nrg"، 26/2/2017
أيال زيسر - باحث في معهد دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا
•في سلسلة خطابات ومقابلات أجراها في الفترة الأخيرة مع وسائل الإعلام، كرر زعيم تنظيم حزب الله التعهد أمام سامعيه بأنه إذا جرت مواجهة جديدة مع إسرائيل، فإن حزبه سيهاجم منشأة الأمونياك في خليج حيفا والمفاعل النووي في ديمونا. بعد نصر الله، حذا الرئيس اللبناني ميشال عون حذوه، وهو الجنرال المسيحي نفسه الذي استقبل في الماضي شارون في بيروت. فقد صرح عون، بخلاف الخط الذي انتهجته حتى الآن الحكومات اللبنانية والرؤساء اللبنانيون، بأن ترسانة صواريخ حزب الله ضرورية من أجل الدفاع عن لبنان، مهمة كبيرة تتخطى قدرات الجيش اللبناني.
•ثمة ميل في إسرائيل نحو عدم الخوف من تصريحات نصر الله الحربية، التي تدل أكثر من أي شيء آخر على تخوفه من التدهور نحو جولة قتال جديدة تكسر الهدوء السائد على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية منذ حرب لبنان الثانية في صيف 2006.
•لقد ذهب رئيس الأركان غادي أيزنكوت إلى أبعد من ذلك، وصرح في الكنيست بأن حزب الله يعاني من أزمة اقتصادية، وبالأساس من أزمة معنويات من جراء تورطه في القتال في سورية، وأن توجهه ليس نحو مواجهة مع إسرائيل. لقد كان أيزنكوت على حق عندما أشار إلى الثمن الباهظ الذي يدفعه حزب الله مقابل تدخله في سورية، فقد كبده ذلك آلاف القتلى والجرحى وزاد من النفقات المالية التي تلاقي راعيته إيران صعوبة في تلبيتها. لكن ميزان تدخل حزب الله في سورية أكثر تعقيداً، فبالإضافة إلى الخسائر يكتسب مقاتلوه خبرة عسكرية معينة على الرغم من أنه يجب الاعتراف بأن عملياتهم العسكرية لم تكن مدهشة في أي موقع من مواقع القتال هناك. لكن الأهم من ذلك أن محور إيران وحزب الله يحظى حالياً بحماية روسيا التي تمتد عبر طهران إلى بيروت أيضاً.
•ليس الروس بالتأكيد وراء نقل صواريخ ياخونت إلى حزب الله، وهي السلاح الصاروخي الأكثر تطوراً في المنطقة. لكن في مواجهة التقارير الأخيرة في وسائل الإعلام التي تحدثت عن نقل سورية مثل هذه الصورايخ إلى حزب الله، اختارت موسكو إبقاء عينيها نصف مغلقة. وفي جميع الأحوال، ففي لحظة الحسم ستضطر إسرائيل إلى مواجهة الترسانة الصاروخية لحزب الله ، ومسألة المعنويات في هذه المواجهة لا تقدم ولا تؤخر.
•تعود المشكلة مع رئيس الأركان إلى حقيقة أنه هو أفضل من يعرف أن الحروب في الشرق الأوسط بين إسرائيل وأعدائها تنشب في الأغلب من دون أن يرغب بها أي من الطرفين، وحتى من دون أن يكون مستعداً لها، ومن دون أن يتوقع أنها على وشك النشوب. ولسنا بحاجة إلى الذهاب بعيداً إلى حرب الأيام الستة قبل 50 عاماً، فحتى حرب لبنان الثانية وجولات المواجهات الأخيرة بين إسرائيل و"حماس" نشبت بعكس التقديرات بصورة كاملة. وما هو أكثر أهمية أنها نشبت خلافاً لرغبة الطرفين في مواصلة المحافظة على هدوء الحدود بينهما.
•وكما ذكرنا، لا تدل تصريحات نصر الله على رغبة في مواجهة مع إسرائيل، بل على العكس - على تخوف منها ورغبة في منعها. ويدل ردّ إسرائيل أيضاً على برودة أعصاب وعلى الشعور بأنها تملك قدرة ردع جيدة في مواجهة الحزب. لكن المشكلة أنه في كثير من الأحيان تتعقد الأمور. فعلى سبيل المثال تواصل إسرائيل وفقاً لتقارير في الإعلام الأجنبي التحرك ضد أهداف تابعة لحزب الله في الأراضي السورية. ومن المحتمل جداً في لحظة معينة أن يقرر أحد ما من الطرف الثاني- في روسيا أو في دمشق، وفي طهران أو حزب الله - عدم السكوت على هذه الهجمات.
•يستعد النظام السوري لاستعادة السيطرة على الجولان السوري، ومعنى ذلك وجود لإيران ولمقاتلي حزب الله في الجانب السوري من الحدود مع إسرائيل. لا أحد يرغب في نشوب مواجهة شاملة، لكن ثبت في السنوات الأخيرة أن الطرفين لا يترددان في إرسال رسائل عنيفة لبعضهما بعضاً، فإسرائيل تقوم بمهاجمة أهداف تابعة لحزب الله في سورية، والحزب ينفذ هجمات في مزارع شبعا، وكذلك نفذ هجوماً ضد سياح إسرائيليين في بلغاريا. والمغزى من ذلك الاستعداد للمخاطرة على أمل أن طرفاً ما يكبح كل شيء
في اللحظة الأخيرة. لكن ليس هذا ما حدث في الماضي، ومن هنا التخوف مما هو آت.
0 comments: