هآرتس"، 25/9/2017
عاموس هرئيل - محلل عسكري
•في ضوء لامبالاة المستوى السياسي المستمرة والضعف المستمر منذ سنوات لمجلس الأمن القومي، فإنه من المشجع رؤية الكنيست يقوم أحياناً بما هو مطلوب منه. إن تقرير اللجنة الفرعية بشأن العقيدة الأمنية وبناء القوة وفق الخطة المتعددة السنوات للجيش الإسرائيلي الذي يُنشر اليوم (الاثنين)، خطوة في الاتجاه الصحيح.
•رئيس الأركان غادي أيزنكوت هو الذي كان وراء بلورة الخطة المتعددة السنوات "جدعون" والمصادقة عليها، وذلك بعد ست سنوات عمل الجيش خلالها من دون خطة متعددة السنوات. وهو صاغ في الوقت عينه كذلك وثيقة علنية تحدد استراتيجية الجيش الإسرائيلي. إن تقرير اللجنة الفرعية برئاسة عضو الكنيست عوفر شيلح (من حزب يوجد مستقبل) تعبيرعن محاولة جدية أولى لممارسة الرقابة المدنية على تصرفات الجيش في هذه المجالات.
•تصف اللجنة الغياب المطلق للمستوى السياسي عن عملية بلورة الخطة المتعددة السنوات. ويُصوَّر وزير الدفاع السابق موشيه يعلون في التقرير بأن تأثيره في الخطة كان هامشياً. ورئيس الحكومة والمجلس الوزاري المصغر والحكومة، ببساطة لا وجود لهما في العملية. ووفقاً لشيلح، حتى مجلس الأمن القومي لم يكن موجود، ولم يكن له أي تأثير في الخطة. وقد ناقش المجلس الوزاري المصغر الخطة وأقرها للمرة الأولى في نهاية آذار/مارس 2016، أي بعد مرور ثلاثة أشهر من بدء الجيش العمل وفقاً لها.
•لهذه الادعاءات انعكاسات أبعد بكثير من النقاش السياسي. فإذا كان الجيش الإسرائيلي يبني قوته من دون تدخل المستوى السياسي، سيكون من الصعب جداً ملاءمة توقعات المجلس الوزاري المصغر من الجيش بشأن سلوك التصرف في مواجهة مستقبلية، إذا نشبت. علاوة على ذلك، يبدو أن أغلبية أعضاء المجلس الوزاري المصغر ليس لديهم معرفة بالقدرات العملانية الكبيرة للجيش الإسرائيلي (كالعادة، الوحيد الذي حمّل نفسه عبء قراءة التقرير المتشعب هو الوزير يوآف غالنت. ومن المحتمل أن يكون هناك أعضاء آخرون في المجلس قد فعلوا ذلك لاحقاً).
•في العام الماضي، وعلى خلفية الانتقادات القاسية الواردة في تقرير الأنفاق بشأن أداء المستوى السياسي خلال عملية "الجرف الصامد"، عيّن رئيس الحكومة لجنة تشاحنوبر التي أوصت بتغيير إجراءات العمل في المجلس الوزاري المصغر. وتدل قضية الخطة المتعددة السنوات، مثل الحرب الأخيرة في غزة، على وجود مشكلات مستمرة في أداء المجلس تعود إلى سنوات طويلة.
•في وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي يتحدث أيزنكوت عن الحاجة إلى بلورة قدرة تتيح للجيش القيام بمناورة برية سريعة وفتاكة في زمن الحرب. فهل يتقن أعضاء المجلس الوزاري المصغر معرفة هذه المادة؟ وهل يعرفون ما يستطيع الجيش تنفيذه وما لا يقدر على تنفيذه؟ وهل يحرصون على أن تكون الخطط العملانية إذا حدث تدهور في غزة أو لبنان منسجمة مع القدرات؟ من دون هذا التنسيق من الممكن أن تكرر إسرائيل إخفاقات الماضي من لبنان 2006 حتى غزة 2014.
•هذه مواضيع تتأكد أهميتها على خلفية التغييرات الدراماتيكية في الصورة الاستراتيجية في الشمال، وفي طليعتها انتصار نظام الأسد في الحرب الأهلية في سورية، والوجود المتزايد لقوات إيرانية وروسية بالقرب من حدود إسرائيل. حالياً، وفقاً للجنة، يجري بناء الخطط كلها من الأسفل إلى الأعلى، ويقوم بذلك الجيش. لكن التحولات الاستراتيجية تتطلب المزيد من التنسيق والتفاهم مع الحكومة، وخصوصاً مع المجلس الوزاري.
•وفقاً لتقرير اللجنة، بلور رئيس الأركان الحالي خطة تستند إلى رؤية واضحة. وبخلاف الذين سبقوه، يرى أيزنكوت أن الجيش تنظيم يجب أن يمر بتغيير حقيقي، وهذه الرؤية أصبحت أكثر وضوحاً لديه بعد "الجرف الصامد"، بخلاف الصور الوردية التي حاول الجيش تسويقها للجمهور بعد الحرب. وقد فحصت اللجنة مدى ملاءمة الخطة المتعددة السنوات لعقيدة أيزنكوت، كما عرضها في استراتيجية الجيش، وطريقة تطبيقها. ثمة منطق في قرار رئيس الأركان عدم الاستمرار في بناء الجيش لمواجهة كل سيناريو محتمل، بل التركيز على سيناريوات حرب ذات صلة [بالمواجهات المتوقعة في الواقع الراهن]. لكن عندما يتحدث الجيش عن مناورة سريعة وفتاكة، فهل يجمع في المقابل كتلة مركزة من القدرات قادرة على تحقيق الإنجاز المطلوب في زمن الحرب؟
•هنا، انطباع اللجنة هو أنه على الرغم من التوجهات الصحيحة التي صاغها أيزنكوت والتركيز المناسب على الاستعداد للحرب، فإن التسلح وبناء القوة يجريان بوتيرة بطيئة جداً. وللتوضيح (لم يتضمن التقرير هذا)، فمن أجل مناورة سريعة وفتاكة يجب التزود بكميات كافية من الدبابات والمدرعات في منظومات دفاع فعّالة مثل " Wind Protector" وهو نظام حماية مدرع يتيح لقوة قوية وكبيرة من الجيش الإسرائيلي أن تجتاز منظومات حزب الله أو "حماس" الدفاعية بسلام. وفي الوقت عينه، مطلوب أيضاً مزج فعال بين قوات نظامية ووحدات الاحتياطيين يمكنها أن تشارك في هذه المناورة خلال أيام معدودة بعد نشوب الحرب.
•ووفقاً للجنة، ما تزال هناك حاجة إلى تسريع العمل على عدة أصعدة كي يكون في الإمكان تحقيق الإنجاز المرغوب. وتذكر النسخة العلنية من التقرير ،من بين أمور أخرى، فجوات على صعيد قطع الغيار وعلى الصعيد اللوجستي في البر. وهناك حاجة أيضاً إلى سلاح دقيق في سلاح الجو، وإلى التسلح بالمزيد من منظومات الدفاعية الفعالة للدبابات والمدرعات، وتعزيز التدريبات.
•ويشير التقرير إلى أن لدى أيزنكوت رؤية محددة وهو يعمل على تحقيقها، وفي الوقت عينه يتخذ رئيس الأركان خطوات جارية لإدارة الجيش. وبذلك أنجزت عملية تقليص القوة البشرية النظامية (التي بدأت مع رئيس الأركان السابق غانتس)، وجرى توحيد قيادة الذراع البري مع شعبة التكنولوجيا والشعبة اللوجستية، واتخذت خطوات من أجل إقامة الذراع السيبراني. ويشير التقرير إلى أن العمليتين الأخيرتين لم تستكملا بعد، ومن السابق لأوانه بلورة رأي بشأنهما.
0 comments: