الدول السبع تغرد في سرب موسكو |
تصدّرت الأزمة السورية جدول أعمال مؤتمر قمة مجموعة الدول الثماني
الكبرى التي انطلقت الاثنين. يومان من المحادثات الشاقة في إيرلندا الشمالية كانت
كفيلة لإصدار بيان موحد لهذه الدول. بيان لم تغرد فيه الدول السبعة خارج سرب موسكو.
وفيه تشديد على ضرورة إيجاد حل سياسي سلمي بعيداً عن أصوات النشاز التي تطالب بتدخل
عسكري مباشر في سوريا. وفي البيان أيضاً دعوات لإبعاد كافة أشكال تنظيم "القاعدة"
عن سوريا. والإبتعاد عن ذكر أي كلمة تدعو لتنحي الرئيس السوري بشار الأسد. في تراجع
واضح لحدة الخطاب الأميركي والغربي على حساب تقدم الصوت الروسي الداعم لحل الأزمة
السورية بالطرق السلمية وعبر طاولة المفاوضات. البيان الرئاسي وضع النقاط فوق الحروف وخيب آمال القوى المعادية لسوريا. هذا ما يلفت إليه الكاتب والسياسي الأردني ناهض حتر الذي وصف خلاصة الإجتماع بالإنجاز السياسي لروسيا. ينوه حتر بدعوة السلطات السورية والمعارضة معاً الى تدمير المنظمات المرتبطة بـ"القاعدة" وطردها. إذاً حدّد البيان "المهمة الأولى في سوريا والمتمثلة بمكافحة الإرهاب". يوضح حتر ان " الحكومة السورية في موقع المعادي للارهاب، ولكن هذه الدعوة تفرض على المعارضة السورية واقعاً جديداً انه لن يتم الاعتراف بها الا اذا قامت بقطع علاقاتها مع الارهابيين والتصدي لهم وهذا ما لا يمكن أن يتحقق لأن المعارضة ليست في هذا الموقع فهي متحالفة مع الإرهابيين"، فيما يشير حتر الى نقطة أخرى هامة تتمثل في أن الدعوة لمحاربة "القاعدة" تمنح حزب الله شرعية وغطاء دوليين لقيامه بمكافحة الارهاب في سوريا. لا عجب إن شهدنا تراجعاً في حدة الخطاب الأميركي. يضيف حتر " واشنطن في مأزق كبير في ما يخص سوريا، فالجيش السوري يحقق انجازات على الارض والمعارضة في حالة تفكك والأغلبية الساحقة من السوريين تتجه نحو دعم النظام السوري". يبين حتر كيف أن "المعارضة عجزت عن تشكيل وفد للتفاوض وهناك أجندات عديدة محلية واقليمية متضاربة حيال ما يسمى المعارضة السورية وهذا كله يجعل الولايات المتحدة بلا أوراق وبلا أدوات وهي تسير بمسارين الأول التفاهم الاضطراري مع الروس حول الاولويات والمسار الثاني هو ما تدعو اليه من انشاء معارضة مدنية موحدة قابلة للتفاوض ولكن قدرتها وهمية". الباحث السياسي والأستاذ في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور غسان العزي، يعتبر في قراءة للبيان الصادر عن القمة انه "انعكاس للقمة المصغرة التي عقدها الرئيسان فلاديمير بوتين وباراك أوباما"، يضيف "من خلال هذه القمة كان من المفترض أن يستمر الرئيس الروسي بموقفه حيال الأزمة السورية وان يفشل القادة السبعة الاخرون في لي ذراعه حتى ان القمم الثنائية الاخرى فشلت جميعها في تغيير رأي بوتين الذي أصّر على تسليح النظام السوري انطلاقاً من ان تسليح الغرب للمعارضة السورية هو أمر غير قانوني ولا يؤدي الى تحقيق أي تقدم". الوقائع الميدانية العسكرية على الأرض لا تغير شيئاً في السياسة، يخالف العزي ما أسلفه حتر، برأيه "التغيرات في السياسة هي التي تنعكس على الميدان، وما تشهده سوريا من حرب عصابات تقودها معارضات مشتتة تجعل من الصعب إقناع طرف بحل ما، لذلك هناك صراع دولي على سوريا والإتفاق لا يكون إلا بين الدول". العقبات الداخلية التي تشهدها الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا هي التي قلبت الموازين وأدت الى تراجع حدة المواقف. يلفت العزي الى ان المشاكل الداخلية تمنع هذه العواصم الكبرى الانخراط كلياً في أزمة سوريا خاصة بعد الفشل الأميركي في العراق وأفغانستان"، يشدد على أننا نشهد فشلاً أميركياً في الشرق الاوسط، فكل ما يفعله أوباما على المستوى السياسي هو ارسال وزير خارجيته الضعيف جون كيري لإجراء محادثات بلا تقدم، إذاً هناك انكفاء أميركي في العالم بأسره أسبابه اقتصادية وداخلية حتى مجرد الكلام عن الحظر الجوي بات مرفقا بعدم امكانية فعله وفرضه". وفي ما يخص تشديد البيان على ضرورة إبعاد كافة أشكال "القاعدة" عن سوريا، رأى العزي في هذه الخطوة "انتصاراً واضحاً"، علماً ان" محاربة "القاعدة" تهم الأميركيين بقدر ما تهم الروس وعلى الرغم من اعلان انتهاء الحرب على "القاعدة" بعد مقتل زعيمها أسامة بن لادن الا أن هاجس الاسلاميين والمتشددين والجهاديين والتكفيريين بقي قائما في مالي ولندن وسوريا وهناك مخاوف. يضيف "المصلحة الاميركية والروسية تقتضي بمحاربة القاعدة وهناك اتفاق قبل انعقاد القمة بالتصدي لها والخلاف الاساسي يكمن حول مصير الرئيس الاسد". البيان "روسي الهوى" لكنه عكس واقعاً موجوداً قبل القمة وليس من شأنه تغيير الواقع. هذا ما يشير اليه العزي الذي يشدد على أن أي عاقل عليه أن يقتنع ان الحل اما ان يكون سياسيا في سوريا او لا، فلا امكانية لحسم عسكري وآن الاوان للجلوس حول طاولة المفاوضات، والا الباب مفتوح أمام فوضى اقليمية في المنطقة |
Tags:
0 comments: