
Mon, 09/02/2013 -
بقلم: ناحوم برنياع
يمكن أن نحب أميركا أو أن نغضب عليها، لكن يجب أن نفهم أن لأميركا ايقاعا يختلف عن ايقاعنا، ومُهلاً تختلف، وطول فتيل يختلف. فهكذا تكون الحال حينما تقول قوة من القوى العظمى إنها تستطيع أن تُبيح لنفسها فعل ذلك.
في ذروة حرب لبنان الاولى، حينما كانت قوات الجيش الاسرائيلي موجودة في بيروت وكانت سفن الأسطول السادس راسية هناك، دعا ضباط الأسطول السادس ضباطنا من سلاح البحرية الى لقاء على متن واحدة من سفنهم. وخلال المساء عُرض على الطرفين سؤال وهو: لنفرض أنكم تلقيتم أمرا باحتلال ساحل جونية المقابل، من البحر، فما هو الوقت الذي ستحتاجون إليه؟.
تشاور الاسرائيليون فيما بينهم وأجابوا آخر الامر: حوالي 36 ساعة؛ وتشاور الأميركيون فيما بينهم وأجابوا: ثلاثة أسابيع على الأقل. وابتسم الاسرائيليون بتفوق قائلين هل تحتاجون الى هذا القدر الكبير من الوقت؟ "عندكم ساحل واحد فقط تحتلونه"، أجاب أحد الأميركيين. "هل تعلمون كم ساحلا عندنا؟".
نشبت المواجهة بين النظام السوري والادارة الأميركية قبل عشرة ايام، حينما ظهرت النتائج القاتلة لاستعمال السلاح الكيميائي خلال هجوم على مواطنين في ريف دمشق. ومنذ ذلك الحين تتحرك الادارة الأميركية ببطء نحو العملية. ويتم التحرك في مسارين متوازيين: ففي الصعيد السياسي تبحث الادارة عن شرعية أميركية داخلية ودولية. وفي الصعيد العسكري تعزز القوات وتتفحص الأهداف.
وقد لقيت الادارة في الساحة الدولية صعوبات لا يُستهان بها، فروسيا والصين تكبلانها في مجلس الامن. واستقرار رأي البرلمان البريطاني على معارضة مشاركة بريطانيا في هجوم يُبعد عنها حلفاءها في حلف شمال الاطلسي، ويؤثر في الرأي العام في الداخل. فاستطلاعات الرأي غير مُطرية.
ومن السخرية الشديدة أن أوباما يدفع الآن ثمن غزو الرئيس بوش للعراق، وهو غزو كان بين القليلين الذين عارضوه. وهو يدفع مرتين: مرة لأن البريطانيين الذين كانوا في فترة توني بلير أيدوا الغزو الأميركي فهم يعاقبونه؛ ومرة ثانية لأنه حينما كان سناتورا دعا الى احضار كل قرار من اجل عملية عسكرية ليصادق عليه مجلس النواب. فما قاله آنذاك يرتد عليه كعصا مرتدة اليوم.
إن رئيس الولايات المتحدة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. والقوة التي يسيطر عليها بيديه ضخمة لكنها ليست غير محدودة. فهو مُحتاج الى دعم إن لم يكن من الامم المتحدة فمن حلفائه وإن لم يكن من حلفائه فمن أغلبية مجلسي النواب والشيوخ. وهو مُحتاج الى دعم لأن الرأي العام في أميركا مُنقسم، ولأن العملية العسكرية المتحدث عنها الآن لن تحل المشكلة، فهي في أفضل السيناريوهات ستردع وفي اسوأها ستُثبت أن الاسد يتجاوز الهجوم الأميركي ايضا.
كانت نغمة خطبة أوباما قوية – صارمة مهيمنة وزعامية. والكلام الذي قاله عن مسؤولية أميركا في الحفاظ على المعايير الدولية كان صحيحا، وشجع كل من يعتقد أن العالم بغير زعامة أميركا سيكون مكانا العيش فيه أخطر. لكن ليس من المؤكد أنهم في طهران ودمشق وموسكو فهموا الخطبة على هذا النحو. فمن الممكن جدا أن تكون الخطبة قد فُهمت في هذه العواصم على أنها إظهار ضعف وانطواء أميركي ورخصة بالقتل.
أصبح الوقت الآن لاعبا في المعركة. فهو يستطيع أن يؤثر في النتائج بسبل مختلفة – بأن يفتح الباب لتفاوض يُنهي الحرب الأهلية أو يفضي بالأميركيين على العكس الى استقرار الرأي على عملية عسكرية أنجح لا تعاقب فقط بل تفضي الى نتائج أيضا.
تشعر حكومات اسرائيل دائما بأن الزمن هو العدو: فهي تخشى من أنه اذا لم يعمل الجيش الاسرائيلي فورا فان الضربة التي وجهها العدو ستختفي من نشرات الاخبار وتُتهم اسرائيل بالتحرش؛ وهي تخشى من أنها اذا لم تُنه سريعا فسيضطرها العالم الى أن تقف في المنتصف. وليس هذان التهديدان موجودين في برنامج العمل الأميركي، فلو أنني كنت مستشار الاسد لما اقترحت عليه أن يسارع الى الاحتفال.
إن قنوات التلفاز في إسرائيل مليئة في الاسبوع الاخير بخطب حماسية لمحللين يسارعون الى الزناد، لا الزناد الاسرائيلي بالطبع بل زناد جهة اخرى ومخاطرة جهة اخرى. فالجميع يريدون أن يكونوا كلينت إستوود؛ والجميع يريدون أن يكونوا رامبو وتشفارتسنيغر حتى اولئك الذين أنهوا الخدمة في صوت الجيش الاسرائيلي بصعوبة. فمن حسن الحظ أن الذين يحكمون في أميركا وفي اسرائيل الى الآن ساسة لا صحافيون، فأصابع الصحافيين خفيفة جداً على الزناد.
المصدر:
يديعوت أحرونوت
0 comments: