Wednesday, March 20, 2013


         عوامل التمكين لـ «حزب الله» في أوروبا

 نيشونال بوست
11 آذار/مارس 2013

يستضيف رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر هذا الأسبوع نظيره الفرنسي جان مارك ايرول الذي يقوم بأول زيارة رسمية له إلى كندا منذ توليه المنصب في أيار/مايو الماضي. ويوفر هذا الاجتماع فرصة مناسبة لأوتاوا كي تطلع باريس على بعض الأمور حول كيفية التعامل مع «حزب الله».
وطالما سعى «حزب الله» إلى الانخراط في أنشطة دعم مالي ولوجستي في كندا. لكن من حسن الحظ أن محققي إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات الكندية تعاملوا مع هذا التهديد بجدية.
فقد حظرت كندا تواجد «حزب الله» على أراضيها منذ عام 2002. لكن ذلك الحظر لم يحدث في فرنسا أو دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام. وفي الواقع أن فرنسا تعارض بقوة حظر تواجد «حزب الله» في أوروبا. لكن مستجدات الأحداث الأخيرة في أوروبا قد تؤدي إلى حدوث بعض التغيير. ويشمل ذلك توصل المحققين البلغاريين إلى أن «حزب الله» كان يقف وراء تفجير حافلة في مدينة بورغاس البلغارية في شهر تموز/يوليو الماضي، وهو الحادث الذي أودى بحياة خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري.
وفي الواقع أن «حزب الله» نشط في أوروبا منذ تأسيس الجماعة الإرهابية في أوائل ثمانينات القرن الماضي، عندما تورط في قائمة طويلة من الهجمات عبر القارة. ورغم أنه واصل جمع الأموال وشراء الأسلحة وتوفير الدعم اللوجستي من أوروبا للهجمات التي خطط تنفيذها في أماكن أخرى، إلا أنه قد مضت أعوام منذ تنفيذ «حزب الله» لآخر عملية له على التراب الأوروبي. كان ذلك هو الوضع حتى حدث التفجير الذي وقع في بورغاس في 2012.
وفي غضون ذلك، اعتقلت السلطات في قبرص عميلاً مشتبه به لـ «حزب الله» قام بجمع معلومات حول السياح الإسرائيليين القادمين إلى قبرص في مخطط مماثل بشكل كبير لذلك الذي أودى بحياة ستة أشخاص بعد أيام قليلة في بلغاريا. وقد أنكر المشتبه به في البداية علاقته بأي نشاط إرهابي، لكنه اعترف لاحقاً بأنه عميل لـ «حزب الله». وكان «حزب الله» قد قام باستغلاله كرسول قبل إرساله في مهمته إلى قبرص، حيث أرسله لتوصيل طرود إلى عملاء «حزب الله» في أماكن مثل تركيا وهولندا وفرنسا.
إن تواجد عملاء لـ «حزب الله» في أوروبا ليس بالأمر المستغرب. فقد أدار «حزب الله» شبكاته عبر أنحاء أوروبا لنحو 30 عاماً. والواقع أن أول هجوم موثق لـ «حزب الله» في أوروبا كان في عام 1983 -- وهو العام نفسه الذي فجّر فيه «حزب الله» [مواقع] القوات الفرنسية والإيطالية والأمريكية في بيروت -- عندما أعلنت "منظمة الجهاد الإسلامي" التابعة لـ «حزب الله» مسؤوليتها عن القنابل التي وُضعت في محطة قطار وعلى متن قطار متجه من باريس إلى مارسيليا. وقد أعقب ذلك في 1984 اختطاف طائرة "تي دبليو إيه" في الرحلة 847 المتجهة من أثينا إلى روما واعتقال عميل لـ «حزب الله» في مطار زيورخ كان يحمل متفجرات في حزام وضعه حول خصره. وفي ذلك الحين كان العميل في طريقه إلى روما، وقد أدى توقيفه إلى اعتقال السلطات الإيطالية لخلية تابعة لـ «حزب الله» بعد ذلك بأسبوعين. وقد شهد عام 1985 حدوث تفجيرات من قبل «حزب الله» في أسبانيا والدنمارك وفرنسا.
وفي الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر 1985 وأيلول/سبتمبر 1986، قام عملاء لـ «حزب الله» بتفجير 15 هدف في باريس باستخدامهم أسماء تمويهية مختلفة. وقد تم تعطيل خلية باريس في النهاية، فقط عندما اعتقلت السلطات الألمانية محمد علي حمادي -- أحد مختطفي طائرة "تي دبليو إيه" الرحلة 847 -- الذي ألقت القبض عليه في مطار فرانكفورت في كانون الثاني/يناير 1987 وهو يحمل متفجرات متجهاً بها إلى باريس. وقد أعقب ذلك وقوع المزيد من الاعتقالات في ألمانيا، ومن بينها اعتقال باسم مكي في عام 1989، الذي كان يخطط لشن هجمات ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية في ألمانيا. وعلى مدار السنوات القليلة التالية، قام عملاء «حزب الله» والقتلة المأجورون الإيرانيون باغتيال المنشقين الإيرانيين في سلسلة من الاغتيالات عبر أنحاء أوروبا.
وفي تسعينيات القرن الماضي، أسّس «حزب الله» وحدة خاصة -- الوحدة 1800 -- كان هدفها دعم الجماعات الإرهابية الفلسطينية ومساعدة عملائها على التسلل إلى إسرائيل لجمع الاستخبارات وتنفيذ هجمات إرهابية داخل الحدود الإسرائيلية. وقد ساعد «حزب الله» مجموعة صغيرة من العملاء على التسلل إلى إسرائيل عبر جنوب شرق آسيا، لكن أوروبا كانت الوسيلة المفضلة للتسلل إلى إسرائيل. وكان بعض العملاء، مثل حسين مقداد، مواطنين لبنانيين ذوي لون بشرة شقراء ويسافرون بمستندات مزيفة. وكان هناك عملاء آخرون، مثل ستيفان سميريك، وهو ألماني اعتنق الإسلام، أو جهاد شومان، وهو مواطن بريطاني، يسافرون إلى إسرائيل عبر أوروبا باستخدام جوازات سفرهم الأوروبية.
ومؤخراً، كشفت التحقيقات التي أجراها "مكتب التحقيقات الفيدرالي" الأمريكي النطاق الواسع لقيام المزورين التابعين لـ «حزب الله» بإنتاج عملة اليورو المزيفة وغيرها من العملات الأوروبية. كما كشف تحقيق آخر عمليات السرقة التي ينفذها «حزب الله» حول العالم وخططه لغسيل وبيع العملات المسروقة، بما في ذلك كرونة سويدية مسروقة بقيمة 2 مليون دولار. كما ظهرت قضية أخرى تورط فيها مواطن يحمل الجنسيتين اللبنانية والألمانية كان يستخدم شركته السلوفاكية للاستيراد والتصدير كواجهة لشراء الأسلحة لصالح «حزب الله»، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف.
وفي ضوء تاريخ «حزب الله» الطويل والدنيء في أوروبا وحقيقة أنه استأنف الآن عملياته العنيفة في أوروبا، فما الذي يتطلبه الأمر حتى توافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على حظر «حزب الله» باعتباره منظمة إرهابية؟ لقد تعهد وزير خارجية قبرص في الصيف الماضي بأنه "لو وُجدت أدلة ملموسة على تورط «حزب الله» في أعمال إرهاب، فإن الاتحاد الأوروبي سينظر في إدراج المنظمة ضمن المنظمات الإرهابية". واليوم أصبحت هناك أدلة ملموسة متوفرة: فقد سافر مفجرو بورغاس عبر رومانيا وبولندا، كما وصل المتهمون إلى قبرص عبر فرنسا وهولندا.
بيد أنه على عكس هولندا وكندا، اللتين صنفتا «حزب الله» كمنظمة إرهابية وجابهتا أنشطته الإرهابية بشكل استباقي، فإن فرنسا لا تزال رافضة لذلك التصنيف، بل هي تحميه فعلياً من أي عمل أوروبي مؤثر. وربما ينتهز السيد هاربر الفرصة لجعل نظيره الفرنسي يفكر في هذه المسألة الهامة بمزيد من العقلانية والجدية.
 
ماثيو ليفيت هو مدير برنامج ستاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ومؤلف الكتاب الذي صدر مؤخراً «حزب الله»: البصمة العالمية لـ «حزب الله» اللبناني.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: