Friday, March 15, 2013


عوديد عيران
يعد التقليص العرضي (Sequestration) تقليصاً جارفاً في نفقات الميزانية الأميركية. وهو ينفذ بقوة قانون (Control Act of 1985 Balanced Budget and Emergency Deficit P.L.99-177). في تشريع منفصل يقول أحد البنود في قانون Control Act of 2011 Budget P.L. 112-125 انه في حالة فشل الكونغرس في تخفيض 1.2 تريليون دولار في الميزانية، فان الامر سيجر تقليصات تلقائية في النفقات في العامين الماليين 2012 – 2013، حيث تتوزع هذه التقليصات بالتساوي بين ميزانية الدفاع وميزانيات الوزارات الاخرى.
بعد أن فشل الكونغرس في اقرار الميزانية للعام المالي 2013، أصدر الرئيس الأميركي في 1 اذار مرسوما يأمر بتقليص عرضي بمبلغ 85 مليار دولار حتى نهاية العام المالي 2013. ويفصل المرسوم الخطط المختلفة التي ينبغي التقليص فيها، حيث يصل المبلغ الى 42.667 مليار دولار في نفقات الدفاع ومبلغ مشابه في الوزارات التي لا تعنى بالأمن.
النتيجة المؤكدة الوحيدة لهذا التطور هي انعدام اليقين الذي يخلقه حول اداء ادارة الولايات المتحدة، على الاقل على مدى الاشهر السبعة المتبقية حتى نهاية العام المالي، في 30 ايلول 2013. كما أنه من الواضح أنه تمت تقليصات خطيرة في الميزانية الأميركية في احدى السنتين، أو عبر تنفيذ تقليص عرضي، او عبر التوافق بين الجمهوريين الديمقراطيين في الكونغرس على ميزانية متفق عليها.
وقد سبق أن اعلن عن خطوات فورية اتخذت من جانب وزير الدفاع وموظفي الادارة الكبار الاخرين. ويندرج ضمن هذه الخطوات تخفيض ساعات الطيران لدى سلاح الجو الأميركي، والغاء أربعة اقسام في الاسطول الأميركي. ومن ناحية الشرق الاوسط، فان معنى الامر هو تقليص نصف عدد الايام التي تمكث فيها السفن، في منطقة البحر، وربع ساعات طيران الطائرات. حاملة الطائرات الأميركية، "هاري س. ترومان" (النووية)، لن ترابط كما كان مخططا له في الخليج. كما أنه حلال العام 2014 لن يكون انتشار لقوة ARG (Amphibious Ready Group)، القوة التي شاركت في الماضي في حملات مختلفة، ضد تهديدات الهجمات الإرهابية في افريقيا.
ويمكن لاسرائيل أن تتأثر بذلك على عدة مستويات، وان كانت صورة هذا التأثير في التقليصات لا تزال غير واضحة. وبالنسبة لدور وزارة الخارجية الأميركية في التقليص العرضي، فقد أمرت وزارة الادارة والميزانية (OMB) بتقليص مبلغ 6.344 مليار دولار بوتيرة 5 في المائة في السنة، اي 317 مليون دولار. نظريا، تعد هذه خسارة 150 مليون دولار من اصل المساعدات الخارجية الامنية لاسرائيل (برنامج FMF)، التي تبلغ 3.1 مليار دولار. وستتقلص ميزانية عمل حفظ السلام هي الاخرى بـ 19 مليون دولار، وان كان ليس ثمة يقين بان الأمر سيؤثر على انتشار القوة متعددة الجنسيات في سيناء.
وتطرح التقليصات في وزارة الدفاع الأميركية علامة استفهام اكبر بالنسبة لمدى التأثير المرتقب لتعليمات وزارة الادارة والميزانية، بالنسبة لمشتريات الجيش، الاسطول، وسلاح الجو الأميركي. كما أنه ليس واضحا كيف ستتأثر بذلك العقود التي وقعت مع شركات اسرائيلية. وستتأثر ايضا التدريبات المشتركة. في هذه الحالة لا يدور الحديث عن خسارة بتعابير تلقي التمويل، بل عن اهمية التدريبات، سواء في التعاون الثنائي أم في صورة اسرائيل الامنية.
المجال الذي من المتوقع أن يتأثر أكثر من التقليصات هو التطوير، الانتاج، ونشر المنظومات المضادة للصواريخ. وفضلا عن سيف التقليص العرضي، فان فشل الكونغرس في الوصول الى توافق على الميزانية للعام 2013 يجعل الوضع أكثر تعقيدا. في مثل هذه الحالات، يكون هناك انتقال الى وضع التشريع المتواصل (Continuous Resolution) والذي يعني أن حكومة الولايات المتحدة تنتقل الى العمل على اساس ميزانية شهرية حجمها بالضبط 1/12 من ميزانية 2012 الى أن يتوصل الرئيس والكونغرس الى توافق على ميزانية جديدة. في العام 2013 كان يفترض باسرائيل أن تحصل على 211 مليون دولار من اموال وزارة الخارجية الأميركية لمنظومة "قبة حديدية"، وعلاوة 269 مليون دولار لبرامج اخرى، مثل منظومتي حيتس 2 وحيتس 3، وكيلع دافيد، ارتفاع بمقدار 35 مليون دولار بالنسبة للمبلغ الذي خصص في 2012، والذي وصل 235 مليون دولار.
امام اسرائيل واصدقائها معضلة؛ فهي تستغل الدعم الذي تحظى به في الكونغرس الأميركي فتحاول اخراج مساعدات اسرائيل من قرارات التقشف، ولا سيما الدعم المالي لمنظومات الدفاع ضد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية. فالتقليصات في المساعدات الخارجية الأمنية ستؤثر في كل الدول التي تحصل عليها، بما في ذلك مصر والاردن. وفي ضوء امكانية أن تكون ثمة آثار سلبية على الولايات المتحدة نتيجة للربيع العربي والانسحاب من العراق وافغانستان، فالتوصية هي أن توافق إسرائيل على التقليص العرضي في المساعدات الخارجية الامنية. ومن شأن الامر أن يؤثر على التسلح للمدى البعيد بمنظومات من السلاح، وعلى القسم الذي تستبدله اسرائيل من المساعدات بشواكل لاغراض شراء معدات وخدمات داخل اسرائيل. ولكن التأثير بعيد المدى لتقليصات الميزانية الأميركية يمكن أن يشكل ايضا اعادة نظر لبعض برامج المشتريات بعيدة المدى هذه وملاءمتها مع وضع الميزانية، سواء في الولايات المتحدة أم في اسرائيل. ويمكن لهذه ايضا أن تكون فرصة لاعادة النظر في قرار شراء طائرات اف 35 والتي سيتأخر على اي حال انتاجها في الولايات المتحدة في ضوء الميزانيات الطائلة التي ستحتاجها المنظومة. ومع ذلك، يجب القيام بمحاولة، قدر الإمكان، لاستثناء تمويل منظومات محددة للدفاع ضد الصواريخ، والتي تتمتع بدعم كامل من الرئيس والكونغرس، وهي ذات صلة أكبر بالتهديدات التي تقف أمامها اسرائيل في المستقبل المنظور.
ان التقليصات المتوقعة في ميزانيات الدفاع الأميركية، والتي تبلغ اكثر من نصف تريليون دولار خلال العقد القريب القادم، ستؤثر بلا شك على قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على مكانتها كزعيمة للعالم والسعي لتحقيق اهدافها الاستراتيجية. ويعد التأثير، الذي سيكون لتقليصات ميزانية الدفاع العميقة هذه، سواء على الاستعدادات أم على الجاهزية للمؤسسة العسكرية والسياسية في الولايات المتحدة للخروج في حملة عسكرية ضد البرنامج النووي العسكري لايران، أحد الابعاد المركزية في هذا السياق. أما الافتراضات بالنسبة للكلفة العامة المتوقعة للولايات المتحدة من حملة كهذه، فهي بالطبع تخمينات فقط، ومنوطة بمتغيرات عديدة معظمها عصية على التوقع. ومن شأن فترة طويلة من الحملات العسكرية أن تفرغ مخزون التوفير الذي ستنتجه عملية التقليص العرضي أو اتفاق على الميزانية بين الحزبين يقدم تقليصات مشابهة. ومع ذلك من السابق لاوانه جدا استخلاص استنتاجات مطلقة حول العلاقة بين تقليصات الميزانية بعيدة المدى في الدفاع وبين قرار أميركي بمنع إيران من نيل قدرات السلاح النووي.
"نظرة عليا"، 13/3/2013 الأيام، رام الله، 14/3/2013
تقارير
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: