هكذا ستكون المعارك القادمة في سوريا بحسب الأهمية!
العالم-مقالات
مع خروج الدفعة الأخيرة من الجماعات الإرهابية وعائلاتهم عن مدينة حلب، تطوي المدينة صفحة سوداء امتدت لأكثر من اربع سنوات مع بداية سيطرة هذه الجماعات على الأحياء الشرقية من المدينة ووضعها الأحياء الغربية بعد فترة من المواجهات في حالة الحصار لأكثر من سنة.
موقع حلب من حيث الأهمية السكانية والسياسية والإقتصادية كان على رأس اولويات القيادتين السياسية والعسكرية في دمشق، في حين انه كان على القيادة ان تفكر بعقل بارد بطبيعة المخاطر التي عليها مواجهتها والتخطيط بشكل دقيق لتغيير الواقع الميداني وخصوصاً بما يرتبط بعقدة الجغرافيا المقطعة الأوصال، والولوج الى خيارات تؤمن خط امداد ثابت في حدود أمان مستقرة لحلب والقوات المكلفة بالعمليات فيها، سواء تلك الموجودة في داخل الأحياء الغربية او التي ستتقدم الى حلب لفك الطوق عنها وخلق وقائع ميدانية جديدة.
حينها، لم يكن ثمة خيار افضل من شق طريق عبر مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية انطلاقاً من مدينة السلمية وربطها بإثريا فخناصر والسفيرة وصولاً الى حلب، وهذا ما حصل ويستمر حتى اللحظة ويعتبر في الجانب العسكري احد اكبر منجزات العلوم العسكرية نظراً لطول الطريق الذي يقارب 145 كلم ويعتبر ممراً ثابتاً وآمناً بنسبة كبيرة رغم المحاولات العديدة لقطعه قبل تأمين هوامش سيطرة اوسع خلال السنة الفائتة.
نتائج معارك الأحياء الشرقية ما كان يمكن ان تحدث لولا سلسلة من المعارك المتواصلة والمستمرة منذ بداية العام 2014، والتي كانت مزيجاً من عمليات التثبيت والتقدم واعادة التموضع بسبب الضغوط العسكرية التي قامت بها الجماعات الإرهابية وبشكل خاص في الريف الغربي والجنوبي الغربي، اضافة الى الضغط المعتاد على منطقة الزهراء شمال المدينة.
منذ البداية، اختار القادة في الجيش السوري اعتماد الإقتراب عبر الممرات الطويلة في المناطق المحيطة بحلب وتحديداً في الجهة الشرقية للأحياء الشرقية، حيث تمت عملية اقتراب متتالية الى المنطقة الصناعية وتثبيت نقطة ارتكاز كبيرة فيها شكّلت فيما بعد قاعدة الإنطلاق لتحرير السجن المركزي وتوسيع مساحة الإنتشار في باشكوي التي كانت نقطة الإرتكاز الأساسية لتحرير نبل والزهراء، وفيما بعد الى مزارع الملاّح وقطع طريق الكاستيلو خط الإمداد الوحيد للجماعات الإرهابية، وما تذكيري بعملية الممر الى المنطقة الصناعية الا للدلالة على عمق التخطيط الذي جرى بخصوص حلب والبعيد كل البعد عن الإنفعال بهدف تحقيق الأهداف النهائية للعمليات.
رغم خروج الجماعات الإرهابية من مدينة حلب، فإنّ النطاق الإداري للمدينة لم تنتهي
رغم خروج الجماعات الإرهابية من مدينة حلب، فإنّ النطاق الإداري للمدينة لم تكتمل عودته بعد وهو يشمل منطقة الليرمون وضهرة عبد ربه وصولاً الى مشارف كفرحمرة شمالاً والى الراشدين 4 و5 والمنصورة وخان العسل غرباً.
ان خروج الجماعات الإرهابية واستعادة الجيش السوري لكامل النطاق الإداري لمدينة حلب في العمليات اللاحقة لن يؤمن عدم تساقط القذائف على المدينة، وهذا يعني ان الأولوية ستكون لما تبقى من الريف الشمالي كضهرة عبد ربه وكفرحمرة وصولاً الى بيانون وعندان وحريتان والبدء بتحرير مناطق الريف الغربي وصولاً الى دارة عزة شمال غرب والى الأتارب جنوب غرب، وهذان الإتجاهان قبلهما الكثير من نقاط تجمع الجماعات الإرهابية التي تتجاوز ادلب في الأهمية والخطور كونها تقع ضمن جغرافيا معقدة ولكنها في كل الأحوال ليست اكثر تعقيداً من ارياف اللاذقية.
الخيار الآخر والذي يعتبر اكثر سهولة ويمكن من خلاله تحقيق صدى سياسي اكبر هو خيار السيطرة على الريفين الغربي والغربي الجنوبي لمدينة حلب في ثلاثة اتجاهات يمكن لقوات كبيرة مدعومة بالتمهيد الناري والمدرعات ان تحقق فيها تقدماً سريعاً، وهذه الإتجاهات هي:
1- باتجاه الريف الغربي وصولاً حتى اورم الكبرى والصغرى مروراً بخان العسل والإكتفاء بتثبيت خط مواجهة عند هذه المناطق لحماية ميسرة القوات التي ستتقدم من اتجاه الهجوم الثاني وحمايتها من اية هجمات من هذا الإتجاه.
2- استعادة خان طومان وتل العيس والتقدم الى الإيكاردا ومن زيتان الى الزربة لتشكيل نقطة ارتكاز اتجاه الهجوم الثاني نحو تفتناز وصولا الى كفريا والفوعة، وهو اتجاه هجوم يمتاز بأنه منطقة مفتوحة ملائمة لإندفاع المدرعات ولا يتجاوز طوله 20 كيلومتراً.
3- اتجاه الهجوم الثالث وهو على الأرجح سيكون عبر نسقين، احدهما ينطلق من جبل الأربعين باتجاه ابو الضهور والآخر من الزربة والإيكاردا باتجاه سراقب.
مع تنفيذ هذه العمليات اللاحقة المتوقعة، يمكننا القول ان مدينة حلب باتت خارج التهديد الكامل ويمكن حينها اطلاق عجلة الإقتصاد بكل زخمها، كما يمكننا القول ان معارك ادلب قد بدأت بشكل فعلي رغم ان معركة ادلب ستكون من ثلاثة اتجاهات ذكرنا احدها المنطلق من ريف حلب الغربي والغربي الجنوبي مع اتجاهين آخرين هما من ريف حماه الشمالي ومن ريف اللاذقية الشرقي واجزاء من سهل الغاب.
بعد انتصار حلب سيكون باستطاعة وحدات الجيش السوري ان تأخذ بعض الراحة قبل استكمال العمليات، مع الأخذ بعين الإعتبار امكانية ان تقوم الجماعات الإرهابية بتنفيذ عمليات عنيفة استباقية تنطلق من الإتجاهات التي ذكرتها والتي ستكون اتجاهات الهجوم المضاد للجيش السوري.
*عمر معربوني - بيروت برس
114-4
0 comments: