تفجير القاهرة يكشف الميل الجهادي لـ «الإخوان المسلمين»
2 تشرين الأول/أكتوبر 2017
أعلنت الجماعة المصرية المسلحة «حسم» المتحالفة مع «الإخوان المسلمين» مسؤوليتها عن التفجير الذي استهدف سفارة ميانمار في القاهرة في 30 أيلول/سبتمبر. وفي حين لم يُصَبْ أحد بأذى، يشير الاعتداء إلى أن الجماعات الموالية لحركة «الإخوان المسلمين» تنفذ تهديداتها السابقة بضرب المصالح الأجنبية وتحسّن قدراتها الإرهابية.
ومنذ الإطاحة بزعيم «الإخوان» محمد مرسي من الرئاسة في عام 2013، انتشرت جماعات مسلحة متشددةغير بارزة في مصر. وعلى الرغم من أنه لا يمكن ربط هذه الجماعات بشكل حاسم بسلسلة القيادة التي تشتهر بصرامتها في صفوف جماعة «الإخوان» والتي قطعتها الحكومة خلال حملة القمع الشديدة التي أعقبت الإطاحة بمرسي، إلّا أنّها تتبنى إيديولوجية «الإخوان المسلمين» وروايتهم بشكلٍ علني.
فعلى سبيل المثال، إن الصفحة الإعلامية المعروفة باسم "ق-Qaaf" التي تنشر باستمرار الهجمات التي تشنها مثل هذه الجماعات، غالباً ما تغدق الثناء على الشخصيات التاريخية في «الإخوان المسلمين». وفي تعليق نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي في آب/أغسطس، استشهدت بشعار «الإخوان المسلمين» عندما توجهت إلى القراء فكتبت "هل نسيتم أن الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا؟". فضلاً عن ذلك، عندما قتلَتْ قوات الأمن مسلحاً في تموز/يوليو، ادعت «حسم» والحزب السياسي لجماعة «الإخوان المسلمين» أنه من أعضائها. كما رثت «حسم» المرشد العام السابق لجماعة «الإخوان المسلمين» محمد مهدي عاكف كـ "مجاهد" عندما توفي في أيلول/سبتمبر بعد أن أمضى أربع سنوات في السجن.
ومن جهتها، كانت مختلف شخصيات ووسائل إعلام «الإخوان المسلمين» تشجع على شنّ هجمات ضد مدنيين أجانب ومصريين لسنوات. وفي كانون الثاني/يناير 2015، بثت شبكة تلفزيونية موالية لـ «الجماعة» ومقرها اسطنبول بياناً يدعو الرعايا الأجانب والشركات الأجنبية والدبلوماسيين والسياح إلى مغادرة مصر أو مواجهة "العقاب الثوري". وبعد فترة وجيزة، أصدرت الهيئة الشرعية لـ «الإخوان المسلمين» بياناً بعنوان "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب"، الذي أيّد استخدام العنف ضد المسيحيين ومجموعة واسعة من "المتعاونين" مع الحكومة.
ومن ناحية أخرى، ازدادت قدرات الجماعات المسلحة المتشددة التابعة لـ «الإخوان المسلمين» على مر الزمن. وكما ذكر الباحث مختار عوض في تقرير "مسح الأسلحة الخفيفة" في تموز/يوليو 2017، فإن الموجة الأولى من المسلحين التي برزت بعد الإطاحة بمرسي لم تكن مدربة وكانت مسلحة بقنابل مولوتوف ومسدسات صغيرة. غير أنه في منتصف 2016، أظهر صعود «حسم» و«لواء الثورة» أن هذه الجماعات أصبحت مدربة بشكل جيد وباتت تملك أنظمة فعالة للقيادة والتحكم ووسائل اتصال محترفة. وفي حين استهدفت عموماً كبار المسؤولين الأمنيين المصريين ومراكز الشرطة، استجابت هذه الجماعات أيضاً إلى دعوات متزايدة داخل جماعة «الإخوان» لاستهداف المدنيين: فقد حاولت «حسم» اغتيال مفتي الجمهورية السابق علي جمعة في العام الماضي، كما نشر «لواء الثورة» لائحة بالشخصيات المستهدفة شملت رجال أعمال بارزين وصحفياً وقاضياً ومحامياً قبطياً.
وفي بيان صدر بعد الاعتداء الذي وقع يوم السبت، وصفت «حسم» الهجوم بأنه "رسالة تحذيرية لسفارة السفاحين قتلة النساء والأطفال في أراكان"، في إشارة إلى التطهير العرقي لمسلمي الروهينغا في ميانمار. كما نشرت الجماعة صوراً على موقع "تويتر" أظهرت أنها مشَّطت منطقة السفارة قبل التفجير، لتشير إلى أنها كانت قادرة على شنّ اعتداء أكثر دماراً بكثير. وفي السياق نفسه، نشرت خارطة تُظهر عدداً كبيراً من المرافق الدبلوماسية الأخرى المجاورة في حي الزمالك الراقي في القاهرة، بما فيها سفارات الصين والهند واليونان والفاتيكان. وبذلك، تكون الجماعة قد أثبتت قدرتها على اختراق حي من المفترض أن يكون محمياً بشكل جيد، وأشارت إلى أن دبلوماسيي دول أخرى عرضة للخطر تماماً كسفارة ميانمار.
ومما لا يبشر بالخير، تشير القدرات المتنامية للجماعات المسلحة المتشددة التابعة لـ «الإخوان المسلمين» ومجموعة الأهداف الموسعة التي وضعتها إلى أن الفجوة بينها وبين الإرهابيين السلفيين-الجهاديين تتقلص حتماً. فبالفعل، يبدو أن تنظيم «القاعدة» عازم على استمالة هذه الجماعات المصرية: فقد روّجت وسائل الإعلام الموالية للتنظيم بيانات «حسم» منذ أواخر 2016، وأصدرت المنظمة الدولية مؤخراً بياناً حداداً على عاكف، في محاولة واضحة لجذب المزيد من عناصر «الإخوان». وإذا نجحت مثل هذه المبادرات، قد تسعى حركة «حسم» وجماعات مماثلة إلى الاستفادة من خبرة تنظيم «القاعدة» وقد تصبح حتى أكثر تهديداً.
وحتى الآن، تركّزت مخاوف واشنطن حيال مكافحة الإرهاب في مصر على فروع تنظيم «الدولة الإسلامية»، لا سيما في شبه جزيرة سيناء. ومع ذلك، فإن اعتداء حركة «حسم» على السفارة أثبت أن الجماعات الموالية لـ «الإخوان المسلمين» أصبحت تشكّل تهديداً أكثر خطورة، سواء على صعيد قدراتها أو مخططاتها. وتؤدي الخطابات والعمليات التي قامت بها هذه الجماعات مؤخراً إلى تفاقم التحديات الأمنية التي تواجهها مصر في وادي النيل، حيث يتزايد نشاط فروع تنظيم «الدولة الإسلامية». ولذلك ينبغي على إدارة ترامب الرد على ذلك من خلال تصنيف جماعتي «حسم» و«لواء الثورة» رسمياً ضمن لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، مما يتيح للحكومة الأمريكية تخصيص المزيد من الموارد الاستخبارية لاستهدافهما.
إريك تراجر هو زميل "استير ك. واغنر" في معهد واشنطن، ومؤلف الكتاب "الخريف العربي: كيف ربح «الإخوان المسلمون» مصر وخسروها في 891 يوماً".
0 comments: