشر بطارية مدفعية.
وفي 26 أكتوبر تكررت قصفات المدفعية، ولكن بصورة أقل، حيث اشتركت فيها 23 كتيبة مدفعية، أطلقت نيرانها لمدة سبعين دقيقة.  واستهدفت بالدرجة الأولى تدمير مواقع الصواريخ 216، 240 مم بعد تحديدها بدقة من خلال الدوريات التي سبق دفعها، ومن خلال صور جوية حديثة.  وتحت ستار هذه القصفات، دفع العديد من الكـمائن لاصطياد الدبابات والمركبات التي تحاول الهروب أثناء القصف.  وقد نجح هذا القصف، وشكل للجانب الآخر صورة غير مألوفة من الإزعاج، نتيجة للخسائر التي تكبدها، والتي حددها بعد ذلك بأنها 49 فردًا بين قتيل وجريح، علاوة على تدمير وحدات الصواريخ.
وبعد أن اقتنع الإسرائيليون بأن التفوق آل إلى المصريين في هذه المنطقة، لجأوا إلى توسيع الجبهة إلى مناطق بعيدة للغاية، على كامل الحدود الشرقية المصرية؛ حتى تضطر القيادة المصرية إلى نشر قواتها على ألف كيلومتر؛ لكي يتلاشى التفوق المصري على الجبهة، ولكي توضع القيادة السياسية في مأزق، عندما يشعر الشعب أن إسرائيل اخترقت أعماقه، ودمرت أهدافًا حيوية دون أن تتعرض لهًا القوات المسلحة المسؤولة أساساً عن تأمين هذا الشعب.  وقد اختارت إسرائيل هدفها في نجع حمادي، وفي محطة محولات كهرباء السد العالي بالتحديد، حتى يكون التأثير محسوساً لدى الشعب كله.
 وقد تمت هذه العملية ليلة 1 نوفمبر 1968، من خلال عملية ليلية، أريد بها هدفاً سياسيًا وليس عسكريا.  واستخدمت فيها طائرات الهليوكوبتر "سوبر فريليون"، التي كانت إسرائيل قد حصلت عليها حديثًا.  واختير أفراد القوة الإسرائيلية من المظليين الذين يتكلمون العربية بطلاقه، حتى أعتقد أهالي المنطقة أنهم مصريون.  ولذلك لم يتعرضوا لهم في البداية؛ ما أدى إلى نجاح هذه العملية التي كان تأثيرها ضعيفا، ولم تحقق الهدف السياسي الذي خططته إسرائيل.  أما على الجانب العسكري المصري، فكان لا بد من إعادة النظر في تأمين العمق المصري، حتى لا تلجأ إسرائيل لتكرار هذه العملية.  وفي الوقت نفسه أعيد تقييم العمليات العسكرية، لتأخذ صورة أخرى أشد من قصفات المدفعية.  وقد كان ذلك سببًا في تهدئة الأوضاع على الجبهة، إلا من الاشتباكات بالأسلحة الصغيرة، وإطلاق حرية قنص أفراد الجيش الإسرائيلي، ومنعهم من التحرك بحرية على طول الجبهة، مع تكثيف دفع دوريات الاستطلاع، للحصول على أكبر قدر من المعلومات للمرحلة القادمة.  أما في عمق الدولة، فقد نفذ العديد من إجراءات التأمين، من خلال وحدات الدفاع الشعبي على مستوياتها المختلفة.  وقد استغلت القوات الإسرائيلية هذه المرحلة في تحسين موقفها الدفاعي، واستكمال تحصينات خط بارليف، الذي تابعته القوات المصرية جيدا، واكتشفت نقاط ضعفه، تمهيدًا لتدميره في مراحل لاحقة. 
      مرحلة التحدي والردع أو الاستنزاف
طبقًا للتخطيط المصري، كان شهر فبراير 1969 يمثل نهاية الشهور الستة المحددة كمرحلة انتقالية (مرحلة الدفاع النشط).
وشهد مارس 1969 أهم مراحل التصعيد العسكري ما بين الجولتين الثالثة والرابعة في الصراع العربي الإسرائيلي.  وقد أديرت هذه المرحلة سياسيًا وعسكريًا بتنسيق متكامل لتحقق الهدف منها ولتتوازن في التصعيد والتهدئة.  وتحددت مهامها في تقييد حرية تحركات العدو على الضفة الشرقية للقناة، وإرهاقه، وإحداث أكبر خسائر به.  وكانت هـذه المرحلة التي امتدت من يوم 8 مارس 1969 إلى 8 أغسطس 1970، طويلة وشاقة، وهي لا تقـل عسكريًا عن أي جولة من جولات الصراع العربي الإسرائيلي، بل تعد أطول جولة في تاريخ هذا الصراع.  
من 8 مارس وحتى 19 يوليو 1969
بدأت هذه المرحلة صباح 8 مارس 1969، وامتدت إلى 19 يوليو من العام نفسه، وتميزت بسيطرة مطلقة للقوات المصرية على خط الجبهة.  وكانت المدفعية هي الوسيلة الرئيسية للعمل خلالها، حيث صبت على حصون خط بارليف، والأهداف الأخرى، حوالي 40 ألف قذيفة، بادئة أعمالها يوم 8 مارس بأكبر حشد نيراني مؤثر منذ توقفت نيران حرب يونيو.  واستمر هذا القصف ساعات متواصلة، اشتركت فيه 34 كتيبة مدفعية، يعاونها حشد من أسلحة الضرب المباشر، كالمدافع المضادة للدبابات، والدبابات الثقيلة عيار 122 مم، لتدمير منصات إطلاق نيران دشم خط بارليف.  وقد أحدث هذا القصف تأثيرًا شديدًا على الطرف الآخر القابع شرق القناة، حتى وصل حجم الخسائر تدمير حوالي 29 دبابة، و30 دشمة في خط بارليف، وإسكات 20 بطارية مدفعية، وحرائق شديدة في ست مناطق إدارية، وغير ذلك من الخسائر.
وفي الساعة 3:30 من بعد ظهر يوم 9 مارس 1969، استشهد الفريق عبد المنعم رياض أثناء جولة له، ومعه مجموعة قيادته، في قطاع الجيش الثاني الميداني، في منطقة النقطة رقم 6 بالإسماعيلية، وذلك عند إطلاق الجانب الإسرائيلي نيران مدفعيته، وانفجار إحدى الدانات بالقرب منهم، حيث أصابتهم جميعًا واستشهد الفريق عبد المنعم رياض أثناء إخلائه.
في 13 مارس 1969؛ وقع حدثان متضادان في وقت واحد وفي منطقة واحدة، حيث بدأت إغارات القوات المصرية لتدمير موقع للجيش الإسرائيلي في منقطة جنوب البحيرات نفذتها الكتيبة "33 صاعقة"، ونجحت في مهمتها ودمرت الموقع، وخطفت أسيراً، وأصابت دبابتين، وغنمت عينات من أسلحة العدو وألغامه.
وفي الوقت نفسه، كانت القوات الإسرائيلية تحاول إنزال قوارب، والإغارة على منطقة قريبة في منطقة جنوب البحيرات أيضا، حيث قوبلت بنيران شديدة من القوات المصرية التي كانت على أعلى درجة الاستعداد لتأمين إغارتها.  وبذلك أفشلت المحاولة واستمرت الاشتباكات بالنيران طوال الليل.
ولم تجد القوات الإسرائيلية وسيلة للرد سوى إعادة قصف مدن القناة.  فقصفت قطار سكة الحديد في مساره بين الإسماعيلية والسويس في منطقة الشلوفة.  واستمرت القوات المصرية في تصعيد أعمالها القتالية.  حتى كان يوم 17 إبريل 1969، حيث نفذت قوات الجيش الثاني الخطة "هدير"، بتوجيه مدافع الدبابات الثقيلة إلى فتحات المراقبة والتسديد لدشم خط بارليف لتخترقها.  وتفجرت الدشم من الداخل وقتل الأفراد المتحصنين بها. 
وقد نجحت الخطة تمامًا؛ ما أدى إلى تطاير تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال موشى ديان، متوعدًا ومهددًا القوات المصرية التي لم تعبأ بتهديده، بل أعادت الإغارة على نقطة دفاعية قوية جنوب البلاح لتدمرها.  وكان الرد الإسرائيلي متوقعًا، حيث أغار يوم 29 إبريل 1969 على محطة محولات نجع حمادي للمرة الثانية، وأسقط عبوات ناسفة زمنية قرب "إدفو" أصابت بعض المدنيين الأبرياء.  وكان الرد المصري مباشرًا وسريعًا، وفي الليلة التالية مباشرة، بالإغارة على نقطة جنوب البلاح للمرة الثانية ونسفها بالكامل.
خلال شهري يونيو ويوليو، تصاعدت الإغارات من الجانبين.  فقد نفذ الجانب الإسرائيلي خمس إغارات، استهدفت مواقع منعزلة على ساحل خليج السويس والبحر الأحمر، كانت أهمها العملية بولموس أو الإغارة على الجزيرة الخضراء شمالي الخليج يوم 19 يوليو 1969، التي قادها الجنرال رفائيل إيتان، واستهدفت في الأساس موقع الرادار في الجزيرة.  وقد أبدت القوات المدافعة جسارة نادرة شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، لدرجة أن قائد الموقع لما شاهد نجاح القوات الإسرائيلية في الوصول إلى الجزيرة، طلب من المدفعية قصف الجزيرة بالكامل، بما فيها من إسرائيليين ومصريين وكان من نتيجة ذلك أن فشلت الإغارة وتكبد الإسرائيليون خسائر كبيرة، أجبرت الجنرال إيتان على الانسحاب.
وفي المقابل شنت القوات المصرية غارات ناجحة على نقاط الجيش الإسرائيلي القوية، وأحدثت تدميرًا وخسائر في نقطتي شمال البلاح والشط.  أما الإغارة على نقطة لسان التمساح شرق مدينة الإسماعيلية، وهي النقطة التي أصابت الشهيد الفريق عبد المنعم رياض، فكانت هي الثأر المدبر من القوات الخاصة المصرية بقيادة الشهيد المقدم إبراهيم الرفاعي؛ فقد أغارت هذه القوات المدربة على أعلى مستوى، ليلة 8 يوليو 1969، وقتلت وأصابت حوالي 30 جنديًا إسرائيليًا، ودمرت دبابتين، ونسفت 4 دشم، وخسرت هذه القوات 9 شهداء؛ أما الإغارة الأخرى التي أصابت القيادة الإسرائيلية في مقتل فكانت هي الإغارة على نقطة لسان بور توفيق ليلة 11 يوليو، وفي التوقيت نفسه، نفذت إغارة أخرى على النقطة القوية في منطقة القرش شمال الإسماعيلية.  وقد نتج عن إغارة لسان بور توفيق قتل وجرح 40 فردًا، وتدمير خمس دبابات وأربع دشم، وأسر أسير واحد، دون أن تتكبد القوات المصرية أية خسائر.
وقد أدت نتائج هذه الإغارات الأليمة إلى تغيير جذري في خطط إسرائيل لمجابهة الاستنزاف المصري، والتصعيد بالاستنزاف المضاد، إلى مرحلة أكثر شمولاً بإدخال الطيران الإسرائيلي -ذراع إسرائيل الطويلة- في المعركة وتنفيذ العملية "بوكسر".  ويقول زئيف شيف (المحلل الإسرائيلي) في كتابه عن حرب الاستنزاف: إن عملية لسان بور توفيق هي التي أنهت الجدل داخل أروقة القيادة الإسرائيلية حول حتمية تدخل الطيران في المعركة، ويستطرد: " لقد كان هذا النجاح هو أبرز ما حققه المصريون، ومن الواضح أنه كان سيحفزهم إلى نشاط أكبر، لا مناص عن إيقافهم عنه بسرعة ".  كما ذكرت صحيفة معاريف نقلاً عن المتحدث العسكري الإسرائيلي: " أمام الضغط الهائل الذي مارسه المصريون في الجبهة، والحياة التي أصبحت لا تطاق على الضفة الشرقية للقناة، أقدمت القيادة الإسرائيلية على استخدام سلاح الطيران، الذي كانت كل الآراء تصر على الاحتفاظ به للمستقبل".  وقد مهدت القوات الإسرائيلية لدفع الطيران بمحاولة التخلص من بعض الرادارات المصرية ونقاط المراقبة الجوية.  لذلك كان القصف الجوي ضد وحدة الرادار المصرية في الأردن يوم 22 إبريل 1969، وكذلك إغارة "الجزيرة الخضراء"، وإغارة "الأدبية"، ضد نقطة مراقبة جوية منعزلة. 
   من 20 يوليو وحتى نهاية عام 1969
اعتبارًا من 20 يوليو 1969، بدأت المرحلة الثانية من حرب الاستنزاف بإدخال إسرائيل لعامل رئيسي جديد في هذه الحرب، اتسعت من خلاله مجالات المواجهة ليشمل مسارح العمليات بالكامل، بعد أن كانت مقتصرة على المسرح البري خلال الفترة السابقة.  وقد افتتحت إسرائيل هذه المرحلة بتنفيذ العملية بوكسر، التي تتلخص في تنفيذ 500 طلعة طائرة تقذف 2500 قنبلة بإجمالي 500 طن على أهداف منتخبة خلال 10 أيام، وهي مواقع الدفاع الجوي والرادارات، ومواقع المدفعيات، والقوات في الجبهة.  ويفخر رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال حاييم بارليف، بأنه خلال الفترة من 20 يوليو وحتى 7 سبتمبر 1969، نفذت الطائرات الإسرائيلية 1000 غارة لإجبار مصر على نشر قواتها وتخفيف الحشد في جبهة القناة.
ومن أهم الإغارات التي نفذت خلال هذه الفترة:
• ليلة 28 نوفمبر 1969: نسفت القوات الخاصة طريق شرم الشيخ- الطور، في منطقة جنوب سيناء، من خلال عملية إنزال بحري وجوي، كما أغارت على بعض الأهداف، في المنطقة. 
• ليلة 30 نوفمبر 1969: أغارت مجموعة من القوات الخاصة على موقع شمالي الشط، أدى إلى قتل وإصابة 70 فردا، وتدمير 3 دبابات، وعدد من الدشم.
• يوم 6 ديسمبر 1969: احتلت كتيبة مشاة، الضفة الشرقية للقناة، بعد تدمير جميع الأهداف المعادية، والاحتياطيات المحلية، مع التمسك بالأرض.  وطلب قائد الجيش الثاني استمرار هذه القوة في مواقعها شرقًا على أن يتولى الجيش تأمين أعمال قتالها، ولكن وزير الحربية أمر بعودة القوة حتى لا يتم الخروج عن الأهداف المخططة لحرب الاستنزاف.  وبالفعل عادت القوة بعد آخر ضوء يوم 7 ديسمبر، بعد أن ثبت سارية العلم المصري على الضفة الشرقية، وظل مرفوعًا تحميه نيران القوات المصرية من الشاطئ الآخر حتى إيقاف إطلاق النيران. 
• يوم 14 ديسمبر 1969: تمكن كمين نهاري من اللواء 117 مشاة، من تدمير عربة جيب متقدمة على الطريق، وقتل 4 أفراد، وأسر أول ضابط إسرائيلي في حرب الاستنزاف وهو النقيب دان أفيدان، وقد حمله الجنود وعادوا به إلى الضفة الغربية نظـرًا لإصابته. 
جاء رد الجانب الإسرائيلي على نشاط القوات المصرية في اتجاه رأس غارب ليلة 27 ديسمبر 1969، من خلال العملية روستر التي استهدفت خطف محطة رادار ب 12 حديثة.  وكان لهذا الرادار موقعًا رئيسيًا وموقعًا هيكليًا، والمسافة بينهما كبيرة، وحتى يمكن تمويه مكان محطة الرادار الحقيقية تركت بأقل عدد من أفراد الحراسة، حتى تظهر على أنها هي المحطة الرئيسية.  وقد اكتشفت إسرائيل هذه الخدعة سواء من خلال التصوير الجوي أو من خلال العملاء، ونفذت العملية بتركيز القصف الجوي على المحطة الخداعية وضد قوات الحراسة والاحتياطيات.  ولكن كانت هناك عملية أخرى تنفذ في الوقت نفسه، وهي دفع طائرتين مروحيتين لحمل جهاز الرادار الحقيقي إلى الشاطئ الآخر من الخليج.  ولم يتوقف القصف ضد الرادار الهيكلي أو قوات الحراسة والاحتياطيات إلا بعد وصول الرادار إلى الشاطئ الآخر.
انتهى عام 1969 والقوات المسلحة المصرية متماسكة تماما.  وقد تجاوزت الحاجز النفسي الذي سببته نتائج حرب يونيو، وتخطت حاجز الخوف.  وقد نجحت مراحل الاستنزاف في تحقيق أهدافها.  أما ذراع إسرائيل الطويلة فلم تتمكن من تحقيق أهداف القيادة السياسية الإسرائيلية، على الرغم من أنها شنت في الفترة من 20 يوليو وحتى نهاية عام 1969 حوالي 3500 طلعة جوية في مقابل 2900 طلعة جوية مصرية معظمها للحماية والتأمين.  ودارت بين القوات الجوية المصرية، والإسرائيلية 22 معركة جوية اشتركت فيها 130 مقاتلة إسرائيلية، في مواجهة 110 مقاتلات مصرية.
 وكانت خسائر المصريين 26 طائرة، وخسائر العدو 14 طائرة؛ نظرًا للفارق بين نوع الطائرات ومستوى تدريب الطيارين، حيث كانت إسرائيل تحرص على دفع أحسن طياريها المحترفين للقيام بالاشتباكات والمعارك الجوية، بينما كان معظم الطيارين المصريين حديثي الخدمة بعد حرب يونيو؛ أما العمليات البرية الإيجابية الناجحة خلال عام 1969، فكانت 44 عملية، ما بين إغارة وكمين، نفذ منها 5 أعمال في عمق إسرائيل، بينما نفذت إسرائيل 28 عملاً إيجابيًا، منها 16 عملاً في العمق المصري.  وكانت خسائر القوات المصرية: استشهاد 16 ضابطا، و150 من رتب أخرى، أما الجرحى فكانوا 19 ضابطًا، 299 من رتب أخرى؛ في مقابل 133 قتيلاً، و320 جريحًا في صفوف القوات الإسرائيلية طبقًا لما صرح به موشي ديان.   
   من يناير 1970 وحتى نهاية الحرب
كان واضحًا أمام القيادة الإسرائيلية أن مراحل الاستنزاف المضاد لم تتمكن من تحقيق أهدافها.  فالقوات المصرية لم تتشتت في الجبهة لمواجهة أعمال الاستنزاف الإسرائيلية في عمق الصعيد والبحر الأحمر.  لذلك كان لا بد من التفكير في الدخول في مرحلة جديدة للاستنزاف، يكون الهدف منها استخدام سلاح الجو الإسرائيلي لقصف العمق المصري بكثافة أكبر، لزيادة الضغط على الشعب المصري ودفعه إلى الثورة على قيادته لإيقاف حرب الاستنزاف، وإضعاف نظام الرئيس عبد الناصر أو الإطاحة به.  وقد كان مهندس هذه العملية هو الجنرال عزرا وايزمان مدير العمليات برئاسة الأركان وقتها، ووضعت الخطة في رئاسة الأركان الإسرائيلية، وعرضت على رئاسة الوزراء وتمت المصادقة عليها.
وقد بدأ تنفيذ الخطة اعتبارًا من فجر 7 يناير 1970 بطلعة جوية فوق سماء القاهرة، تخترق حاجز الصوت وتحدث فرقعة شديدة لتعلن عن بدء مرحلة جديدة من تصعيد حرب الاستنزاف.  وقد شدت هذه المرحلة انتباه المعسكرين الشرقي والغربي في آن واحد، حيث تشترك المقاتلات الأمريكية الحديثة من طراز فانتوم التي حصلت عليها إسرائيل، ودخلت الخدمة فعلاً اعتبارًا من شهر سبتمبر 1969، وكذلك لوجود تشابه بين نظام الدفاع الجوي المصري الجاري إنشاؤه في هذه المرحلة ونظام الدفاع الجوي لحلف وارسو.  وقد استمر القصف الجوي العنيف من الطائرات الحربية الإسرائيلية طوال الأربعة أشهر الأولى من عام 1970، حيث صرحت جولدا مائير (رئيسة وزراء إسرائيل) لصحيفة الفاينانشيال تايمز يوم 6 يوليو 1970 بأن طائراتها كانت تسقط ألف قنبلة على المصريين يوميا.
من أهم العمليات التي قام بها الإسرائيليون خلال شهر يناير 1970 كان الهجوم على جزيرة شدوان، وهي جزيرة منعزلة بالقرب من منطقة تفرع خليج السويس وخليج العقبة بالبحر الأحمر، وتؤمنها سرية صاعقة ورادار بحري لتأمين الملاحة البحرية في المنطقة.  وقد وقع هذا الهجوم ليلة 22 يناير في عملية إسرائيلية ضخمة شملت إنزالاً بحريًا وجويًا، وقصفًا جويًا استمر لعدة ساعات على الجزيرة، وضد بعض موانئ البحر الأحمر التي يحتمل أن تدفع نجدة للقوات المصرية.
 وقد استمر قتال ضار، لمدة ستة ساعات كاملة، بين كتيبة المظلات الإسرائيلية، وسرية الصاعقة المصرية.  وقد ظل القطاع الذي يحوي الرادار في الجزيرة يقاوم بعنف دون أن تتمكن القوات الإسرائيلية الاقتراب منه. 
وقد برر وزير الجيش الإسرائيلي أسباب هذا الهجوم الفاشـل بأنه رد على مهاجمة القوات المصرية لميناء إيلات الإسرائيلي في شهر نوفمبر 1969.  وكان الرد الفوري المصري على هذه العملية، غارة جوية في 24 يناير على معسكر إسرائيلي في العريش، أحدثت خسائر كبيرة في قواته، ثم أعقب هذا الهجوم هجوم آخر في 27 يناير نفذته منظمة تحرير سيناء، قصفت فيه مستعمرة "ناحال تكفا"، حيث أصابت بعض المباني وقتلت وجرحت 35 فردًا إسرائيليا.
توسعت القوات المصرية في أعمال القتال البرية، ومن أهم الكمائن التي نفذت خلال هذه الفترة:
1. كمين الشط (11 فبراير 1970): من أهم الكمائن التي أحدثت خسائر كبيرة في الجانب الإسرائيلي: كمين نهاري من الفرقة "19" مشاة في منطقة شمال الشط يوم 11 فبراير 1970، حيث تمكن من تدمير دبابة وثلاث عربات، وقتل 18 فردا، وأسر فردين، وردت إسرائيل بارتكاب مذبحة مصنع أبو زعبل في صباح اليوم التالي؛ حيث استشهد سبعين عاملاً، وأصيب 69 آخرين
2. كمين شرق "الدفرسوار" (25 مارس 1970): تمكن كمين من اللواء 117 مشاة، من تدمير دبابة وعربتي نصف جنزير، وقتل وجرح 15 فردًا، في منطقة شرق "الدفرسوار". 
3. كمين السبت الحزين (30 مايو 1970): في 30 مايو 1970 نفذ هذا الكمين في منطقة رقبة الوزة شمال القنطرة حتى جنوب بورسعيد، وقد خطط للثأر لأطفال بحر البقر، واشتركت فيه مجموعة قتال من اللواء 135 مشاة ومجموعة قتال من الكتيبة 83 صاعقة.  وحددت قيادة موحدة للقوتين وقد عبرت هذه القوات ليلاً، واحتلت مواقعها لاصطياد مجموعات الإجازات للجنود الإسرائيليين، التي تحرسـها قوات مقاتلة مكونة من الدبابات والعربات المدرعة.  وعند الظهر، خرجت على طريق القنطرة متجهة إلى جنوب "بور فؤاد" مجموعة القتال الإسرائيلية، المكونة من 4 دبابت، 4 عربات مدرعة، وحافلتا ركاب إجازات.  وكان على الكمين "رقم 1" المكون من عناصر الصاعقة عدم التعرض لها، ويتركها تمر إلى أن تصل إلى الكمين الرقم 2 في منطقة جنوب التينة، حيث يفتح عليها أقصى معدلات النيران.  وقد جرى تنفيذ ذلك تمامًا، وأصيبت دبابتان وعربة مدرعة وحافلة.  وحاول الجزء المتبقي الهروب والعودة إلى القنطرة ليقع في شراك الكمين الرقم 1، حيث انقضت عناصر الصاعقة لتجهز على ما تبقى من القوة.  وقد أسر فردان، ودمرت الدبابات والعربات، وقتل وجرح حوالي 35 إسرائيليًا، حيث أطلقت إسرائيل على هذا اليوم اسم "السبت الحزين".  وكان الرد الإسرائيلي عنيفًا، استمر حوالي 48 ساعة من القصف شبه المتواصل على مواقع القنطرة ورقبة الوزة، ولكنه لم يحدث أي خسائر ذات أثر على القوات المصرية. 
وقد استمرت الأعمال القتالية المتبادلة حتى حدث تغير هائل بعد ظهر الثلاثين من يونيو 1970، ليحسم الصراع الدائر بين بناة مواقع الصواريخ المصرية، وبين ذراع إسرائيل الطويلة، حيث احتلت بعض كتائب الصواريخ مواقعها من خلال تنظيم صندوقي لعناصر الدفاع الجوي، ابتكرته العقول المصرية في قيادة الدفاع الجوي المصري.  وبدأ عقب ذلك تساقط الطائرات الإسرائيلية فيما عرف بأسبوع تساقط الفانتوم، ليصاب الطيران الإسرائيلي بأول نكسة في تاريخه، أثرت على أسس نظرية الأمن الإسرائيلي بالكامل.  وكان هذا اليوم بمثابة إعلان لخسارة إسرائيل لجهودها في معارك حرب الاستنزاف، التي ركزت خلالها على عدم إنشاء أي مواقع صواريخ في مسرح العمليات.
مع توالي الأحداث وتصاعدها، زاد الإحساس لدى القيادة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي بأن حرب الاستنزاف المضاد ما هي إلا استنزاف آخر لإسرائيل نفسها.  وبدأت تتصاعد موجات السخط مع الإعلان عن خسائر إسرائيل التي تتزايد يومًا بعد يوم.  وفي داخل القيادة الإسرائيلية نفسها، بدأت الصراعات بين "الحمائم"، و"الصقور"، وبدءا يكيلان الاتهامات لبعضهما.  فالعملية لم تحقق شيئًا سوى الدعم السوفيتي بالسلاح والوجود على مسرح القتال، ولم ينتج عنها إلا تآكل الجيش والطيران الإسرائيلي.  ومردودها الوحيد هو تصاعد العمليات العسكرية المصرية.
ولم يأت النقد العنيف من داخل إسرائيل وحدها، بل من الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا، التي صدمت من زيادة الوجود السوفياتي في مسرح الشرق الأوسط.  وشعرت أوروبا أن تأثيرات الحرب انعكست عليها، خصوصًا بعد أن انتقلت حرب الاستنزاف إلى أبعاد جديدة، بتدمير الحفار الإسرائيلي "كيتنج" في ميناء أبيدجان عاصمة ساحل العاج، ويحتمل أن يمتد ذلك إلى مناطق بترولية للتأثير على المصالح الغربية.
وجدت الولايات المتحدة الأمريكية أن استمرار الحرب لا يحقق مصالحها أو مصالح إسرائيل، لذلك سعت إلى تقديم "مبادرة روجرز"، يوم 19 يونيو 1970 إلى كل من مصر وإسرائيل، عن طريق وزير الخارجية الأمريكي، الذي حملت المبادرة اسمه،  وجاء في نصها الآتي:
" تعلن أطراف النزاع في الشرق الأوسط، وتنفذ وقفًا محدوداً لإطلاق النار مدته تسعون يومًا، وفي هذه الفترة ينشط السفير جونار يارنج لينفذ قرار مجلس الأمن رقم 242، وبالتحديد فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق سلام عادل ودائم، يقوم على الاعتراف المتبادل، والسيادة، ووحدة الأراضي، والاستقلال السياسي، وسحب إسرائيل قواتها من الأراضي التي احتلتها في معركة 1967 ".
وكانت المبادرة بهذه الصيغة المتوازنة تنبع من روح قرار مجلس الأمن 242.  ووجد الرئيس جمال عبدالناصر أن قبولها أمر ممكن، لإعطاء فرصة للقوات المسلحة لاستعادة كفاءتها القتالية بعد حرب متصلة استمرت قرابة ألف يوم، ووجدت فيها إسرائيل فرصة للخروج من أزمتها وإيقاف نزيف الخسائر الذي تتعرض له، وقبلت الأطراف المبادرة وأعلن وقف إطلاق النيران اعتبارًا من يوم 8 أغسطس 1970
حرب 6 أكتوبر(1973م):
حرب أكتوبر هي الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة التي شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973م، بدعم عربي سياسي واقتصادي وعسكري مباشر.  بدأت الحرب في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 في العاشر من رمضان 1393 هـ بهجوم الجيش المصري والجيش السوري المفاجئ، على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان.  تعرف الحرب باسم "حرب تشرين التحريرية" في سورية؛ فيما تعرف في إسرائيل باسم "حرب يوم الغفران" (بالعبرية: ????? ??? ?????، ميلخمت يوم كيبور).
حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الإستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، كانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى، حيث توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان؛ أما في نهاية الحرب فانتعش الجيش الإسرائيلي، وتمكن من فتح ثغرة "الدفرسوار" على الجبهة المصرية، وعبر الضفة الغربية من القناة، وضرب حصارًا على الجيش الثالث الميداني؛ وعلى الجبهة السورية، تمكن من طرد السوريون من هضبة الجولان.
تدخلت الدولتان العظميان في ذلك الحين في سياق الحرب بشكل غير مباشر؛ حيث زود الاتحاد السوفياتي سوريا ومصر بالأسلحة، وكان الاتحاد السوفيتى قد رفض إعطاء مصر الأسلحة اللازمة بعد أزمة طرد خبرائها عن طريق السادات؛ إلا أن الاتحاد السوفيتى رجع وأعطى مصر جزءاً من الأسلحة، ولكن تمويل مصر الرئيسي في الأسلحة جاء من تشيكوسلوفاكيا بعد زيارة وزير الخارجية المصري إلى براغ في زيارة سرية لم يعلم بها أحد في ذلك الوقت؛ بينما زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالعتاد العسكري.
  في نهاية الحرب عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطاً بين الجانبين، ووصل إلى اتفاقية هدنة بين مصر وإسرائيل، قامتا باستبدالها باتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد" 1979.
انتهت الحرب رسميًا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا، وضفة قناة السويس الشرقية لمصر؛ مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة، وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.
من أهم نتائج الحرب: استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية، بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية.  ومن النتائج الأخرى تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر والتي كان يقول بها القادة العسكريون في إسرائيل، كما أن هذه الحرب مهدت الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل والتي عقدت في سبتمبر 1978م، على إثر مبادرة أنور السادات التاريخية في نوفمبر 1977م وزيارته للقدس.  وأدت الحرب أيضًا إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م.

الخلفية التاريخية لحرب "اكتوبر"
حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث خططت القيادتان: المصرية، والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد؛ بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان، اللتان سبق أن احتلتهما إسرائيل في حرب 1967، وكانت إسرائيل قد قضت السنوات الست التي تلت حرب 1967 في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ هائلة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان (خط آلون) وفي قناة السويس (خط بارليف).  في 29 أغسطس 1967 اجتمع قادة دول الجامعة العربية في مؤتمر الخرطوم بالعاصمة السودانية ونشروا بياناً تضمن ما عرف "باللاءات الثلاثة" (عدم الاعتراف بإسرائيل، عدم التفاوض معها، ورفض العلاقات السلمية معها".  في 22 نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي يطالب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967 مع مطالبة الدول العربية المجاورة لإسرائيل بالاعتراف بها وبحدودها.
في 28 سبتمبر 1970 توفي الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وانتخب نائبه (أنور السادات) رئيساً للجمهورية العربية المتحدة.  في فبراير 1971 قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة غونار يارينغ، الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين مصر وإسرائيل، وأهمها: انسحاب إسرائيل إلى حدود 4 يونيو 1967.  رفضت إسرائيل هذه الشروط؛ ما أدى إلى تجمد المفاوضات.
في 1973 قرر الرئيسان: المصري "أنور السادات"، والسوري "حافظ الأسد"، اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967م.  كانت الخطة ترمي الاعتماد على المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب، وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، ومفاجأة إسرائيل بهجوم غير متوقع من الجبهتين المصرية والسورية، وهذا ما حدث، حيث وقعت المفاجأة صاعقة على الإسرائيليين.
شنت مصر وسورية هجومًا متزامنًا على إسرائيل في الساعة الثانية من ظهر يوم 6 أكتوبر الذي يوافق عيد الغفران اليهودي، هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء.
وقد نجحت مصر في اختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، بينما دمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التي أقامتها إسرائيل في هضبة الجولان، وحقق الجيش السوري تقدمًا كبيرًا في الأيام الأولى للقتال، واحتل قمة جبل الشيخ؛ ما أربك الجيش الإسرائيلي كما قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، وجزء من مناطق مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في سورية.
القوات المصرية
حشدت مصر 300,000 جندي في القوات البرية والجوية والبحرية، وتألفت التشكيلات الأساسية للقوات البرية من الجيش الثاني الميداني، والجيش الثالث الميداني، وقطاع بورسعيد (تابع للجيش الثاني)، وقيادة البحر الأحمر العسكرية.  وتألفت القوات البرية المصرية من 10 ألوية مدرعة و8 ألوية ميكانيكية و19 لواء مشاة و3 ألوية مظليين وكانت خطة الهجوم المصرية تعتمد على دفع الجيشين الثاني والثالث لاقتحام خط بارليف في 5 نقاط، واحتلال "رؤوس كبارى" بعمق من 10-12 كم المؤمنة من قبل مظلة الدفاع الجوي.
القوات الجوية المصرية كانت تمتلك 305 طائرات مقاتلة، إضافة طائرات التدريب، وارتفع هذا العدد إلى 400 طائرة.  ومروحيات القوة الجوية كانت تتألف من 140 طائرة مروحية؛ فيما تمتلك قوات الدفاع الجوي نحو 150 كتيبة صواريخ أرض-جو.
القوات البحرية المصرية تمتلك 12 غواصة و5 مدمرات 3 فرقطات 17 زورق صواريخ 14 كاسحة ألغام، وبالرغم من أن البحرية المصرية لم تشترك في الحرب بشكل مباشر؛ إلا أنها فرضت حصارًا بحريًا على إسرائيل عبر إغلاق مضيق باب المندب بوجه الملاحة الإسرائيلية.
حجم القوات المصرية المخصصة للهجوم: 
  • الجيش الثاني الميداني :
    • فرقة المشاة 2 (نسق أول)
    • فرقة المشاة 16 (نسق أول)
    • فرقة المشاة 18 (نسق أول)
    • فرقة المشاة الآلية 23 (نسق ثاني)
    • الفرقة المدرعة 21 (نسق ثاني)
    • قطاع بور سعيد العسكري: (لواءين المشاة 30 و135)
  • احتياطي القيادة العامة : (الاحتياطي الاستراتيجي)
    • فرقة المشاة الميكانيكية الثالثة
    • لواء حرس جمهوري 27
    • اللواء المدرع 15 (لواء مدرع مستقل)
    • اللواء المدرع 25 (لواء مدرع مستقل)
    • اللواء المظلي 170
    • اللواء المظلي 182
    • اللواء المظلي 128
    • مجموعة صاعقة 145
  • الجيش الثالث الميداني :
    • فرقة المشاة 7 (نسق أول)
    • فرقة المشاة 19 (نسق أول)
    • فرقة المشاة الآلية 9 (نسق ثاني)
    • الفرقة المدرعة 4 (نسق ثاني)
  • منطقة البحر الأحمر العسكرية :
    • لواء المشاة 119 (لواء مشاة مستقل)
    • لواء المشاة 212 (لواء مشاة مستقل)
    • مجموعة الصاعقة 132
    • مجموعة الصاعقة 139
    • كتيبة الدبابات 279 (كتيبة مستقلة)
خط بارليف
أنفق الإسرائيليون 300 مليون دولار لإنشاء سلسلة من الحصون والطرق والمنشآت الخلفية أطلق عليها اسم "خط بارليف" ولقد امتدت هذه الدفاعات أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقي للقناة من "بور فؤاد" شمالاً، إلى "رأس مسلة" على خليج السويس، وبعمق 30-35 كم شرقاً.  وغطت هذه الدفاعات مسطحًا قدره حوالي 5,000 كم²، واحتوت على نظام من الملاجئ المحصنة والموانع القوية وحقول الألغام المضادة للأفراد والدبابات.
وتكونت المنطقة المحصنة من عدة خطوط مزودة بمناطق إدارية وتجمعات قوات مدرعة ومواقع مدفعية، وصواريخ هوك مضادة للطائرات، ومدفعية مضادة للطائرات، وخطوط أنابيب مياه، وشبكة طرق طولها 750 كم.  وتمركزت مناطق تجمع المدرعات على مسافات من 5 – 30 كم شرقي القناة.  كما جهز 240 موقعًا للمدفعية بعيدة ومتوسطة المدى.
وطبقاً لما قاله موشيه دايان؛ كانت القناة في حد ذاتها، واحدة من أحسن الخنادق المضادة للدبابات المتاحة، وفوق الجوانب المقواة للقناة، أنشأ الإسرائيليون ساتراً ترابياً ضخماً، امتد على طول مواجهة الضفة الشرقية للقناة بدءاً من جنوب القنطرة.  وكان ارتفاع هذا الساتر يراوح بين 10 م، 25 م، واستخدم كوسيلة لإخفاء التحركات الإسرائيلية، وصُمّم ليمنع العبور بالمركبات البرمائية بفضل ميله الحاد. 
القوات الإسرائيلية
تعتمد الخطة الدفاعية الإسرائيلية على تقسيم الجبهة إلى ثلاثة محاور، وفي كل محور نسقان، إضافة إلى الاحتياطي.  وتتوزع المحاور كالآتي:
• محور القنطرة- العريش
• محور الإسماعيلية - أبو عجيلة
• محور السويس - الممرات الجبلية
• حجم القوات الإسرائيلية أمام الجبهة المصرية:
1. النسق الأول: خط بارليف الأمامي وينتشر فيه "لواء أورشليم" (2000 - 3000 فرد).
2. النسق الثاني: على مسافة 5-8 كم شرق القناة وتحتله 3 كتائب مدرعة مدفوعة من الألوية. المدرعة الثلاث في الاحتياطي؛ بحيث تشغل كل كتيبة مدرعة محورًا من المحاور الثلاثة بمجموع 120 دبابة.
3. الاحتياطي: ينتشر في منطقة الممرات الجبلية، على بعد 35-45 كم، ويتألف من 3 ألوية مدرعة (عدا الكتائب التي تشغل النسق الثاني)، وبلغ مجموع الدبابات حوالي 240 دبابة.
حجم القوات الإسرائيلية المكلفة بالقيام بالضربات المضادة على الجبهة المصرية، أو التي تحشد في سيناء في حالة اكتشاف نوايا القوات المصرية للهجوم:
1. 3 قيادة مجموعة عمليات (تعبأ مع الألوية التابعة لها وتعمل كاحتياطي إستراتيجي، متمركزة داخل إسرائيل، حتى يتقرر الجبهة التي يركز ضدها الجهود الرئيسية للقتال أولاً. 
2.    5  لواء مدرع. 
3.    2 لواء مشاه آلية. 
4.   1 لواء مشاه. 
5.   1 لواء مظلي.  
في تمام الساعة 14:00 من يوم 6 أكتوبر 1973 نفذت القوات الجوية المصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس.  وتشكلت القوة من 200 طائرة عبرت قناة السويس على ارتفاع منخفض للغاية.  وقد استهدفت الطائرات محطات التشويش والإعاقة، وبطاريات الدفاع الجوي؛ وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية؛ والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصافي البترول ومخازن الذخيرة.
وكان مقررًا أن تقوم الطائرات المصرية بضربة ثانية بعد تنفيذ الضربة الأولى؛ إلا أن القيادة المصرية قررت إلغاء الضربة الثانية؛ بعد النجاح الذي حققته الضربة الأولى.  وإجمالي ما خسرته الطائرات المصرية في الضربة هو 5 طائرات.
العبور (عملية بدر)
حدد الجيشان المصري والسوري موعد الهجوم، الساعة الثانية بعد الظهر بعد أن اختلف السوريون والمصريون على ساعة الصفر؛ ففي حين يفضل المصريون الغروب يكون الشروق هو الأفضل للسوريين، لذلك كان من غير المتوقع اختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم، وعبر القناة 8,000 من الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60,000 جندي، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابى باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع.
في إسرائيل دوت صافرات الإنذار في الساعة الثانية لتعلن حالة الطوارئ واستأنف الراديو الإسرائيلي الإرسال رغم العيد.  وبدأ عملية تعبئة قوات الاحتياط لدفعها للجبهة.
الجبهة المصرية
أنجزت القوات المصرية في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس، وأصبح لدى القيادة العامة المصرية 5 فرق مشاة بكامل أسلحتها الثقيلة في الضفة الشرقية للقناة، وانتهت أسطورة خط بارليف الدفاعي. 
واستغلت القوات المصرية يوم 7 أكتوبر في تدعيم رؤوس الكباري لفرق المشاة الخمس، كما قامت بسد الثغرات التي بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش.  وبحلول يوم 8 أكتوبر اندمجت الفرق الخمسة في "رأس كوبريين" في جيشين.  وكان رأس كوبري (الجيش الثاني) يمتد من القنطرة شمالاً إلى "الدفرسوار" جنوبًا أما رأس الكوبري (الجيش الثالث) فيمتد من البحيرات المرة شمالاً، إلى بور توفيق جنوبًا، وكان هناك ثغرة بين رأسي الكوبري للجيشين بطول 30-40 كيلومترا
في أثناء ذلك دعمت القوات الإسرائيلية موقفها على الجبهة ودفعت بـ 5 ألوية مدرعة ليصل مجموع القوات المدرعة الإسرائيلية إلى 8 ألوية مدرعة في سيناء. 
وكانت تقديرات المخابرات المصرية قبل الحرب تشير أن الهجوم المضاد الإسرائيلي سوف يبدأ بعد 18 ساعة من بدأ الهجوم المصري بافتراض أن إسرائيل ستعبأ قواتها قبل الهجوم بحوالي 6-8 ساعات، ومعنى ذلك أن الهجوم المضاد الرئيسي سيكون في صباح يوم الأحد 7 أكتوبر. 
؛ إلا أن الهجوم الرئيسي الإسرائيلي لم ينفذ إلا مع صباح يوم 8 أكتوبر حيث شن لواء إسرائيلي مدرع هجومًا على الفرقة "18 مشاة"، وفي الوقت نفسه شن لواء مدرع إسرائيلي آخر هجومًا على الفرقة "الثانية مشاة"، وقد صدت القوات المصرية الهجمات. 
بعد الظهيرة عاودت إسرائيل الهجوم بدفع لواءين مدرعين ضد الفرقة الثانية مشاة، وفي نفس الوقت هاجم لواء مدرع الفرقة "16 مشاة" ولم يحقق الهجوم الإسرائيلي أي نجاح.
في 9 أكتوبر عاودت إسرائيل هجومها ودفعت بلواءين مدرعين ضد الفرقة "16 مشاة" وفشلت القوات الإسرائيلية مرة أخرى في تحقيق أي نجاح.  ولم يشن الإسرائيليون أي هجوم مركز بعد ذلك اليوم.  وبذلك فشل الهجوم الرئيسي الإسرائيلي يومي: 8 و9 أكتوبر في تحقيق النصر، وحافظت فرق المشاة المصرية على مواقعها شرق القناة.
في يوم 11 أكتوبر طلب وزير الحربية (الفريق أول "أحمد إسماعيل") من رئيس الأركان (الفريق سعد الدين الشاذلي)، تطوير الهجوم إلى المضائق؛ إلا أن الشاذلي عارض بشدة أي تطوير خارج نطاق الـ12 كم، التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظله معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي.
في اليوم التالي (12 أكتوبر) كرر الوزير طلبه من الفريق الشاذلي تطوير الهجوم شرقًا نحو المضائق؛ إلا أن الشاذلي صمم على موقفه المعارض من أي تطوير للهجوم خارج مظلة الدفاع الجوي.  بعد ظهيرة يوم 12 أكتوبر تطرق الوزير لموضوع تطوير الهجوم للمرة الثالثة في أقل من 24 ساعة قائلاً: إن "القرار السياسي يحتم علينا تطوير الهجوم نحو المضائق، ويجب أن يبدأ ذلك غدًا 13 أكتوبر"، فقامت القيادة العامة بإعداد التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم والتي أنجزت في 1:30 مساء، وقامت القيادة العامة بإرسال التعليمات إلى قائدي الجيشين: الثاني، والثالث.  في الساعة 3:30 اتصل اللواء سعد مأمون (قائد الجيش الثاني) بالقيادة العامة طالبًا مكالمة رئيس الأركان، ليخبره باستقالته ورفضه تنفيذ الأوامر، وبعدها بدقائق اتصل اللواء عبد المنعم واصل بالقيادة؛ ليبدي اعتراضه على الأوامر التي أرسلتها القيادة العامة إليه والمتعلقة بتطوير الهجوم.  قال الفريق الشاذلي لرئيسي الجيشين الثاني والثالث: أنه نفسه معترض على تطوير الهجوم؛ لكنه أجبر على ذلك.  قام الشاذلي بعد ذلك بإبلاغ الفريق أول أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة باعتراضات قائدي الجيشين الثاني والثالث؛ فتقرر استدعاء اللواء سعد مأمون واللواء عبد المنعم واصل لحضور مؤتمر بالقيادة العامة.  استمر المؤتمر من الساعة 6:00 حتى 11:00 مساء وتكررت نفس وجهات النظر وصمم الوزير على تطوير الهجوم، والشيء الوحيد الذي تغير هو موعد الهجوم؛ إذ تقرر أن يكون من فجر يوم 13 أكتوبر إلى فجر يوم 14 أكتوبر.
وبناء على أوامر تطوير الهجوم شرقًا، هاجمت القوات المصرية في قطاع الجيش الثالث الميداني (في اتجاه السويس) بعدد 2 لواء، هما اللواء الحادي عشر (مشاة ميكانيكي) في اتجاه ممر "الجدي"، واللواء الثالث المدرع في اتجاه ممر "متلا".
وفي قطاع الجيش الثاني الميداني (اتجاه الإسماعيلية) هاجمت الفرقة 21 المدرعة في اتجاه منطقة "الطاسة"، وعلى المحور الشمالي لسيناء هاجم اللواء 15 مدرع في اتجاه "رمانة".
كان الهجوم غير موفق بالمرة كما توقع الفريق الشاذلي، وانتهى بفشل التطوير، مع اختلاف رئيسي، هو أن القوات المصرية خسرت 250 دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودات من بدء التطوير؛ بسبب التفوق الجوي الإسرائيلي.  ويرد رئيس الأركان العامة الفريق الشاذلي على ادعاء السادات بأن تطوير الهجوم هدفه تخفيف الضغط عن سورية، بقوله: "بخصوص ادعاء السادات بأن هجومنا يوم 14 أكتوبر كان يهدف إلى تخفيف الضغط عن سوريا؛ فهو ادعاء باطل، الهدف منه هو تسويغ الخطأ الذي ارتكبته القيادة السياسية المصرية.
ثغرة "الدفرسوار"
في ليلة 15 أكتوبر تمكنت قوة إسرائيلية صغيرة من اجتياز قناة السويس إلى ضفتها الغربية؛ ما سبب ثغرة في صفوف القوات المصرية، عرفت باسم "ثغرة "الدفرسوار".  وقدر الفريق سعد الدين الشاذلي القوات الإسرائيلية غرب القناة- في كتابه "مذكرات حرب أكتوبر" يوم 17 أكتوبر- بأربع ألوية مدرعة، وهو ضعف المدرعات المصرية غرب القناة.
حاولت القوات الإسرائيلية الدخول إلى مدينة الإسماعيلية؛ إلا أن قوات الصاعقة المصرية تمكنت من صد هذا الهجوم في منطقة أبو عطرة، واتسعت الثغرة اتساعًا كبيرًا حتى قطع طريق السويس، وحوصرت السويس، وحوصر الجيش الثالث بالكامل، وحاول الإسرائيليون الدخول إلي مدينة السويس؛ إلا أن المقاومة الشعبية مع قوات صاعقة الجيش الثالث تمكنوا من صد الهجمات الإسرائيلية.  كان اتساع الثغرة نتيجة للأخطاء القيادية الجسيمة لكل من السادات وأحمد إسماعيل؛ بدءاً من تطوير الهجوم إلى عدم الرغبة في المناورة بالقوات؛ ما دفع البعض إلى تحميل السادات المسؤولية الكاملة.
 
 وقف إطلاق النار  الجبهة السورية (الجولان)
تتألف القوات السورية من 10 ألوية مدرعة، و5 ألوية آلية، و12 لواء مشاة، وكتيبة مظليين، ومجموعة صاعقة، يتوزعون على النحو التالي:
  • الفرقة الخامسة مشاة (نسق أول)
    • لواء المشاة 12. 
    • لواء المشاة 61. 
    • لواء المشاة الآلي 132. 
    • لواء المدفعية 50
    • اللواء المدرع 47 (ملحق بالفرقة)
  • فرقة السابعة مشاة (نسق أول)
    • لواء المشاة 68. 
    • لواء المشاة 85. 
    • لواء المشاة الآلي الأول. 
    • لواء المدفعية 70. 
    • اللواء المدرع 78 (ملحق بالفرقة)
  • فرقة التاسعة مشاة (نسق أول)
    • لواء المشاة 52. 
    • لواء المشاة 53. 
    • لواء المشاة الآلي 43. 
    • لواء المدفعية 89. 
    • اللواء المدرع 51 (ملحق بالفرقة)
  • الفرقة المدرعة الأولى (نسق ثاني)
    • اللواء المدرع 4. 
    • اللواء المدرع 91.  
    • لواء المشاة الآلي 2. 
    • لواء المدفعية 64. 
  • الفرقة المدرعة الثالثة (نسق ثاني)
    • اللواء المدرع 20. 
    • اللواء المدرع 65. 
    • لواء المشاة الآلي 15. 
    • لواء المدفعية 13. 
  • احتياطي القيادة العامة :
    • لواء الحرس الجمهوري المدرع. 
    • اللواء 88 المدرع. 
    • اللواء 141 مدرع. 
    • اللواء 30 مشاة. 
    • اللواء 62 مشاة. 
    • اللواء 90 مشاة. 
    • الكتيبة 82 مظليين. 
    • مجموعة الصاعقة الأولى. 
  • منطقة غرب سورية :
    • لواء مشاة (حلب)
    • لواء مشاة (اللاذقية)
    • لواء مشاة (حمص)
الجبهة السورية
في نفس التوقيت وحسب الاتفاق المسبق، قام الجيش السوري بهجوم شامل في هضبة الجولان، وشنت الطائرات السورية هجومًا كبيرًا على المواقع والتحصينات الإسرائيلية في عمق الجولان، وهاجمت التجمعات العسكرية والدبابات ومرابض المدفعية الإسرائيلية ومحطات الرادارات وخطوط الإمداد، وحقق الجيش السوري نجاحًا كبيرًا وحسب الخطة المعدة، بحيث انكشفت أرض المعركة أمام القوات والدبابات السورية التي تقدمت عدة كيلو مترات في اليوم الأول من الحرب؛ ما أربك الجيش الإسرائيلي الذي كان يتلقى الضربات في كل مكان من الجولان.
 واصل الجيش السوري تقدمه في الجولان وتمكن في 7 أكتوبر من الاستيلاء على القاعدة الإسرائيلية الواقعة على كتف جبل الشيخ، في عملية إنزال للقوات الخاصة السورية، التي تمكنت من الاستيلاء على مرصد جبل الشيخ وأسر 31 جنديًا إسرائيليًا، وقتل 30 جنديًا آخرين، ورفع العلم السوري فوق قمة في جبل الشيخ، وتراجعت العديد من الوحدات الإسرائيلية تحت قوة الضغط السوري، وأخلت إسرائيل المستوطنين المدنيين الإسرائيليين من الجولان حتى نهاية الحرب.
   الهجوم الإسرائيلي المضادفي الساعة 8:30 من صباح يوم 8 أكتوبر بدأ الإسرائيليون هجومهم المضاد بثلاثة ألوية، مع تركيز الجهد الرئيسي على المحورين: الأوسط، والجنوبي.  ودارت في الفترة من 8 إلى 10 أكتوبر معارك عنيفة قرب القنيطرة، وسنديانة، وكفر نفاخ، والخشنية، والجوخدار، وتل الفرس، وتل عكاشة.  وكان السوريون يتمتعون خلال هذه المعارك بتفوق المدفعية والمشاة؛ في حين كان العدو متفوقاً بعدد الدبابات المستخدمة؛ نظراً للخسائر التي أصابت الدبابات السورية، وكان الطيران السوري قد انضمت إليه أسراب من الطيران العراقي، وبدأت تنفيذ واجباتها منذ صباح يوم 10 أكتوبر لتقوم بدعم وإسناد القوات البرية.
ومنذ صباح يوم 8 أكتوبر تحوّل ميزان القوى بالدبابات لصالح العدو؛ لأن القوات السورية لم تعد تملك قطع دبابات سليمة، ولم تشترك في القتال العنيف من قبل سوى 3 ألوية؛ في حين دفعت القوات الإسرائيلية قواتها الاحتياطية والتي قدرت بستة ألوية مدرعة سليمة لم تشترك في القتال.
ردت سورية بهجوم صاروخي على قرية "مجدال هاعيمق" شرقي مرج ابن عامر، داخل إسرائيل؛ وعلى قاعدة جوية إسرائيلية في"رامات دافيد" الواقعة أيضًا في مرج ابن عامر.
وفي مساء يوم 10 أكتوبر ظهر أمام القيادة الإسرائيلية وضع جديد يتطلب قراراً سياسياً على أعلى المستويات، فلم يعد أمام قواتها لاحتلال الجولان، سوى الضغط باتجاه منطقة القنيطرة، لدفع القوات السورية إلى ما وراء خط وقف إطلاق النار.
واتخذت جولدا مائير، قراراً باحتلال دمشق؛ فيما عارض هذا القرار موشي دايان، وقد كلف إليعازر، باسئتناف الهجوم.  وفي صباح يوم 11 أكتوبر استؤنف الهجوم والتقدم باتجاه دمشق بشكل يجبر السوريين على طلب وقف القتال.
في صباح يوم 11 أكتوبر، كان قادة العدو الإسرائيلي يعتقدون أن نجاح قواتهم في خرق الخط الدفاعي السوري الأول سيؤدي إلى انهيار الجبهة كاملة، ويرجع هذا الاعتقاد إلى خبرة حرب حزيران 67، وقد رسّخت في أذهانهم؛ لأن خرق أية جبهة عربية في نقطة من النقاط سيؤدي إلى انهيار الجبهة بشكل آلي، والحقيقة أن الخرق الإسرائيلي للجبهة في القطاع الشمالي من الجبهة يوم 11 أكتوبر، وتعميق هذا الخرق، في يوم 12 أكتوبر كان يمكن أن يؤديا إلى انقلاب التوازن الاستراتيجي للجيش السوري، لولا صمود الفرقتين الآليتين السوريتين: السابعة، والتاسعة، على محور "سعسع"، وصمود الفرقة الآلية السورية الخامسة عند الرفيد، على المحور الجنوبي، إضافة إلى وصول طلائع الفرقة العراقية السادسة.  كما أن اقتراب خط الاشتباك من شبكة الصواريخ أرض – جو السورية المنتشرة جنوبي دمشق حد من عمل الطيران لدعم الهجوم.
بقي الوضع في يومي 13-14 أكتوبر حرجاً إلى حدٍ ما، خاصّة بعد أن بدأ العدو إخراج مجموعة ألوية "بيليد" وزجها في الجبهة، واستخدام اللواء المدرع 20 في دعم ألوية "لانر".  قامت مجموعتا ألوية "لانر" و"رفول"، بعدة محاولات لخرق الدفاع على المحور الشمالي دون جدوى.
    سلاح البترول (الحظر النفطي)
في أغسطس 1973 قام السادات بزيارة سرية للعاصمة السعودية الرياض والتقى بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وطلب منه أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.
في 17 أكتوبر عقد وزراء النفط العرب اجتماعاً في الكويت، تقرر بموجبه خفض إنتاج النفط بواقع 5% شهريًا، ورفع أسعار النفط من جانب واحد.
في 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونغرس اعتماد 2.2 مليار دولار في مساعدات عاجلة لإسرائيل؛ الأمر الذي أدى إلى قيام الجزائر والعراق والمملكة العربية السعودية والمملكة الليبية والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى بإعلان حظر على الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة؛ ما خلق أزمة طاقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
نهاية الحرب
تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءاً من يوم 22 أكتوبر عام 1973م.
وقبلت مصر بالقرار، ونفذته اعتبارًا من مساء نفس اليوم؛ إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار؛ فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.
أما سوريا فلم تقبل بوقف إطلاق النار، وبدأت حربًا جديدة أطلق عليها اسم "حرب الاستنزاف"؛ هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية، وزيادة الضغط على إسرائيل؛ لإعادة باقي مرتفعات الجولان، وبعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري، وبعد خروج مصر من المعركة واستمرت هذه الحرب مدة 82 يوماً.  في نهاية شهر مايو 1974 توقف القتال، بعد أن تم التوصل إلى اتفاق لفصل القوات بين سوريا وإسرائيل، أخلت إسرائيل بموجبه مدنية القنيطرة وأجزاء من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
العدوان على بيروت(1982): حرب لبنان 
"حرب لبنان 1982" وتسمى أيضًا بـ"غزو لبنان" أو ما أطلقت عليه إسرائيل اسم "عملية السلام للجليل" و"عملية الصنوبر هي حرب عصفت بلبنان؛ فتحولت أراضيه إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا وإسرائيل.  ترجع أسباب هذه الحرب إلى عدد من الأحداث التي جرت في الشرق الأوسط خلال السنين التي سبقتها، من اتفاق القاهرة الذي نظم وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان، إلى الحرب الأهلية اللبنانية.
بدأت المعارك في 6 حزيران 1982؛ عندما قررت الحكومة الإسرائيلية شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية بعد محاولة اغتيال سفيرها إلى المملكة المتحدة "شلومو أرجوف" على يد منظمة أبو نضال؛ فقامت إسرائيل باحتلال جنوب لبنان، بعد أن هاجمت منظمة التحرير الفلسطينية والقوات السوريّة والمليشيات المسلحة الإسلامية اللبنانية، وحاصرت منظمة التحرير وبعض وحدات الجيش السوري في بيروت الغربيّة.  انسحبت منظمة التحريرمن بيروت بعد أن تعرّض ذلك القسم منها إلى قصف عنيف، وكان ذلك بمعاونة المبعوث الخاص، فيليب حبيب، وتحت حماية قوات حفظ السلام الدولية.
انتهت هذه الحرب بشكلها المعترف به في عام 1985؛ إلا أن آثارها ومخلفاتها لم تنته حتى نيسان/أبريل من عام 2000، عندما انسحب الجيش الإسرائيلي وأعوانه فعلياً من جنوب لبنان.  والجدير ذكره أن إسرائيل قد زجت في هذه الحرب ضعف عدد القوات التي واجهت بها مصر وسوريا في حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973. 
خلفيات الحرب
      اتفاق القاهرة 1969
في 3 نوفمبر 1969؛ تم التوقيع على هذا الاتفاق في القاهرة؛ لغرض تنظيم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، وقد أعطى الشرعية لوجود وعمل المقاومة الفلسطينية في لبنان.  حيث تم اعتراف لبنان بالوجود السياسي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم التأكيد على حرية العمل العسكري انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.  حمى هذا الاتفاق الفلسطينيين، من المحاولات المتعددة لنزع سلاحهم.  لكن البعض اعتبره متعارضًا مع مبادئ سيادة الدولة اللبنانية، ويتضمن بنوداً تتعارض وأحكام القوانين اللبنانية ولم يكن لهذه الاتفاقية دورًا ملموسًا على الساحة العملية لتحسين العلاقات بين القيادتين اللبنانية والفلسطينية، ومن جانب آخر؛ عدّت إسرائيل اتفاق القاهرة خرقًا للهدنة المعقودة بينها وبين لبنان سنة 1949.
  عملية الليطانيفي الرابع عشر من مارس/آذار 1978، أقامت إسرائيل حزاماً أمنياً بمسافة عشرة كيلو مترات؛ لحماية شمالها من هجمات الفلسطينيين.  أدان مجلس الأمن هذه العملية مصدرًا قرار 425 الذي يطلب من إسرائيل الانسحاب الفوري غير المشروط من لبنان.  تجاهلت إسرائيل هذا القرار، خاصة أنه لم يمارس عليها أي ضغط دولي أو أميركي أو عربي.
الخلفيات المباشرة
كان الوضع في لبنان في بداية عام 1982 يشكل امتداداً لأوضاع الحرب الأهلية اللبنانية، التي بدأت عام 1975، وهي صراع مستمر بين كتلة اليسار اللبناني والمقاتلين الفلسطينيين ومنظمة التحرير الفلسطينية والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة، واللبنانيين اليمينيين من المسيحيين وحزب الكتائب اللبنانية وإسرائيل من جهة أخرى، واستمر خلال النصف الأول من عام 1982 على شكل صراعات عنيفة بين هذه الأطراف.
في تموز 1981، تم إبرام وقف إطلاق نار بين إسرائيل وقوات منظمة التحرير الفلسطينية بإشراف فيليب حبيب؛ إلا أن الإسرائيليين كانوا قلقين من تجمع قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار والذي اعتبرته تهديداً لأمن حدودها الشمالية.
في 21 نيسان/ابريل 1982 قصف سلاح الجو الإسرائيلي موقعًا لمنظمة التحرير في جنوب لبنان.  وفي 9 أيار/مايو 1982 قامت منظمة التحرير الفلسطينية بالرد بقصف صاروخي لشمال إسرائيل، وتلا هذا القصف المتبادل، محاولة لاغتيال سفير إسرائيل في بريطانيا، "شلومو أرجوف" في 3 حزيران/يونيو 1982، فقامت إسرائيل؛ وكردٍّعلى عملية الاغتيال هذه، بقصفٍ لمنشآت ومواقع تابعة لمنظمة التحرير في قلب بيروت.   في اليوم التالي من محاولة الاغتيال والقصف الإسرائيلي لبيروت، قامت منظمة التحرير بقصف شمال إسرائيل مرة أخرى وقتل في هذا القصف إسرائيلي واحد.
   بداية الحرب
   عشية الاجتياح
في 5 - 6 حزيران/يونيو 1982 بدأت إسرائيل جزءًا من قصف جوي ومدفعي كثيف على مدينة صيدا، وقرى: النبطية، والدامور، وتبنين، وعرنون، وقلعة شقيف الإسترتيجية.  ودخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية في 6 حزيران/يونيو 1982، وتم اجتياز المواقع التي كان يشغلها 7,000 جندي تابع لقوات الأمم المتحدة بكل سهولة.
قدم الرئيس الأمريكي "رونالد ريغان" وقتها الغطاء لإسرائيل في هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لتدمير منظمة التحرير، وأكدت إسرائيل للأمريكيين أنها ستدخل لبنان لمسافة لا تتجاوز 30 كيلومترًا لتحقيق أمنها والدفاع عن نفسها.  كان ريغان لا يمانع في القيام بعملية سريعة تكون بمثابة درس قوي لمنظمة التحرير الفلسطينية ولسوريا حليفة الاتحاد السوفيتي؛ حيث صرح دافيد كمحي بأنه لم يكن هناك مقاومة قوية لخطط أرئيل شارون في واشنطن، وأن الولايات المتحدة لم تستطع منع إسرائيل من الهجوم.  وفي مقالة في "واشنطن بوست" مع شارون قال هيغ: "...إننا نفهم أهدافكم، ولا نستطيع أن نقول لكم لا تدافعوا عن مصالحكم."  وقام وزير الخارجية الأمريكي (الجنرال ألكسندر هيغ) بإخبار شارون عن الحاجة إلى "استفزاز واضح يعترف به العالم" بهدف شنّ الهجوم.  ويرى البعض أن عملية أبو نضال لمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن جاءت في اللحظة المناسبة تمامًا بصورة غريبة.
قاد العمليات الإسرائيلية أرئيل شارون (وزير الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت في الحكومة التي رأسها مناحيم بيغين).  أعلن وقتها أن السبب هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية وصواريخ الكاتيوشا إلى مسافة 40 كيلومترًا عن حدود إسرائيل.  تعدلت الأهداف لاحقًا، حيث أعلن الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية (آفى بارنز) إن أهداف إسرائيل هي:
• إجلاء كل القوات الغريبة عن لبنان ومن ضمن ذلك الجيش السوري. 
• تدمير منظمة التحرير الفلسطينية. 
• مساعدة القوات اللبنانية على السيطرة على بيروت، وتنصيبها كحكومة لبنانية تملك سلطة وسيادة على كامل التراب اللبناني. 
• توقيع اتفاقية سلام مع الحكومة اللبنانية، وضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية. 
استناداً إلى لقاء تلفزيوني مع تيمور غوكسل (المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة التي كانت منتشرة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية آنذاك)؛ فإنه وفي تمام الساعة 10:35 صباحًا من السادس من يونيو 1982؛ اقتربت 13 دبابة "ميركافا" عند جسر الحمراء الفاصل، وكان هناك في تلك اللحظة 6 جنود هولنديين عند الحاجز حاولوا منع الدبابات من التقدم بوضع عوائق على الطريق؛ ولكن جنود الجيش الإسرائيلي استمروا بالتقدم هاتفين "نحن آسفون هذا غزو" تمكن الهولنديون الستة من إعاقة تقدم دبابتين بصورة مؤقتة لكن هذا لم يدم طويلاً، فقد تلا الدبابات الأولى 1,100 دبابة أخرى.  تقدمت القوات الإسرائيلية على عدة محاور باتجاه العاصمة بيروت، ولكنها واجهت مقاومة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني، وتعرض الجيش الإسرائيلي إلى مقاومة شرسة عند محاولته احتلال قلعة شقيف الإستراتيجية، والتي قام مناحيم بيغن بزيارتها شخصيًا بعد بسط السيطرة الإسرائيلية عليها؛ نظراً لأهميتها.  واستناداً إلى "عمر العيساوي"، فإن القيادة السورية لم تدرك ضخامة العملية العسكرية الإسرائيلية، وبالرغم من المباغتة تمكن الجيش السوري من وقف تقدم القوة الإسرائيلية المتجهة إلى ظهر البيدر، وقاتل فيما بعد بشراسة في البقاع وكبد إسرائيل خسائر كبيرة.
بعد احتلال قلعة شقيف تم تسليم القلعة إلى سعد حداد قائد قوات جيش لبنان الجنوبي الموالية لإسرائيل.   وبعد أيام سقطت صيدا وصور والدامور، (معاقل منظمة التحرير) الواحدة تلو الأخرى أمام التقدم الإسرائيلي، وبدأ الجيش الإسرائيلي بالتقدم نحو الطريق الرئيسي بين بيروت ودمشق مخترقين منطقة الشوف الواقعة في الجزء الجنوبي من جبل لبنان.  وفي 8 حزيران/يونيو 1982؛ اشتبك الجيش السوري لأول مرة مع الجيش الإسرائيلي.  وبعد 5 أيام فقط من الاجتياح تمكنت القوات الإسرائيلية من بسط سيطرتها على 1/3 من الأراضي اللبنانية.  وفي 9 حزيران/يونيو 1982؛ وصل الجيش الإسرائيلي إلى مشارف بيروت، وفي نفس اليوم تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من تدمير عدة مواقع للدفاع الجوي السوري، بالإضافة إلى إسقاط مقاتلة ميغ 21 سورية، في اشتباك جوي ضخم بين 90 مقاتلة إسرائيلية و60 مقاتلة سورية.  الجيش السوري أعاد تمركزه خارج منطقة الشوف.  وفي يوم 14 حزيران/يونيو 1982؛ دخل الجيش الإسرائيلي شرق بيروت ذات الأغلبية المسيحية، وحاصر القسم الغربي من بيروت الذي كان معقلاً رئيسيًا للميليشيات الفلسطينية.  
مع اقتراب نهاية شهر حزيران/ يونيو؛ كان هناك 100,000 جندي إسرائيلي في لبنان، بينما وصل عدد القوات السورية إلى 40000 مقاتل، وكان هناك 11,000 مقاتل فلسطيني محاصر مع ياسر عرفات في غرب بيروت.  في مطلع شهر يوليو قام الجيش الإسرائيلي بفرض حصار على غرب بيروت قاطعًا وصول المواد الغذائية والماء عن تلك المنطقة، وتم منع الانتقال بين شطري بيروت، واستمر القصف الإسرائيلي لغرب بيروت بصورة متفاوتة طوال شهر يوليو.
في 12 أغسطس 1982؛ ومع الاقتراب من الوصول إلى اتفاق وشيك حول آلية
مغادرة المقاتلين الفلسطينيين لبيروت؛ قامت إسرائيل بحركة مباغتة أثارت استغراب العالم وغضب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بشن أعنف قصف جوي ومدفعي وبحري على بيروت استمر لعشر ساعات متواصلة، وأدت هذه الحركة غير المتوقعة إلى إثارة غضب ريغان، الذي اتصل هاتفيًا مع مناحيم بيغن معربًا عن استيائه الشديد من ذلك التصرف.
وتوصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 أغسطس بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب.  وفي 19 أغسطس خففت إسرائيل من حصارها لغرب بيروت، وسمحت لإمدادات الصليب الأحمر بدخول بيروت الغربية.
    محاور القتال
• الجيش اللبناني: لم يتدخل في الصراع نهائياً، وبقي على الحياد. 
• الجيش السوري: لم تدخل القوات السورية بشكل كامل بالقتال، إلى أن قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف عدت بطاريات للصواريخ من طراز سام 2، 3، 6 روسية الصنع، التي كانت سوريا قد نصبتها في لبنان.  تم صدام في الجو بين ما يقارب 200 طائرة سورية، وما يقاربها من الإسرائيلية، بعد معركتين أرضيتين سريعتين. 
• المقاتلين الفلسطينيين: كان معظم المقالتين الفلسطينيين مسلحين تسليحاً خفيفاً؛ ما جعلهم يستعملون أسلوب المقاومة وحرب العصابات.
     بيروت المحاصرة
 فوجئ ياسر عرفات بوصول برقية من الجنوب تنبئ بأن القوات الإسرائيلية تعدت صور شمالاً وبسرعة.  نقل جورج حاوي عن عرفات قوله: "مش ممكن، لا مستحيل"، واتصل مع الحاج إسماعيل ليستفسر منه عن الأوضاع؛ إلا أن الحاج إسماعيل كان منشغلاً بإخراج القوات من صيدا؛ بسبب محاصرة الإسرائيليين لها.  فوجئ الجميع بحجم الاجتياح، بالرغم من أن بشير الجمِّيل كان قد أكد في أكثر من مرة أن القوات الإسرائيلية قادمة.  ربما يعزى ذلك إلى خطاب ريغان الذي أكد فيه أن الدخول سيكون محدودًا بثلاثين كيلومترًا.
تشكل في 14 حزيران/يونيو 1982؛ ما عرف باسم "القيادة المشتركة" للقوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، أو "هيئة الإنقاذ الوطني" في بيروت، بدعوة من الرئيس اللبناني (إلياس سركيس)، ضمت زعماء الطوائف الرئيسية في لبنان، وكتيبتين سوريتين استمرتا في القتال.  كان هدف هيئة الإنقاذ هو منع تفاقم أزمة المواجهة المسلحة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ ولكن تدريجيًا أصبحت هيئة الإنقاذ هذه عاجزة عن إنجاز أية نتيجة ملموسة، وبعد 9 أيام من تشكيلها انسحب وليد جنبلاط منها واصفًا إياها "بهيئة دفن القتلى".
مع اقتراب نهاية فترة حكم الرئيس اللبناني "إلياس سركيس"، تم تنظيم انتخابات رئاسية في بيروت، وقام البرلمان اللبناني في 23 أغسطس 1982؛ بانتخاب بشير الجميل رئيسًا بإجماع 57 صوتاً، وامتناع 5 عن التصويت، وعدم اشتراك أغلبية الكتلة المسلمة في البرلمان الذي اعتبر الجميل حليفاً لإسرائيل، وقبل 9 أيام من تسلم الجميل مهامه الرئاسية؛ وفي 14 أيلول/سبتمبر 1982؛ تم اغتياله بقنبلة موقوتة، وبعد أسبوع، وفي 21 سبتمبر 1982؛ انتخب البرلمان اللبناني شقيقه أمين الجميِّل رئيسًا، وقام أمين الجميل بتوجيه دعوة إلى زعيم الكتلة المسلمة ورئيس الوزراء (شفيق الوزان) (1925 - 1999) بالبقاء في منصبه كرئيس للوزراء؛ في محاولة من الجميل لتضييق الفجوة وتوحيد الصفوف.
في 13 يونيو؛ قامت القوات الإسرائيلية ومليشيا بشير الجميل بمحاصرة بيروت، واستمر هذا الحصار إلى 28 أغسطس. 
طوال فترة الحصار قامت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت من البر باستعمال المدفعية، ومن الجو والبحر.  تم تسوية معظم المدينة بالأرض، قتل أكثر من 30,000 مدني لبناني؛ وأصيب أكثر من 40,000 شخص؛ ونزح أكثر من نصف مليون شخص عن بيروت.
 في فترة الست وسبعين يومًا، استمرت إسرائيل بمنع المعونات الدولية والإنسانية عن المدينة.  وادعت إسرائيل أن مسؤولية الوفيات والدمار الذي أصاب البنية التحتية والخسائر البشرية، هو استعمال منظمة التحرير الفلسطينية المدنيين كدروع بشرية، واستعمال منازل المدنيين كمعاقل للقتال؛ ما اضطرها مرغمة على القصف لتدمير البنية التحتية التي يمكن أن يستعملها المقاتلون (أو من تنعتهم بالمخربين). 
استعملت إسرائيل في هجومها على بيروت أسلحة محرمةً دوليًا، بدءًا من القنابل العنقودية والفسفورية، مرورًا بالنابالم وألعاب الأطفال المفخخة، وانتهاء بقنابل بخار الوقود.  أعاد كل من رونالد ريغان وهنري كسنجر التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتم منع جميع المبادرات التي قدمت لإيقاف القتال.  انتهى الحصار بمسح كامل لثلث بيروت من الخارطة، ومقتل 675 جنديًا إسرائليّا إلى جانب استشهاد العديد من المدنيين اللبنانيين.  
     نتائج الغزو
قدم رونالد ريغان ضماناً شخصياً للمقاتلين الفلسطينيين بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس، واضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و800 جندي فرنسي و400 جندي إيطالي.   على الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985، 1,216 جنديًا إسرائيليًا.  على الصعيد السياسي، ونتيجة الضغط الأمريكي، أوفت إسرائيل بوعودها لبشير الجميل، حيث أصبح رئيسًا. وتمكنت حركة فتح من أسر ستة جنود إسرائيليين، تمت مبادلتهم لاحقًا بخمسة آلاف معتقل لبناني وفلسطيني تم احتجازهم في معتقل أنصار في جنوب لبنان.
وتوزع مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية تحت الحماية الدولية على عدة دول، وهي: العراق، اليمن الشمالي، السودان، الأردن، سوريا، الجزائر، فيما غادر 14,614 مقاتلاً فلسطينيًا بيروت إلى تونس.
     مذبحة صبرا وشاتيلا
في مساء 16 سبتمبر؛ قامت القوات الإسرائيلية بمحاصرة مخيمي "صبرا" و"شاتيلا" للاجئين الفلسطينيين، وسمحت بدخول حوالي 350 عنصرًا مسيحيًإ إلى المخيمات، تحت ذريعة البحث عن مقاتلين فلسطينيين.  تم ذبح ما يقارب 3000 مدني أعزل، بالرغم من التعهدات الأمريكية بحماية المدنيين الفلسطينيين، بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان.
 وصف الكاتب اللبناني المغترب "بيار كماليو" المجزرة بأنها غير إنسانية، ووصمة عار في جبين لبنان الحر، وأنها كانت رد فعل على اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل.
الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، 27/12/2008 - 21/1/2009
الوضع قبل الحرب، والعوامل التي أدت إلى نشوبها:
كل المؤشرات كانت تؤكد أن هناك خطة أعدها الجيش الإسرائيلي لاجتياح قطاع غزة، وأن الأمر يتوقف على أخذ الضوء الأخضر، وتحديد ساعة الصفر من جانب القيادة السياسية الإسرائيلية، وتقف في مقدمة هذه المؤشرات:
1- تصريحات القيادات الإسرائيلية السياسية والعسكرية المتوالية، وخاصة إيهود أولمرت (رئيس الوزراء)، وإيهود باراك (وزير الجيش)، وتسيفي ليفني (وزيرة الخارجية)، آفي ديختر (وزير الأمن الداخلي)، وجابي اشكنازي (رئيس هيئة الأركان)، التي تهدد باجتياح قطاع غزة للقضاء على البنى التحتية للمجموعات الفلسطينية المسلحة.
2- حملة العلاقات العامة والواسعة التي قامت بها إسرائيل على المستوى الدولي؛ للتحضير لحربها على قطاع غزة، بزعمها أن العملية خيار لا بد منه للدفاع عن مواطنيها ضد الصواريخ التي تنطلق من غزة.
3- التحضيرات الإسرائيلية على صعيد الجبهة الداخلية، مثل: توزيع الكمامات الواقية من الغازات السامة، وتحضير الملاجئ.
4- الحرب النفسية التي مارستها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وتحديداً سكان قطاع غزة، كمقدمة للحرب الميدانية.
أما العوامل التي شجعت إسرائيل على الإقدام على حربها، فكانت على النحو التالي:
1- حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني.
2- انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بأوضاعها الداخلية، واستغلال إسرائيل حالة التأييد المطلق لأي خطوة تتخذها من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش، الذي قاربت ولايته على الانتهاء.
3- حالة الانقسام في المواقف العربية.
4- رفض حركة حماس تجديد الهدنة مع إسرائيل.
5- بحث إسرائيل عن هدف للمهاجمة لاستعادة هيبة جيشها في المنطقة؛ بعد الإخفاق في حربها على لبنان.
6- كانت إسرائيل تقف على أبواب انتخابات الكنيست، والقادة السياسيين بحاجة إلى ما يعزز موقفهم أمام الرأي العام الإسرائيلي الضاغط باتجاه ضرورة إنهاء إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
أهداف ونتائج الحرب على غزة
الأهداف الإسرائيلية من الحرب على غزة
يمكن أن نستخلص من تصريحات قادة إسرائيل المتضاربة حول أهداف الحرب على غزة، جملة من الأهداف المعلنة أو المخفية على النحو التالي:
1- تدمير البنى التحتية للمجموعات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، وشل قدرتها على إطلاق الصواريخ باتجاه المدن والبلدات الإسرائيلية الجنوبية القريبة من القطاع.
2- تدمير الأنفاق المفتوحة بين قطاع غزة والأراضي المصرية؛ للحيلولة دون استمرار عمليات تهريب الأسلحة إلى المجموعات الفلسطينية في قطاع غزة.

3- محاولة تحرير الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي تحتجزه بعض التنظيمات الفلسطينية المسلحة.
4- فرض واقع جديد في قطاع غزة يساعد في الوصول إلى تهدئة، تفرضها إسرائيل بالمواصفات والمقاييس التي تراها مناسبة.
5- فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، بحيث تتحول الأراضي الفلسطينية إلى معازل وكنتونات محاصرة تسيطر إسرائيل عليها، تحول دون إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، القابلة للحياة، حسب الرؤية الدولية.
 6- محاولة استعادة هيبة قوات الجيش الإسرائيلي، عقب تقرير فينوغراد الذي بحث إخفاقات الجيش في حربه مع منظمة حزب الله في لبنان، في تموز 2006؛ من خلال تحقيق نصر خاطف في قطاع غزة.
7- محاولة حزبي "كاديما" و"العمل"، تحقيق مكاسب انتخابية على حساب حزب "الليكود"، للحد من تزايد التأييد الشعبي له، بشن حرب على قطاع غزة، إذ كان حزب الليكود يصر على ضرورة خوضها.
 نتائج الحرب على قطاع غزةكانت نتائج الحرب على غزة مدمرة على مختلف الأصعدة؛ سواء كانت الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية المادية أو البشرية، ويمكن استعراض أهم النتائج على النحو التالي:
أولاً: أسفرت الحرب على غزة عن سقوط (1410) شهداء، منهم(355) طفلاً، و(240) امرأة، (134) شرطياً، و(1032) من المدنين، و(18) نتيجة عمليات اغتيال، وبلغ عدد المصابين (5380)، منهم: (1872) طفلاً، و(800) امرأة.
ثانياً: ألحقت الحرب دماراً شاملاً بالبنى التحتية في مختلف أنحاء القطاع؛ بسبب عمليات القصف العنيف والمتواصل على مدار الساعة طول فترة الحرب، حيث دمرت 50 % من شبكات المياه، و55 % من شبكات الكهرباء.
ثالثاً: دمرت الحرب (11122) منزلاً، منها (2627) دماراً كلياً، و(8495) دماراً جزئياً؛ ما أدى إلى تشريد سكانها وتشتتهم بين منازل الأقرباء أو الأصدقاء، أو اللجوء إلى المدارس، أو إنشاء خيام على أنقاض المنازل.
رابعاً: تدمير(581) مؤسسة عامة، منها: (149) دمرت تدميراً كلياً، و(432) مؤسسة دمرت تدميرًا جزئياً، و(31) مقراً لمنظمات غير حكومية، و(53) مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، و(60) مؤسسة صحية، بما في ذلك (15) مستشفى طالها القصف، وتدمير 29 سيارة إسعاف.
خامساً: توقفت (3900) منشأة صناعية عن العمل، وفقد أكثر من (40) ألف شخص وظائفهم في القطاع الزراعي، و(90) ألف شخص لوظائفهم في قطاعات مختلفة ؛ ما رفع نسبة الفقر في قطاع غزة إلى (79) في المئة، ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة (88) في المائة من مجمل سكان قطاع غزة، قدموا طلبات للحصول على مساعدات غذائية.
سادساً: ألحقت الحرب دماراً واسعاً بالمزروعات؛ حيث اقتلعت (396599) شجرة مثمرة، و(51699) شجرة غير مثمرة، وأتلفت (999.785) دونماً من الخضراوات.
سابعاً: تدمير (695) منشأة تجارية، منها: (165) مؤسسة دمرت تدميراً كلياً، و(528) مؤسسة دمرت تدميرًا جزئياً.
ثامناً: تدمير (650) مركبة، منها: (334) مركبة دمرت تدميراً كلياً، و(316)مركبة دمرت تدميرًا جزئياً.
تاسعا: تحمل السلطة الوطنية الفلسطينية المزيد من الأعباء المالية؛ باعتبارها المسؤولة عن إدارة شؤون الفلسطينيين في جميع محافظات الوطن في الضفة والقطاع.
عاشرا: اتساع دائرة التدخل الإسرائيلي في المنطقة؛ بعد توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، تعطي إسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي، حرية تفتيش أي قطعة بحرية، بذريعة منع وصول الأسلحة إلى قطاع غزة.
أحد عشر: أدت الحرب إلى تعميق الانقسام الفلسطيني الداخلي، حيث ظهرت مشاكل وتعقيدات جديدة في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، كالمسؤولية عن تسلم أموال إعادة الإعمار والإشراف على العملية، والإشراف على معبر رفح، إضافةً للحملات الإعلامية المتبادلة.
إثنا عشر: أظهرت الحرب حجم الانقسام العربي، حيث غابت المواقف الموحدة، واختلفت الآراء تجاه كيفية الخروج من الأزمة.
ثالث عشر: انتهت الحرب بالعودة إلى مربع التهدئة.
رابع عشر: أوصت الأمم المتحدة بتشكيل "لجنة جولدستون" للتحقيق في العدوان على غزة وأنجزت اللجنة عملها، وأدانت إسرائيل بشكل مباشر (انظرملفات وطنية - تقرير جولدستون  – مركز المعلومات "وفا")
رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي
الاسم
بداية الخدمة
نهاية الخدمة
بيني غانتس
2011
حالياً
جابي أشكنازي
2007
2011
دان حالوتس
2005
2007
موشيه يعلون
2002
2005
شائول موفاز
1998
2002
أمنون ليبكن شاحك
1995
1998
إيهود باراك
1991
1995
دان شومرون
1987
1991
موشيه ليفي
1983
1987
ريفائيل إيتان
1978
1983
مردخاي غور
1974
1978
دافيد إلعزار
1972
1974
حاييم بار ليف
1968
1972
إسحاق رابين
1964
1968
تسفي تسور
1961
1964
حاييم لسكوف
1958
1961
موشيه دايان
1953
1958
مردخاي مكليف
1952
1953
يغائيل يادين
1949
1952
يعقوب دوري
1948
1949
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: