رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري يترجم عمليا إستراتيجية الإمام الخامنئي في زيارة غير مسبوقة لتركيا، وزيارة هي الأولى له لسوريا.. متفقدا خطوط المواجهة قرب حلب.. وفي الجنوب مع الكيان الصهيوني ويؤكد على التعاون لمواجهة الأعداء المشتركين، الصهاينة والإرهابيين...
من هو اللواء محمد باقري وما هي الأبعاد الإستراتيجية لزياراته.؟؟
اللواء محمد حسين أفشردي أحد الأساسيين في الشبكة القيادية للحرس للثوري.. وصاحب المناصب المختلفة والمسؤوليات البالغة الأهمية في المجالات العسكرية والأمنية والتصنيع الحيوي التابع للحرس الثوري والذي كان يتولى منصب مساعد القيادة العامة للقوات المسلحة لشؤون الاستخبارات والعمليات، وصاحب الباع والخبرة الطويلة في الملف الكردي وتعقيداته، وكان قد شغل منصب المساعد لرئيس هيئة الأركان للشؤون المشتركة في القوات المسلحة، ومنسقا بين الحرس الثوري والقوات المسلحة.
في حزيران2016 عين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإمام السيد علي خامنئي اللواء محمد باقري رئيسا لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية خلفا للواء حسين فيروز آبادي الذي شغل هذا المنصب منذ1989.
وبعد تعيينه وخلال مراسم تسلّم اللواء عبد الرحيم موسوي لقيادة الجيش الإيراني التي أقيمت بحضور كبار قادة القوات المسلحة، أشار رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري إلى :
"تبنيه الكامل ومباشرة تنفيذ إستراتيجية المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي في النهوض بمستوى والجهوزية العسكرية في تطوير القدرات القتالية،
وإنّ الاعتماد على المناورات ليس كافياً، مضيفاً أن على الجيش الإيراني والحرس الثوري أن يشتبكوا مباشرة مع الأعداء وتجهيز القوات من خلال تواجدهم على الحدود وفي جبهات القتال التي تتواجد فيها إيران وأن يكونوا حيث يجب أن يكونوا، لإن إيران تعيش مرحلة حسّاسة وخطيرة في المنطقة، وتقع على عاتق الجيش والحرس وظيفة ردعية في مواجهة تهديدات الأعداء والاستكبار العالمي مؤكدا أن الهجوم العسكري على إيران سيؤدي إلى خسائر وهزائم كبيرة للأعداء، منوها أن الجيش الإيراني وحرس الثورة الإسلامية هما ذراعا الدفاع عن الثورة الإسلامية إلى جانب قوى الأمن الداخلي، مردفا ان الجيش وحرس الثورة الإسلامية يلعبان دورا مكملا لبعضهم البعض بما يخدم مسير البلاد في الوصول إلى ذروة القوّة والاقتدار".
أول رئيس أركان للجيش الإيراني يزور تركيا...
بعد 38 عاما من القطيعة العسكرية بين تركيا وإيران بدأت مع وصول حكم الخميني الى السلطة عام 1979 وتدهور العلاقات بسبب تباعد المواقف والسياسات والاصطفافات الإقليمية، قام رئیس هیئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإیرانیة اللواء محمد حسين باقري على رأس وفد عسكري وأمني رفيع بزيارة إلى العاصمة التركية حملت معها العديد من التساؤلات حول جدول الأعمال والمباحثات وأهداف الزيارة ونتائجها.
لخص باقري ما جرى طيلة الأيام الثلاثة التي أمضاها في العاصمة التركية بقوله :"إن المباحثات تركزت على القضايا الإقليمية المهمة بما فيها قرار إقليم كردستان العراق بإجراء استفتاء الاستقلال خلال شهر سبتمبر/أيلول المقبل والذي فيما لو جرى سيشكل أساسا لبدء التوتر والصراع في داخل العراق وتطال تداعیاته دول الجوار".
الذي ترجم لاحقا بتنسيق أمني رفيع شارك فيه رئيس المخابرات التركي هاكان فيدان وعن العراق فليح فيلز وقائد فيلق القدس للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في العملية التي بدأها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في السادس عشر من الشهر الجاري بمدينة كركوك العراقية.
وإعلانه أيضا "أن الجانبين اتفقا على إجراء التدريبات المشتركة وتبادل الخبرات والدراسات العسكرية، وزیارات القطع البحریة للبلد الآخر وإیفاد مراقبین من البلدین للمناورات المشتركة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتبادل الخبرات والمعلومات في مكافحة الإرهاب بكل أنواعه والتنسيق العملیاتي - التدریبي والتأسيس للتعاون في العديد من القضایا المهمة، سیما على الأصعدة العسكریة والدفاعیة والأمنیة بین البلدین".
يُفهم من تصريحات باقري أن أنقرة لم تعد تريد توتير علاقاتها بإيران، بل أكثر من ذلك هي تريد مراجعة سياستها تماما بعيدا عن المواقف السابقة، غير آبهة لغضب واشنطن وتل أبيب وبعض دول الخليج خاصة بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة وإندلاع أزمة قطر، إن هذا الموقف التركي المهم ليس استجابة لنصائح إيرانية وجهت سابقا بل نتيجة ما وصلت إليه سياساتها مع جارتيها من تعقيدات والتطورات الأخيرة الخطيرة في الشمال العراقي والسوري وموضوع الدولة الكردية وإنسداد أفق الحل والمستجدات التي طرأت في منطقة الرقة وفي الإقليم بشكل عام.
أثمرت أيضا الزيارة عن نتائج ايجابية وحتمية بشأن مدينة ادلب السورية وتبقت فقط تفاصيل صغيرة تستوجب من خبراء ومحللي هذه الدول مناقشتها. توصلوا من خلالها الى تشكيل "آلية مشتركة لتسوية النزاع في سوریا" وسيكون للجيش الروسي دور في تنفيذ هذه الآلية. وقد توصلت السلطات العسكرية الايرانية والتركية الى "اتفاق متبادل" في هذه الاجتماعات "لحل هذه القضية بسهولة".
لكن السؤال الأهم الذي ينتظر الإجابة هو معرفة حقيقة فرص هذا التقارب والثمن الواجب دفعه وكيف سيؤثر على مسارات المشهدين الأمني والسياسي في سوريا والعراق والمنطقة..؟؟ كيف يمكن أن يلعب الإخوان المسلمون من خلال تركيا وفي ظل التقارب الإيراني القطري الحاصل الدور الإيجابي في هذا التفاهم...؟؟ وما مدى إيجابياته أو تأثيره على مستقبل الصراع والمواجهة مع الإسرائيلي ..؟؟ وهل سيكون له مردود إيجابي على الحركات المقاومة في فلسطين خاصة حركة حماس..؟؟ وهل ما نشهده من تحول كبير في العلاقة بين إيران وحماس هو أحد تجليات التقارب والتفاهم التركي الإيراني..؟؟
قال مستشار وزير الخارجية الإيراني حسين شيخ الإسلام طاويا صفحة الخلاف :"أي مساعدة تطلبها حماس سنلبيها ونحن نعتبرها جزءاً من المقاومة ولا طرف أقرب إلينا من حماس وستكون حاضرة في أي مواجهة مقبلة لازالة الغدة السرطانية "إسرائيل" وحماس حرة في اتخاذ قراراتها ولم نفرض عليها لا الآن ولا في السابق أي قرار أو خيار وأنها عنصر أساسي يؤمن باستراتيجيتنا بتحرير كل فلسطين وهي حرة في تعريف نفسها ونحن نعتبرها في جبهتنا بعيداً عن موقفها".
وقال أبو زهري الذي يزور طهران ضمن وفد حماس برئاسة صالح العاروري في حديث لقناة "الميادين": "الخلافات مع إيران أصبحت من الماضي والعلاقات عادت إلى طبيعتها ونتحدث عن المستقبل وتطوير العلاقات الثنائية بما يخدم القضية الفلسطينية ولتدعيم مشروع المقاومة الفلسطينية ولفت القيادي في حماس إلى أن زيارة الوفد تعكس خصوصية العلاقة بين حماس وإيران، وحرص الحركة على العلاقات مع طهران وتقوية مشروع المقاومة وأكد أبو زهري على أنّ ما يميز طهران هو إعلانها صراحة دعمها للمقاومة الفلسطينية، مضيفاً أن المصالحة الفلسطينية ليست على حساب العلاقات المتينة للحركة بحلفائها ا️وبحسب أبو زهري فإنّ توطيد حماس لعلاقاتها مع حلفائها لا يعني الدخول في محاور وسجالات وتجاذبات المنطقة، مؤكداً أن الحركة تتحالف مع كل الأطراف التي تدعم القضية الفلسطينية ومن بينها إيران وأوضح أن رسالة حماس إلى جميع دول المنطقة هي "التوحد حول القضية الفلسطينية لأنها قضية جامعة".
الإسرائيليون يشعرون أنهم أمام تحديات استراتيجية ويتابعون بحذر شديد برنامج زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني إلى سوريا كما تابعوا الزيارة الأولى لتركيا.. ويدرسون أبعاد إجتماعاته مع القيادة السورية وتفقده لساحات المواجهة مع التكفيريين ومناطق الحدود والمواجهة معهم، والمتابع للزيارة وتوقيتها يدرك أنها تتويجا للجهود والنجاحات التي حققها قائد لواء القدس في الحرس الثوري الحاج قاسم سليماني ومعاونيه في كل من سوريا والعراق.
وتعتبر تماهيا مع إستراتيجية الأذرع الطويلة للدفاع عن الثورة الإسلامية ومحور المقاومة فإلى جانب الأمن الإيراني، إن الجيش والحرس الثوري الإسلامي يلعبان دورا مكملا لبعضهم البعض مع القوى الحليفة في العراق وسوريا ولبنان بما يخدم مسير الجمهورية الإسلامية والمحور المقاومة في الوصول إلى ذروة القوّة والاقتدار".
ملامح الإستراتيجية الإيرانية الجديدة في سورية ظهرها رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال محمد باقري بتحذير العدو الإسرائيلي من مغبة انتهاك المجال الجوي السوري والأراضي السورية. مؤكدا مع نظيره السوري أنه :"ليس مقبولا أن ينتهك النظام الصهيوني الأراضي والمجال الجوي السوري في أي وقت يشاء". وأضاف: "نحن في دمشق لنؤكد ونتعاون لمواجهة أعدائنا المشتركين، الصهاينة والإرهابيين" في إشارة لإسرائيل وتنظيم الدولة. وأكد: "رسمنا الخطوط العريضة لهذا التعاون".وذكرت وكالة "إرنا" أن الهدف من زيارة باقري، هو التباحث بشأن رفع مستوى التعاون الدفاعي والعسكري بين إيران وسوريا والتشاور وتبادل الآراء واستمرار التعاون لمكافحة الإرهاب وكذلك دراسة سبل إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
"إسرائيل" التي عبرت عن قلقها العميق من نفوذ طهران في سوريا وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو : "هذا الأمر الذي يزيد من حدة التوتر وإن إيران تقوي وضعها في سوريا وإن إسرائيل تتابع التطورات وستتحرك للتصدي لأي تهديد".
وبالإشارة لكتاب «عاصفة على الشرق الأوسط الكبير» للسفير الفرنسي السابق ميشال ريمبو والصادر عام 2010 يوضح السفير ريمبو في كتابه: "إن الحرب والأحداث غير العادية على سورية، كانت مخططة وممولة من منظمات أميركية غير حكومية مرتبطة بمركز الاستخبارات الأميركي «سي آي إي» وجهاز والاستخبارات".
يقول ريمبو: "إن الشروط التي جاء بها باول كانت أشبه بإعلان استسلام سورية وقطع علاقات دمشق مع إيران، ومنع الدعم والمساعدة عن كل حركات المقاومة في المنطقة وخصوصاً حزب اللـه اللبناني، إضافة لإغلاق مكاتب حركتي حماس والجهاد في دمشق، والتي رفضها الرئيس الأسد معتبراً تلك الشروط تدخلاً سافراً في شؤون وقرارات الدولة وتمس السيادة السورية".
في الكتاب نفسه يقول ريمبو: "إن المعارضة التي اخترعها الغرب وأميركا وتركيا والخليج النفطي انتهت وماتت بفضل صمود سورية الأسطوري، وأردف: "إن محور سورية وحزب اللـه وإيران والعراق وموسكو متين جداً ولا يمكن خرقه".
ويضيف ريمبو : "الجنرال عشقي حينها لم يعجبه جوابي فتوجه إلي بكلام صاعق" حيث قال: "فليعلم الجميع أننا سنضع كل إمكاناتنا السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية بهدف فك التحالف الاستراتيجي بين إيران وسورية وإن لم تفعل سورية فعليك أن تترقب أحداثاً غير عادية في سورية"، حدث ذلك في كانون الأول من عام 2010.
وأما إسرائيل الشريك الفعلي في الحرب على سوريا فهي شريكة في الهزيمة أيضا وها قد حان موعد تسديدها للفواتير ودفع الغرم وعليها أن تتذكر أنها صرحت وإعترفت بشن أكثر من مئة غارة كلها كانت من أجل دعم الإرهابيين ولا أشك أيدا بأن الوعد بالرد "في الزمان والمكان المناسبين" قد أصبح قاب قوسين أو أدنى.
بعد أن كانت إسرائيل تشن الحروب وتباغت العرب وترعبهم، أصبحت تخشى من أي حرب مقبلة وتحسب لها ألف حساب، إسرائيل هذه "أوهن من بيت العنكبوت" كما وصفها سماحة السيد نصرالله، تخاف من حزب اللـه وإيران وقوى المقاومة الفلسطينية، وتخاف من صمود الدولة السورية واكتسابها القوة والمنعة شعباً وجيشاً ومؤسسات، وهذا أيضاً حدث غير عادي بالمعنى الإيجابي. إن صمود سورية الأسطوري بوجه المؤامرة، أدى إلى أحداث غير عادية من شأنها تغيير وجه الحرب والمنطقة وحتى النظام العالمي في ظل الإصطفافات المتوقعة والغير متوقعة والإنقسام الدولي الحاصل.
0 comments: