Thursday, August 1, 2013

المسار الجديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي

المسار الجديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي

نيو ريپبليك
24 تموز/يوليو 2013
في عام 1956، ألقى الجنرال الإسرائيلي الشهير موشي ديان كلمة تأبين في أعقاب مقتل شاب عضو في كيبوتز (تجمع سكني تعاوني يضم جماعة من المزارعين اليهود الذين يعيشـون ويعملون سـوياً)، في هجوم على الحدود قام به عرب، قائلاً إن الإسرائيليين بحاجة إلى التعود على الفكرة بأن الحياة في الشرق الأوسط تعني البقاء على أهبة الاستعداد إلى الأبد. ووصف ذلك بأنه "مصير جيلنا". وقال "هذا هو خيار حياتنا، بأن نكون جاهزين ومسلحين، بقوة وحزم، خشية أن يسقط السيف من قبضتنا وينهي حياتنا". وبإعرابه عن تعاطفه مع الفلسطينيين، قال ديان في الوقت نفسه بأن كراهيتهم لإسرائيل آخذة في التزايد، وأضاف، "بدون الخوذة الفولاذية ونار المدفع، لن نكون قادرين على زرع شجرة وبناء منزل".
وبعد مرور ما يقرب من 50 عاماً، في عام 2003، استغل رئيس الوزراء المستقبلي إيهود أولمرت حفل تأبين في الذكرى الثلاثين لوفاة مؤسس إسرائيل، ديفيد بن غوريون، لكي ينحرف عن الموقف المحافظ الذي كان يلتزم به حزب الليكود. وقال أولمرت، مقتبساً من خطاب بن غوريون أمام  البرلمان الإسرائيلي في عام 1949، كان قد أوضح فيه قرار إسرائيل بعدم  ضم الضفة الغربية في اتفاقية الهدنة التي أنهت حرب الاستقلال التي خاضتها إسرائيل، قال أولمرت "عند مواجهتنا اختيار ضم جميع الأراضي دون الحفاظ على ميزة الدولة اليهودية أو الدولة اليهودية من دون جميع الأراضي، اخترنا الدولة اليهودية دون ضم جميع الأراضي". ولو كانت إسرائيل قد ضمت تلك الأراضي، لكانت هناك أغلبية عربية تفوق عدد اليهود الإسرائيليين. وأضاف أولمرت بأن على إسرائيل أن تتخذ الآن قراراً مماثلاً.
أما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي أعلن مؤخراً عن وجود "أساس" لاستئناف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية بعد توقف دام ثلاث سنوات، فسيكون مسروراً بأن يعلم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُظهر علامات على استمرار هذا التقليد عند زيارة رؤساء وزراء إسرائيل إلى القبور.
ففي 27 حزيران/يونيو، وعند مقبرة تيودور هرتسل [مؤسس الحركة الصيهيونية]، تحدث نتنياهو عن الروح الصهيونية في الاعتماد على الذات بصورة أقل شمولاً وبطريقة لا يمكن إنكارها. وقال لن يتم القضاء على معاداة السامية في أي وقت قريب، وأن قيام اتفاق سلام سوف لا يخمد التطرف. بيد، أعلن "نحن لا نريد دولة ثنائية القومية". ويقول أولئك الذين يجتمعون سراً بنتنياهو في الأسابيع الأخيرة إنه كثيراً ما يتحدث حالياً عن التهديد الذي تشكله دولة ثنائية القومية، ويعمل ذلك كأساس منطقي لدعمه قيام دولة فلسطينية حتى لو كان قد عارضها على مدى عقود لأنها تشكل تهديداً أمنياً. وتكلم نتنياهو بالتفصيل عن ذلك في بداية اجتماع مجلس الوزراء في الحادي والعشرين من تموز/يوليو. ففي ملاحظات أصدرها مكتبه، قال إن إجراء محادثات هو "مصلحة استراتيجية حيوية" لأن إسرائيل حريصة على "منع إقامة دولة ثنائية القومية بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط."
وباختصار، يقول نتنياهو إن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار. ويضيف أيضاً بأن الصهيونية تقوم على كون إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية على حد سواء، وأن طابع الدولة لن يستمر إلى أجل غير مسمى إذا فشلت إسرائيل في التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. لقد تابعتُ عن قرب تصريحات نتنياهو العلنية على مدى عقود، ويشكل الموضوع مدار البحث، حول منع إسرائيل من الانزلاق نحو دولة ثنائية القومية، إحدى المواضيع التي تجنبها إلى حد كبير. (وكانت هناك إشارة واحدة لذلك عندما تحدث في إحدى المراكز البحثية في تل أبيب في العام الماضي، ولكن ذلك قد حدث خلال فترة قصيرة من الزمن ترأس خلالها نتنياهو ائتلاف حكومي واسع جداً ضم 94 عضواً من أعضاء الكنيست الـ 120. بيد، عندما تركت العناصر الليبرالية حكومته حول قضية منفصلة، ​​لم يعيد ذكر هذا الموضوع مرة أخرى).
ويشكل ذلك أمراً مهماً، لأنه يتيح لحكومة يمين- الوسط صياغة اتفاق سلام وفقاً للمصلحة الإسرائيلية الذاتية. وفي التسعينيات، عندما كانت فكرة السلام في الشرق الأوسط في أوجها، تحدث شمعون بيريز - الذي تصور نفسه جان مونيه المنطقة، بجلبه الأعداء القدامى معاً على أساس من التعاون الاقتصادي - عن "الشرق الأوسط الجديد". ومع ذلك، فإن الشرق الأوسط اليوم هو في حالة من الفوضى، وبالتالي، فإن الكلام عن المصلحة الذاتية الاقتصادية لا يحذو بأهمية كبيرة. ومن المهم بالنسبة للإسرائيليين تأطير السلام من ناحية المصلحة الذاتية، خاصة وأنه ليس هناك ثقة كبيرة بين الإسرائيليين تجاه النوايا الفلسطينية والعربية.
وعلاوة على ذلك، فإن نتنياهو هو زعيم إسرائيلي يلتزم إلى حد كبير بالفكرة القائلة بأن على الفلسطينيين أن يعترفوا بالطابع اليهودي لإسرائيل. ويصر بعض المسؤولين الفلسطينيين بصورة غير علنية على أن إسرائيل تذهب إلى أبعد مما بمقدروها القيام به. ويقولون، بما أن إسرائيل تريد تحقيق ذلك إلى حد كبير، فيجب على الفلسطينيين الصمود حتى تكون هذه آخر ورقة يمكن لعبها. ويعارض آخرون مثل هذا الاعتراف الصريح كلية. وعلى أي حال، يستمد طلب إسرائيل الاعتراف بها كدولة قومية للشعب اليهودي من نفس الخوف الذي ينتابها حول احتمال أن تصبح دولة ثنائية القومية - وفي حالة عدم تقسيم الغالبية العظمى من الضفة الغربية، فإن إسرائيل ستستمر بالانحدار باتجاه تحولها بحكم الأمر الواقع إلى دولة ثنائية القومية (نصفها يهودي ونصفها عربي على وجه التقريب، على الرغم من أن الحسابات الدقيقة هي جدلية للغاية). وهذا من شأنه تقويض الطابع اليهودي للغاية التي تسعى إسرائيل إلى الحفاظ عليه لكي تبقى دولة ديمقراطية.
ومن المثير للاهتمام أن الفكرة التي بدأت من قبل الليبراليين الإسرائيليين قد أخذت تلقى تقبلاً من الجانب الأيمن من الطيف السياسي، وينعكس ذلك من خلال إعلان كلا الجانبين عن ولائهما لفكرة أن إسرائيل، كدولة صهيونية، هي ديمقراطية ويهودية. لذا يتطلب الإبقاء على طابعها الديمقراطي - حقوق تصويت متساوية لجميع مواطنيها اليهود وغير اليهود - وطابعها اليهودي قيام ترتيب للحفاظ على أغلبيتها اليهودية: حل قائم على وجود دولتين.
وكما يجد نتنياهو أساس منطقي لإجراء مفاوضات سلام تكون متجذرة في المصالح الذاتية وليس في النوايا الفلسطينية الحسنة، يجب على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يفعل الشيء نفسه. وبطبيعة الحال، فإن انعدام الثقة يكون على نفس القدر من الشدة على الجانب الآخر. يتعيّن على عباس أن يوضح لشعبه بأن الطريق لإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية يمر عبر إقامة سلام مع إسرائيل.
وتشكل التصريحات السياسية أمراً بالغ الأهمية. فاستطلاعات الرأي بين كل من الإسرائيليين والفلسطينيين تشير إلى أن كلا الطرفين لا يزال يريد حل الدولتين. ومع ذلك، فإن كل جانب على قناعة بأن الجانب الآخر ليس مهتماً بذلك، وبالتالي ليس من المرجح جداً التوصل إلى اتفاقية سلام. وعلاوة على ذلك، لا يريد نتنياهو وعباس التحكم ضد رغبات شعبيهما. وكلاهما يبتعد عن المجازفة والمخاطرة. فهما ليس شخصيتان كـ بن غوريون وأنور السادات، اللذان اتخذا قرارات عملاقة ووحدا شعبيهما وراءهما. وبدلاً من ذلك، ينظر كل منهما على كتفه الأيمن. وهذا هو السبب في أهمية التصريحات التي تصدر من قبلهما، والتي تمكن كلا الزعيمين من ترجيح موازين تحليل التكاليف والمنافع في اتجاه السلام - بحيث لن يعد عليهما الذهاب إلى المقابر فقط لإلقاء الخطب عن الحقائق الصعبة التي تواجه شعبيهما.

ديفيد ماكوفسكي هو زميل زيغلر المميز ومدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: