Friday, May 31, 2013

خطر واضح ومحسوس

 
بقلم: اسحق بن يسرائيل
اليكم لغزا: أيهما يملك عددا أكبر من الجنود، الجيش الاسرائيلي أم جيش فرنسا؟ الجيش الاسرائيلي أم الجيش الالماني؟ الجيش الاسرائيلي أم جيش بريطانيا العظمى؟ والقصد الجنود الذين يخدمون كل يوم بلا تجنيد احتياطي عام، جنود الخدمة الالزامية والدائمة (ويشمل ذلك المواطنين العاملين في الجيش الاسرائيلي) وجنود الاحتياط الموجودين في خدمة فاعلة في الحياة اليومية. قد يكون جواب اللغز مفاجئا وهو ان للجيش الاسرائيلي عددا أكبر من الجنود من فرنسا أو المانيا أو بريطانيا.
واليكم لغزا ثانيا: أيها يملك قدرا أكبر من وسائل الحرب، أي الدبابات والطائرات والمدافع وما أشبه؟ الجواب هنا ايضا قد يكون مفاجئا، فللجيش الاسرائيلي قدر أكبر من وسائل القتال من هذه القوى الاوروبية الكبرى. وليست الارقام هي المشهد العام لأن نوع الوسائل لا يقل أهمية عن عددها. وحينما ننظر في النوع تزداد الصورة حدة، ففضلا عن ان سلاح الجو الاسرائيلي يملك عددا أكبر من الطائرات الحربية من سلاح الجو الملكي لبريطانيا مثلا، فان نوعها أفضل ايضا. وبعبارة اخرى نقول ان الجيش الاسرائيلي أكبر من جهة العدد من جيش المانيا أو فرنسا أو بريطانيا وهو أحسن تجهيزا.
وسبب ذلك معلوم لكل ولد صغير وهو ان اسرائيل في وضع جغرافي استراتيجي يختلف تماما عن وضع الدول الاوروبية. ان امكان ان تقع الصواريخ على بيوتنا ليس نظريا، بل هو حدث ويحدث بالفعل من وقت لآخر. يوجد لنا من جهة حاجات امنية مفهومة لا تشبه حاجات الدول الاوروبية، ودولتنا من جهة ثانية دولة صغيرة مواردها وميزانيتها العامة محدودتان. ولهذا، قبل ان ننتقل الى البحث في مسألة الميزانية العامة، يجب ان نسأل هل يلائم كبر الجيش الاسرائيلي ونوعيته التهديدات؟ أو ربما يكون الجيش الاسرائيلي كبيرا كثيرا؟ هذا سؤال مهم لا يكاد أحد يبحثه بحثا جديا. ان الجواب الجدي عن هذا السؤال يوجب نظرة واعية في التهديدات حولنا.
يصعب ان نعطي جوابا علميا عن ذلك لكن تجربة الماضي تثبت ان الجيش الاسرائيلي لا يمكن ان يصغر بصورة ملحوظة. فهو حتى بغير تقليص آخر من قوته العامة أصغر من جيش مصر أو جيش سورية، واذا تكررت صورة يوم الغفران فسنجد أنفسنا مرة اخرى مع نسبة قوى 5: 1 لغير صالحنا. صحيح ان الجيش الاسرائيلي أعظم نوعية ويستطيع ان يهزم أعداءه حتى لو قل عنهم عددا لكن النوعية تكلف مالا.
اذا كان الامر كذلك فيجب ان نفحص مسألة الموارد المطلوبة للابقاء على جيش بهذا الكبر المقرر. وآخر مرة تم فيها ذلك خارج جدران جهاز الامن كانت في اطار لجنة بروديت التي اشتملت على جميع الجهات الضرورية للبحث في هذه المسألة. وأوصت اللجنة بخطة نفقة معينة كانت ترمي الى الموازنة بين الحاجات الامنية والنقص في النفقة وفي آخر الامر اقترحت زيادة معتدلة للنفقة الى جانب زيادة نجوع جهاز الامن.
وسنعرض الآن لغزا ثالثا يتعلق بالميزانية: أيهما يملك ميزانية أكبر؟ الجيش الاسرائيلي أم القوى الاوروبية الكبرى؟ والجواب ان ميزانية جهاز الامن مع المساعدة الامريكية أصغر من الميزانية الامنية لبريطانيا أو فرنسا أو المانيا بأربعة اضعاف أو خمسة، رغم ان الجيش الاسرائيلي أكبر وأحسن نوعية. وقد طالبت لجنة بروديت بزيادة النجوع وبحق ـ فلا يوجد جهاز كبير كالجيش الاسرائيلي لا يمكن ان يُزاد نجوعه. لكن الخلاصة واضحة ولا يمكن التهرب منها وهي ان الجيش الاسرائيلي أكبر من جيوش اوروبا لكنه يدبر اموره بميزانية أصغر من ميزانيتها بخمسة اضعاف.
رغم ما قلنا آنفا، فان الميزانية الامنية التي تعرضها الحكومة اليوم أقل بملياري دولار كل سنة، مما أوصت به خطة بروديت. ويكمن في هذا خطر حقيقي واستمرار اتجاه الميزانية الحالي خطر حقيقي لانهيار امني.
حرره:
المصدر:
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: