غيورا أيلاند - رئيس سابق للاستخبارات العسكرية ومستشار سابق للأمن القومي
•في الأسابيع الأخيرة أصبحت تهديدات زعيم حزب الله أكثر تواتراً وعدوانيةً. ثمة من يدعي، كما يُفهم من كلام رئيس الأركان أيزنكوت بالأمس، أن التهديدات تكشف عن ضائقة وليست بالأحرى تعبيراً عن ثقة بالنفس. لستُ واثقاً من ذلك.
•بعد سنوات من التخبط في الوحل السوري، يبدو أن تدخل حزب الله في الحرب السورية سيتقلص. ونظراً إلى أن الحزب ينتمي إلى "المحور المنتصر"، فإن ذلك يمنحه المزيد من الثقة في قدراته على تحريك القتال نحو العدو الأساسي – إسرائيل. بالإضافة إلى عربدة نصر الله، يجدر الانتباه أيضاً إلى التصريحات الأخيرة للرئيس اللبناني ميشال عون، الذي كرر إعلانه أن حزب الله هو جزء من قوة هدفها الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل. وعلى الرغم من أن هذا الكلام ليس جديداً، فإنه يعزز ما وجب أن يكون واضحاً منذ سنوات ألا وهو أن حزب الله والسلطة اللبنانية شيء واحد.
•لقد أخطأت الدول الغربية وحتى إسرائيل منذ سنوات في فهم الواقع في لبنان.
•وفقاً للاعتقاد السائد تنقسم المؤسسة السياسية في هذه الدولة إلى معسكرين: هناك من جهة معسكر "الطيبين" الذي فيه أغلبية المسيحيين والدروز والسنة، ويمثل توجهاً براغماتياً واعتدالاً وثقافة غربية، ويعتمد على مساعدة سعودية وأميركية وفرنسية. وهناك من جهة أخرى معسكر "الأشرار" الذي يقوده حزب الله بدعم من سورية وإيران.
•إذا كانت صورة هذا الوضع صحيحة، يتعين على الغرب أن يحاول تعزيز قوة معسكر "الطيبين" من خلال منحهم مساعدة اقتصادية، وبناء بنى تحتية وتقوية الجيش اللبناني. بيد أن المشكلة هي أن هذا الوصف ساذج وبعيد جداً عن الواقع. والحقيقة هي أن هذين المعسكرين ما يزالان موجودين في لبنان، لكن هناك اتفاقاً غير مكتوب بينهما يقضي بأن يستغل كل معسكر تفوقه النسبي في خدمة هدف مشترك. يقدم معسكر "الطيبين" الوجه الجميل للبنان- دولة فيها مؤسسات ديمقراطية، وثقافة فرنكوفونية، واقتصاد حر- وبهذه الطريقة يحصل على دعم سياسي، واقتصادي، وعسكري. وفي المقابل، يشكل المعسكر الثاني بقيادة حزب الله القوة العسكرية الأساسية للدولة، ويعتبر من جانب السلطة المدافع عن لبنان ضد العدوانية الإسرائيلية، وهو العنصر الوحيد الذي يحدد الهدوء وعدم الهدوء على طول الحدود مع إسرائيل.
•في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] وقعت إسرائيل في الفخ اللبناني، وكانت ألعوبة في يد السلطة اللبنانية، فقاتلت حزب الله فقط، من دون أن تقحم في المعركة الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني والبنى التحتية للدولة. فما الذي سيحدث إذا خضنا حرب لبنان الثالثة؟ من المعقول افتراض أن نتائج هذه الحرب ستكون أسوأ بكثير من سابقاتها. لا تستطيع إسرائيل الانتصار على حزب الله إلا بثمن غير محتمل ستدفعه الجبهة الداخلية في إسرائيل.
•يجب أن يكون الاستنتاج النابع من ذلك واضحاً: إذا بدأ لبنان الحرب، سيكون من الصواب أن تعلن إسرائيل الحرب على الدولة اللبنانية. ليس هناك طرف في العالم يرغب في دمار لبنان- لا السوري ولا الإيراني من جهة، ولا الغرب ولا السعودية من جهة أخرى، ولا حزب الله أيضاً. إن حرباً ضد لبنان تؤدي إلى تدمير كل البنى التحتية هناك من شأنها أن تدفع إلى إطلاق صرخة دولية لوقف القتال بعد ثلاثة أيام وليس بعد 33 يوماً كما جرى في حرب لبنان الثانية. وحدها حرب قصيرة تستطيع إسرائيل الانتصار فيها من دون تعريض الجبهة الداخلية إلى إصابات قاسية.
•يجب أن نتذكر وأن نذكّر العالم ليس بتهديدات نصر الله، بل تحديداً بكلام الرئيس اللبناني. وعندما تبدأ الحرب سيكون الوقت متأخراً لتفسير الاستراتيجية الجديدة. الحرب الدبلوماسية يجب أن نخوضها قبل الحرب وليس خلالها.
يديعوت
23/2/2017
0 comments: