Thursday, January 16, 2014

التعامل مع تهديد الإرهاب الناشئ من الداخل

 

التعامل مع تهديد الإرهاب الناشئ من الداخل

 

رول كول

10 كانون الثاني/يناير 2014

ذكر رؤساء لجان الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين مؤخراً أن الإرهابيين العالميين قد اكتسبوا بالفعل أرضية في العامين الماضيين وأن الولايات المتحدة غدت أقل أمناً مما كانت عليه قبل عام. ويأتي ذلك بمثابة صدمة إلى حد ما في ضوء تفاؤل إدارة أوباما بأن الإرهاب العالمي قد تلقى ضربة قاضية بمقتل أسامة بن لادن وهجمات الطائرات بدون طيار التي استهدفت قيادات في تنظيم «القاعدة».

وللأسف، لا يزال الإرهاب قائماً في الولايات المتحدة ويبدو أن الطريق الأمثل لمجابهته هو التقليل من تأثيره فقط. وفي الوقت الذي تستثمر فيه الحكومة الأمريكية أموالاً طائلة لمكافحة الإرهاب في الخارج، لا تنفق هذه الحكومة شيئاً تقريباً للتعامل مع التطرف في الداخل.

والجدير بالذكر أن "مكتب مكافحة الإرهاب" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أعلن عن إنشاء صندوق دولي بقيمة 200 مليون دولار لدعم مشاريع "المرونة والمشاركة المجتمعية" الخارجية التي من شأنها مواجهة التطرف العنيف في الدول الأجنبية على المستوى المحلي. فإذا ما استخدم هذا الصندوق بشكل صحيح، فبإمكانه أن يشكل في النهاية الخطوة التي كان الكثير من الأمريكيين قد طالب باتخاذها لدحر المجندين الإسلاميين المتطرفين في أماكن عيشهم ونشأتهم وترعرعهم وهو أمر لا جدال فيه غالباً.

لكن ماذا عن المتطرفين المحليين؟ فعلى الرغم من إنفاق مليارات الدولارات من دافعي الضرائب في مجال مكافحة الإرهاب، لا تزال واشنطن تفتقر إلى إستراتيجية فعالة للحيلولة دون وقوع الأمريكيين الضعاف في أوحال التطرف في المقام الأول. وهذا ليس تهديداً افتراضياً. فقد تورط أمريكيون في أنشطة إرهابية ابتداء من تفجيرات ماراثون بوسطن إلى الهجوم الذي استهدف "ويست جيت مول" في نيروبي، كينيا، وصولاً إلى شخصيات في القيادات العليا في تنظيم «القاعدة» متمثلة في شخص رئيس الدعاية سيئ السمعة آدم غدن. وقد تنمو هذه المجموعة من المتطرفين الأمريكيين في ضوء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا التي تقدم أرضاً جديدة ومتاحة نسبياً لتدريب الإرهابيين.

وقد صاغت الحكومة الأمريكية أول خطة لها لمواجهة التهديد الناشئ من الداخل في عام 2011، وذلك في ضوء ما نشره البيت الأبيض تحت مسمى "خطة تنفيذ الإستراتيجية لتمكين الشركاء المحليين لمنع التطرف العنيف في الولايات المتحدة". وعلى الرغم من احتوائها على عدد كبير من الأفكار المفيدة حول التصدي للتهديد داخل الولايات المتحدة، إلا أن الخطة محدودة للغاية بسبب عدم وجود موارد للميزانية فضلاً عن أوجه قصور أخرى واضحة للعيان.

وفي الوقت الذي تقر فيه الخطة التي يتبناها البيت الأبيض بالدور الذي يمكن أن تقوم به المجتمعات بالتعاون مع وكالات إنفاذ القانون لحماية أمريكا، إلا أنها لا تحدد الطريقة التي ينبغي على المسؤولين الحكوميين اتخاذها لتأسيس مثل هذه العلاقات، كما أنها لا تتضمن أي معايير لهذه الشراكة. بالإضافة إلى ذلك، لا تقدم الخطة أية إرشادات فيما يتعلق بالطريقة التي تستطيع بها وكالات إنفاذ القانون إحالة الأفراد المتطرفين إلى التدخلات المجتمعية أو الطريقة التي تستطيع من خلالها المجموعات المحلية التدخل لدى الأفراد المتطرفين أو المعرضين لخطر التطرف.

وبغض النظر عن هذه التحديات، هناك بعض النقاط المضيئة. فبدلاً من قيادة الحكومة الفيدرالية الأمريكية لمثل هذا العملية، كونت العديد من المجتمعات على نحو استباقي شراكات قوية مع وكالات إنفاذ القانون المحلية. فعلى سبيل المثال، ساعد المدعي العام الأمريكي السابق بي تود جونز على الحد من تجنيد الإرهابيين من الشباب داخل الجالية الصومالية في مينيابوليس- سانت بول بولاية مينيسوتا. كما تطبق إدارة شرطة لوس أنجلوس أحد برامج المشاركة المجتمعية في البلاد منذ وقت طويل، تحت إشراف مسؤولين متخصصين لبناء الثقة بين الشرطة والمجتمع المسلم. وفي مقاطعة مونتغومري في ولاية ماريلاند، أنشأت مؤخراً السلطة التنفيذية في المقاطعة "مجموعة عمل المجتمع المتدين"، التي لديها لجان فرعية مخصصة للسلامة العامة ومنع التطرف العنيف على وجه التحديد.

و "مجموعة عمل المجتمع المتدين" هي المجموعة المجتمعية الأولى التي تشترك مع الشرطة المحلية وصُممت خصيصاً للحد من التطرف الناشئ من الداخل من خلال خلق وعي عام حول عوامل الخطر وتمكين الخبراء الضروريين من التدخل لدى الأفراد المعرضين للخطر. وتتضمن هذه المجموعة مسؤولين حكوميين ومستشارين مطلعين وضباط شرطة ونشطاء شباب ورجال دين وخبراء في مجال منع العنف، الملتزمين بالحد من مسببات التطرف العنيف، مثل الاغتراب الاجتماعي، والاضطرابات النفسية، والمظالم السياسية والأيديولوجيات التي تستمد أفكارها من تنظيم «القاعدة». وفي اجتماعها الأول في آب/أغسطس 2013، شارك أكثر من سبعين من أعضاء الجماعات الدينية المختلفة جنباً إلى جنب مع مسؤولي المقاطعة والشرطة لإظهار دعمهم للجهد التعاوني.

يتعين على الحكومة الفيدرالية والولايات والحكومات المحلية تكثيف نطاق مثل هذه الشراكات المحلية وتوسيعها في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. ويمكن لهذه الجهود، واحداً تلو الآخر، تقديم الموارد اللازمة للمجتمعات ولوكالات إنفاذ القانون لتنفيذ التدخلات الفعالة للأفراد المعرضين لخطر التطرف أو المتطرفين فعلياً. ومن خلال مواصلة المسار المزدوج المتمثل بتمكين المنظمات الشعبية وتعزيز العلاقات بين وكالات إنفاذ القانون والمجتمع المسلم، بإمكان الحكومة الأمريكية تحسين قدرة المجتمعات المحلية بشكل كبير بحيث تستطيع أن تشكل خط الدفاع الأول ضد المتطرفين المحليين. ولكن لا يمكن لهم أن ينموا وينتشروا إلا إذا كانت هناك رغبة قوية من قبل الحكومة الفيدرالية لتقديم الدعم المالي لهذه القضية وليس مجرد دفع ضريبة كلامية.

هدية ميراحمادي هي زميلة زائرة في معهد واشنطن ورئيسة "المنظمة العالمية لتنمية الموارد والتعليم " (WORDE)، التي تتمثل مهمتها في تعزيز التفاهم بين المجتمعات المسلمة وغير المسلمة من أجل تخفيف حدة النزاعات الاجتماعية والسياسية.

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: