Monday, October 7, 2013

أوباما على خُطى تشمبرلين أم تشرتشل؟

أوباما على خُطى تشمبرلين أم تشرتشل؟


بقلم: تشيلو روزنبرغ
تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران والاتفاق الأميركي الروسي على نزع السلاح الكيميائي في دمشق لن يختبرا بالأقوال الجميلة بل بالأفعال. فقد تبينت تقديرات المحللين والخبراء حتى الان مغلوطة. فلم يتوقع أحد مثلاً أن تتوصل روسيا والولايات المتحدة الى تسوية على نزع السلاح الكيميائي من سورية أو حالة الانسجام بين اوباما وروحاني. 
لاوباما فرصة لاثبات جدية نواياه. افعاله والتغييرات على الارض هي التي ستقرر. ما سيحصل في سورية وفي ايران هو على مسؤوليته. عندها يمكننا أن نعرف اذا كان اوباما هو تشمبرلين أم ربما هو تشرتشل. وما كنت مطالبا لان أطرح هذا التشبيه لو لم يدعِ وزير الخارجية الأميركي نفسه في احد المؤتمرات الصحافية التي عقدها بأن "الاسد في ذات القائمة مع هتلر وصدام حسين". المهزلة العراقية معروفة للجميع، وعليه فخسارة الاكثار من الكلام. الولايات المتحدة لم تخرج الى الحرب ضد صدام حسين بسبب استخدامه للسلاح الكيميائي ضد معارضيه، ولا سيما الاكراد، بل اساسا بسبب رغبتها في الدفاع عن حقول نفط الكويت التي اجتاحها صدام حسين. 

نتائج المغامرة الأميركية في العراق يعرفها الجميع. وبالذات عندما خرج بوش الابن الى الحرب بسبب الوجود المزعوم لسلاح غير تقليدي في العراق، تبين الخطأ الفظيع. ليس مريحا الحديث عن هذه الحقائق، ولكن جدير ذكرها لصالح المستقبل القريب. 
من الجدير العودة الى تكرار ما قاله كيسنجر في كتابه "الدبلوماسية" بالنسبة لتآكل قدرة المساومة لدى الأميركيين بعد حرب الخليج الاولى في 1991: "موقف المساومة لدى المنتصر يتآكل مع الزمن. كل شيء لا يكون مطلوبا عندما تسود صدمة الهزيمة يصبح أصعب فأصعب على التحقق كلما مرّ الوقت. ثمة درس كان ينبغي على أميركا أن تستخلصه من تجربتها في العراق في نهاية حرب الخليج، في العام 1991".
الانجازات العسكرية ذابت وحسين انبعث وكأن الحرب لم تكن. وبالنسبة لهتلر، الذي ذكره كيري، هنا ايضا يجدر بنا أن نذكر القراء بحقيقة تاريخية: الولايات المتحدة وبريطانيا أدارتا سياسة خارجية هزيلة، غبية، محملة بالمصيبة، تجاه المانيا النازية، قبل وقت طويل من بدء الحرب العالمية الثانية. فقد تجاهلت الدبلوماسية الأميركية تماما ما يحصل في اوروبا.
وكانت بريطانيا تشمبرلين عمياء تماما عن رؤية أفعال هتلر ومغلقة الحس تماما تجاه اخطارات السياسيين الاجانب. وهكذا ولد اتفاق ميونخ، سيئ الصيت والسمعة، الذي في اطاره باعت بريطانيا تشيكوسلوفاكيا لهتلر مقابل وعد. صورة تشمبرلين في المطار في لندن يلوح في يده بالاتفاق الذي وقعه مع هتلر ويعد بأن السلام سيسود في العالم هي مثال سريالي لرجل ساذج في أفضل الاحوال، او غبي تماما، في اسوأ الاحوال. 
هتلر 1938 كان لا يزال يخاف ائتلافا دوليا ضده، ولكنه شخص سخافة العالم الغربي واستغلها جيدا. والنهاية يعرفها الجميع. 
الاتفاق مع سورية ليس سوى بداية الطريق. من المحظور الاستخفاف به والتقليل من قيمته. 

للولايات المتحدة انجاز جميل جدا، على الاقل من ناحية الرأي العام الدولي الذي يفترض أن يقرر الشرعية للخروج في عملية اذا ما وعندما يخرق الاسد الاتفاق. 
من هذه الناحية، توجد لأوباما كل الاسباب لان يكون راضيا. فمصيره يحسمه ما تحقق بل ما سيحصل في سورية وفي ايران. دون ضغط عسكري مستمر، دون تهديد حقيقي في أن كل خروج عما اتفق عليه وتقرر سيلقى رد فعل عسكريا مناسبا وشاملا، فان احتمالات تطبيق الاتفاق ليست كبيرة. من الصعب جدا التصديق بأن ايران ستتراجع عن طريق التحول النووي. ويجدر بالذكر ان ليس عدد الصواريخ النووية او الكيميائية هو الذي يقرر بل التحكم بالمعرفة وبالإنتاج. عندما تكون البنية التحتية موجودة، دون رقابة وثيقة جدا، سيكون من السهل التزود بالسلاح النووي. في المستقبل القريب سنعرف جميعنا اذا كان اوباما هو تشمبرلين آخر ام هو تشرتشل جديد ومصمم على تصفية التهديدات. 
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: