Wednesday, September 11, 2013

الرابحون بوتين واوباما والاسد والخاسرون مواطنو سورية

الرابحون بوتين واوباما والاسد والخاسرون مواطنو سورية


بقلم: عاموس هرئيل
عُرض مساء يوم الاثنين لأول مرة منذ كانت انعطافة الرئيس باراك اوباما المفاجئة، مخرج ممكن من الازمة في سورية. فقبل لحظة من بدء التباحث في مجلس النواب الامريكي في اقتراح الادارة الموافقة على هجوم عسكري على سورية، أثارت موسكو حلا بديلا وهو إلغاء العملية مقابل نقل سلاح الاسد الكيميائي الى رقابة دولية والقضاء عليه بعد ذلك. ما تزال المجاهيل في اقتراح المصالحة الروسية كثيرة. ويوجد دائما شك أن الحديث في الحاصل هو عن محاولة كسب وقت في آخر لحظة للرئيس السوري. إن الولايات المتحدة تُظهر شكا شديدا (وذلك بيقين لأن الاقتراح جاء من موسكو التي فعلت كل شيء لافشال السياسة الامريكية في الشرق الاوسط في الاسابيع الأخيرة) ومع كل ذلك ربما بدأ يُصاغ حل للازمة.
إن الرد السوري الايجابي على اقتراح روسيا غير مفاجئ. فقد عُرضت المصالحة في مؤتمر صحافي مشترك بين وزيري خارجية الدولتين في موسكو بحيث يمكن أن نفرض أن تفاصيلها قد نُسقت بينهما مسبقا. ومن المؤكد أن الرئيس الاسد يدرك أن الرد الدولي القاسي على المذبحة الجماعية التي نفذها جيشه في معارضيه في 21 آب/اغسطس بسلاح كيميائي سيجعل من الصعب عليه على كل حال أن يستعمل هذا السلاح مرة اخرى. يستطيع الاسد الذي يزعم أن المتمردين هم الذين استعملوا السلاح الكيميائي أن يقول دائما إنه وافق على نقل السلاح من بلده لمنع وقوعه في الأيدي الخطيرة لمنظمات المعارضة.
اذا تم احراز تسوية آخر الامر فانه يحق للاسد أن يراها انجازا، لا لأن امريكا لم تهاجمه فقط ولم يُظهر الذعر من تهديدات أقوى قوة عسكرية في العالم، بل لأنها جاءت من قوة التحالف الدولي الذي يدعمه، من روسيا والصين الى ايران وحزب الله طوال الازمة.
ولاوباما الكثير مما يربح من هذه القضية ايضا، لأنه ما زال يصعب عليه الى الآن كما تبدو الامور أن يجند دعما كافيا لعملية عسكرية في سورية في مجلس النواب وما زال الجمهور الامريكي كالجمهور الدولي يعارض الهجوم. فاذا أُبعد أكثر السلاح الكيميائي عن سورية فان اوباما يستطيع أن يقول إنه فعل ما يجب عليه فقد ضمن ألا يُستعمل سلاح الابادة الجماعية بعد ذلك. وفي الوقت نفسه يُجنب الرئيس نفسه مواجهة سياسية في واشنطن وتعقيدا محتملا للهجوم العسكري.
اذا نجح الحل الروسي فسيكون هناك من يزعمون أنه خُطط لكل شيء مسبقا وإن اوباما مضى حتى النهاية على عمد كي يعرض النتيجة التي يريدها وليستخرج من الاسد تنازلا كبيرا من دون أن يهاجم سورية بالفعل. لكن النظر في أعمال الرئيس وتصريحاته في الاسابيع الاخيرة يقود كما يبدو الى استنتاج مختلف. إن اوباما ووزير خارجيته جون كيري من وجهة نظر القدس على الأقل بديا مرتجلين يردان أكثر من مرة متأخرين متفاجئين من التطورات. ونشك كثيرا في أنه قد وُجدت هنا استراتيجية كبيرة أو خطة عمل مدروسة.
ستكون روسيا بالطبع الاولى في قائمة الرابحات باعتبارها صدت الخطوة الامريكية وأنقذت الاسد الذي ترعاه وفكّت لغما ضخما كان يمكن أن ينشئ فوضى عامة. وسيكون أبناء الشعب السوري هم الوحيدين الذين لن يستطيعوا تنفس الصعداء حتى لو تم احراز تسوية تمنع هجوما امريكيا. ويبدو من وجهة نظر أكثرهم، ورغم الدعاية الشديدة المعترضة على عملية عسكرية في الدول الغربية أن الهجوم الامريكي لم يكن بالضرورة احتمالا اسوأ من الوضع الموجود. إن خط الخط الاحمر من جديد المتعلق بالسلاح الكيميائي يُنذر بأن الاسد ومنظمات المتمردين يستطيعون الاستمرار في ذبح المدنيين من الطرف العدو بلا تشويش وبكل وسيلة قتل ليست سلاحا كيميائيا، من وجهة نظر العالم. هل يهتم أحد بعدد القتلى في الحرب منذ كانت المذبحة؟ أُحصي في الاسابيع الثلاثة الاخيرة في سورية من القتلى عدد يزيد على الـ1400 من ضحايا المذبحة.
زعم البروفيسور إيال زيسر في مقالة نشرها من قبل مركز ديان في جامعة تل ابيب أن الاسد قد تحول في الاشهر الاخيرة الى ادارة حرب إبادة على المتمردين والمواطنين الذين يؤيدونهم، هدفها ‘إبادتهم أو طردهم’ من المناطق التي يهاجمها جيشه. وكتب زيسر أن الحرب الأهلية في سورية هي ‘مجموعة معارك تكتيكية نقطية بين مجموعات صغيرة من المتمردين وقوات ضئيلة من الجيش السوري’. وهذه حرب استنزاف لن تحسمها معركة واحدة وهي تراكم انجازات إلا اذا غير التدخل الامريكي الامور فقلبها رأسا على عقب.
أصبح يبدو في هذا المساء وبسبب الصعوبات الداخلية والاقتراح الروسي الجديد أن احتمالات أن يأمر اوباما آخر الامر بهجوم، تتضاءل بالتدريج، رغم خطاباته المتشددة. لكن الامور ما زالت بعيدة عن الحسم النهائي، فالشيطان موجود في التفاصيل ويمكن أن يتحطم اقتراح المصالحة الروسية فوق عقبات كثيرة في الطريق مثل: متى يُنقل السلاح ومن يشرف عليه وكيف يُضمن ألا تبقى مخزونات في سورية، ويفضي ذلك آخر الامر الى قصف امريكي في سورية.
يبدو على كل حال أنه يمكن وبقدر كبير أن نرى أحداث الاسابيع الاخيرة تكرارا عاما للازمة التي قد تنشب في السنة التالية، حول نشاط حليفة لموسكو أقل اعلانا ألا وهي طهران، فانه يتوقع اختلاف مشابه حول البرنامج الذري الايراني ايضا وسيُبحث هناك ايضا في المستقبل، كما حدث قبل أربع سنوات، مخطط إخراج المادة الانشطارية (اليورانيوم المخصب) لاشراف ودي عليها في روسيا. قال وزير الدفاع بوغي يعلون في ‘اسرائيل هذا المساء’ ان اسرائيل سترد ردا شديدا على محاولة أعدائها جرها الى المواجهة العسكرية في سورية. وكرر يعلون النهج الرسمي الذي يعبر عنه في المدة الاخيرة بتنسيق مع رئيس الوزراء ورئيس هيئة الاركان. ومع كل ذلك يبدو أنه أف

ضل أن تبدأ اسرائيل مضاءلة عدد التصريحات المعلنة وأن تنتظر القرارات الحاسمة التي ستُبت على كل حال في واشنطن وموسكو لا في القدس.
المصدر هارتس
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: