من الصعب تنفيذ عملية “الوزن النوعي” في الحرب المقبلة
هآرتس
تنبّأت تقديرات خبراء بحوث العمليات في المؤسّسة الأمنيّة، فيما يخصّ إمكانيّة حرب مستقبليّة مع إيران وحزب الله، بأنّ عدد القتلى في الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة في حالة كهذه سيكون نحو 200. بحسب نفس التّقديرات، إن انضمّت سوريا إلى المواجهة، قد يرتفع عدد القتلى في الجبهة الداخلية إلى نحو 300 مدني.
قبل نحو سنة أثار وزير "الدّفاع" ايهود باراك، الضغينة عندما قدّر في مقابلة مع غاليه تساهل بأنّه في حال حرب مع إيران سيكون هناك "أقل بكثير من 500 قتيل" في الجبهة الدّاخليّة. حاول باراك التقليل من قيمة التّهديد ـ والإيضاح بأنّ جزءا من التّوقّعات السوداء بشأن آلاف القتلى أو عشرات آلاف لا أساس له ـ لكنه قدّم نتيجة معاكسة. ما بقي في الذّاكرة الشّعبيّة هو تقدير 500 قتيل وانطباع أنّ باراك يعتّم على الموضوع.
القاعدة الأساسيّة لهذه التّوقعات هي أعمال عناصر بحوث العمليات التي تم تحضيرها من أجل المؤسّسة الأمنية. هذه الأعمال، التي قُدّمت مبادئها في الجيش أثناء مناورات أركانية وللمستوى السياسي، ترتكز على أعداد الصّواريخ والقذائف التي يمتلكها العدو، على المعطيات التي تجمّعت من حروب أخرى وعلى وضع الجهوزيّة في الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة. من المفهوم مسبقاً بأنّه لا يوجد هنا ادّعاء بتوقّع دقيق، لكن هناك إطار عام فقط، سيكون متأثّراً جداً بالتّطورات نفسها في المنطقة.
بحسب نشرات علنية لمعاهد البحوث في الغرب، تمتلك إيران مئات الصّواريخ البعيدة المدى، من نماذج مختلفة من الشّهاب، قادرة على إصابة أهداف في إسرائيل. المنطلق هو أنّه حتّى ولو هاجمت إسرائيل المواقع النّوويّة الإيرانيّة وقرّرت طهران الرّدّ، هي لن تقوم باستخدام كلّ المخازن التي بحوزتها. من بين الصّواريخ التي ستُطلق سيَعترض جزءا منها مشاكل إطلاق، وجزء سيصيب الأرض بفعل من سلاح الجوّ الإسرائيلي، وجزء كبير سيُعترض من قبل منظومة "حتس" وصواريخ أخرى ستخفق في إصابة الهدف، وستسقط في أماكن مفتوحة. مع ذلك، الفرضيّة هي أنّ عشرات الصّواريخ ستصيب تجمّعات سكنيّة، بينما هناك احتمال كبير أنّها ستطلق إلى غوش دان.
في حرب الخليج سنة 1991، قدّر خبراء بحوث العمليات في الجيش الإسرائيلي أنّ عدد القتلى في الجبهة الداخلية نتيجة إطلاق الصواريخ من العراق سيكون حوالي ثلاثة قتلى للصاروخ. في الواقع، أطلق أربعون صاروخ سكود وأصيب شخص واحد جرّاء الإصابة المباشرة للصاروخ. واتّضح آنذاك تقدير الخبراء كتقدير مبالغ فيه.
مستوى الصواريخ التي تمتلكها إيران من المفترض أن يكون أعلى بكثير من الصواريخ العراقية. مع ذلك، تقدير عدد المصابين المتوقع، غير المرتفع إلى هذا الحد، مرتبط بنواح مختلفة من تعامل سكان إسرائيل مع الوضع واستعداد الجبهة الداخلية. في حرب لبنان الثانية اتّضح أنّ مستوى امتثال المواطنين للتوجيهات كان عاليا نسبيا وأنّه في المكان الذي اتّبعت فيه توجيهات قيادة الجبهة الداخلية، انخفض عدد المصابين إلى حد كبير. وجرّاء إطلاق صواريخ الكاتيوشا من لبنان قتل أشخاص كانوا خارج بيوتهم أو في منطقة غير محمية داخل البيوت ـ فلم يكونوا في ملجأ أو منطقة محمية بل كانوا بالقرب من حائط خارجي للبناء.
العمران وسط إسرائيل، مقارنة مع دول أخرى، ليس مزدحما جدا. وقد حّدت قوانين البناء منذ الخمسينيات ضرورة بناء هيكل اسمنتي للأبنية، واقع يقلّص من خطر تهدّم المباني بشكل كلّي. تعدد الملاجئ أيضا والمناطق المحمية من شأنه تقليص عدد المصابين كذلك. وهنالك عنصر حاسم آخر وهو مدة التحذير: فجهاز إنذار الـ X الأمريكي قادر على إطلاق تحذير قبل حوالي 15 دقيقة من سقوط صاروخ من إيران وسط إسرائيل، وزمن الاستعداد معقول نسبيا لإطلاق صاروخ بالستي.
بالاعتماد على هذه العناصر، تحدّد حساب تقريبي بأقل من قتيل للصاروخ البالستي. لذلك يجب إضافة التهديد من جانب حزب الله، الذي يمتلك اليوم ليس صواريخ كاتيوشا ذات مدى قصير ومتوسط فقط بل عشرات أو مئات صواريخ الأم ـ 600 الدقيقة نسبيا، والقادرة على إصابة وسط البلاد. مع ذلك، عدد صواريخ حزب الله هائل ـ ويبلغ اليوم ما يقارب الـ 60 ألف صاروخ.
في مواجهة محتملة مع حزب الله، الكثير من الأمور منوطة بقدرات سلاح الجو والأجهزة الاستخباراتية لإصابة صواريخ بعيدة المدى على الأرض، قبل أن تُطلق. ففي حرب لبنان الثانية في العام 2006 أصاب الجيش الإسرائيلي العشرات من بيوت ناشطي حزب الله في لبنان، وفي الليلة الأولى من الحرب (في عملية "الوزن النوعي") دمّرت معظم منظومة صواريخ المنظّمة ذات المدى المتوسط، قبل استخدامها. في المرة المقبلة، من المتوقع أن يكون هذا التحدي أصعب.
وفي هذه الحرب أطلق باتجاه الجبهة الداخلية في الشمال حوالي 4200 صاروخ، غالبيتها صواريخ كاتيوشا، وقد قتل 45 شخصا، 42 مدنيا و12 مظليا في الاحتياط أصيبوا جراء سقوط صواريخ الكاتيوشا في كفر جلعاد. الحساب، الذي جرى على معطيات من الحرب السابقة، توقع قتيلا واحدا في الجبهة الداخلية لكلّ ثمانية صواريخ تقريبا تطلق من لبنان.
كل هذا، بالتأكيد، حسابات على الورق فقط ـ ومن الصعب معرفة ماذا سيكون تأثيرها الحقيقي في حالة حرب مع إيران، التي ستؤدي باحتمال مرتفع إلى تشغيل منظومة صواريخ حزب الله ضد الجبهة الداخلية في إسرائيل. باراك محق عندما يصف بالهستيريا المبالغ فيها التوقعات بسقوط آلاف أو حتى عشرات القتلى في الجبهة الداخلية. لكن، من الأفضل ألاّ نبالغ بثقتنا بالتنبؤ العلمي إذا صحّ التعبير فيما يخصّ نتائج إصابة مستقبلية للجبهة الداخلية. الحرب مملكة عدم اليقين ـ والكثير من الأمور يمكن أن تخفق خلالها، دون أيّ ارتباط بالتوقّعات السابقة
تنبّأت تقديرات خبراء بحوث العمليات في المؤسّسة الأمنيّة، فيما يخصّ إمكانيّة حرب مستقبليّة مع إيران وحزب الله، بأنّ عدد القتلى في الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة في حالة كهذه سيكون نحو 200. بحسب نفس التّقديرات، إن انضمّت سوريا إلى المواجهة، قد يرتفع عدد القتلى في الجبهة الداخلية إلى نحو 300 مدني.
قبل نحو سنة أثار وزير "الدّفاع" ايهود باراك، الضغينة عندما قدّر في مقابلة مع غاليه تساهل بأنّه في حال حرب مع إيران سيكون هناك "أقل بكثير من 500 قتيل" في الجبهة الدّاخليّة. حاول باراك التقليل من قيمة التّهديد ـ والإيضاح بأنّ جزءا من التّوقّعات السوداء بشأن آلاف القتلى أو عشرات آلاف لا أساس له ـ لكنه قدّم نتيجة معاكسة. ما بقي في الذّاكرة الشّعبيّة هو تقدير 500 قتيل وانطباع أنّ باراك يعتّم على الموضوع.
القاعدة الأساسيّة لهذه التّوقعات هي أعمال عناصر بحوث العمليات التي تم تحضيرها من أجل المؤسّسة الأمنية. هذه الأعمال، التي قُدّمت مبادئها في الجيش أثناء مناورات أركانية وللمستوى السياسي، ترتكز على أعداد الصّواريخ والقذائف التي يمتلكها العدو، على المعطيات التي تجمّعت من حروب أخرى وعلى وضع الجهوزيّة في الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة. من المفهوم مسبقاً بأنّه لا يوجد هنا ادّعاء بتوقّع دقيق، لكن هناك إطار عام فقط، سيكون متأثّراً جداً بالتّطورات نفسها في المنطقة.
بحسب نشرات علنية لمعاهد البحوث في الغرب، تمتلك إيران مئات الصّواريخ البعيدة المدى، من نماذج مختلفة من الشّهاب، قادرة على إصابة أهداف في إسرائيل. المنطلق هو أنّه حتّى ولو هاجمت إسرائيل المواقع النّوويّة الإيرانيّة وقرّرت طهران الرّدّ، هي لن تقوم باستخدام كلّ المخازن التي بحوزتها. من بين الصّواريخ التي ستُطلق سيَعترض جزءا منها مشاكل إطلاق، وجزء سيصيب الأرض بفعل من سلاح الجوّ الإسرائيلي، وجزء كبير سيُعترض من قبل منظومة "حتس" وصواريخ أخرى ستخفق في إصابة الهدف، وستسقط في أماكن مفتوحة. مع ذلك، الفرضيّة هي أنّ عشرات الصّواريخ ستصيب تجمّعات سكنيّة، بينما هناك احتمال كبير أنّها ستطلق إلى غوش دان.
في حرب الخليج سنة 1991، قدّر خبراء بحوث العمليات في الجيش الإسرائيلي أنّ عدد القتلى في الجبهة الداخلية نتيجة إطلاق الصواريخ من العراق سيكون حوالي ثلاثة قتلى للصاروخ. في الواقع، أطلق أربعون صاروخ سكود وأصيب شخص واحد جرّاء الإصابة المباشرة للصاروخ. واتّضح آنذاك تقدير الخبراء كتقدير مبالغ فيه.
مستوى الصواريخ التي تمتلكها إيران من المفترض أن يكون أعلى بكثير من الصواريخ العراقية. مع ذلك، تقدير عدد المصابين المتوقع، غير المرتفع إلى هذا الحد، مرتبط بنواح مختلفة من تعامل سكان إسرائيل مع الوضع واستعداد الجبهة الداخلية. في حرب لبنان الثانية اتّضح أنّ مستوى امتثال المواطنين للتوجيهات كان عاليا نسبيا وأنّه في المكان الذي اتّبعت فيه توجيهات قيادة الجبهة الداخلية، انخفض عدد المصابين إلى حد كبير. وجرّاء إطلاق صواريخ الكاتيوشا من لبنان قتل أشخاص كانوا خارج بيوتهم أو في منطقة غير محمية داخل البيوت ـ فلم يكونوا في ملجأ أو منطقة محمية بل كانوا بالقرب من حائط خارجي للبناء.
العمران وسط إسرائيل، مقارنة مع دول أخرى، ليس مزدحما جدا. وقد حّدت قوانين البناء منذ الخمسينيات ضرورة بناء هيكل اسمنتي للأبنية، واقع يقلّص من خطر تهدّم المباني بشكل كلّي. تعدد الملاجئ أيضا والمناطق المحمية من شأنه تقليص عدد المصابين كذلك. وهنالك عنصر حاسم آخر وهو مدة التحذير: فجهاز إنذار الـ X الأمريكي قادر على إطلاق تحذير قبل حوالي 15 دقيقة من سقوط صاروخ من إيران وسط إسرائيل، وزمن الاستعداد معقول نسبيا لإطلاق صاروخ بالستي.
بالاعتماد على هذه العناصر، تحدّد حساب تقريبي بأقل من قتيل للصاروخ البالستي. لذلك يجب إضافة التهديد من جانب حزب الله، الذي يمتلك اليوم ليس صواريخ كاتيوشا ذات مدى قصير ومتوسط فقط بل عشرات أو مئات صواريخ الأم ـ 600 الدقيقة نسبيا، والقادرة على إصابة وسط البلاد. مع ذلك، عدد صواريخ حزب الله هائل ـ ويبلغ اليوم ما يقارب الـ 60 ألف صاروخ.
في مواجهة محتملة مع حزب الله، الكثير من الأمور منوطة بقدرات سلاح الجو والأجهزة الاستخباراتية لإصابة صواريخ بعيدة المدى على الأرض، قبل أن تُطلق. ففي حرب لبنان الثانية في العام 2006 أصاب الجيش الإسرائيلي العشرات من بيوت ناشطي حزب الله في لبنان، وفي الليلة الأولى من الحرب (في عملية "الوزن النوعي") دمّرت معظم منظومة صواريخ المنظّمة ذات المدى المتوسط، قبل استخدامها. في المرة المقبلة، من المتوقع أن يكون هذا التحدي أصعب.
وفي هذه الحرب أطلق باتجاه الجبهة الداخلية في الشمال حوالي 4200 صاروخ، غالبيتها صواريخ كاتيوشا، وقد قتل 45 شخصا، 42 مدنيا و12 مظليا في الاحتياط أصيبوا جراء سقوط صواريخ الكاتيوشا في كفر جلعاد. الحساب، الذي جرى على معطيات من الحرب السابقة، توقع قتيلا واحدا في الجبهة الداخلية لكلّ ثمانية صواريخ تقريبا تطلق من لبنان.
كل هذا، بالتأكيد، حسابات على الورق فقط ـ ومن الصعب معرفة ماذا سيكون تأثيرها الحقيقي في حالة حرب مع إيران، التي ستؤدي باحتمال مرتفع إلى تشغيل منظومة صواريخ حزب الله ضد الجبهة الداخلية في إسرائيل. باراك محق عندما يصف بالهستيريا المبالغ فيها التوقعات بسقوط آلاف أو حتى عشرات القتلى في الجبهة الداخلية. لكن، من الأفضل ألاّ نبالغ بثقتنا بالتنبؤ العلمي إذا صحّ التعبير فيما يخصّ نتائج إصابة مستقبلية للجبهة الداخلية. الحرب مملكة عدم اليقين ـ والكثير من الأمور يمكن أن تخفق خلالها، دون أيّ ارتباط بالتوقّعات السابقة
0 comments: