لماذا لن يدخل حزب الله إلى حلب
13-6-2013
لأول مرة منذ زمن بعيد، ومع تغطية إعلامية متطورة وكثيفة هذه المرة، ينظر العالم من مناصرين وحاقدين، إلى حزب الله يقاتل خارج الحدود اللبنانية. فوقع البعض في غرام المشهد بسبب حماسته، والبعض الآخر بسبب حقده ورعبه، وظنّوا أنّ حزب الله سيشارك حتما في معارك حلب التي آبتدأها الجيش العربي في حملة "عاصفة الشمال" فجر الإثنين.
لا أخفي أنّ حالة حزب الله، كان هناك دائما من لا يصيب في فهمها، ضمن عدوه وضمن أخصامه وضمن أحبّائه وضمن أصدقائه. وبالتالي نسأل: هل سيوسّع حزب الله حركته العسكرية إلى ما بعد القصير وريف دمشق، وهي المنطقة القريبة جدا من الحدود اللبنانية؟؟ هل سنراه يقاتل في حلب على الحدود التركية؟؟ سنحاول أن نجيب.
لقد كان لدخول حزب الله في معارك القصير وريف دمشق ومحيط مقام السيد زينب، سببان:
أوّلا، الدفاع عن المنتسبين إليه والمناصرين من اللبنانيين الساكنين في الأراضي السورية، وإعادة أملاكهم إليهم وبالتالي إعادتهم إلى حياتهم الطبيعية في القصير وريفها وريف دمشق، بعد أن هُجرّوا كما آجتياح ال 82 لجيش العدو الإسرائيلي. هذا السبب يتلاصق مع إبعاد خطر الحاقدين على حزب الله، والمتواطئين مع إسرائيل، كي لا يَصِلوا بيوم من الأيام إلى عقر دار المقاومة الإسلامية في لبنان، ويقاتلوها فيه.
ثانيا، إنّ القيادة السورية والجيش العربي السوري، كان من المفيد لهم جدا، أن يوكلوا جزءا من الهمّ والثقل الميداني إلى طرف آخر هو حزب الله، في مناطق سكانها موالون ومنتسبون لهذا الحزب، فكان الأمر أيضا، فيه ردّ لجميل سوريا على حزب الله ولبنان، منذ بداية عمليات المقاومة لتحرير جنوب لبنان.
وبعد عرض السببين، نشير للآتي.
لا يعني ما حصل أبدا، أنّ القيادة السورية ترضى بنشر مقاتلي حزب الله خارج المناطق المذكورة أعلاه، فتصبح حينها قوات حزب الله لها تابع سيطري واسع، خارج مناطق اللبنانيين المنتسبين والموالين للحزب. لن تقوم القيادة السورية بإيكال مهمة الدفاع عن بلدها لأيّ أحد، إلا في حال آقتراب السقوط، الأمر الذي يبدو عكسه تماما على الأرض، وبشكل خاص منذ الأسابيع الأخيرة، عندها فقط يصبح الدفاع المشترك واجبا على كل حلفاء سوريا.
وبالتالي، إنّ حزب الله كما إيران وروسيا والصين وكل حلفاء سوريا المقاومة، لن يتدخلوا في سورية، لا في حلب ولا في غيرها، إلا في حال أصبح الخطر جدّيّا على سوريا وصمودها، فتدخل حزب الله في القصير وريف دمشق ومحيط مقام السيد زينب، هو الإستثناء الذي لن يُلغي القاعدة أبدا.
لم تبني سوريا جيشا على مدى خمسين سنة، لكي تقول لغيرها تعالوا وقاتلوا بدلا عني وحرروا أرضي، فلا القيادة السورية ترضى، ولا الشعب السوري.
هذا وإن أردنا أن نحتكم للمنطق، فإنّ وجود حزب الله العسكري في حلب، يبدو صعبا من نواحٍ أخرى لا يعقلها البعض.
إنّ وجود حزب الله في الأراضي المرتبطة مع البقاع اللبناني والهرمل، كان ممكناً بسبب هذا الترابط الجغرافي، الذي يؤمّن لحزب الله مدده اللوجستي الكامل والمستقل، فيُصبح حقا تخفيفا عن الجيش السوري.
لكن ماذا لو أصبح حزب الله في حلب؟؟ هل هو من سيؤمن مدده لنفسه؟؟ حتى لو حصل هذا الأمر، فإنّ ضخامة الجغرافية السورية التي لم يعمل عليها ولا على مثلها الحزب بعد، لن تكون مُسهّلة لهذا الأمر قطعا. أمّا من سيذكرنا بأنّ حزب الله قاتل في البوسنة والهرسك، فنقول له هيهات بين حجم القتال الذي قدمه الحزب هناك، وما يقدمه الآن في الأراضي القريبة من الحدود اللبنانية. فلا الكمية ذاتها، ولا الظرف نفسه، ولا حجم المشروع المعادي هو نفسه أيضا.
وبالتالي، فيما لو احتاج الجيش العربي السوري مساعدة، فأستبعد أن يقوم الحزب بهذا الأمر، مع الحفاظ على نسبة ضئيلة لحصوله، ويمكن أن يوكل الأمر إلى من يمتلك قدرات تمويلية ولوجستية وعسكرية أضخم بكثير، وتسأل عنه روسيا وإيران.
» رأفت حرب
0 comments: