Sunday, February 26, 2012

"النشرة" تكشف بعضا من الدراسات العسكرية المتداولة في "الناتو" حول حرب اقليمية مفترضة (1/2)
السبت 25 شباط 2012، آخر تحديث 08:57 أنطوان الحايك - مقالات النشرة
كشف خبير عسكري واستراتيجي مخضرم لـ"النشرة" بعضا من التقارير والدراسات الحربية التي يتدوالها خبراء "الناتو"، وهي تتمحور حول التحضير لحرب افتراضية على إيران، وإمكانية مشاركة الغرب في الأعمال العسكرية إلى جانب المحور الاسرائيلي الاميركي التركي العربي (أو ما يُعرف بعرب الاعتدال).
ويؤكد الخبير المعني أنّ المداولات والدراسات تدور حول استخلاص نقاط الضعف والقوة في حروب الصحراء التي خاضها الغرب في العراق وأفغانستان وليبيا، فضلا عن الحرب المفتوحة التي خاضتها إسرائيل على لبنان في صيف 2006، إضافة إلى حرب العصابات والشوارع الدائرة راهنا في سوريا.
وتخلص الدراسات والتقارير إلى أنّ القاسم المشترك بين كلّ المعارك التي خيضت منذ العام 2003، وهي مستمرة منذ ذلك الحين بأوجه عدّة، هو الاستعمال المكثّف لسلاح الجو لكن من خلال تكتيكات مغايرة، خصوصاً بعدما شوّهت حرب عام 2006، إذا ما جاز التعبير، المفهوم العسكري والدفاعي للطائرات الحربية عند استعمالها في القصف العشوائي والواسع النطاق والاجرامي ولكن دون جدوى من الناحية العسكرية ومن دون النيل من امكانات المقاومة، في حين أنّ الحرب الليبية أعطت قراءة مختلفة لوظائف سلاح الجو الذي استطاع من خلاله وبفضله التحالف الغربي المدعوم عربياً من اطاحة نظام العقيد معمر القذافي. فالحرب في ليبيا أظهرت بما لا شك فيه أنّ سلاح الجو وإن لم يكن كافياً لكسب الحروب، فهو ضروري وأساسي لسيرالعمليات العسكرية. وساعد ذلك في الحد من الجهد البري لقوات الناتو وحلفائها فيما وفرت القوات الجوية قدرات هجومية كبيرة وأمّنت بذلك أفضل الدعم لقوات المجلس الوطني الليبي على الأرض.
ويشدد التقرير على دور الأقمار الاصطناعية الحربية إلى جانب طائرات الاستطلاع التي تنشط من دون طيار، بحيث تبرز في الحروب المفترضة كأداة عسكرية أساسية لم يعد ممكناً الاستغناء عنها في العمليات العسكرية المعقدة والحروب المعاصرة، وذلك بفضل إمكاناتها الكبيرة في المراقبة المركزة على مواقع محددة لفترات طويلة (إلى 24 ساعة)، وفي تحديد الاهداف والمقاتلين وفهم الواقع على الارض والتحركات المعادية عبر كاميرات محمولة عالية الدقة، وايضاً في التمكين من إطلاق صواريخ محكمة الدقة على أهداف محددة من بعد. فالحرب الليبية أظهرت مدى أهمية الدور الذي تؤديه الطائرة من دون طيار في العمليات العسكرية، كما اظهر الواقع الميداني مدى تقدم الاميركيين في هذا المجال ومدى اعتماد الاوروبيين على الجيش الاميركي من اجل الاستفادة من امكانات البريداتور... وهذا الاعتماد الكبير على الدعم الاميركي في ميادين القتال قد يقلق الدول الاوروبية التي ترى نفسها مضطرة لعصر نفقاتها الدفاعية... قد تكون فرنسا الدولة الاوروبية الوحيدة التي تبدي الاصرار اللازم من اجل الحفاظ على استقلاليتها في هذا المجال، وذلك عبر اندفاعتها باتجاه الشرق الاوسط الجديد.
كذلك تظهر الدراسات العسكرية أهمية وفاعلية الاسلحة العالية الدقة. وتشير إلى أنّ الحرب شكّلت فرصة لفرنسا لتقدير مدى دقّة وفاعلية قنبلة جو-ارض من انتاج ساجم المعروفة باسم "المعتمدة حديثا" من قبل سلاحها الجوي، كما اعطت الفرصة خصوصا للبريطانيين لابراز مدى التقدم الذي حققوه في هذا المجال عبر استعمال القنبلة الذكية والفائقة الدقة "بريمستون".
واثبت الفرنسيون بحسب التقارير خلال الحرب الليبية سيطرتهم على كل جوانب القتال الجوي وتفوّقهم في مختلف وظائف سلاح الجو بفضل اعتمادهم الاساسي على طائرتهم المتطورة الرافال المتعددة المهام. فقد نفّذت الرافال خلال الحرب مهاماً شملت في الوقت عينه القصف البعيد المدى واستعملت فيه صواريخ الـ"سكالب"، كما نفذت الرافال عمليات الدفاع الجوي وعمليات قصف عادي جو-ارض وعمليات استطلاع. واظهر الفرنسيون مدى تطور ادائهم في كافة وظائف سلاح الجو، وهذا يعد تطور كبير بالمقارنة بامكاناتهم خلال حرب العراق الاولى حيث ارتكز في حينه سلاح الجو الفرنسي على طائرات قديمة من طراز جاغوار وعلى طائرات ميراج قديمة التجهيز ومحدودة الامكانات.
ويلحظ التقرير الذي كشفه الخبير المعني ما برز لدى البريطانيين، وهم الذين كانوا يصنّفون كقوة عسكرية مهيمنة في اوروبا من بعد الحليف الاميركي الاقوى في الناتو، من نقاط الضعف الكثيرة والتي لم تستطع بعض نقاط القوة لديهم كامتلاكهم انظمة قصف كبيرة الدقة (بريمستون) من حجبها. بالفعل، لقد بدا البريطانيون غير مهيئين لحرب سريعة وتكنولوجية ومرتكزة على سلاح جو فعال ومتكامل إلى جانب حلفائهم، وهم منهكون بحروبهم في افغانستان والعراق ومنهمكون بانسحابهم من المستنقع الافغاني والعراقي كما هم منهمكون ايضا وخصوصا باعادة تنظيم أداتهم العسكرية التي تخسر من ميزانياتها وتحرم من تجديد ترسانتها ما عدا بعض الانظمة الضرورية جدا" كالصواريخ المحمولة جوا". فالعمليات العسكرية اثبتت جدارة طياري سلاح الجو الملكي البريطاني، الذين استطاعوا التعويض إلى حد ما عن النقص في التجهيز وعن قدم انظمتهم القتالية وحتى طائراتهم.
فطائرة التايفون، التي شاركت للمرة الاولى في عمليات حربية من هذا النوع منذ اطلاق برنامج انتاجها في الثمانينات، قد خيبت الآمال بضعف امكاناتها العملانية التي اثبتت انها جد محدودة. فالطائرة البريطانية بدت مجردة من وظائف اساسية وبديهية لمقاتلة عصرية، اذ انها لم تستطع القيام بعمليات قصف بعيدة المدى، كما ان الاعتماد عليها لم يمكن القيام بعمليات استطلاع، فيما امكاناتها في مجال القصف الجوي بدت ضئيلة واقل فاعلية من تلك التي توفرها طائرة بريطانية اخرى هي التورنادو التي طورت في السبعينيات... فطائرة التايفون، والتي اقدمت على شرائها مؤخراً دولتان هما النمسا والسعودية بما يشبه اللغز الكبير لكثير من الخبراء اذا ما تمّت مقارنة كلفتها بفاعليتها، ذكّرتنا في حرب ليبيا انها طائرة طورت في الثمانينات وفي ظروف جيوسيسية وعسكرية مختلفة ايام الاتحاد السوفياتي والحرب الباردة...
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: