من دروس حرب إسرائيل الأكثر فشلاً
بقلم: اريئيلا رينغل هوفمان
في 12 تموز 2006 نشبت حرب لبنان الثانية، وستكون مرت عليها غدا (اليوم) سبع سنوات. يستطيع من شاء ان يفرح بالسنوات السبع الهادئة التي جاءت منذ ذلك الحين، لكن لن يستطيع حتى من يفخر بها أن يتجاهل حقيقة ان حرب لبنان كانت الأكثر فشلاً والأكثر فضيحة في حروب إسرائيل. إن السنوات السبع الهادئة هي ثمرة نجاح الاسبوع الاول لهجوم سلاح الجو الذي قضى على مخازن الصواريخ بعيدة المدى التي اشتراها "حزب الله" وأخفاها بعمل وعرق طوال سنين. وكان هجوماً أصاب حصن المنظمة في بيروت إصابة شديدة الى درجة أنه أدهش وضعضع ثقة الامين العام حسن نصر الله بنفسه، لاول مرة كما يبدو.
وكل ما جاء بعد ذلك غذّى تقرير فينوغراد الذي انتقد في الحقيقة ايضا طريقة اتخاذ القرارات قُبيل الحرب، لكنه انتقل الى كلام شديد اللهجة جداً حينما توسع فيما يتعلق بصورة إدارتها منذ المرحلة التي أُلقيت فيها قوات الجيش الإسرائيلي بلا داعٍ وفي اهمال واحدة بعد اخرى لاحتلال أهداف لا حاجة اليها لم تنفع ولم تُسهم في النصر. وكشفت مرحلة الهجوم البري عن جهاز قيادة – "من رتبة قائد كتيبة فما فوق"، كما قال رئيس الاركان آنذاك، دان حلوتس، أبو الاخفاق – مُخجل. قاد الى ميدان القتال جنودا غير مدربين – وهذا ليس ذنبهم – وغير ذوي خبرة وغير مجهزين كما يجب، وترك أكثر من مرة جرحاه في الخلف.
لماذا من الصحيح أن نعود ونبحث في هذا الشأن؟ لأن تلك الحرب أفضت الى موت 121 جندي وجرح 628 وتسببت بموت 44 مواطنا وجرح 2000. ولأنها كلفت، وهذا مهم ايضا، 13 مليار شيقل. ولأن 35 من ضحايا الجيش و410 من جرحاه هم ضحايا الايام الثلاثة الاخيرة وضحايا عملية لا هدف لها بدأت بضجيج كبير وانتهت بصوت خافت واهن، ولم تسهم بشيء فيما بين ذلك. ولأن الدفع الى عملية برية لا حاجة اليها لم ينته في الأساس عند لبنان الثانية وشارك فيها آنذاك كما في السنوات التي تلتها بعد ذلك لا عسكريون فقط بل رجال اعلام ايضا.
من المهم ان نُبين ان وسائل الاعلام ترى نفسها منذ عدة عقود شريكة في توضيح وتحديد الأهداف والمصالح القومية – الأمنية لدولة إسرائيل. "إنها تقدير استراتيجي في الاستعداد للقتال"، كما قال وزير الدفاع الحالي موشيه يعلون قبل 13 سنة بالضبط. وقد أصبحت العامل الأكثر تأثيراً بين كل متخذي القرارات.
في كتاب نشره في المدة الاخيرة الصحافي بن كاسبيت يصف في توسع الصراع الذي تم في اثناء عملية "الرصاص المصبوب" – بعد حرب لبنان الثانية بثلاث سنوات – بين ديوان رئيس الوزراء، ايهود اولمرت، ومكتب وزير الدفاع، ايهود باراك، ورئيس هيئة الاركان غابي اشكنازي. فقد طلب أولمرت توسيع العملية البرية في حين عارضها هذان الاخيران. الانتقال الى مرحلة "صديق المال"، يكتب كاسبيت، الذي لا يخفي تأييده للعملية، واحتلال مدينة رفح و"تطهير" المدينة والاستمرار الى الأمام. الى أين؟ الى مرحلة "مُنزل المطر" – أي احتلال القطاع كله "وهو اجراء يسقط حماس". يُطهرون ويسيرون بتأييد حماسي من يوفال ديسكن ومائير دغان وكأننا لم نُطهر قط ولم نُسقط قط ولم نتورط قط ولم نغرق في الوحل الى الأعناق، ومن المؤسف فقط أنه واجهنا في منتصف الطريق الجبانان باراك الذي جعلنا نهرب من قبل، كما يقول المؤلف، من لبنان في سنة 2000، واشكنازي الذي أيد قرار وزير الدفاع على انهاء العملية والخروج.
هل توجد حالات لا يكون فيها خيار سوى استعمال سلاح المشاة واستنفاد الامكانات الكامنة في عملية برية؟ بيقين، ومع ذلك فان طبيعة المواجهة المحدودة – المستمرة وغير المتكافئة التي تتم في مستوى الوعي ايضا – تستلزم حذرا زائدا. الكثير جدا من الحذر الزائد. احتاج الأميركيون الى يوم واحد لاحتلال بغداد والى عشر سنوات للخروج منها بصعوبة. أو بعبارة اخرى إن المورد البشري هو مورد ينفد ولا بديل عنه بخلاف التصور العام لفريق من متخذي القرارات ومؤيديهم في وسائل الاعلام.
وإذا كان يوجد درس مركزي من حرب لبنان الثانية التي ستتم غدا (اليوم) سبع سنوات هي بالنسبة لشعب إسرائيل سبع سنوات هدوء في الشمال، لكنها بالنسبة لجزء من الشعب سبع سنوات أسى كبير جدا، فهو هذا الدرس.
المصدر:
يديعوت أحرونوت
0 comments: