Tuesday, June 18, 2013

هل دخلت المنطقة مدار التسوية أم أنها تستعد لجولة كباش أميركي روسي جديدة؟

الثلاثاء 18 حزيران 2013،    أنطوان الحايك - مقالات النشرة
هل دخلت المنطقة مدار التسوية الكبرى أم أنها مجرد جولة جديدة من الكباش السياسي الحاد بين واشنطن من جهة وموسكو من جهة ثانية، وهل يصح القول أن مجريات الأحداث في المنطقة الممتدة من ايران إلى لبنان تقع في اطار الترتيبات اللازمة لتظهير خريطة النفوذ الدولية الجديدة، أم أنها فصل جديد من فصول الصراع بين مشروعين كبيرين يتناقضان في الشكل والمضمون؟
اسئلة من الصعوبة الإجابة عنها في ظل مؤشرات متساوية لدى أصحاب النظريتين، وإن كان دبلوماسي عربي يعمل في الأمم المتحدة منذ عقود يرجح الإحتمال الأول بعد أن دخلت استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في مأزق حقيقي جراء دخول ايران وروسيا و"حزب الله" على خط الحرب الدائرة في سوريا، اضافة إلى الإنجازات الميدانية التي حققها النظام السوري نتيجة هذا التدخل، فباتت واشنطن مرغمة على الدخول في الرمال السورية المتحركة أو تجرع التقهقر والإنكفاء لمصلحة الدور الروسي المتنامي.
في هذا السياق، يؤكد الدبلوماسي أن الإحتمال الثاني يبقى الأقرب بالنسبة للادارة الأميركية لعدة أسباب أبرزها أن دخول  الميدان السوري أشد خطراً عليها من الإبتعاد عنه لعدة اعتبارات أولها حتمية تصفية التنظيمات الأصولية والتكفيرية على أرض عربية، وليس آخرها ميزان القوى الذي يميل بشدة لمصلحة المحور الروسي الايراني، مروراً بعدم قدرة واشنطن على التدخل العسكري المباشر في ظل أكثر من مانع استراتيجي وتكتيكي لدى دول "حلف شمال الاطلسي".
ثانياً: أن مؤتمر الدول الثمانية المنعقد في احد منتجعات سكوتلندا، والذي سيشهد على لقاء الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين يلحظ الأزمة السورية كمادة وحيدة، كما أن الملفات التي سيتطرق اليها الرئيسان تنحصر بسوريا، وما يمكن أن ينتج عن حربها من نتائج تعيد فرز الأولويات كما تعيد تشكيل المنظومة الدولية.
ثالثاً: نتائج الانتخابات الايرانية بما تحمله من مؤشرات لتخفيف حدة الإحتقان الاقليمي والدولي، ففوز التيار الإصلاحي يبدو أنه منتظراً، خصوصاً أنه جاء بعد اجماع دولي بدليل أن المحافظين خاضوا انتخاباتهم بأربعة مرشحين أقوياء فيما خاضها الاصلاحيون بمرشح اجماع، بما يحسم النتيجة سلفاً في علم الأرقام والانتخابات وتوزيع الكتل الناخبة، بما يعني أن هذا الفوز كان محسوباً من قبل دوائر القرار الايراني وثورتها الاسلامية.
رابعاً: حاجة ايران إلى توسيع مروحة تفاهماتها مع الغرب من جهة، ومع عرب الخليج من جهة ثانية بعد أن دخلت نادي الدول النووية من الباب الروسي وبمساعدة الخبراء الشرقيين من خلال محطة أبو شهر وما تلاها من مراكز تخصيب، وبالتالي حاجتها إلى استخراج المزيد من منسوب الاحتياط النفطي الموجود لديها.
خامساً: افراغ المعارضة السورية من مضمونها بعد اشغال تركيا بأزمتها الداخلية، وتالياً حصر الحرب الدائرة في سوريا بين الجيش السوري وروسيا وايران و"حزب الله" من جهة، في مقابل جبهة "النصرة" الموضوعة على لائحة الارهاب الأميركي، بما يحول دون تزويدها باسلحة وازنة واقتصار هذا التسليح على حاجتها للبقاء بانتظار التسوية ليس أكثر.
سادساً: التعديلات الجارية على قدم وساق داخل نظام الحكم في قطر، بما يمكن اعتباره تمهيداً للخروج من المستنقع الاقليمي لمصلحة واشنطن وتفاهمها مع موسكو.
سابعاً وليس أخيراً تعطيل مفاعيل قرارات  الساحة اللبنانية، تمهيداً لفراغ كامل لا يمكن اشغاله إلا بتسوية تنسجم مع المتغيرات الحاصلة أو التي قد تنشأ عن تسوية دولية تلحظ اعادة اقتسام مناطق النفوذ.
ومع كل ذلك، لا يستغرب الدبلوماسي المعني الحديث عن الاحتمال الثاني، وإن كان يستبعده لعدة أسباب موجبة أبرزها عدم استعداد واشنطن الدخول في أي حرب خارجية غير محسوبة النتائج. 
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: