"هآرتس"، 8/7/2017
تسفي برئيل - معلق سياسي
الأول من نوعه الذي جرت تجربته في سورية، لكنه يختلف بأنه النتاج الأول لاتفاق روسي - أميركي يأتي بعد تبادل الضربات بين ترامب وبوتين.
•في الشهر الماضي جُرب من دون أن يحقق نجاحاً كبيراً. وقف إطلاق نار لمدة 48 ساعة، خرقته قوات الأسد عندما شنت هجوماً جوياً على منطقة درعا. وسبق ذلك تطبيق وقف إطلاق للنار ولكن بين فصائل المعارضة السورية. إن الجانب المثير للاهتمام والمثير للشك في وقف إطلاق النار الوشيك هو أن تنظيمات المعارضة وإيران وحزب الله، ليسوا شركاء في تلك الاتفاقات، وليس واضحاً ما إذا كانوا سيلتزمون بها أم لا. ويبدو من صيغة البيان العلني لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أن هدف وقف إطلاق النار الجديد (غير المحدود زمنياً) هو أن يستخدم كـ"خطوة أولى نحو خطوات إضافية". والمقصود هو ربما الاتفاق على إنشاء مناطق "منخفضة العنف" في جنوب سورية، على طول الحدود بين سورية والأردن وإسرائيل، ولاحقاً إنشاء ثلاث مناطق أمنية في شمال سورية ووسطها.
•تجري مجموعتان نقاشات منفصلة. الأولى متعلقة بوقف إطلاق النار الذي سيضع موضع الاختبار مرة أخرى قدرة روسيا على ضمان سلوك جيش النظام وتطبيق رقابة فاعلة بواسطة الشرطة العسكرية الروسية في المنطقة التي من المفترض أن يطبق فيها وقف إطلاق النار، والتي لم تُحدد بعد. وفي هذه الحال، تكون الولايات المتحدة نوعاً من شريك سلبي كل دوره هو تقديم مظلة دولية لوقف إطلاق النار، وبصورة خاصة إظهار المصالحة الروسية - الأميركية. أما المجموعة الثانية من النقاشات فتلك المتعلقة بتحديد المناطق الأمنية وطريقة الرقابة عليها. وتجري هذه النقاشات في أستانة، عاصمة كازاخستان، بمشاركة روسيا وتركيا وإيران من دون الولايات المتحدة. وقد انتهت الجولة الخامسة من محادثات أستانة هذا الأسبوع من دون التوصل إلى نتائج حقيقية. وأساس الخلاف بين الأطراف هو طريقة الرقابة في المنطقة الأمنية، وترسيم حدودها، وصلاحيات قوات المراقبة. لذا، حتى لو صمد وقف إطلاق النار الجديد، فهو لا يضمن تقدم إنشاء مناطق آمنة بصورة فعالة.
•وبخلاف مناطق أخرى في سورية، خاصة في شمال الدولة، يبدو أن ما سهّل أكثر الاتفاق على وقف إطلاق النار هذا، وربما أيضاً إنشاء منطقة أمنية جنوب سورية، هو تلاقي المصالح بين روسيا والولايات المتحدة من أجل إبعاد إيران والميليشيات المنتمية إليها مثل ميليشيا النجباء الشيعية وحزب الله، عن هذه المنطقة. لا توجد لتركيا مطالب استراتيجية أو نيات للسيطرة على الجنوب السوري، بالمقارنة مع تدخلها الكثيف في شمال سورية ومطالبتها المشاركة في القوات المشرفة على المناطق الأمنية الشمالية. ولا تملك إيران قاعدة قوة "طبيعية" في جنوب سورية، وحلمها بإنشاء جسر بري بين إيران وسورية ليس بحاجة إلى جنوب الدولة. والحاجة إلى الجنوب تنبع أيضاً من الحاجة إلى طمأنة الأردن وإسرائيل، اللتين ينظر إليهما بأنهما يمكن أن تتدخلا في الجبهة السورية إذا تبين أن قوات مؤيدة لإيران يمكن أن تتمركز بصورة دائمة على طول الحدود. وتدرك إسرائيل التي هي شريك فاعل في النقاشات التي تجري في عمان بشأن تحديد مناطق أمنية جنوب سورية أنها ستضطر إلى الاكتفاء برقابة روسية على هذه المنطقة، لأن الولايات المتحدة في هذه المرحلة لا تنوي إرسال قوات مراقبة أو التدخل عسكرياً في المعركة داخل سورية، باستثناء الحرب ضد تنظيم داعش الدائرة حالياً في جبهة مدينة الرقة ومحافظة دير الزور.
•في منطقة درعا، وخاصة في محافظة السويداء في هضبة الجولان، لإسرائيل بضعة حلفاء من بينهم الدروز و"فرسان الجولان" ووحدات من الجيش السوري الحر. ووفقاً لمعلقين عرب، فإن هؤلاء الحلفاء يمكن أن يشكلوا قاعدة لإنشاء "جيش جنوب سورية" وفقاً لنموذج جيش لبنان الجنوبي الذي أقامته إسرائيل ومولته [خلال فترة الوجود العسكري الإسرائيلي في جنوب لبنان بدءاً من أواسط السبعينيات]. وسيكون هدف هذه القوات منع سيطرة حزب الله ووحدات أخرى مؤيدة لإيران على منطقة هضبة الجولان بعد انتهاء الحرب ضد داعش وانسحاب القوات الأميركية من المنطقة. وفرضية العمل في إسرائيل هي أنه بعد الانسحاب المتوقع للقوات الأميركية ستبقى المنطقة بصورة مطلقة في يد روسيا، التي يمكن أن تتوصل إلى تسوية مع إيران في كل ما يتعلق بالسيطرة على المنطقة كجزء من المصلحة المشتركة بين الاثنين لإبقاء الأسد في السلطة. من هنا ينبع تحفظ إسرائيل من الحصرية الروسية في الرقابة على جنوب سورية، لكنها ستضطر إلى التعايش بسلام مع النتائج التي تم التوصل إليها حتى الآن.
0 comments: