Monday, September 2, 2013

احتياجات نتنياهو


احتياجات نتنياهو
Mon, 09/02/2013 - 




بقلم: يوسي فيرتر

اضطر بنيامين نتنياهو لتغيير جدول أعماله وقضاء وقته في مقر قيادة الجيش في تل أبيب في اجتماعات أمنية وقراءة التقارير الاستخبارية التي تتدفق عليه. وقد أفلح نتنياهو في الأعوام الأخيرة في إبقاء إسرائيل خارج مركز الغليان في الشرق الأوسط المجنون. كما أن عملية «عمود السحاب» التي اضطر لشنها في الجنوب عشية الانتخابات الأخيرة أفلح في إنهائها في الوقت المناسب من دون جرّ الجيش الإسرائيلي للغرق الدامي وعديم الجدوى في مستنقع غزة. وسلوكه في الأيام الأخيرة يوحي بالمسؤولية: من جهة التأكيد على أن لا ضلع لنا في الحرب الأهلية، إلى جانب التحذير والتهديد بأننا لن نضبط نفسنا إذا تعرضنا لاعتداء. ومسبقاً أمر وزراء حكومته بكم أفواههم، والحمد لله على ذلك. فقط هو ووزير الدفاع موشي يعلون يكرران الموقف الإسرائيلي. وكما بات معروفاً، فإنهما يبثان على موجة واحدة. فيعلون يعتبر بين المعتدلين في الحكومة حينما يتعلق الأمر باستخدام القوة. وفي عملية عمود السحاب عارض الهجوم البري في غزة، ووفق أنباء مختلفة كبح مرات عدة عملية في إيران، سوية مع رفاقه في الهيئة السباعية تلك، دان ميريدور، بني بيغين وإيلي يشاي.

وفي ظل غياب إيهود باراك وميريدور وبيغين، فإن نتنياهو ويعلون يتصرفان كراشدين مسؤولين وصاحبي خبرة في الحكومة. وصحيح أن المجلس الوزاري المصغر صار يجتمع بوتيرة أعلى، لكن إدارة الأمور اليومية هي بيدي نتنياهو ويعلون. والريبة التي كان يشعر بها نتنياهو تجاه رئيس الأركان السابق، الذي انضم لليكود عشية انتخابات 2009، تتبدّد بقدر ما يغدو عملهما المشترك أشد كثافة. ولكن لا خوف، الريبة ستعود وبقوة أكبر، حينما يحين موعد تسجيل النقاط أو تبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية.

وفي محيط نتنياهو أوضحوا هذا الأسبوع أن لا نية لديه أن يكون اسحق شامير حرب الخليج الأولى. حينها سقط أكثر من 40 صاروخاً على إسرائيل من دون أي ردّ من جانبنا. وفي تصريحاته العلنية، تعهد نتنياهو ليس فقط بالعمل إذا هوجمنا، وإنما بالضرب «بشدة». وليس فقط كرد فعل، وإنما أيضاً كعمل وقائي، إذا شخصت الاستخبارات نيات لإطلاق صواريخ نحو إسرائيل. وهو قيد نفسه بصراحة. فالأحداث في دمشق وعواقبها المحتملة ليست تماماً ميدان اختصاصه. إنه يقتحم المسألة كغنيمة. فإصبع الأسد الرخوة على زناد السلاح الكيماوي المخيف، كما يقول نتنياهو للزعماء الأجانب الذين يتحادث معهم، تثبت أن الإيرانيين لن يترددوا في مقبل الأيام بإطلاق صاروخ نووي على إسرائيل. فلدى هؤلاء الناس، المعايير مختلفة تماماً.

والإغراء لنتنياهو بضرب الأسد كبير. والعوائد واضحة: فإزاحة الأسد تعني إضعاف إيران وتهشيم المحور السوري الإيراني. كما أن إزاحة الأسد تعني قطع طريق تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان. فمن سيحلّ مكان الأسد سيكونون ألد أعداء حزب الله، الذي يضحي أفراده بأرواحهم من أجل الطاغية السوري. وإزاحة الطاغية الذي قتل بالسلاح الكيماوي مئات الأطفال والرضع يمكن أن يعتبر في العالم خطوة مشروعة. وبالتأكيد لا يمكن للأسرة الدولية توجيه الاتهامات لإسرائيل، إذا قامت بالهجوم وإرسال سلاحها الجوي في طلعات قصف فوق القصر الرئاسي في دمشق.

إن إزاحة الأسد، في نظر نتنياهو، يمكن أن يمنح الولايات المتحدة ثقة أكبر بالمواجهة مع إيران. وباختصار، يمكن لنتنياهو أن يدخل التاريخ كمن فعل مأثرة. الأمر الذي يجلبنا إلى مستنقعنا هنا: منذ الانتخابات الأخيرة فإن الفرضية السائدة في الحلبة السياسية هي أن نتنياهو سوف يحتاج في ولايته هذه إلى «شيء ما كبير»، سياسي أو أمني، للفوز في انتخابات العام 2017. وبحسب هذه الفرضية، فإن ولاية ثالثة من دون ترك أي أثر، من دون أية كتابة عنه في سجل التاريخ، ستكون الأخيرة أيضاً. وكل ذلك رغم أنه في نقطة الزمن هذه لا يزال نتنياهو يظهر كمن لا بديل له في الحلبة السياسية. وكأهون الشرور في ظل غياب منافسين جديرين.

وحتى الآن فإن «الشيء الكبير» هذا كان التوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين، أو عملية عسكرية ضد المنشآت النووية في إيران، سواء نفذتها إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كليهما معاً. حالياً، ربما أبكر مما خطط نتنياهو، كثيراً قبل الانتخابات المقبلة، تبدو إمكانية لشيء ما كبير آخر.


المصدر:
هآرت
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: