معلومات تنشر لأول مرة في تقرير حول الهجوم الإسرائيلي على سوريا عام 2007م
| 2012-09-10
| 2012-09-10
صورة جوية للمنشأة النووية السورية
عكا أون لاين - نشرت المجلة الأمريكية "نيو يوركر" بعد ظهر اليوم الاثنين، تحقيقاً موسعاً حول قصف المنشأة السورية من قبل "إسرائيل" في العام 2007 والتي اعتبرتها آنذاك على أنها مفاعل نووي سوري، مشيرة إلى أنه تم استخدام 17 طنا من المتفجرات ألقتها 8 طائرات إسرائيلية حربية فوق مدينة دير الزور.
وبحسب "نيو يوركر" فإن "إسرائيل" اشتبهت بأن سوريا جددت العمل على برنامجها النووي في العام 2006، وتركزت المعلومات الاستخبارية الأولية على مبنى كبير أقيم في دير الزور، وفي السابع من مارس من العام 2007 اقتحم عملاء الموساد منزلا في فيينا كان يسكنه إبراهيم عثمان، وهو رئيس الوكالة السورية للطاقة الذرية، والذي كان يمكث في حينها هناك للمشاركة في اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وجاء أن عملاء الموساد، الذين لم يتركوا أي أثر خلفهم، تمكنوا من اقتحام حاسوب عثمان ونسخ نحو 36 صورة وصفت بأنها "تدين سورية".
ووفقاً للتقرير الذي أعده "ديفيد مكوفسكي" وهو يهودي من جنسية أمريكية عاش لسنوات طويلة في "إسرائيل" فإن هذه الصور كان من داخل المبنى السري، الذي أطلق عليه "الكبر"، ويظهر في بعضها عمال من كوريا الشمالية، الأمر الذي أكد مخاوف "إسرائيل"، وهو أن بيونغ يانغ تعمل على إقامة مفاعل بلوتونيوم لسوريا على بعد 800 متر من نهر الفرات بالقرب من الحدود مع تركيا والعراق.
ونقل التحقيق عن خبراء الموساد الذين عاينوا صورا جوية والصور التي تمت سرقتها، تقديراتهم بأن الهدف من إقامة هذه المنشأة هو إنتاج قنبلة نووية، مشيراً إلى أنه استند في تحقيقه إلى محادثات مع 12 مسئولاً إسرائيلياً، ومثلهم من كبار المسئولين الأمريكيين، الذين كان لهم دور في اتخاذ القرار بشن الهجوم.
وأضاف التقرير أنه في الغداة اجتمع رئيس الموساد في حينه مائير دغان، ومسئولون آخرون مع رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه أيهود أولمرت، وأكدوا وجوب العمل بسرعة من قبل "إسرائيل" لأنه في حال أصبح مفاعل البلوتونيوم فعالا فإن قصفه سيؤدي إلى تلويث مياه الفرات بالأشعة.
وأضافت "نيو يوركر" في تقريرها "إن أولمرت سارع إلى عقد سلسلة مشاورات، بعضها جرت خلال اجتماعات بمنزله، مع كبار المسئولين، بضمنهم شمعون بيرس وبنيامين نتنياهو وإيهود باراك، ووزير الأمن في حينه عمير بيرتس، ورئيس أركان الجيش غابي أشكنازي، ورئيس الموساد مائير دغان، ورئيس الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين، ورئيس الشاباك يوفال ديسكين، ووقع جميع المشاركين على التزام بالحفاظ على السرية التامة.
وتابعت المجلة أنه تم عرض المعلومات والصور التي سرقت من حاسوب عثمان على كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية، وعندها طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش التحقق من الموضوع، وكانت تقديرات الخبراء الأمريكيين بأن الحديث عن مفاعل نووي أو مفاعل وهمي.
وأشار التقرير إلى أن الإدارة الأمريكية لم تكن متحمسة لشن هجوم أمريكي، كما أن وزيرة الخارجية الأمريكية في حينه كونداليزا رايس فقدت الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على تدمير "المفاعل" في أعقاب الحرب على لبنان في يوليو 2006.
وبحسب التقرير فإن رايس خشيت من أن الهجوم الإسرائيلي على سوريا قد يؤدي إلى اندلاع حرب بين "إسرائيل" من جهة، وبين سوريا وحزب الله من جهة أخرى، كما لم تشأ تعريض مؤتمر "أنابوليس" والمفاوضات الحساسة للدول العظمى مع كورية الشمالية للخطر.
وبعد 17 يونيو من العام 2007، بعد اجتماع بوش مع كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية والاستخبارات، أبلغت "إسرائيل" بأن الولايات المتحدة لا تستطيع قصف المفاعل بدون إثبات وجود برنامج نووي عسكري سوري، كما أشارت المجلة إلى أن أولمرت حث بوش ووزير دفاع ديك تشيني على قيادة الهجوم على المنشأة السورية.
وقال التقرير إن أولمرت حذر من فتح قناة دبلوماسية مع سورية حول المنشأة لتفكيكها استنادا لمعلومات استخبارية إسرائيلية، بادعاء أن ذلك يمنح الرئيس السوري الوقت لجعل المفاعل فعالا.
ويتابع التقرير أن أولمرت خشي من تسريب معلومات من قبل المسئولين الأمريكيين، كما أنه لم يطلب الضوء الأخضر من بوش لشن الهجوم، وفي الوقت نفسه فإن بوش لم يضع أمامه ضوءا أحمر، وهو ما اعتبره أولمرت على أنه ضوء أخضر، بحسب مصدر عسكري إسرائيلي.
إلى ذلك، يضيف التقرير أن "إسرائيل" درست عدة خيارات عملية؛ وهي شن هجوم جوي واسع النطاق أطلق عليه "شكدي سمين"، أو شن هجوم على نطاق ضيق أطلق عليه "شكدي نحيف"، أو عملية بواسطة قوات كوماندوز برية.
وكانت التقديرات السائدة في "إسرائيل" هي أنه في حال شن هجوم على نطاق ضيق فإن الأسد سيختار عدم الرد بشكل عسكري، وكانت تقديرات خبراء في علم النفس، استشارهم الجيش الإسرائيلي، تشير إلى أنه في حال لم تحشر "إسرائيل" الأسد في الزاوية بتصريح علني عن مسؤوليتها عن الهجوم فإن ذلك سيبقي أمام الرئيس السوري "حيزا للإنكار" يتيح له عدم القيام بأي شيء.
وأشار التقرير إلى أن وزيرة الخارجية في حينه تسيبي ليفني، وممثلي الموساد والجيش أيدوا شن هجوم على نطاق ضيق، وفي يونيو من العام 2007م أرسل سرا طاقم خاص من "وحدات النخبة" الإسرائيلية إلى سوريا، وجمع عينات من الأرض، والتقط صورا للمنشأة من بعد كيلومتر ونصف الكيلومتر.
ولفت التقرير إلى أنه في هذه الأثناء تم استبدال وزير الأمن عمير بيرتس إيهود باراك، وبحسب مكوفسكي فإن باراك طلب التريث من أجل إتاحة المجال للجيش للاستعداد للرد السوري، ومن جهته فإن أولمرت اشتبه بأن باراك ينوي تأخير الهجوم إلى حين صدور تقرير فينوغراد النهائي خلال شهرين، على أمل أن يؤدي إلى استقالة أولمرت، وعندها يقوم باراك بالهجوم. وفي الأسابيع التي تلت عقدت عدة اجتماعات للمجلس الوزاري المصغر، بحسب تصريح أحد الوزراء لـ"نيو يوركر".
وفي الأول من سبتمبر من العام ذاته أبلغ يورام طوربوفيتش رئيس طاقم الموظفين في حكومة أولمرت البيت الأبيض بأن "إسرائيل" استكملت استعداداتها لشن الهجوم، كما أطلع الموساد نظيره البريطاني، أم آي 6، على تفاصيل القضية بدون الإفصاح عن معلومات عن الهجوم المرتقب.
وفي الخامس من الشهر نفسه عقد اجتماع للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، وصوت جميع الوزراء مع شن الهجوم، ما عدا الوزير آفي ديختر الذي امتنع عن التصويت، وتم تخويل أولمرت وباراك وليفني باتخاذ قرار بشأن موعد وطبيعة الهجوم، وعقد ثلاثتهم اجتماعا في اليوم نفسه في غرفة جانبية، وفي حينه نصح أشكنازي بشن الهجوم في الليلة ذاتها، وعلى نطاق ضيق، وهو ما تمت الموافقة عليه.
وقرابة منتصف الليل توجهت 4 طائرات "أف 16" و4 طائرات "أف 15" إلى الهدف من قواعد سلاح الجو الإسرائيلي، وبحسب التقرير فإن إحدى هذه القواعد كانت "رمات دافيد" في الشمال، وحلقت الطائرات شمالا على طول ساحل البحر المتوسط، وبعد ذلك توجهت شرقا على طول الحدود بين سورية وتركيا، وقامت الطائرات بتفعيل وسائل حرب الكترونية عرقلت عمل أنظمة الدفاعات الجوية السورية، وفي هذه الأثناء كان أولمرت وباراك يتابعان التطورات من الـ"كرياه" في تل أبيب.
ويضيف التقرير أنه في الساعة 12:40 - 12:53 أبلغت الطائرات أنه تم إلقاء 17 طنا من التفجرات على المنشأة في صحراء شمال شرق سوريا، وأنه تم تدمير المنشأة بدون أن تقع خسائر إسرائيلية. وبحسب مسئول إسرائيلي فإن 35 شخصا عملوا في المنشأة قد قتلوا في القصف.
ويتابع التحقيق أنه بعد دقائق معدودة أبلغ أولمرت الرئيس الأمريكي بأن "شيئا ما كان موجود لم يعد كذلك، وتم ذلك بنجاح كبير". ويضيف التقرير أن سورية في الغداة اكتفت بنشر بيان كاذب، بموجبه فإن الدفاعات الجوية صدت هجمات إسرائيلية، وأن الطائرات المهاجمة فرت من المكان بعد أن ألقت ذخيرتها في الصحراء. وبالنتيجة فإن التحليل النفسي قد أصاب "الأسد أحس بالأمان في حيز الإنكار، وامتنع عن الرد العسكري على القصف".
0 comments: