إيران الثورة بددت الآمال الصهيوأميركية بتفجير الداخل بحكمة وثبات.. ولم يعد أمامهم إلا الذهاب للحرب المباشرة أو الركون للمفاوضات.2/2
غرف العمليات السرية هذه والتي هدفها إشعال إيران من الداخل وهذا ماصرح به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال وبكل وضوح منذ عدة أشهر في مقابلة تلفزيونية عن "عزمه بنقل الحرب إلى داخل إيران"، وقد عزز تحالفاته بما ينسجم مع تطلعاته وأهدافه تجاه ايران، وعمل تعميق تحالفه الأمني والعسكري مع الأمريكي والاسرائيلي باعتماد استراتيجية موحدة لمواجهة إيران.
وهذا كشفته القناة العاشرة الاسرائيلية في تقرير لها حول مذكرة التفاهم بخصوص إيران"والتي تنص على تشكيل 4مجموعات عمل أمريكية وصهيونية متعددة ضد إيران، أولى مجموعات العمل ستعمل على "المجال السري والدبلوماسي لإلغاء البرنامج النووي الإيراني"، وستهدف المجموعة الثانية إلى "الحد من وجود إيران في المنطقة خصوصا في سوريا ولبنان". وتشمل مهام المجموعة الثالثة "احتواء برنامج الصواريخ البالستية الإيراني" و"الحد من محاولات إيصال الصواريخ الإيرانية إلى حزب الله". وأخيرا، ستتناول المجموعة الرابعة مشكلة "تصعيد التوتر في المنطقة التي يمكن أن تتورط إيران فيها".
هذا يعني أن الأمريكي والإسرائيلي والسعودي وبعد فشلهم في تقسيم وتفتيت المنطقة من خلال العصابات الإرهابية التكفيرية للوصول إلى أهدافهم، ها هم يجهدون اليوم وبكل الوسائل المتوفرة لنقل المعركة إلى الداخل الإيراني لخلق حالة من عدم الإستقرار وانعدام الأمن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مستغلين بذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تقف وراءها الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي فرضت على إيران سلسلة من العقوبات الإقتصادية المجحفة والمجرمة وعلى مدى عقود من الزمن، ها هي اليوم تسعى لركوب موجة الاحتجاجات لتحقيق ما يمكن تحقيقه من اهداف داخل ايران عبر محاولة تأزيم الأوضاع فيها، تمهيدا للحصول تنازلات سياسية و اقتصادية و عسكرية، وهذا ما عجزت عن تحقيقه في حروبها التي أشعلتها وأدارتها في المنطقة.
جنون الحقد والعظمة أفقد هؤلاء صوابهم وجعلهم تحت تأثير التقديرات المهومة والغبية في آن، لأن نظام الجمهورية الإسلامية(ولاية الفقيه) قادر على إنزال الملايين من الجماهير وفي لحظات إلى الشارع ويتملك 3 ملايين من الضباط والعسكريين النظاميين الموزعين بين الجيش والحرس هذا دون عديد الشرطة، بالإضافة لقوات التعبئة(الباسيج) التي يصل تعدادها إلى خمسة ملايين مقاتل عند الضرورة، هكذا دولة وبهذا التشكيل المنظم والمعقد في تركيبتها الأمنية لا تسقطمن خلال مظاهرات تعدادها بالمئات أو الألاف وحتى عشرات الآلاف.
الايرانيون بغالبيتهم يعرفون عدوهم الحقيقي. ويعرفون جيدا ماذا يريدون من حكومتهم، وهم عل حذر مما يريده الاعداء، وعلى رأسهم الشيطان الأكبر، لذلك كانت تصريحات ترامب ونتنياهو بمثابة إنذار لمن خرجوا للشارع يطالبون بحقوقهم، بعدما تبين لهم أن مندسين حرفوا الإحتجاجات بإتجاه أجندات سياسية خطيرة يتم طبخها في الشارع على حسابهم وشاهدوا أعمال التخريب الممنهج بأم العين وهذا أمر لا يقبله الشعب الإيراني وليس من ثقافته، (الثورة الشعبية التي أسقط الشاهنشاه حفظت قصوره وما بداخلها دون أي مس بها وهي الأن متاحف يرتادها الزائرون)، لأجل ذلك أيقن الإيرانيون ومن خلال بعض الشعارات والممارسات أن هناك جهات مدفوعة بتوجيه من غرف عمليات سرية في الخارج هدفها ضرب الإستقرار في البلاد، عندها بدأت تنحسر التظاهرات تدريجيا حتى قبيل تبنى السيد الخامنئي لمطالب المحتجين المحقة والتي تتحمل حكومة "روحاني" (مرشح الإصلاحيين والذي فاز بأكثرية شعبية بوجه منافسه مرشح المحافظين السيد رئيسي) بنسبة كبيرة من المسؤولية إتجاهها، بسبب تفاؤلها المفرط بعد توقيعها للإتفاق النووي في عهد أوباما وبناء سياستها الإقتصادية عليه، وأشاعت أجواء من الإنفراج فيما يخص أسواق المال والتجارة وأن إيران مقبلة على إزدهار إقتصادي غير مسبوق، الأمر الذي شجع المصارف والبنوك والشركات والناس للوقوع في فخ إستثمارات قد تكون محسوبة ولكنها غير آمنة أدت إلى إنتكاسة مالية كان يراد لها أن تكون أكبر من ذلك بكثير، لأن هناك جهات محترفة وأجهزة وشركات مختصة في تدمير البلاد إقتصاديا عملت على إدارة العملية على غرار ما حصل لكثير من الدول التي تم إستهدافها بهدف تركيعها، ولكن يقظة الأجهزة الأمنية الإيرانية والمحافظين حول التهديد إلى فرصة وتم أدارة الأزمة بحكمة عالية لتفويت الفرصة على الأعداء وحرق معظم أوراقهم في الداخل، الأمر الذي حال دون وقوع الكارثة ووضع الحد لهذه المؤامرة التي كانت تهدف لضرب الإقتصادي والأمن الإيراني.
لذلك رأينا التحركات الإحتجاجية الأولى كانت في مشهد حيث أنصار السيد علم الهدى ممثل السيد الخامنئي في خراسان والسيد رئيسي وهم من أنصار التيار المحافظ، وتدخل القائد الخامنئي بشكل مباشر وطلبه من الحكومة ورئيسها العمل على حل المشكلة وبشكل جذري، وإستجابة ومسارعة الرئيس روحاني لمعالجة الأمر، أشاع أجواء من الرضا لدى المتضررين وإنتهت القضية عند هذا الحد، وبموازاة ذلك عملت الأجهزة الأمنية بحرفية عالية على إلقاء القبض على كافة الفاعلين الرئيسيين في إشاعة الفوضى والتخريب وتم تفكيك معظم الخلايا الأمنية التي إندست وركبت الموجة لتقودها إلى حيث يريد المحرض الأمريكي، الأمر الذي أصاب إدارة العمليات المركزية الموكلة في الملف الإيراني بالإحباط واليأس من حصول أي نتائج تذكر بالرغم من كل الوسائل والتدابير التي إتخذتها على مستوى الإجراءات الأمنية والفبركات الإعلامية.
وما زاد الطين بلة ما جرى اليوم في مجلس الأمن من إخفاق جديد للسياسة الخارجية الأمريكية، الأمر الذي زاد من عزلة الإدارة الأمريكية وفشلها في إستقطاب رأي عام دولي داعم لها ولسياساتها العدائية إتجاه إيران وعجزها عن إستصدار قرار إدانة أو حتى بيان تنديد أو إستنكار، وقد جاءت كلمة مساعد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية الطيب زيريهون وكلمات المندوبين الدائمين متوازنة إلى حد كبير.
في حين سخف الكثير من الباحثين والمختصين قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب بدعوة مجلس الامن لبحث المظاهرات في ايران واصفين إياه "بالقرار الغبي" وأولهم رئيس مكتب الدراسات الاميركية المختصة في شأن ايران الدكتور ديفيد مولر:"إنه قرار سخيف".
مجلس الامن لا يتخذ قرارات في شأن مظاهرة داخلية، ان مهمة مجلس الامن هو ان يبحث الحروب بين الدول والمشاكل الدولية والازمات الدولية، ويرسل موفدين لحل المشاكل الداخلية في البلدان عندما تحدث حروب داخلية كبرى وعندما تسقط الانظمة الداخلية وتعم الفوضى البلاد وتقوم اشتباكات وحروب كما حصل في اليمن او في ليبيا وغيرها.
هذا الأمر الذي لا يمكن حدوثه في إيران وقد أعلن مستشار السيد القائد عن البدء في اجراء إصلاحات على صعيد الموازنة الإيرانية من اجل تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الشعب، و صرح رئيس مجلس الشورى السيد لاريجاني بأن المطلوب من حكومة الرئيس روحاني تخفيض أسعار الوقود ومنح العائلات الإيرانية الفقيرة مساعدات مالية ومعالجة المحتجين على الوضع الاقتصادي في إيران.
أما إذا أردنا أن نتكلم عن السيناريوهات الأخرى المتمثلة بالخرق الأمني عبر الحدود فهذا ليس بالأمر اليسير نظرا لإمساك الجيش والحرس للحدود جيدا خاصة على الحدود الأفغانية والباكستانية وأيضا حسن علاقة إيران مع دول الجوار تحديدا العراق وتركيا والتي يمكن تصنيفها بالعلاقات الإستراتيجية، لذلك فإن الأمريكي لن يدخر جهدا في تفعيل حركة الإرهابيين لمحاولة العبور للداخل الإيراني في منطقة بلوشستان ناحية الحدود الباكستانية خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبارالقرار الأخير بوقف المساعدات الأمريكية لباكستان تحت عنوان عدم جديتها في مكافحة الإرهاب، إن الحقيقة المخفية وراء هذا القرار هي إضعاف حكومة باكستان عمليا ووضعها أمام قصور مادي في مكافحة الإرهاب، وإفساح المجال للجماعات الإرهابية لكي تزداد فعالية أكثر في دائرة الهدف الذي يريده الأمريكي كما أسلفنا، ولكن هذا لن يجدي نفعا طالما أن هناك قبضة حديدية تمسك بالحدود.
وأما السيناريو المتبقي فهو الحرب المباشرة ضد إيران وهذا ما يصفه كافة المختصين والمحللين بأنه ضرب من الجنون الذي قد يتدحرج لحرب عالمية، وهذا ما تحذر وتتخوف منه الكثير من الدول لأن إيران اليوم هي ترسانة من القوة التي يعرف العدو قبل الصديق مدى حجمها وقوتها.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية تقريرا عن قوة إيران العسكرية قالت فيه أن الجيش الإيراني يعتبر أكبر قوة في اسيا واقوى من جيش باكستان والجيش الهندي والجيش الإسرائيلي باستثناء السلاح النووي وان ايران انفقت خلال سبع سنوات الماضية 1500 مليار لتطوير الصواريخ الباليستية التي يصل مداها الى اكثر من 2000 كلم وأصبحت تملك ترسانة صواريخ باليستية بعيدة المدى تصل الى أوروبا ولديها 5000 صاروخ باليستي.
إن ايران التي اشترت منظومة صواريخ اس 300 على قاعدة ثماني منظومات للدفاع عن أجواء ايران في وجه أي هدف جوي صاروخي او طائرة مقاتلة، رفعت العدد الى 25 منظومة دفاع اس 400، وبذلك لم تعد لدى الإدارة الأميركية القدرة على مهاجمة ايران عسكرياً، بل ان ايران قادرة على تدمير "تل أبيب والرياض من خلال آلاف الصواريخ الباليستية تدميراً كاملاً، كما انها قادرة على قصف كافة القواعد الجوية والبحرية الأميركية – البريطانية في المنطقة وضرب الأبنية والمدارج فيها ولا يعود امام اميركا الا استعمال السلاح النووي وهذا أمر غير وارد.
إيران تمتلك اكبر قوة عسكرية في المنطقة، فان وضعها أصبح مثل كوريا الشمالية لا يستطيع أحد الوقوف في وجه الجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني مثلما حصل مع كوريا الشمالية. هذا بالإضافة للدول الحليفة وقوى المقاومة الحاضرة في المنطقة والعالم والتي تنتظر الأمر هي على أهبة الإستعداد لتقوم بواجبها على أكمل وجه في حال حصول الحماقة الكبرى...!!! فماذا أنتم فاعلون يا أيها الحمقى المغفلون...؟؟؟
0 comments: