هل ما حدث في مصر ثورة؟
Wed, 03/26/2014 -
بقلم: تسفي برئيل
لثلاث سنوات كاملة تمتع أحمد ماهر بمكانة ‘نجم الثورة’. في شهر تشرين الثاني الماضي انتهت نجوميته، رسميا على الاقل. فقد اعتقل، حوكم وحُبس لثلاث سنوات بتهمة المشاركة في مظاهرة غير قانونية. كان هذا هو الجيش الذي يستند الى الدستور الجديد، الليبرالي هو الذي قرر اعتقاله حسب القانون التعسفي الجديد الذي يمنع المظاهرات دون ترخيص، ويحدث عاصفة في مصر بصفته يتعارض و ‘روح الثورة’ مثلما رآها من بادر اليها.
ماهر، الذي أسس في 2008 حركة ’6 ابريل’، من الحركات الاولى التي اقامت الثورة، ليس وحيدا. ففي الاسبوع الماضي رفع د. عمرو حمزاوي، المحاضر في العلوم السياسية، عضو البرلمان السابق وأحد الشخصيات البارزة في الكتلة الليبرالية، التماسا الى محكمة الاستئناف ضد أمر يحظر عليه مغادرة مصر. وقد أصدرت الامر في كانون الثاني محكمة بحثت في قضيته وقضية 19 نشيط آخر مشبوهين بـ ‘المس بمكانة المحكمة وبمحاولة التأثير على الرأي العام في موضوع قانوني ينطبق عليه مبدأ قيد النظر. نشطاء كبار آخرون في حركات الثورة، مثل وائل غنيم، اختفوا هم ايضا من الساحة العامة، بعضهم معتقلون، آخرون يئسوا من محاولة احداث التغيير.
‘بدلا من احداث تغيير جوهري في شكل السلطة، نحن نعيش مرة اخرى في صراع من أجل حقوق الانسان، مثلما كان الوضع قبل الثورة’، قال صحفي مصري كبير لـ ‘هآرتس′. ‘الكثيرون منا، ممن أيدوا اسقاط نظام الاخوان المسلمين واستيلاء الجيش على السلطة، يتبين لهم بان الوضع اليوم اسوأ مما كان في عهد مبارك. من ليس مستعدا لان ينضم الى جوقة المؤيدين للجنرال السيسي، قد يجد نفسه في غرفة التحقيقات. الحقيقة هي أنه ليس واضحا لنا ماذا تبقى من الثورة’.
وحسب تقارير منظمات حقوق الانسان في مصر، فان اكثر من 16 الف شخص اعتقلوا منذ استيلاء الجيش على الحكم. ليسوا جميعهم من رجال الاخوان المسلمين؛ صحفيون، مفكرون ونشطاء حركات الاحتجاج هم ايضا ينتظرون المحاكمة أو نتائج استئنافاتهم ضد الاعتقال. وهذا الشهر نشرت تفاصيل اولى من تقرير اعده المجلس الوطني لحقوق الانسان – الهيئة شبه الحكومية التي تعين الحكومة بعضا من اعضائها تثير جدا حفيظة منظمات حقوق الانسان المستقلة. وهكذا مثلا كتب فيه بان ‘فقط’ 300 شخص قتلوا في اثناء تفريق مظاهرات الاخوان المسلمين بينما العدد الحقيقي هو اقرب الى الالف؛ وان 50 من بين القتلى الذين زعم أنهم قتلوا بنار الجيش قد انتحروا، ونشطاء الاخوان المسلمين سحبوا جثثهم من المقابر كي يعرضوهم كقتلى المواجهات؛ وأن ما بدا كمحاولة للاثبات بان المتظاهرين حملوا السلاح وشاركوا في المذبحة قيل ان عدد القتلى من بين قوات الامن يكاد يكون مشابها لعدد المواطنين القتلى.
ضد هذا التقرير الرسمي وضعت 19 منظمة حقوق انسان تقريرا خاصا بها، رفع الى مندوب حقوق الانسان في الامم المتحدة، وسيشكل اساسا للتقرير الدولي الذي سينشر في تشرين الاول القادم. المس الشديد والمتواصل بحقوق الانسان في مصر يشغل ايضا بال وزارة الخارجية الامريكية والاتحاد الاوروبي. في 7 اذار نشرت 27 دولة اعلانا مشتركا يشجب الموقف من حقوق الانسان في مصر، ولا سيما قتل مئات المتظاهرين من مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي ممن احتشدوا في ميدان رابعة العدوية في آب 2013. واستدعى نائب وزير الخارجية المصري سفراء 19 من الدول واوضح لهم بان هذا الاعلان هو ‘تدخل في شؤون مصر الداخلية’، واذا لم يتوقف فان العلاقات مع دولهم ستتضرر. وفي واشنطن قدر وزير الخارجية جون كيري في شهادته أمام الكونغرس بان ‘المساعدة لمصر (التي تجمدت بعد استيلاء الجيش على السلطة) ستنقل اليها في الزمن القريب القادم’. المشكلة هي أنه حسب القانون الذي سنه الكونغرس يمكن لمثل هذه المساعدة أن تعطى فقط شريطة ان تؤكد الادارة الامريكية بان مصر تسير باتجاه ديمقراطي، العائق الذي في ضوء سياسة اليد الحديدية التي يتخذها السيسي، لا يبدو أنه يوشك على الازالة. وتحاول الادارة الامريكية اقناع الكونغرس بان تحرر لمصر عتادا عسكريا يتضمن مروحيات قتالية وطائرات اف 16 للمساعدة في المعركة ضد الارهاب الذي تديره في سيناء. كما ان هذا هو التفسير الذي يعطيه الناطقون بلسان الحكم المصري عن موجات الاعتقال التي بينها وبين مكافحة الارهاب لا يزال ينتظر الاثبات.
ومع أن الصحف الحكومية تمتلىء بالتوصيفات عن نجاحات عسكرية تتضمن ضمن امور اخرى تصفية الاسبوع الماضي لزعيم المنظمة المتطرفة ‘انصار بيت المقدس′، المسؤولة عن سلسلة من العمليات والكشف عن مصنع لانتاج المواد المتفجرة في مدينة القليوبية. صور مهربي المخدرات و’المواد المسرطنة المكتوب عليها بالعبرية’ تستخدم هي ايضا للاثبات كبرهان في الحرب ضد ‘منظمات الجريمة’ التي تستهدف ‘تحقيق الامن والاستقرار للدولة’. ولكن يبدو أنه رغم التقدير الشديد للنشاط ضد الارهاب، تجد مصر صعوبة في ان تقنع حتى الجمهور المصري بالعلاقة التي بين هذه الحرب وبين اعتقال نشطاء الاحتجاج المدني.
لا يزال التأييد للسيسي كبيرا، وفي هذه اللحظة لا يبدو مرشحا بديلا للرئاسة. ولكن الى جانب التأييد يعتمل خوف عميق من أن انتخابه سيدهور مصر الى فترة اصعب بكثير من تلك التي ميزت حكم مبارك. ‘نحن على ما يبدو غير قادرين بعد على أن نتخلى عن حكم عسكري، ولا عن جنرال يقول ما هو الخير للشعب’، هكذا يجمل القول الصحفي المصري، ‘نحن ايضا تعبنا من الثورة’.
هآرتس
0 comments: