Tuesday, January 14, 2014

جون كيري: مهندس سياسي أم مقاول تنفيذ؟

جون كيري: مهندس سياسي أم مقاول تنفيذ؟

Tue, 01/14/2014  

بقلم: ابراهام بن تسفي

‘إن واحدة من المواضعات الرائجة بين خبراء ومحللين يحاولون تتبع سلوك الولايات المتحدة في الفضاء الاسرائيلي الفلسطيني الحالي، هي أن الحديث عن عرض ممثل وحيد ألا وهو وزير الخارجية جون كيري. والحديث بحسب هذا التقدير الشائع عن باعث لا يُتحكم فيه ولا يكل عند متخذ قرارات وحيد يعمل في واقع مستقل منفصل عن ترتيب أفضليات البيت الابيض.

ثم من سيزعمون أنه كما كانت المبادرات السياسية البعيدة المدى لوزير الخارجية الامريكي وليام روجرز، لتسوية شاملة في الساحة المصرية والساحة الاردنية الفلسطينية قد صيغت في 1969 دون أن تعبر عن التصور العام للبيت الابيض، فانه ينبغي ايضا ألا يُرى نشاط كيري في الصعيد الاسرائيلي الفلسطيني تعبيرا خالصا عن ترتيب افضليات الرئيس الحالي.

لكن نظرة أكثر عمقا في عملية الوساطة الحالية تشير الى أنه يمكن ولا سيما على خلفية مطامح اوباما الى ترك أثر خاص له على المجتمع وعلى الاقتصاد الامريكي، الى أنه يمكن ألا نرى كيري أكثر من مقاول تنفيذ مخلص مطيع للرئيس وليس ‘مستقلا في الميدان’ يحرص البيت الابيض في ظاهر الامر على الحفاظ على مسافة مناسبة بعيدا عنه.

وتتساوق هذه الصورة مع القطع المختارة من مذكرات وزير الدفاع السابق روبرت غيتس التي نشرت في الاسبوع الماضي وتعرض مسار اتخاذ القرارات في مجالات الخارجية والامن في ادارة اوباما الاولى على أنها شديدة التركيز ولا تُمكن من وجود حواشي واسعة للاستقلال الفكري وانحراف ملحوظ عن الاستراتيجية الرسمية. فاذا كانت هذه هي الصورة في الفترة الحالية ايضا واذا اضفنا الى ذلك رأيا مركزيا آخر يظهر من كتاب غيتس وهو طموح الرئيس المتقد الى فصل أمته عن مراكز حرب وازمات وأن ينطوي في داخل الفضاء الامريكي، فانه يكون أمامنا حل للغز واغلاق للدائرة.

‘ونقول بعبارة اخرى إن الرئيس يرى أن تسوية القضية الاسرائيلية الفلسطينية (أو اقرار اوضاع المنطقة على الأقل) يرمي الى أن يكون لبنة مركزية، تُقرب الادارة الامريكية مع احراز التسوية الدائمة مع ايران الى هدفها المأمول وهو حصر العناية في برنامج العمل الداخلي وحده تقريبا وذلك دون أن يستمر ظل التصعيد المهدد الذي قد يجذبه بخلاف ارادته الى تدخل في الجبهة الفلسطينية أو في المنطقة كلها، على التحليق في الخلفية. وكما ابتدأ اوباما في 2009 خطته لتجميد البناء في المناطق مؤقتا بغرض تحريك وصوغ مسارات اقليمية أوسع تُمكن الولايات المتحدة من الانسحاب من العراق دون خشية الفوضى، يحاول اليوم ايضا بعد الفشل المدوي لسياسته الاولى أن يستنفد كل طريقة وكل مسار يُسهل عليه أن يدفع قدما بهدف الانفصال المأمول.

والسؤال الذي يسأل هو هل سينجح هذا التوجه، توجه ‘الرقصة (الدبلوماسية) الاخيرة والوداع′ على طريقة الرئيس لا وزير خارجيته، في كسر الجمود في هذه الجملة المشحونة المركبة وذلك بعد أن أحرق نشوب الربيع العربي اوراق اللعب كلها وقضى بصورة نهائية على محاولات ادارة اوباما في البدء شق طريق بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وعلى كل حال، وكما كانت هيلاري كلينتون بمنزلة تقنية خبيرة فصيحة للترويج للاجراءات السياسية التي صيغت في المكتب البيضوي في خلال سنوات ولاية اوباما الاولى الاربع، فان كيري ايضا مهيأ ليؤدي دور مترجم رؤيا الانسحاب من المنطقة الى لغة التسوية الاسرائيلية الفلسطينية التي ستُمكن من تنفيذه بالفعل.

‘وفيما يتعلق بالابتعاد النسبي الذي يحافظ عليه البيت الابيض من وزير الخارجية وجهوده التي لا تكل، فليس الحديث عن عدم تنسيق أو انقطاع عن المسيرة السياسية نفسها بل عن رغبة في مضاءلة الاضرار من وجهة نظر اوباما اذا ما دفعت المبادرة الحالية كسابقتها الى طريق مسدود. فلم يبق سوى أن ننتظر لنرى هل يتحقق هذا السيناريو حقا وهل ينفذ البيت الابيض انفصاله من طرف واحد لا عن المنطقة بل عن وزير خارجيته وذلك كي يحمي اسمه وفخامة شأنه.

حرره:

    م.م

المصدر:

    اسرائيل

Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: